صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

من الاخطاء العقائدية عند مدرسة الحكمة المتعالية ... ( 12 )
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ويقول الدكتور محسن جهانگيري وتحت عنوان (أهل الله يأخذون علمهم من الله مباشرة) ما نصّه: "يعتقد ابن عربي ومثل العرفاء الاخرين: مثلما ان الله تعالى يعلّم الانبياء والرسل وانهم يأخذون علمهم من الله مباشرة ، كذلك اولياء الله أو "أهل الله" على حد تعبير ابن عربي – اي العرفاء – يأخذون علمهم من الله مباشرةً ، أي هم تلامذة بدون واسطة. وانبرى ابن عربي لانتقاد علماء الرسوم[1] بعد الاستشهاد بآيات مثل "اقرأ باسم ربّك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم" ، و"خلق الانسان علمه البيان" ، فقال: "فهو سبحانه معلم الانسان فلا نشك أن أهل الله هم ورثة الرسل عليهم السلام والله يقول في حق الرسول ((وعلمك ما لم تكن تعلم)) ، وقال في حق عيسى : ((ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل)) ، وقال في حق الخضر صاحب موسى عليهما السلام : ((وعلمناه من لدنا علماً)). فصدق علماء الرسوم عندنا فيما قالوا انّ العلم لا يكون إلا بالتعلم وأخطأوا في اعتقادهم أنّ الله لا يُعلم من ليس بنبي ولا رسول ، يقول الله: ((يؤتي الحكمة من يشاء)) ، وهي العلم وجاء بمن وهي نكرة. ونقل ابن عربي في اعقاب ذلك قول ابي يزيد البسطامي وأبي مدين للتأكيد على ما ذهب اليه وتأييد رأيه القائل بأنّ علم "أهل الله" وخلافاً لعلم علماء الرسوم مستقى من الله مباشرة لأن الواهب لم يمت ، وباب الفيض الالهي والمبشرات لم يُغلق. ومما قاله بهذا الشأن : "قال ابو يزيد البسطامي رضي الله عنه في هذا المقام وصحته يخاطب علماء الرسوم: أخذتم علمكم ميتاً عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت. يقول أمثالنا حدثني قلبي عن ربي ، وانتم تقولون حدثني فلان وأين هو؟ قالوا مات ، عن فلان وأين هو؟ قالوا: مات. وكان الشيخ ابو مدين رحمه الله اذا قيل له: قال فلان عن فلان عن فلان يقول: ما نريد أن نأكل قديداً هاتوا ائتوني بلحم طريّ يرفع همم أصحابه ، هذا قول فلان أي شيء قلت أنت ما خصك الله به من عطاياه من علمه اللدني أي حدثوا عن ربكم واتركوا فلاناً وفلاناً فان اولئك اكلوا لحماً طرياً والواهب لم يمت وهو أقرب اليكم من حبل الوريد. والفيض الالهي والمبشرات ما سُدّ بابها وهي من اجزاء النبوة والطريق الواضحة والباب مفتوح والعمل مشروع". وبما انه يرى انّ معلم أهل الله وأهل العرفان يأخذ علمه من الله مباشرة ، لهذا يعتقد انّ علم هذه الطائفة محفوظ من الضعف والنقص والخطأ والاشتباه والابهام والاجمال ، ويقول: (والحق سبحانه مُعَلِّمنا وِرثاً نبويّا محفوظاً معصوماً من الخلل والاجمال)"[2].
"وبعد تاكيد ابن عربي على وجود علم آخر غير العلمين الفطري والمكتسب وهو العلم الوهبي الذي ينزله الله في القلوب والاسرار وندركه بدون سبب وواسطة ، وجّه الانظار الى القضية التالية وهي ان العلم الحاصل عن التقوى – وخلافاً لتصور أكثر الناس – ليس علماً وهبياً لأنه علم مكتسب عن طريق التقوى ، والله تعالى قد جعل التقوى طريقاً للوصول اليه فقال: ((ان تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً)) ، و((واتقوا الله ويعلمكم الله)) ، كما جعل سبحانه الفكر الصحيح وترتيب المقدمات الصحيحة سبباً للوصول الى المعقولات ، والباصرة وسيلة لادراك المُبصرات ، في حين لا يوجد أي سبب وراء العلم الوهبي ، وإنما يُعطى من الله تعالى الى العبد بدون واسطة ، ويُعَدّ من مُعطيات اسمه الوهّاب. ويرى ابن عربي ايضاً انّ النبوات من العلوم الوهبية ، وليس هناك أمر مكتسب في النبوة ، ويقول بأنّ أهل الاسلام يعتقدون بأنّ جميع الشرائع من العلوم الوهبية. ويؤكد بأنّ العلم الكسبي معلولُ عمل العبد في حين لا وجود للعمل في العلم الوهبي"[3].
فظن ابن عربي ان التقوى حتمية في انتاجها العلم الكسبي ! وليست عطاءاً من الله سبحانه بحيث عدّ العلم الحاصل من التقوى علماً كسبياً وليس وهبياً وهذا يعني في جانب منه سلب الاختيار عن الخالق تعالى شأنه فكل من يتقي يحصل على علم كسبي بنص القرآن وفق رأي ابن عربي !! فيصبح العلم الكسبي حتمياً حين حصول التقوى ! 
اما العلم الوهبي فما فائدته بدون العصمة ، فكل ما يوهب للانسان بلا بينة شرعية او عقلية كيف يمكن الاستفادة منه وكيف يُطمئن اليه حتى بالنسبة الى الشخص نفسه !
كان ابن عربي يرى "عجز العقل وحرمانه من بلوغ المعارف الالهية عن طريق الفكر والنظر ، إلا أنه ترك الباب مفتوحاً لنيل هذه المعارف ببركة إلهية ، دون أن يضع حداً لاستعداد العقل وقدرته على قبول هذه الهبة"[4]. 
ويقول ابن عربي: "فإن الامام لا يقتني العلوم من فكره بل لو رجع الى نظره لأخطأ فإن نفسه ما اعتادت إلا الاخذ عن الله وما اراد الله لعنايته بهذا العبد أن يرزقه الأخذ  من طريق فكره فيحجبه ذلك عن ربه فإنه في كل حال يريد الحق أن يأخذ عنه ما هو فيه من الشؤون في كل نفس فلا فراغ له ولا نظر لغيره وللعاقل إذا استبصر دليل قد وقع يدل على صحة ما ذكرناه نهى النبي ص عن إبار النخل ففسد لأنه لم يكن عن وحي إلهي ونزوله يوم بدر على غير ماء فرجع الى كلام اصحابه فإنه ص ما تعود أن يأخذ العلوم إلا من الله لا نظر له إلى نفسه في ذلك وهو الشخص الكمل الذي لا أكمل منه فما ظنك بمن هو دونه وما بقي للعارفين بالله علاقة بين الفكر وبينهم بطريق الاستفادة ولا يسمى الشخص إلهياً إلا أن لا يكون أخذه العلوم إلا عن الله من فتوح المكاشفة بالحق يقول أبو يزيد البسطامي اخذتم علمكم ميتاً عن ميت حدثنا فلان وأين هو قال مات عن فلان وأين هو قال مات فقال أبو زيد واخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت فلا حجاب بين الله وبين عبده أعظم من نظره الى نفسه وأخذه العلم عن فكره ونظره وإن وافق العلم فالأخذ عن الله أشرف وعلم ضرورات العقول من الله لأنها حاصلة لا عن فكر واستدلال"[5].
 
قاعدة بسيط الحقيقة كل الاشياء:
يقول ملا صدرا: "أن كل بسيط الحقيقة يجب ان يكون جميع الاشياء بالفعل وهذا مطلب شريف لم اجد في وجه الارض من له علم بذاك"[6].
وقال في موضع آخر: "في ذكر نمط آخر من البرهان على أن واجب الوجود فرداني الذات تام الحقيقة لا يخرج من حقيقته شيء من الاشياء. اعلم أن واجب الوجود بسيط الحقيقة غاية البساطة وكل بسيط الحقيقة كذلك فهو كل الاشياء فواجب الوجود كل الاشياء لا يخرج عنه شيء من الاشياء وبرهانه على الاجمال انه لو خرج عن هويه حقيقته شيء لكان ذاته بذاته مصداق سلب ذلك الشيء والا لصدق عليه سلب سلب ذلك الشيء إذ لا مخرج عن النقيضين وسلب السلب مساوق للثبوت فيكون ذلك الشيء ثابتاً غير مسلوب عنه وقد فرضناه مسلوباً عنه هذا خلف وإذا صدق سلب ذلك الشيء عليه كانت ذاته متحصلة القوام من حقيقة شيء ولا حقيقة شيء فيكون فيه تركيب ولو بحسب العقل بضرب من التحليل وقد فرضناه بسيطاً هذا خلف"[7]. 
وقال السيد الخميني: "فنطق لسان الحكماء المتألّهين لإفادة ذلك الامر العظيم الذي كان العلم به من أجلّ المعارف الإلهية بأنّ بسيط الحقيقة كلّ الاشياء بالوحدة الجمعية الإلهية. وقال العرفاء الكاملون إنّ الذات الاحدية تجلّى بالفيض الاقدس ، أي الخليفة الكبرى ، في الحضرة الواحديّة ، وظهر في كسوة الصفات والاسماء وليس بين الظاهر والمظهر اختلاف غلا بالاعتبار"[8].
وقال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء: "اما واجب الوجود فوجوده لنفسه في نفسه بنفسه ، وهو أي الوجود أيضاً بذاته وبجميع هذه الانواع وحداني ذو مراتب متفاوتة بالقوة والضعف والاولية والاولوية أعلى مراتبه واولها واولاها الوجود الواجب الجامع لكمالات جميع ما دونه من مراتب الوجود بنحو البساطة والوحدة الجامعة لجميع الكثرات وكل الكثرات نشأت منها ورجعت اليها (انا لله وانا اليه راجعون) واليه الاشارة بقولهم (بسيط الحقيقة كل الاشياء وليس بشيء من الاشياء) والتوحيد الكامل (رد الكثرة الى الوحدة والوحدة الى الكثرة) وهذ الوجود الخارجي من أعلى مراتبه الوجودية الى اخس مراتبه الامكانية وهي الهيولي التي لها أضعف حظ من الوجود وهي القوة القابلة لكل صورة"[9].
وذكر الشيخ علي حمود العبادي في معرض اثباته علم الواجب بالاشياء قبل الايجاد مقدمتين الاولى ان الواجب تعالى بسيط ، والمقدمة الثانية ان بسيط الحقيقة كل الاشياء وهي قاعدة وضعها ملا صدرا (صدر المتألهين) حيث قال عنها: "إن كل بسيط الحقيقة يجب ان يكون كل الاشياء بالفعل ، وهذا مطلب شريف لم أجد في وجه الارض من له علم بذلك"[10].
ان اعترافه بانه ليس على وجه الارض من له علم بما افترضه يدل على ان الحق بعيد عنه ، فلو كان ما قاله حقاً وهو عنده اصل من اصول الهداية لوجدناه في القرآن الكريم الذي قال ((ما فرطنا في الكتاب من شيء)) او في الاحاديث الشريفة عن آل البيت الاطهار وهم احرص الناس على بيان ما يتعلق بالهداية من حقائق.
واما قاعدته نفسها التي تقول بسيط الحقيقة كل الاشياء فالمؤلف يشرح في نفس الصفحة قاعدة الملا صدرا كالتالي:
الله غير مركب أي احدي ويسميه بسيط
كل هوية (شيء) صح ان يسلب عنها شيء فهي متحصلة من ايجاب وسلب فهي مركبة
فبعكس النقيض ينتج:
كل بسيط (احدي) لا يسلب عنه شيء لأنه غير مركب
إذن الواجب تعالى لا يسلب عنه شيء حتى لا يصبح مركباً
وبما ان الواجب تعالى لا يسلب عنه شيء لأنه ليس مركباً فهو كل الاشياء 
!!!!!
وينقل المؤلف في ص124 عبارات ملا صدرا نفسها فيقول: (بتعبير صدر الدين نفسه: "إن الهوية البسيطة الالهية لو لم تكن كل الاشياء لكانت ذاته متحصّلة القوام من كون شيء ولا كون شيء آخر ، فيتركب ذاته ولو بحسب اعتبار العقل وتحليله من حيثيتين مختلفتين ، وقد فُرِضَ وثَبتَ أنه بسيط الحقيقة ، هذا خلف. فالمفروض أنّه بسيط إذا كان شيئاً دون شيء آخر ، كأن يكون { أ } دون { ب } فحيثية كونه { أ } ليست بعينها حيثية كونه { ليس ب } وإلا لكان مفهوم { أ } ومفهوم { ليس ب } شيئاً واحداً ، فالملزوم مثله ، فثبت أن البسيط كل الاشياء").
ولا بد قبل ان نخوض في مناقشة القاعدة ان نقول أن المقصود بالاشياء في هذه القاعدة هي الاشياء الموجودة فلا يدخل في بحثنا هذا الصفات ، حيث يقال ان الله عالم وانه ليس بجاهل ، فلا يصح وفق هذه القاعدة ان يقال ان الله عالم وجاهل بذريعة نفي التركيب ، فالقاعدة هنا تتحدث عن الموجودات وليس عن الصفات.
فهذه القاعدة ببساطة تقول ان الله سبحانه ومخلوقاته هي شيء واحد ولا يجوز ان نقول ان المخلوقات شيء غير الله لأن ذلك يتعارض مع كونه سبحانه وتعالى بسيطاً غير مركب !!!
ومن جهة اخرى ، فالمؤلف يتحدث عن هذه القاعدة (بسيط الحقيقة كل الاشياء) في معرض اثباته (علم الواجب تعالى بالاشياء قبل الايجاد) ، بينما هذه القاعدة لا تتحدث عن العلم بل عن وجود الشيء فعلاً ، وبذلك نجد ان استدلال المؤلف بهذه القاعدة في هذا الموضوع غير تام. فايرادها في موضوع وحدة الوجود ادق من ايرادها هنا.
وقد ذكر الشيخ حيدر حب الله شرحاً للمراد من قاعدة (بسيط الحقيقة كل الاشياء) ننقله بنصّه ثم نناقشه:
قال : (تعني قاعدة (بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشيء منها) أنّ ما كان واحداً من الجهات جميعاً بالوحدة الحقّة التامّة لا بالوحدة العددية فقط، وليس إلا الله سبحانه وتعالى هو الواحد بالوحدة الحقة التامّة، فهو كلّ الأشياء والأشياء كلّها تكون هو، لا كل شيء على حدة يكون هو الله فكلّ الأشياء هي الله لا أنّ هذا الشيء أو ذاك هو الله. وقد استدلّوا لذلك بأنّ الله تعالى بسيط لا يوجد فيه أيّ نوع من أنواع التركيب على الإطلاق، فإذا فرضنا أنّه واجب الوجود وفرضنا أنّه ليس العالمَ، فسوف يكون مركّباً من جهتين: الأولى من إثبات الله له أي إثبات ذاته له، والثانية من نفي العالم عنه، وهذا التركيب وإن كان عقليّاً إلا أنّه يحكي عن واقع خارجي، فأيّ شيء يتألّف من ذاته ومن سلب الغير عنه ففيه جهة تركيب، وكل شيء منّا مؤلّف من سالب وموجب، والموجب هو أنه ذاته والسالب هو أنه ليس غيره، والله لا تركيب فيه فلابد أن لا يكون هناك غيره أبداً حتى يكون بسيطاً. ومعنى أنّه ليس هناك غيره لا أنّه هو الشجر والحجر، بل بمعنى أنّه الوجود الواحد الذي يعرفه العالم؛ لأنّ الحجرية والشجرية ليست وجودات وإنما ماهيات اعتبارية، ومن هنا كانت نظرية بسيط الحقيقة وثيقة الصلة بنظرية أصالة الوجود.
وقد نظّر لهذه القاعدة الفلسفية (بسيط الحقيقة) صدر الدين الشيرازي بشدّة، واعتبر أنه لم يفهمها على وجه الكرة الأرضية سواه وسوى أرسطو على حدّ تعبيره، ولكنها موجودة في كلمات الفلاسفة، وميزة الملا صدرا أنه حاول تقويتها والاهتمام بها في الأبحاث الفلسفية، وهي تثبت وحدة الوجود بمعنى من المعاني. والله العالم"[11].
اما قول الشيخ حيدر حب الله :(فهو كلّ الأشياء والأشياء كلّها تكون هو، لا كل شيء على حدة يكون هو الله فكلّ الأشياء هي الله لا أنّ هذا الشيء أو ذاك هو الله) ، هذا الامر يعود لقضية وحدة الوجود والموجود فالشيخ هنا يقصد ان كل الموجودات وجودها واحد هو وجود الله حيث انهم يقولون ان لا وجود الا وجود واحد ولذلك قالوا بوحدة الوجود.
فمن غير المعقول انه يقصد ان مجموع (الشمس والقمر والصنم والحجر والاشجار والحيوانات) الخ الموجودات هي الله تعالى بل قصده وجود هذه الاشياء هو وجود واحد بالاضافة الى انه نفس وجود الله ، ولذلك يقولون بوحدة الوجود والموجود.
ومن غير المعقول ان يكون قصد الشيخ حيدر حب الله ان الله هو مجموع الممكنات ! بل هم يقولون ان وجود الله سبحانه هو نفس وجود مجموع الممكنات !!!
وربما من المهم في هذا الموضع الاشارة الى ان مدرسة الحكمة المتعالية تعتبر الله سبحانه بلا ماهية فهو وجود فقط !
ولذلك فمن المهم جداً ان نذكّر بأنه إذا كان الوجود واحداً ووجود الله تعالى هو نفس وجود بقية الممكنات ، فأين نذهب بقوله تعالى: ((ليس كمثله شيء)) ؟! وهؤلاء يقولون بل مثله كل شيء !!!
واذا كان وجود (كل شيء) هو نفس وجوده سبحانه وتعالى ، فاين هم من قوله تعالى ((ولم يكن له كفواً أحد)) ، والذي يصبح معناه بحسب هذه القاعدة المتهالكة: ليس احد ، بمفرده ، كفواً لله بل (كل شيء) او (مجموع الاشياء) تكون كفواً له من حيث الوجود !! وحيث ان الله وجود بلا ماهية كما هي عقيدة الحكمة المتعالية ، فيكون وجود مجموع الكائنات مكافيء لله تعالى عمّا يصفون علواً كبيراً.
ومن الجدير بالذكر ان مزاعم ملا صدرا بان هذه النظرية من اختراعه وانه لم يسبقه احد اليها قد فندها سيد كمال الحيدري الذي ينتمي لنفس مدرسته الفكرية ، وبيّن انها من نتاجات ابن عربي اخذها عنه ملا صدرا !! يقول سيد كمال: " من أهم النظريات في هذا المجال القاعدة التي أسست لها الحكمة المتعالية المعروفة ببسيط الحقيقة كل الأشياء أو تمام الأشياء، هذه القاعدة التي يعبر عنها الشيخ مصباح يزدي في تعليقته المصباح الفصل الحادي عشر، رقم التعليقة 431، يقول لتوضيح ما اختاره من العلم الإجمالي في عين الكشف التفصيلي، مما يُعدّ أروع منتوج للتفكير الفلسفي، وأبدع منسوج للعقل البشري" ... الى ان يقول: "هذه النظرية منسوبة في الكلمات لصدر المتألهين؛ لأنه هو يدّعي هذا المعنى، يقول هذه النظرية أنا أسستها وبنيت عليها في الجزء الثالث من الأسفار، صفحة 40، يقول: إشارة إلى أنّ كل بسيط الحقيقة يجب أن يكون جميع الأشياء بالفعل، وهذا مطلب شريف لم أجد في وجه الأرض من له علمٌ بذلك، من حقّه بيني وبين الله أن يقول (واما بنعمة ربك فحدث) إذا استطاع أن يحل هذه المسألة العويصة في العلم الإلهي، لم أجد على وجه الأرض من له علمٌ بذلك، يقول: إذا الموجود صار بسيطاً من كل جهة، يعني لا يوجد فيه تركيب، فهو كل الموجودات، يعني ما من موجودٍ إلّا وهو موجودٌ هناك، فإذا علم ذاته، فقد علم بكل الموجودات، هذه النظرية، إذن الله يعلم الأشياء قبل الإيجاد أو لا يعلم الأشياء قبل الإيجاد؟ يقول: نعم، لأن الله يعلم ذاته، فإذا علم ذاته علم جميع الأشياء، هذه فتوى يعني ما تحت النظرية. سؤال: قال: لم أجد في وجه الأرض من له علم بذلك، القيصري في شرح الفصوص، لنرى هل توجد هذه النظرية أو لا؟ في الفصل الأوّل من الفصول الاثني عشر وهي مقدمة الفصوص، يقول: وهو أي الحق تعالى يدرك حقائق الأشياء بما يدرك حقيقة ذاته، يعني إذا أدرك ذاته أدرك جميع الأشياء، هذه هي النظرية، نعم ما عبر عنها بسيط الحقيقة، فإدراكه لذاته إدراكه لكل شيء، لا أنه إدراكه لذاته شيء، وإدراكه للأشياء شيءٌ آخر، لا، نفس إدراكه لذاته هو إدراكه لكل شيء، وهو يدرك حقائق الأشياء بما يدرك حقيقة ذاته؛ لهذا في درس 22 من شرح الفصوص ذكرنا إشارة إلى قاعدة بسيط الحقيقة كل الأشياء، هو ماذا يقول ملاصدرا؟ لم أجد على وجه الأرض من له علم …، حمل على الصحة بيني وبين الله لأنه الإنسان قد يقرأ مطلب قبل 20 سنة في كتاب وبعد ذلك يتذكر ويتصور هذا الإبداع لنفسه، وهو في الواقع أخذه قبل عشرين سنة من عالم أو استاذ ولكن لا يتذكر، طبعاً هذا ليس معناه انه لم يضف على المسألة شيئاً، لا، أبداً، أضاف وحقق ونقّح واستدل وبرهن ولكن الجذر موجود أين؟ ولهذا تجدون الحكيم السبزواري رحمة الله تعالى عليه في حواشيه على الأسفار، الجزء السادس، يشير إلى هذه القضية بنحو الإجمال، في صفحة 111 يقول: نعم تحقيق هذه المسألة وتفصيلها وسد ثغورها بأتمّ وجه هذا هو حق المصنف، أمّا أصل المسألة لمن؟ حق العرفاء، ولهذا في الحاشية رقم 2 يقول: كتبهم مملوءة وفي كتبهم (العرفاء) مملوءة ومشحونة بهذه الأمور. إذن إذا أردتم أن تعرفوا الأسفار جيداً لابد أن تقرؤوا دورة العرفان النظري، وإلّا لا تستطيعوا أن تتعرفوا على جذور المباني الفلسفية، خصوصاً في المعاد، لا تمر صفحة أو صفحتين إلّا وقال المحقق المكاشف من غير أن يذكر اسمه ابن عربي أبداً هناك عبارات وصفحات منقولة من الفتوحات والفصوص هذه المعارف"[12].
 
 
 
________________________________________
الهوامش:
[1] {عرّف ابن سودكين – وهو صاحب ابن عربي الوفي – علماء الرسوم بأنهم اولئك الذين يقصرون موضوع الحقيقة على النص واداتها على الفكر ، وميدانها على الكون. فهؤلاء حقاً علماء الرسوم لأن مادة علمهم في النص والفكر والكون هي الرسم ، والرسم مهما كان يحجب الروح المحيية التي تأبى الحصر بالطبع وتتعالى على كل قيد بالذات. (راجع شرح التجليات ، الهامش ، ص280) }. انظر: محي الدين بن عربي / الدكتور محسن جهانگيري– هامش ص209.
[2] محي الدين بن عربي / الدكتور محسن جهانگيري – ص(209-211).
[3] المصدر السابق – ص221.
[4] محي الدين بن عربي / الدكتور محسن جهانگيري – ص224.
[5] الفتوحات المكية / ابن عربي ت638هـ – ج3 ص139.
[6] الحكمة المتعالية في الاسفار العقلية الاربعة / الشيخ صدر الدين محمد الشيرازي ت1050هـ – ج4 ص40.
[7] الحكمة المتعالية في الاسفار العقلية الاربعة / الشيخ صدر الدين محمد الشيرازي ت1050هـ – ج7 ص368.
[8] مصباح الهداية الى الخلافة والولاية / السيد الخميني ت1410 - ص26.
[9] الفردوس الاعلى / الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء – ص204.
[10] دروس في التوحيد / الشيخ علي حمود العبادي / تقريرات ابحاث سيد كمال الحيدري  – ص123.
[11] الموقع الرسمي للشيخ حيدر حب الله في شبكة الانترنيت العالمية ، مقال بعنوان (معنى القاعدة الفلسفيّة: بسيط الحقيقة كلّ الأشياء).
[12] بحث تعارض الادلة برقم (228) ، منشور في الموقع الالكتروني الرسمي لسيد كمال الحيدري.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/07



كتابة تعليق لموضوع : من الاخطاء العقائدية عند مدرسة الحكمة المتعالية ... ( 12 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net