صفحة الكاتب : علي علي

العراقيون لاللسما ولاللگاع
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   يروى أن رجلاً معتوهًا صاحب مال عظيم، دهن مبلغًا من المال بسم قاتل وتبرع به "كاش" الى منظمة خيرية كي توزعه على الفقراء والمحتاجين ليتخلص منهم! فمات والي المدينة و30 نائبًا برلمانيًا وعشرة وزراء و3 وكلاء وزير، و 8 من مدراء مكاتبهم، وزوجة مدير المنظمات الخيرية، ولم يصب أحد من الفقراء والمحتاجين بأذى!!.  

الحديث عن المال والمال العام والسرقات وأفانينها يطول، ولاأظنه ينتهي عند حد، ولاسيما في بلد مثل العراق -الجديد تحديدا- والقائلون أن خير الكلام ماطال ودل ولم يُمل، لم يعارضوا بقولهم هذا القائلين أن خيره ما قل ودل، فقصد الاثنين يصب في مصب واحد هو الدلالة، ومنها تتفرع الاستفادة والتثقيف والاتعاظ، وبذا يكون جدوى الإطناب والإيجاز مقرون بجدوى دلالتهما. وإرثنا الحضاري غزير بحكايات وقصص، منها الطويلة ومنها الموجزة، وجميعها لها دلالات وعظات أرى أن المواطن العراقي يلجأ الى سماعها او قراءتها، لتغلب هموم حاضره ومخاوف مستقبله على أركان حياته اليومية جملة وتفصيلا وتهويلا وترويعا. إذ بات صباح يومه سيئا كمساء أمسه، ونهاره لايقل عنهما سوءًا، أما إذا جن ليله فتتكالب عليه مثالب عيشته الضنكا ومقالب معاشه العسير، والذي تتأتى مفرداته من كوة ضيقة توصله حد الكفاف إن كان محظوظا، مايستدعيني الى استذكار بيت الأبوذية القائل:

نهرت النفس ماتقبل نهاراي

دموعي كرن بخدودي نهاراي

أكضي باللهو عكبك نهاراي

لچن ليل الحزن يلتم عليه

هكذا ينقضي ليل المواطن العراقي أسوأ من نهاره، والإثنان منقضيان من عمره، إذ يتقلب به قدره الذي رسمه له أولو أمره من الحكام الذين تتالوا على جلده ذات اليمين وذات الشمال، وهم لايتوانون عن زجه في بحور الأسى أنى ولى وجهه في نواحي وطنه الذي كان قبل حين يسمى دار السلام..! ومادام الشعر ضيف مقالي اليوم، سأتكئ عليه ليتحدث ويعينني على الشكوى وإبداء الألم نيابة عن العراقيين. فتقلباتهم هذه تكاد تكون كما وصفها شاعر:

يقلبني الأسى جنبا لجنب 

        كأني فوق أطراف الرماح

  ومن المؤكد أن سياسة تقليب المواطن على جوانب الأسى، لم تكن من دون هدف رسمه المقلبون، فهم يمررون أثناء إلهاء المواطن ماشاءوا تمريره من منافع ومكاسب تحت جنح ليل مدلهم، متيقنين أن أكبر شريحة في مجتمعنا العراقي لن يطالها النفع، ولن تتقاسم معهم غنائمه، ذلك أنه حقها وقد سلبوه عنوة. 

  نعم، فالكعكة التي يقضم منها كل من هب ودب على كراسي السلطة والحكم منذ ثلاث عشرة سنة، مازالت لذتها عالقة بأفواههم، ومازالوا مقبلين على نهمها بشراهة منقطعة النظير، وسوف يأتون على آخرها من غير وازع إن كان هذا حلالا أم حراما! من دون الإحساس بحصة المواطن منها وهي حلاله، وأظنهم عدوا المواطن كما يقول شاعر:

وما للمرء خير في حياة 

          إذا عُد من سقط المتاع

وبالعودة الى خير الكلام والعود أحمد، أقول لقد طفح الكيل بالعراقيين، ولم يعد من صبرهم على حقوقهم المنهوبة إلا القليل، وأملهم في بلوغ المنشود ضعيف، لايقوى على الصمود لحين التحقيق، والخشية في بقائهم كما وصفهم مثلنا؛ (لا للسما ولا للگاع).

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/04



كتابة تعليق لموضوع : العراقيون لاللسما ولاللگاع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net