صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

مرقد السيدة زينب بنت أمير المؤمنين(ع)*[ تحقيق تاريخي]
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 من عظمة السيدة زينب أن تتنافس البقاع والبلدان على ادعاء شرف احتضان مرقدها ومثواها. ففي أكثر من بلد تقام الأضرحة وتشمخ القباب والمنائر بإسم السيدة زينب. 
لقد بذل العديد من العلماء والباحثين جهودهم ، وخاضوا غمار البحث والتحقيق ، لمحاكمة الروايات والنقول التاريخية حول قبر العقيلة زينب سلام الله عليها لكن المطالعة
الدقيقة والبحث الموضوعي في  يرجّح كفّة الأطمئنان إلى أنّ مشهد الراوية في دمشق هو الأقرب إلى الصحّة والواقع .
وذلك لتظافر الأدّلة في كتب المؤرخين والرحّالة والسّائحين منذ القرون السابقة وإلى الآن .
ولضعف مستند القائلين بسفر السيدة زينب الكبرى إلى مصر وموتها فيها ، وللإحتمال الكبير في أن يكون المقام في مصر لزينب أخرى من أهل البيت .
وقد أفرد بعض العلماء كتباً ورسائل لتحقيق هذا الموضوع ، ومن أبرزهم العلامة المرحوم الشيخ فرج العمران القطيفي ( 1321 هـ ) والذي ألّف رسالة تحت عنوان ( المرقد الزينبي ) سنة ( 1377 هـ ) وطبعها في النجف الأشرف ـ العراق ) وكانت نتيجة البحث التي انتهى إليها في رسالته هو ترجيح المقام الزينبي في مشق ، وأنّه للسيدة زينب الكبرى .
والبحث الآخر والأعمق هو للبحّاثة الباكستاني الشيخ محمد حسنين السّابقي ، ويقع في أكثر من (240 صفحة ) وقد طبع في بيروت سنة ( 1399 هـ 1979 م ) .
 وقد زار هذا المشهد الرحالة الشهير ابن جبير المتوفى سنة 614هـ، وقال عنه في رحلته المعروفة عند ذكر المزارات عند ذكر المزارات الشامية: «ومن مشاهد أهل البيت مشهد أم كلثوم بنت علي ويقال لها زينب الصغرى وأم كلثوم كنية أوقعها عليها النبي لشبهها بابنته أم كلثوم ومشهدها الكريم قبلي البلد يعرف براوية على مقدار فرسخ وعليه مسجد كبير وخارجه أوقاف وأهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الست ومشينا اليه وبتنا به وتبركنا برؤيته.
 كما زار هذا المشهد الرحالة ابن بطوطة المتوفى770هـ، وقال عند ذكر مزارات دمشق: بقرية القبلي وعلى فرسخ منها مشهد أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة، ويقال أن اسمها زينب وكناها رسول الله لشبهها بخالتها أم كلثوم بنت رسول الله وعليه مسجد كبير وله مساكن وله أوقاف ويسميه أهل دمشق قبر الست أم كلثوم . 
 وذكر هذا المشهد الباحث الدمشقي عثمان بن أحمد السويدي الحوراني المتوفى سنة (970هـ أو 1003هـ) في كتابه: 
(الأشارات الى أماكن الزيارات) قال: ومنها قرية يقال لها «راوية» بها السيدة زينب أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب توفيت بغوطة دمشق عقيب محنة أخيها الحسين ، ودفنت في هذه القرية ثم سميت القرية باسمها وهي الآن معروفة بـ «قبر الست».
 وقال العلامة السيد محسن الأمين العاملي: يوجد في قرية تسمى «راوية» على نحو فرسخ من دمشق الى جهة الشرق قبر ومشهد يسمى «قبر الست» ووجد على هذا القبر صخرة رأيتها وقرأتها، حيث كتب عليها: هذا قبر السيدة زينب المكناة بأم كلثوم بنت الإمام  علي (ع) وليس فيها تاريخ وصورة خطها تدل على أنها كتبت بعد الستمائة من الهجرة».
 وإن كان السيد الأمين يرجّح أن القبر لزينب الصغرى أخت السيدة زينب الكبرى. 
 وورد أن السيدة نفيسة صاحبة المقام المعروف في القاهرة بنت حسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب قد زارت هذا المشهد في قرية «راوية» سنة (193هـ).
وقرب سنة 500هـ شيد رجل قرقوبي من أهل حلب بمشهدها جامعاً كبيراً من أشهر جوامع دمشق .
 وزار هذا المشهد الرحالة أبو بكر الهروي المتوفى611هـ وذكره في كتابه المعروف بـ(الأشارات الى معرفة الزيارات).
إن كبار المؤرخين المطلعين على تاريخ مصر بدقة وتحقيق لم يصح لديهم دخول أي ولد لأمير المؤمنين لصلبه في مصر .
قال الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي المتوفى ( 576 هـ ) : ـ لم يمت له ـ أي لعلي ـ ولد لصلبه في مصر .
قال الحافظ المؤرخ أبو محمد حسن بن إبراهيم بن زولاق الليثي المصري المتوفى ( 387 هـ ) : أول من دخل مصر من ولد علي سكينة بنت علي بن الحسين . وبه قال السخاوي . وفي لفظ آخر للسخاوي : إن المنقول عن السلف انه لم يمت أحد من أولاد علي لصلبه في مصر .
فكيف من المعقول ان تدخل العقيلة زينب مصر وتقيم هناك زهاء السنة ثم تقبر على مرأى من المحاشد الجمة ومسمع ، ولا يعرف أمرها أحد من المؤرخين الذين عهدهم قريب بتلك الحادثة المهمة .
والإمام الشافعي كان يتجاهر بالولاء لأهل البيت ، وقد ورد في سيرته أنه كان يزور السيدة نفيسة لكن لم يرد أنه زار السيدة زينب هناك.
كما دخل مصر جملة من الرحالين كابن جبير وابن بطوطة وابن شاهين وذكروا ما شاهدوا من القبور المعروفة المقصودة للزيارة في عهدهم ولكن لا تجد أحداً منهم يذكر قبر السيدة زينب الكبرى في مصر . . اللهم الا الرحالة الكوهيني الفاسي الاندلسي الذي دخل القاهرة في ( 14 ـ محرم 369 هـ ).
والظاهر أن المشهد الزينبي المعروف في القاهرة هو للسيدة زينب بنت يحيى المتوج بن الحسن الأنور بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
وعليه إن الأصح والأرجح أن المشهد
الزينبي المعروف في دمشق الشام يعود إلى العقيلة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليه السلام . 
وأما السيد محسن الأمين العاملي فقد تراجع عن رأيه بأن السيدة زينب مدفونة بالحجاز بحسب ما يظهر من 
القصة التالية المنقولة عن السيّد حسن الأمين نجل السيد محسن الأمين أن خادم المقام الشريف لمولاتنا الحوراء وهو أحد السادة الأشراف الأتقياء من آل المرتضى طاب ثراه (وهو الجد الأخير لآل المرتضى في الشام المدفون في الصحن الزينبي الشريف) رأى في المنام على مدار ثلاثة أيام الحوراءَ المطهرة عمته زينب عليها السلام تقول له: أن ثمة فتحة حصلت في قبرها الشريف ويجب عليه إصلاحها، فأخبر السيّد العلامة محسن الأمين بما رأى، وفي اليوم الأول من الرؤيا قال له السيد محسن: اصبر لعلَّه أضغاث أحلام، وفي اليوم الثاني كذلك، وفي اليوم الثالث، أمره بأن يقوم معه بحفر القبر الشريف لإصلاح الخلل فيه، ولما حفروه ليلاً، وجدوا الجثمان الطاهر في القبر...وهنا حمل السيد محسن الأمين جسد عمته المطهرة الحوراء زينب عليها السلام على يديه في حالة من الحزن كادت تودي بحياته، وقد عاش السيّد الأمين بعد هذه الحادثة عشرة أيام فقط ولم يفصح ببنت شفة حول التفاصيل من شدة كربه وحزنه على عمته الحوراء المطهرة سلام الله عليها، وكلما سأله عالم أو مؤمن عن حالها، كان يقول كلمتين فقط:" إنها حزينة مكروبة "؛ وكان قد أوصى بأن يدفن في جوارها، وقد نفذوا وصيته، وقبره في إحدى الغرف المجاورة للصحن الشريف، فينبغي للمؤمنين الدعاء له وللسيد من آل المرتضى رضي الله عنهما وزيارة قبريهما قبل الدخول إلى المقام الشريف لمولاتنا الحوراء زينب أرواحنا فداها باعتبارهما بابين من أبوابها الطاهرة.
فسلام الله على سيدتي الحوراء زينب أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار وجعلنا من الزائرين لحضرتها
والمتزودين من مرقدها الطاهر الشريف .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/09



كتابة تعليق لموضوع : مرقد السيدة زينب بنت أمير المؤمنين(ع)*[ تحقيق تاريخي]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net