صفحة الكاتب : حيدر حسين سويري

نشأة الكون بين التسليمِ والإلحاد2
حيدر حسين سويري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  ثمةَ إشكالٍ يطرحهُ الملحدون، حول ما قام بهِ النبي إبراهيم، من محاولة ذبحهِ لولدهِ النبي إسماعيل، بسبب رؤيا في المنام، ويعتبرون ذلك غير مبرر عقلاً، بل هو فعل غير مقبول، ولا يرضاهُ عاقل، كذلك هو يتنافى مع صفة الرحمانية لله، والرحمة للأنبياء والأباء(حسب ما يَدَّعيهِ المسلمون)، بل يقولون أن الإعتراف بهذا الحدث، يعطي مبرراً للأباء بقتلهم أبنائهم!
   كان رد المسلمين على هذا الأشكال: أن الأنبياء، بالرغم من كونهم بشر، إلا أنهم يختلفون عنهم، بصفة أنهم يوحى إليهم، كما في قولهِ تعالى(قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [الكهف: 110]).
   ورد الملحدون هذا القول بتساؤلات: مَنْ يُثبتُ أن هذا الشخص يوحى إليهِ دوناً عن الآخرين؟! فهل نتبعُ كُلَّ شخص مدعي؟! وإذا رفضنا إدعاء بعضهم، فكان لزاماً علينا رفض الجميع؟! كما أنكم تقولون بأن الدين يوافق العقل، ونحن لا نرى أيَّ وجودٍ للعقلِ في هذه القصة!
   لكي لا نطيل البحث، ونجيب بإختصار حول الإشكال المطروح، فأننا سنبقى مع القصة نفسها، ونرى فيما إن كانت تطابق العقل أم لا؟! ولنسبقها بهذه المقدمة: قصة النبي نوح وحادثة الطوفان، خصوصاً وأن من شيعة نوحٍ، إبراهيم.
   عندما ركب نوح السفينة، جاء في القرآن(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ(42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ(43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(44) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ(45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ(46){سورة هود})
   إن رحمانية الله أمهلت قوم نوحٍ950 عاماً، وأن رحمة الأب والنبي(نوح) جعلتهُ يشفق على ولده الكافر، حتى عاتبه الله على هذا القول.
   نعود لنعرض قصة الذبح كما يرويها القرآن(ربِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ(100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ(101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ(102)[الصافات])؛ عندما نرى أن نوحاً أخذتهُ الرحمةُ بولدهِ الكافر، فكيف يكون حال النبي إبراهيم مع ولده النبي إسماعيل؟! الذي جاء بعد عناءٍ ودعاء، بلا أدنى شكٍ سيكون بلاءً عظيما، ولذا نرى أن إبراهيم كان عاقلاً بتصرفهِ، وقد شاور إبنهُ في الأمر(فأنظر ماذا ترى)، وقد كان إسماعيل مطمئناً من صحة ما جاء به أبيه إبراهيم، وهذا ما ندعوه التسليم.
   عندما وافق إسماعيلُ، وهم والده بذبحهِ، يقول القرآن(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ(103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ(104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(107)(الصافات))، إذن فالموضوع لم ينتهي بنهاية مأساوية البتة، فلم يُذبح إسماعيل.
بقي شي...
كُلنا يؤمن اليوم بوجود فروق فردية بين الأشخاص، وأن ثمة عباقرة، قد لا نستطيع أن نفهم ما يفعلون، وإن قدموا لنا الأدلة والبراهين، فمعادلة(برنولي) قيل أن تم حلها مؤخراً، أي بعد 300 عاما تقريباً، وهذا الذي قام بحلها(وهو عراقي)، قد لا يفهم حله إلا علماء متخصصون، فكيف بسائر الناس؟!
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر حسين سويري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/11/07



كتابة تعليق لموضوع : نشأة الكون بين التسليمِ والإلحاد2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net