صفحة الكاتب : عبد الامير جاووش

عقيدتي في الله
عبد الامير جاووش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كل معتقد جاهلي أنما ينشأ في محيط الأسطورة – أي سبق الخيال على التفكير – كما إن التفكير في تضاعيفه لا يتعدى عن تأثير عدد من الثنائيات . ومهما حاول الصالحون المصلحون من دفع ذلك الوهم , فأن تفشي الخرافة ورواج الأسطورة الذي يتناسب ايجابيا مع تناقص التأثير العقلي عند تفسخ المجتمع أو وجود المطامع السياسية , يساند قوة الدفع على إعادة وإحياء روح الجاهلية بشكل هجين او بصورة مقنعة , والعكس صحيح .

 
وربما يطال هذا المعنى بعض المسلمين , إذ لو كان الرسول الأعظم ص لا يقرأ ولا يكتب , فأن الانجازات العظيمة التي وصلت إلينا , لا تتناسب مع رسالته الخاصة التي يبشر بها , وعليه فأنها بما تحمله من نقص – وحاشا لله – فهي تؤسس دينا عالميا بقدر رغبتها في إقامة عالم إنساني يؤمن بأخلاق عليا مقدسة . 
ثم نبرر ما بأيدينا , بأنه من بعده استطاع رجال الإسلام ان يصلحوا كثيرا من ذلك الفراغ ( المفترض وجوده في أصل الرسالة ) بعدها نرمم الهوة معتمدين الى حد بعيد على سوء إدراك في استخدام الكلمات الذي يمهد للتأويل الباطني والتفسير الانتقائي , وأخيرا حشو المضمون بنتاج فلسفي أخر .
 
ولأجل ان نتجنب هذا المنعطف الذي يقود إلى التجديد المغاير , أرى أن نلتمس آثار النبي ص عند الأئمة ألاثني عشر , الذين حافظوا على روح الحديث الشريف , ولم يضطروا إلى صناعة مذهب خاص , بل هم رواة للنص والتفسير , ومما ورد عنهم نبحث عن تحديد المصطلحات في الفكر المحمدي , كي نتجنب الغموض والعمومية في العبارة . عندها لا نلتفت لمن يبني من الشبهات أبراجا تصيب القاريء البسيط بالغثيان النفسي أو الدوار الفكري .
 
والأفضل أن نجزأ المشكلة الفلسفية , لكل من دعامات العقيدة , لنكسبها الوضوح في الرؤية المنطقية مثلا حول مبدأ التوحيد , يكون سؤال وجواب كالأتي : 
 
سؤال : هل الكون في حالة بناء ؟ ام انه يسير نحو الفناء ؟ بمعنى اخر هل الطبيعة تحكمها بالفعل قوانين ؟ ام انها تتخبط في العشوائية ونحن فقط نعتقد ان للأشياء نظاما لأننا نحب ان يكون الامر كذلك ؟
 
جواب : ان عدم تسليمنا بوجود نظام , سيجعل كل الانجازات العلمية باطلة , وكل جهد فكري كأنه عبث , فنحن عند ذاك لسنا سوى قرود مهذبة , والظلام الذي ينتظرنا سيدفع بنا نحو التشاؤم ثم الفناء المبكر .
 
سؤال : هل للعقل الإنساني وجود كوني مطلق ؟ ام ان عقولنا البشرية هي مجموعة ملكات نفسية او فعاليات عصبية لها القدرة على إيجاد الحلول ؟
 
جواب : قدرة الإدراك الفذة تختلف عن مصطلح العقل المطلق التي ترتبط بتصور ان الانسان هو هدف او مركز الكون . والواقع هو ان وعي الانسان محدود بحيث ان هناك حقائق ما لايمكن لعقل الانسان ان يدركها على الاقل لأنه محصور بوسائله وقدراته بالعالم المادي .
ولكن انا ملزم بما يقره عقلي , فما من سبيل اخر لكشف الوقائع , او الاقتراب من الحقيقة غيره . مثلا الانتقال التدريجي للفعل يعبر عنه بالسببية . عند ذلك يكون لكل سبب مسبب , ولكل فعل فاعل .
 
سؤال : ان قانون السببية وضع من خلال الملاحظة لبعض الظواهر ثم يعمم بالاستقراء . هل هناك احتمال وجود شذوذ عن القاعدة , ولو في ظاهرة او حدث يقع فوق العلوم ؟
 
جواب : التناسق الموجود في الكون يتضمن المنطق الرياضي , ومبدأ السببية اساس وضع النظريات , ولكن التسلسل السببي الى ما لانهاية يؤدي الى الدور المحال , لذلك نؤمن بوجود خالق للأشياء بما هي عليه من مبادئ وقوانين . ( والله يحكم لا معقب لحكمه .. الرعد 41 ) , ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولاهدى ولا كتاب منير .. الحج 8 ) .
 
سؤال : هل يمكن ان نفرض وجود أكثر من خالق ؟
 
جواب : ان وحدة النظام تدل على وحدة الارادة , ونحن دائما نميل الى التفسير الابسط للظاهرة , حيث التعقيد يتضمن فرضيات اكثر يعرضها لمزيد من النقد .
( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اذا لذهب كل اله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض .. المؤمنون 91 ) , ( الهه مع الله قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين .. النمل 64 ) .
 
سؤال : لقد خلق الله الناس ليعبدوه او ليرحمهم , اي هناك سببية والشيء الوحيد الذي يمكن ملاحظته بشدة عن السببية هو التتابع الزمني للأحداث , فاذا كان الزمان هو تغير حال , فهل من معنى للأزلية ؟ 
 
جواب : الارادة غير السببية , وهي من صفات الحي العالم القادر , فلا يسأل عما يفعل , لا يقال له لماذا وكيف ومتى واين وغير ذلك , فهو من خلق تلك المبادئ فلا تجري عليه , لأنها لو كانت تجري عليه لكان مقلدا في عمله وليس بعالم مبدع , ولتغيرت ذاته واصابه العجز والنقصان وتعدد نوعه و ( لو كان فيها الهة الا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون . لا يسئل عما يفعل وهم يُسئلون . ام اتخذوا من دونه الهة قل هاتوا برهانكم .. الانبياء 22-24 ) .
 
سؤال : الخالق الذي اسمه الله له صفات تبدو مختلفه مثل الرحمة والانتقام , وهذا التفاوت في المعنى واضح , فما معنى وحدة الذات ؟
 
جواب : الخالق ليس له اسم ( قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن اياً ما تدعون فله الاسماء الحسنى .. الاسراء 110) انه موجود فوق الطبيعة لا تحيط به العقول ولا تناله الاوهام , ولكن نستدل على وجوده بالاثر , وهذا العجز عن درك الادراك هو ادراك . وتلك الصفات او الاسماء يدل عليها العاقل ويجمعها رابط جدلي , والتعدد بالصفات لتقريب المعنى لعقل الانسان , وبمجموعها تشير الى المعنى الواحد .
 
سؤال : هل يمكن رؤية الله على كل حال , ولو في الدار الاخرة ؟
 
جواب : ( وهو الذي في السماء اله وفي الارض اله .. الزخرف 84 ) ان ما يقال عن الحياة الدنيا انها مخلوقة محدثة , كذلك يقال عن الدار الاخرة , وكما نعتقده في الارض كذلك هو في السماء ( فلا تضربوا لله الامثال ان الله يعلم وانتم لا تعلمون .. النحل 74 ) .
 
سؤال : اذا كان الخالق رحيما قادرا فلماذا خلق الشر ؟
 
الجواب : المسألة نسبية , فالخالق لائم بين المختلفات وباين بين المؤتلفات , وذلك التضاد او الثنائيات يتضمن ضرر الشر ومنفعة الخير من ناحية الى ناحية اخرى , فليس وجود الخير والشر ازلي ولا عام مطلق .
لا يمكن ان نتصور اله للنور والخير المطلق ثم يلزم ان نفرض اله للظلمة والشر المطلق . اذ ان النافع الذي خلق الخير والشر في الوجود هو الله ولا يجري عليه ما هو اجراه ولا يخضع لما هو ابداه ( الم تر ان الله خلق السماوات والارض بالحق .. ابراهيم 19 ) , ( ان تكفروا انتم ومن في الارض جميعا فان الله لغني حميد .. ابراهيم 8 ) , ( ذلكم الله ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء .. الانعام 102 ) , ( فتعالى الله الملك الحق .. طه 114 ) .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الامير جاووش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/13



كتابة تعليق لموضوع : عقيدتي في الله
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net