صفحة الكاتب : د . يحيى محمد ركاج

المبدأ الأمريكي الجديد: ترامب أمام التكرار أم الابتكار
د . يحيى محمد ركاج

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 
تبوأ الجمهوريون سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية مجدداً، وعلى وقع خطاً لم يكن الإعلام المعادي قد هيأ لقبولها، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب -قبل أيام من دخوله البيت الأبيض- عن توجهات بلاده في السياسة الخارجية في المرحلة القادمة، ضارباً بالظاهر عرض الحائط بكل ما يُقال عن السياسة الأمريكية في السيطرة على العالم عموماً، وعلى مناطق الثروات في شرق المتوسط.
 
إلا أن المتابع لاستراتيجيات وسياسات (الويلات) المتحدة تجاه السيطرة على العالم منذ وجود هذا الكيان بشكله الحالي فوق جثث الهنود الحمر يدرك جيداً أن الهدف الاستعماري الدموي هو الغالب على كل ما يمت لسلوك حكام هذا البلد بصلة، وحتى التراجعات التي تمت عن سعيهم لتحقيق أهدافهم الدموية في السابق كانت تتم خدمة لرؤية مستقبلية تدفعهم للسيطرة مجدداً على العالم، فالسيطرة على العالم والتفرد بالسيطرة هي السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار لساسة هذا البلد، وهو ما يتطابق مع جشع الأنظمة الليبرالية بحيث تزداد وحشية هذه السياسات بازدياد درجة توحش الليبرالية التي يتبنوها.
 

فإذا ما عدنا بالتاريخ إلى مبدأ مونرو نجد أن هذا المبدأ الذي قدمه الرئيس جيمس مونرو كان الركيزة الرئيسة للسياسة الخارجية الأمريكية خلال قرن كامل، تم خلاله السيطرة على مصادر الثروات الطبيعية الهائلة في القارة الأمريكية وتجنب تبديد هذه الثروات في صراعات القارات الأخرى. وما إن تمكنت الولايات المتحدة من بسط نفوذها على ثروات العالم أجمع والتي مكنتها أيضاً من السيطرة على العالم كان المبدأ الجديد للرئيس أيزنهاور الذي وسع نطاق المجال الحيوي للقوات الأمريكية لملئ الحيز الشاغر الذي خلفه تراجع الاستعمار القديم ومن ثم أتى نيكسون الذي أعلن مبدأ الإنابة عن أمريكا في بسط سيطرتها على العالم، وقد أتبع مبدأه بسيطرة مطلقة للولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي من خلال الانقلاب على اتفاقية بروتن وودذ، ليأتي فيما بعد كارتر مهيئاً الأجواء باختياره استراتيجيات التراجع أمام التحديات التي واجهته، الأمر الذي هيأ الأجواء لمبدأ أو استراتيجية حاسمة تبناها بوش الأب وتقوم على أن العالم لونين – أبيض أو أسود ويتم تنفيذها من خلال التطويق والمواجهة والربط الاقليمي وكثافة التسلي، لتأتي بعدها عقود من التفرد الأمريكي بالسيطرة على القرار العالمي، شعرت خلالها الولايات المتحدة بضعفها نتيجة هذا التفرد فكانت سيناريوهات المبادئ السابقة من خلال أحداث 11 أيلول/سبتمبر ومن ثم حروب أفغانستان والعراق وتدمير المنطقة بالإنابة لتحط الرحال أمام عدم جدوى التكرار، الأمر الذي يفسره المحللون بحاجة الولايات المتحدة الأمريكية لمبدأ جديد تتبعه في العقد القادم في ضوء تغير معطيات الأحداث والمواجهات على الأرض فكان الاختيار على ترامب. فهل سيكون ترامب هو تكرار لكارتر في تهيئة الأجواء لسنوات قادمة تهيئ الأجواء لمبررات توحش أمريكا في السيطرة على العالم عملاً بتقوية الخصم حتى نجد ذريعة لقتله خاصة بعد اعتماد أوباما على الإنابة، أم تكرار لنيكسون في فرض السيطرة على العالم بالاعتماد على ملفات التنمية المستدامة والابتكار واحتكار المعرفة، أم أننا سوف نشاهد مبدأ جديداً يحدد معالم القرن القادم لاحتواء الانتصارات المتحققة في منطقة شرق المتوسط من قبل التكتلات الجدية الداعمة لانتصارات الجيش العربي السوري كدول مجموعات البريكس وشنغهاي والألبا. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . يحيى محمد ركاج
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/03



كتابة تعليق لموضوع : المبدأ الأمريكي الجديد: ترامب أمام التكرار أم الابتكار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net