صفحة الكاتب : شهاب آل جنيح

صراع الخطابين الوطني والطائفي في العراق
شهاب آل جنيح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
العمل السياسي في العراق، تحول لساحة من الصراع الطائفي والقومي والفئوي، وبذلك فسح هذا الأمر المجال، أمام المشاريع الطائفية والفئوية، لتكون في الواجهة، في مقابل تراجع للمشاريع الوطنية العراقية، كان هذا هو الواقع، خلال سنين خلت من الحياة السياسية العراقية الجديدة.
تتعدد الأسباب، وتختلف الآراء بشأن تفوق وتقبل الخطاب الطائفي، على حساب الخطاب الوطني، لكن يمكن أن نحدد بعض منها، والتي قد تكون هي العامل الأساس والمؤثر في هذه القضية.
الظلم الذي واجه الشيعة من منع شعائرهم، وإعدام العديد من علمائهم، والمقابر الجماعية التي كان اغلب ضحاياها من الشيعة، إضافة لتحييدهم عن صناعة القرار السياسي في النظام السابق، مع إنهم أغلبية سكان العراق، جعل من كثير من السياسيين الشيعة، يستغلون هذه التضحيات في الصراع الطائفي؛ لكسب الجمهور الشيعي.
أما الكرد، فهم مازالوا يحلمون ويتطلعون، لدولتهم القومية المنشودة، وهذا حقهم الطبيعي حالهم حال الشعب العربي، أو التركي أو الفارسي المحيطون بهم، أو بقية شعوب العالم، فهم لهم لغتهم وكيانهم وأرضهم وتأريخهم، هذه الحقائق المنطقية، جعلت من بعض سياسيهم يلعبون، على وتر القومية من أجل مصالحهم الحزبية، وهذا ما يعمل عليه الحزب الديمقراطي بصورة كبيرة.
الموقف السني  يبدو أنه الأشد تعنتاً وتعصباً، خلال المرحلة الماضية التي تلت التغيير، وهنا وعلى خلاف الشيعة و الكرد، فأن الأسباب تتعدد وتختلف وتتشعب، فالتأثير في الموقف السياسي السني، يأتي من الداخل والخارج على حد سواء، فالدعم العربي وخاصة الخليجي، كان موجهاً لبعض ساسة هذا المكون؛ في سبيل إفشال التجربة الديمقراطية العراقية الجديدة، التي تمثل خطراً على الكيان الدكتاتوري والتسلطي لتلك الدول.
أما التأثير الداخلي، فهو عدم سيطرة الحكومة، على محافظات هذا المكون بشكل كلي، وسيطرة الإرهاب لفترات على هذه المناطق، وعدم وجود قيادة سياسية أو دينية عراقية موحدة لهذا المكون، هذه الأسباب كلها وغيرها، ساهمت في ابتعاد قادتهم السياسيين، عن الخطاب الوطني، وتبني اغلبهم للخطاب الطائفي.
في ظل هذه المواقف المختلفة، من مختلف المكونات كان الخطاب الطائفي، هو صاحب الحظ الأوفر في القبول، لأنه خطاب يعتمد على العاطفة والمشاعر، ولايعتمد على برامج العمل الحكومي، ولا على مبادئ وأهداف القوى السياسية الوطنية، وبذلك اختصر العنصر الطائفي الطريق، على من يريد الوصول للسلطة والحكم، وجعل من المهاترات الطائفية والمشاحنات القومية وسيلة للوصول للسلطة.
هذا الوضع العام جعل من أصحاب المبادئ، والثوابت الوطنية في مواقف لايحسدون عليها، لأن التيار العام في البلاد، كان هو العزف على وتر المذهبية والقومية، ومن يقف بوجه هذا التيار، عليه أن يتحمل مضاعفات موقفه هذا، لان هذا التيار يمكن أن يعصف به في مهب الريح.
بسبب الخطاب الوطني لبعض القوى، خلال المرحلة السابقة، فقد فقدت كثير من هذه القوى تأثيرها وتوهجها، فسرعان ما اختفى بعض النواب السنة المعتدلون من الساحة السياسية؛ لأنهم لم يخاطبوا مكونهم بخطاب طائفي، وكذلك نرى توهج حزب بارزاني، لأنه اتخذ القومية سلاحاً لبقاء قوة حزبه وسلطته، في ظل تراجع لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يبدو أنه أقل منه عنصرية وأكثر انفتاحاً.
 
 موقف المجلس الأعلى الإسلامي، خلال الأعوام الماضية من العملية السياسية، كان أكثر اعتدالاً من بين مواقف القوى الشيعية الأخرى، وعلى خلاف الآخرين الذين تبنوا الخطاب الطائفي، وقد حققوا مآربهم في الوصول للسلطة، فإن هذا التيار قد بقي متمسكا بمبادئه الوطنية، ومتبنياً لطريق الاعتدال والوحدة في هذا الوطن، والمبادرات من أمثال انبارنا الصامدة، والطاولة المستديرة، والتسوية السياسية تبين ذلك. 
اليوم نرى بداية لعودة خطاب الاعتدال والوطنية من جديد، ويتمثل هذا في عودة التحالف الوطني إلى وحدته، وتبنيه من خلال زعيمه السيد عمار الحكيم لهذا النهج الوطني، وطرح التحالف لمبادرة التسوية السياسية، التي يمكن أن تكون قاعدة مشتركة لتوافق القوى السياسية عليها، للسير نحو الوحدة الوطنية، وذلك تزامننا مع انتصارات المقاتلين في الموصل، وقرب إعلان النصر الكامل على "داعش"، هذه التسوية يمكن لها، أن تحفظ انتصارات العراقيين وتضحياتهم، وتغلق الأبواب، بوجه كل دعاة التطرف والتقسيم والطائفية.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شهاب آل جنيح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/11



كتابة تعليق لموضوع : صراع الخطابين الوطني والطائفي في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net