صفحة الكاتب : د . يوسف السعيدي

استراتيجية ..(حسن النوايا)..
د . يوسف السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم يواجه الشرق الأوسط منذ عقود من الزمان سوى \"إستراتيجية\" حسن النوايا التي على ما يبدو توزع شرقا وغربا، ويتم التحدث عنها في الانتخابات والمؤتمرات وفي \"المحاضرات\" التي يتم التطرق فيها إلى \"المقاومة\" أو \"التسوية\" او (الاٍرهاب) ، فسبر \"النوايا\" وفق الصورة الحالية مؤشر على أن المنطقة كلها تسير في اختبارات أكثر من كونها تعيش حالة انفراج، على الأخص أن الولايات المتحدة التي فتحت هذه الإستراتيجية منذ لحظة وصول الرئيس الأمريكي باراك أوباما الديمقراطي الذي انتهت ولايته وخلفه ترامب الجمهوري إلى البيت الأبيض، لم توسع بعد دائرة \"نواياها\" باتجاه أطراف جديدة.. 
ما ترسمه السياسة اليوم لا يتعدى القفز على الكثير من المعطيات القائمة... والحديث عما سيحدث في مراحل ما بعد الأوضاع الحالية ، فالواضح ان الخطاب السياسي الأميركي في مسألة \"حسن النوايا\" يحاول رسم \"مستقبل\" افتراضي، دون الدخول في \"التجربة التاريخية\" أو حتى في \"تفاصيل العلاقات \" التي يمكن اعتبارها المدخل الأساسي لفهم الصورة المستقبلية، فالموضوع الأساسي ليس نوعية العلاقة التي يمكن أن نرسمها مع الولايات المتحدة، بل شكل المصالح التي يمكن ان تحققها هذه العلاقة، فمسألة \"النوايا\" هنا مرتبطة في النهاية بما تقوم به \"إسرائيل\" والكارتيلات النفطية واصحاب النفوذ وبيوت المال وأسواقه بالدرجة الأولى، وهو ما يدفع في النهاية إلى البحث في جدوى \"الإقبال\" على رسم صورة ما بعد وصول ترامب ...
عمليا فإن الولايات المتحدة لم تطرح حتى اللحظة سوى \"آليات سياسية\"، وهو أمر لا يختلف كثيرا عن مجمل التحركات السابقة، باستثناء أنه لا يحمل خطاب حرب كما حدث خلال السنوات الماضية، لكنه في نفس الوقت موجود داخل \"حرب\" حقيقية وهو أمر يحد من إمكانية \"تجاوز الأزمات\" أو التعامل معها ضمن سياقات مختلفة، فالولايات المتحدة ليست خاضعة لمسألة \"اللوبي اليهودي\" فحسب .. حسب تعبير احد السفراء العرب في واشنطن ، بل هي أيضا جزء من الصراع الدائر، وعملية الضغط على \"إسرائيل\" تعتبر بالنسبة لها \"صفقة\" لها ثمنها \"الإقليمي\" الذي يمكن أن يتجه نحو \"إيران\" أو العراق أو غيرها، فالخطاب السياسي الذي يمارس \"حسن النوايا\" ويؤكد في نفس الوقت استقلالية المواقف تجاه القضايا التي تواجه الشرق الأوسط هو في النهاية خطاب يحاول التوفيق بين المتناقضات التي يمكن رؤيتها من خلال: 
 
وجود الولايات المتحدة العسكري في الشرق الأوسط، فهي حتى بعد انسحابها من العراق ....لكنها في نفس الوقت ربطت هذا الأمر بعملية سياسية معقدة مرتبطة بجوار العراق بما فيها إيران وسورية...وحتى تركيا ..ومصر... وهي بالتالي لا تقوم بفصل الأدوار الخاصة بها في عملية السلام والاستقرار المفترض أو حتى في سنوات تواجدها داخل العراق.... 
 
الملف النووي الإيراني بالنسبة للولايات المتحدة يدخل في صلب الأدوار الإقليمية والعلاقة مع روسيا ايضا ..وبالتالي لا يمكن فصل عملية السلام والاستقرار عن هذا الموضوع، لأن الولايات المتحدة تريد \"تحديد\" القوى الإقليمية وفق خارطة جديدة وبالتالي فهي تريد استخدام كل العوامل للحد من الدور الإيراني على الأقل .. 
 
هذه الصورة في النهاية لا تقدم صورة واضحة للسلام أو الاستقرار عموما ، وحتى عملية تقديم خطاب نحو الخارج \"مفعم\" بحسن النوايا فإنه لا يضع عوامل الصراع الحالي في موقعها الحالي، وفي النهاية فإنه سيرتد إلى الداخل ....ففي عالم اليوم لا يوجد خطابين منسجمين ..حتى ولو كانت الاستراتيجية واحدة......

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . يوسف السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/10



كتابة تعليق لموضوع : استراتيجية ..(حسن النوايا)..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net