صفحة الكاتب : ادريس هاني

المثقف المتداعش...على هامش عملية تحرير الموصل
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عملية تحرير الموصل هي عملية أبعد مدى من أن تكون مجرد طرد لحفنة من الإرهابيين استغلوا الهشاشة الأمنية في العراق لاحتلال مناطق واسعة منه..لقد أكثروا من ذكر الهشاشة الأمنية وتناقضات العراق لكي يخفوا أنّ ثمة مخططا إقليميا ودوليا لتقسيم العراق واقتطاع الموصل..اليوم لما تكاملت إرادة العراقيين لتحرير بلادهم بدأ التشويش يأتي من جهات عديدة..لقد سعت تركيا بكل جهدها للحؤول دون وصول قوى الحشد الشعبي للموصل تحت ذرائع كلها واهية بل هي محطّ استغراب الرأي العام العراقي..قوى دولية ومدنية ومنظمات كانت تعتبر وجود داعش في الموصل صمام أمان، وكل ذلك بسبب هيمنة النزعة الطائفية التي لم تعد حكرا على شيوخ السلفية الوهابية بل باتت ثقافة ومعزوفة يتبنّاها حتى من يصفون أنفسهم بالمثقفين..وسأضع هنا قراءات لمحسوبين على الثقافة العربية كيف أنهم تسافلوا وهم يشوّشون على حركة التحرر الوطني في العراق وكيف دافعوا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على داعش..قبل أن أستعرض أراء هؤلاء الحمقى، لا بدّ من التأكيد هنا على بعض الملاحظات في موقف هؤلاء من المسألة العراقية..نتساءل بدورنا : كيف بإمكانكم يا أغبياء أن تساعدوا العراقيين على بناء دولتهم وأنتم تنفثون الطائفية في كل مشروع حتى لو كان مشروعا وطنيا مثل النفير العام لتحرير العراق؟ كيف تتحدثون عن وحدة العراق وأنتم تسكتون عن التدخل التركي في العراق بينما تختزلون القضية في مقاتلي الفلوجة كما لو أن مشكلة العراق هي أن تنتصر هذه الطائفة أو تلك؟ ثم أي غبي هذا يتصور أن النفير حين يكون يجب أن يكون غير شيعي؟ أي عراق هذا في مخيلة هؤلاء الطائفيين؟ فالعراق هو هذا..وناسه هم هؤلاء..لماذا كلما تعلق الأمر بالشيعة إلاّ وحكى المخبولون عن الطائفية بينما إذا تعلق الأمر بسائر مذاهب الدنيا سكتوا؟ من هو هذا المهندس البريطاني/الوهابي الذي زرع هذه الفوبيا الرعناء كنموذج لتفسير الأحداث؟ ماذا نفعل يا ترى إن كان الشيعة في العراق هم الأغلبية ضمن كل الطوائف؟ وهل داعش حينما دخلت الموصل وقتلت أبناءها هل كانت الموصل شيعية؟ إنّ الذين بالغوا في التفسير الطائفي لما يجري في العراق لا يساعدون على بناء العراق..بل يخفون الحقيقة الفارقة هنا ألا وهي أن الحشد الشعبي فيه من كل الطوائف:من السنة والمسيحيين وغيرهم حالة وطنية واعدة في احتواء النزعات الطائفية التي باتت خطابا ينتمي إلى الميديا الخارجية..ودعك تسمع ما يقول حرافيش التحريض الطائفي حول هذه الأزمة:
سأبدأ بمن عزمت منذ فترة أن أسميه بالصالوبّار نظرا لعناده الرخيص ودجله المتواصل وتحريضه الفتّان وحقده اللانهائي ونزعته الميلونكليكية..مصاص الدماء أبو يعرب المرزوقي، الذي أسرف حد الفحش والوقاحة في التحليل والتوصيف والعدوان حتى أصبح مهرّجا كبيرا في زمن الانحطاط..يقول في بعض تغريداته اللّئيمة:
«ما أراه جاريا في الفلوجة ينبغي لكل عربي على الأقل في الخليج أن يتأكد من أنه آت إليهم حتما إذا انتصرت مليشيات إيران العربية في العراق والشام».
كان هذا في الفلوجة حيث كان يعتبر أن داعش تدافع عن الأمة العربية..فهو يعتبر أن المستهدف وراء كل ذلك هي البلدان العربية، كما لو أن سوريا والعراق ليسا عربيين، ويذكر بالتحديد أن المستهدف هي دول الخليج، ثم يذهب في تحليله إلى أنّ الهدف هو إخلاء الهلال من سنته في محاولة لتكريس وتحيين الخطاب السياسي الطائفي..يقول : «ما ألاحظه من تردد الأنظمة العربية عامة والخليجية خاصة والسعودية بصورة أخص لكونها المستهدفة صراحة من هذه الحشود لم أجد له تفسيرا معقولا»، متسائلا: «هل صار الجميع مشلولا بنهي أمريكي صريح؟ هل هم يصدقون حقا أن الحرب هي على داعش أم هي لتصفية الهلال من سنته يليه الخليج إن نجحوا في مسعاهم؟».
حين دخلت المقاومة إلى القصير، قال أبو يعرب المرزوقي حينئذ للجزيرة بأن دخول حزب الله إلى سوريا مخالف للقانون الدولي..ويومها شرحنا للصالوبّار بأنّ سوريا هي من يملك التعبير عن سيادتها..وبأنّ كل شيء يتم بإشراف دولة معترف بها في الأمم المتحدة فهو يدخل في إطار سيادة تلك الدولة، بخلاف من يدخلون من الحدود بتواطؤ مع من سمّاه أبو يعرب المرزوقي بمعاوية الثانية(يقصد أوردوغان)..لكن أبا يعرب المرزوقي اليوم بعد أن ألقمناه بهذه الحقيقة كون وجود المقاومة هناك لا يناقض القانون الدولي، عاد وانتهك كلامه وتبنّى رأينا الذي جلدناه به في حينه ليقول هذه المرة بأنه وجب أن يتدفق الأجانب إلى سوريا والعراق ليقاتلوا لأن ذلك لا يتناقض مع القانون الدولي..إنك حقا تجد نفسك أمام مجموعة من المعتوهين الذين يتشقلبون في أفكارهم ولا يثبتون على رأي..المرزوقي بعد أن سبق وقال إن وجود حزب الله في سوريا مخالف للقانون الدولي، ها هو يتزهمر قانونيا ليقول: «إذا كانت الدول تخشى التدخل لعلل مستمدة من القانون الدولي بمعنى أن التدخل الإيراني يستمد شرعية دولية من طلب حكومتي العراق وسوريا فالحل موجود، فالقانون الدولي يعوق الدول لكنه لا يمنع تطوع المواطن. هل يوجد قانون يمنع التطوع للدفاع عن قضية؟ تطوع أمريكيون لمساعدة الأكراد في عين العرب لماذا تتهمون المتطوعين بالإرهاب؟».
إذن وبأثر رجعي من هذا التخريف يكون المرزوقي جاهلا حينما اعتبر تواجد حزب الله في سوريا مخالفا للقانون الدولي..بل إنه هنا يقيم قياس إبليس حينما يستغرب لماذا يسمون المتطوعين في سوريا والعراق إرهابيين..مفهوم كلامه أنّ معشر النصرة وداعش هم متطوعون لإنقاذ العرب والخليج والمسلمين من الكفار الإيرانيين، أما إسرائيل فهي في استعمال المرزوقي ليست سوى ضميمة لمنح تحليله رصيدا من الإثارة، حيث يدرك حقيقة أنّ إسرائيل تستند إلى هذا التحليل اليعروبي في تمرير مشروعها التقسيمي. لا يوجد خطاب أكثر فتكا بالعرب وأهم بالنسبة إلى إسرائيل من خطاب أبي يعرب المرزوقي الذي منح للطائفية فلسفة كاملة.. هكذا بات المرزوقي يولول طائفيا ويقول: «هل أخفت قيادات الحشد ومليشيات إيران العربية وحتى الإيرانية أن المرحلة القادمة هي غزو الخليج؟ أي جمود وأي شلل أصاب سنة العرب قيادات ونخبا؟ إلى متى ستدوم سياسة النعام؟»..
حتى عن اليمن يحضر الهاجس الطائفي حين يقول:«وحتى اليمن ألم يكادوا يسلموه للحوثي أي لإيران خوفا ممن يسمونهم إخوان وإسلام سياسي لكأنه يوجد إسلام آخر؟».
وفي نظر أبي يعرب المرزوقي هناك فقط قطر والسعودية من تمردا عن الوصاية الإيرانية والإسرائيلية، وحتى لو كان في قطر مكتب اتصال وعلاقات مميزة مع إسرائيل، وحتى لو زار وفد من الرياض تل أبيب وقيل ما قيل، ففي المزاج اليعروبي المتخم بالعناد، تظل هذه الدول هي وحدها المقاومة، بينما دول أخرى بما فيها مصر هي في نظر خبيرنا المهلوس تقع تحت الوصاية الإيرانية..لك أن تتأمّل هذا التحليل البليد: «في واقع الأمر البحرين والكويت واليمن والعراق وسوريا ولبنان ومصر كلها تحت الوصاية الإيرانية والاسرائيلة برعاية أمريكية. بقي: قطر والسعودية، وكل من يسعى لتوريطها في وحل اليمن بدعوى مشاركتها في الحرب أو محالفتها لم يعد حيله تنطلي على أحد».
وإذن ما الحل في نظر أبي يعرب الذي يحرض على الإرهاب؟ الحل في نظره هو فتح باب التطوع، حيث قال:«يكفي النظر في تعز ومناورات جنوب اليمن.. إن لم تحصل الانتفاضة في القيادات العربية بصورة تمكن الشباب من التصدي ولو بالتطوع فإن إيران وإسرائيل ستستردان الإمبراطوريتين لغباء العرب»..
هذا باختصار ما نطق به محلل "زعوري" بل هو في هذه الفترة في قمّة الشّطط، كاشفا عن عدوانية مفرطة وحسّ طائفي كلبي، ودائما نكرر أنه من حسن الحظ أنّ المرزوقي ليس له تيار ولا أحد يقتنع بخطابه داخل مدينته باستثناء من أكل عقولهم الذّئب..
نمر على القرضاوي الذي لا زال به رمق طائفي..آثار الفياغرا توجّه ناحية الموقف السياسي..يقول الشيخ الذي عاد مرّات إلى صباه:"انقذوا الموصل قبل أن تصرخوا «أكلت يوم أكل الثور الأبيض"..
انتقد القرضاوي في هجوم كاسح شيخ الأزهر لحضوره مؤتمر غروزني الذي حدد فيه علماء السنة مذهب السنة في مذاهب تاريخية مستثنين الوهابية..قال بلهجة طائفية لا مسؤولة تؤكّد أنّهم كانوا مطمئنين لما كانت تقوم به داعش في المنطقة حيث يقول شيخ الفتنة والنفط:"ولنا أن نتساءل: ماذا بعد تحديد أهل السنة والجماعة؟! هل سنسمع لكم صوتا ضد الشيعة والنصيرية في سوريا واليمن والعراق؟!."
وقد دعى القرضاوي جميع المسلمين للدفاع عن حلب..طبعا المساهمة في اختطاف حلب لصالح المسلحين الذين يقتلون الشعب السوري ويمطرونه بالقذائف.لكن كل ما ينطوي عليه هذا الخطاب هو أننا مع "شيوخ" و"مثقفين" ساهموا ولا زالوا في تبرير أعمال الإرهابيين والتحريض على الإرهاب بمنح تفسير طائقي للأحداث..
نتساءل أيضا ما المطلوب يا "زعوري"؟ المطلوب إذن إنقاذ الموصل؟ لكن ممن؟ من أهلها..بكاء على البغدادي وأطلال الدولة..سلامي على طالبان..سلامي على داعش..
مهلوس آخر يمتح مزاجه من ثقافة الإخوان السياسية.. عبد الله النفيسي الذي يتبنّى الهلاوس نفسها..ما أسهل التحليل السياسي حينما يستند إلى التهريج الطائفي..فهو يعتبر أنّ السياسة الإيرانية في سوريا والعراق تستهدف التغيير الديمغرافي وبأنّ هذه العملية تستهدف تحجير السنة وإحلال أزلامهم مكانهم.. بينما أكد على أنّ أداة تنفيذ هذه السياسة هي الميليشيات الموالية لإيران..ونسي النفيسي في عملية تدجيل سافرة ما تقوم به داعش ليقول بأن هؤلاء يقتلون الأطفال والنساء في عملية قلب للحقائق يندى لها الجبين..إنّ اختزال المسألة السورية والعراقية في إيران هو دجل أيديولوجي يستخفّ بالقارئ، ويستبلد المتلقّي..في سوريا والعراق هناك داعش والجماعات التكفيرية هي من يهجر الأقليات، بينما العراق وسوريا تحارب الإرهاب والمرتزقة ولا تنهج أي شكل من أشكال التغيير الديمغرافي لسبب بسيط هو أنها ليست في حاجة إلى ذلك..لكن النفيسي لا يمتلك الشجاعة للحديث عن سياسة التغيير الديمغرافي التي ترعاها دول إقليميا في العراق نفسه وفي البحرين وحتى في الكويت..ومع أنّ كلام النفيسي بفيض بالطائفية التي يسندها بمعطيات خيالية وكاذبة يعود ويقول: نحن الأمة وإيران الطائفة..وهذا شكل من الخطاب يعاند لتكريس الطائفية حتى وهو يحاول أن يتحدث لغة الأمّة..
يجهل كل هؤلاء الأغبياء أنّهم جزء من حرب على هذه الأمة..طابور خامس مزروع في أحشائها..لهم قابلية للتكامل مع المشروع الإمبريالي الذي يستهدف شعوب المنطقة بوضعها رهينة لكيانات هشّة مجزّءة فاقدة للإرادة السياسية وللسيادة..تساهم مواقف وأفكار هذا النوع من الحمقى في التباس الصورة الحقيقية للصراع الدائر في المنطقة، والذي هو صراع تقوده طائفة الاقتصاد السياسي الإمبريالي فيما كل خطاب طائفي يصدر من هنا وهناك ليس سوى جزء من ماكنة إمبريالية لطحن الشعوب العربية وكياناتها...الشيء الذي يصعب على أمثال القرضاوي والمرزوقي استيعابه بعيدا عن الخطاب الوظيفي للفتنة، هو أن سوريا تقاوم لتحرير أرضها من الإرهاب التكفيري والمرتزقة وهي في كل هذا تواجه تحديات إقليمية ودولية، هذا بينما يمثل الحشد الشعبي إرادة الشعب العراقي في تحرير أرضه في غياب اكتمال بناء الدولة العراقية بعيدا عن التشويش..إنهم يخشون من الحشد الشعبي لأنه يعكس عودة روح الأمة العراقية ونواة الجيش العراقي القادم الذي سيشكل ضمانة لقيام دولة عراقية موحدة منيعة قادرة على الخروج من محنتها التاريخية..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/12



كتابة تعليق لموضوع : المثقف المتداعش...على هامش عملية تحرير الموصل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net