صفحة الكاتب : د . طلال فائق الكمالي

نظرية الهيمنة في القرآن الكريم ( دراسة تحليلية ) النتائج ( الثالث والاخير )
د . طلال فائق الكمالي

 

20 . . توصّل الباحث عبر مقايسته بين مضامين القرآن الكريم العقدية ومضامين العهدين القديم والجديد إلى سعة الهوّة المعرفية بين عمق القرآن الكريم ورفعة معارفه بوصفه كتاباً مهيمناً وبقيّة الكتب الإلهية الأُخر ممّا تحمل من مضامين متواضعة، إذ يمكن اكتشاف هذه الحقيقة الثابتة من دون عناء وجهد.

21. يرى الباحث أنّ أحكام الـشريعة الإسلامية امتازت عن أحكام الشرائع الأُخر عمقاً وبياناً بمقتضـى المقايسة العلمية، ممّا أعطت صدارة هيمنة القرآن الكريم والـشريعة الإسلامية في ضوء بيان الفروق الكلّية للأحكام الـشرعية والجزئية من جهة، وارتباط أحكامها ارتباطاً وثيقاً ومتجانساً مع المكوّن العقدي والقيمي من جهة أُخرى، فضلاً عن مزية شكل ومضمون الأحكام الـشرعية الإسلامية، إذ ننتهي إلى صفوة البحث بفارق رتبة تشـريعات القرآن الكريم موازنة بالكتب السماوية الأُخر. الذي يمنح القرآن الكريم حقّ الهيمنة.
22. اتّضح أنّ سعة التباين النسبي بين التشـريعات، إذ يتجسّد تباينه متأثّراً ببوصلة الإطلاق والنسبية صعوداً ونزولاً من جهة، وتباين ظروف أُممها من جهة أُخرى، وهذا التباين سيؤثّر طردياً في مضامين ومفردات كلّ شريعة قياساً بالـشرائع الأُخر، ومن ثمّ تتفاضل هذه عن تلك.
وعليه نسلّم بتفاضل الشـريعة الخاتمة ورفعة مضامينها بحكم أنّها المتمّمة والجامعة والناسخة لما قبلها من الشـرائع، فضلاً عن قدرة الناس لتقبُّل الشـريعة ونضج العقل المعرفي لتحمّل مسؤولية تكاليف السماء واستعدادهم لذلك، علاوة على ما ذكر من أسباب لهذا المحور سلفاً.
23. اتّضح أنّ المنهج المقارن في موازنة نصوص الكتب السماوية هو الفيصل في اثبات هيمنة القرآن الكريم برهاناً على الرغم من وجود الأدلّة العقلية والنقلية المثبتة لذلك، وتأسيساً عليه يمكن القول بأنّه إذا ما تحقّقت هيمنة القرآن الكريم ثبوتاً وإثباتاً على الكتب السماوية الأُخر فإن هذا يلزم اتباع المهيمن على المهيمن علية بالمآل، فهذا هو الأصل الواجب تلبيته فرضاً من معرفة هيمنة القرآن الكريم ورسوخها ثباتاً.
24. تجلّى للباحث أن الكتاب المهيمن يجب أن يتّسم بخصائص تميّزه من غيره من الكتب الإلهية الأُخر، عبر اتّسامه بما فيها وخلو غيره مما فيه، وهذا ما تمّ إدراكه بالوقوف عند العمق المعرفي والقيمي فضلاً عن الفروقات الـتشريعية للقرآن الكريم التي أعطت للباحث الموضوعي مدعي هيمنته، ومن ثَمّ الانتهاء إلى لزوم اتباع المهيمن على المهيمن عليه بالمآل بحكم تلك الفروقات.
25. يرى الباحث أنّ التعدّدية الدينية من وجهة نظر القرآن الكريم الاعتقاد بأنّ شريعة الإسلام جاءت ناسخةً لشرائع إلهية أنزلها الله تعالى على البشـر تعاقباً تكاملياً بموجب عوامل أثّرت في تغيير الموضوع ومن ثمّ الحكم، لينتهي ذلك التقفّي التكاملي في تعدّد الشـرائع الإلهية إلى شريعة الإسلام الخاتمة الجامعة والتامّة في مضامينها كافّة، فالرؤية القرآنية للتعدّدية التشـريعية تكاد تكون فريدة في عرضها، إذ أنكرت التعدّدية الدينية بحكم الدين الوحدوي، وأيّدت وجود تعدّدية تشـريعية ليست مطلقة بل هي على أنماط منها الجامعة والتصديقية والتكاملية والجزئية والمؤقتة والإجرائية، فهي تعدّدية مقيّدة قبالة الوحدوية المطلقة المتمثّلة بشريعة الإسلام المهيمنة.
26. ذهب الباحث إلى أنّ مفهوم التعدّدية الدينية المتداول ليس موضوعاً دينياً، بل هو موضوع سياسي واجتماعي قبل أن يكون دينياً؛ لأنّ المنظِّرين له يرونه من خارج النصّ الديني لا من داخله، فضلاً عن أنّ غاية موضوعه وضع فلسفة واقعية للحوار والتسامح والتعايش السلمي بين الأُمم والشعوب ليس إلّا، في الوقت الذي كانت رؤية القرآن الكريم بمقتضـى نصّ الآية محلّ البحث التصديق بالشـرائع الأُخر وإقرارها، بل عدّت إنكاره وجوداً أو نفي وقوعه من قبيل الكفر فضلاً عن الضلال.
27. إنّ رفعة منزلة الرسول وتميّزه ــ عن البشـر عامّة فضلاً عن الأنبياء ــ يمنحه سمة الهيمنة الشأنية وتلك الهيمنة التي تمثّل المرجعية للرسول الأكرم فهو المرجع لجميع الأنبياء والرسل بحكم أنّه الشاهد عليهم جميعاً، وهو المهيمن بحكم أنّه الخاتم لجميع الرسالات وغيرها من السمات الأُخر التي تعزّز مبدأ الهيمنة له، وبالمحصّلة فإنّ الشـريعة المهيمنة ذات الكتاب المهيمن يلزم منها أن يكون رسولها مهيمناً بسماته واصطفائه بالحتمية المطلقة.
28. يعدّ الباحث (الآخر) بالمعيار القرآني رؤية كونية كلّية يتّسع بعدها الفكري لتستوعب الذات غير المسلمة كلّها، أو هو غير المسلم من الديانات السماوية الأُخر المخالف لرؤى الإسلام وعقيدته، فهي رؤية معيارها الاعتقاد بوحدة الدين وتعدّد الشـرائع على صعيد زمن الوحي لتنتهي عند الشـريعة الخاتمة والمهيمنة بالمآل. 
29. إنّ المنظومة الإسلامية بكلّ مكوّناتها خرجت من حيّز التنظير في قبولها للآخر إلى حيّز الفعل عبر تطبيقات إجرائية لأحكام شرعية مثّلت الرؤية الكونية والعقدية الإسلامية، حتّى باتت تلك الأحكام الـشرعية تمثّل حقيقة أدبيات الذوق الإسلامي وآداب قيمه وأخلاقه، فأضحت بعض الأحكام الشـرعية تقبل الآخر وتحاوره أو تضع أُسس التعايش معه لدرجة الإلزام في الأمر والنهي فضلاً عن الاستحباب والكراهية.
30. للمسلم خصيصة جاءت بمقتضـى تفرّده عمّا دونه في تعيينه للحقّ وتشخيصه له، إذ يُعد تفرّد المسلم عمّن دونه ممّن جهل أو ضلّ أو عاند المائز الحقيقي للتفاضل بينه وبين الآخر، ومن هنا جاء شرف المسلم بمقتضـى إيمانه بأشرف الرسالات والقيم السماوية مقايسةً بغيره، وهو أرفع رتبةً بالمآل حتماً، إذ للهُوية الإسلامية خصيصة بوصفها تتمثّل بالانتماء للشـريعة المتكاملة لفظاً والاعتقاد بأُصوله عقلاً وقلباً والعمل بمقتضاها على نحو التسليم انقياداً وحبّاً.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . طلال فائق الكمالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/08



كتابة تعليق لموضوع : نظرية الهيمنة في القرآن الكريم ( دراسة تحليلية ) النتائج ( الثالث والاخير )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net