صفحة الكاتب : محمد الحسن

برلمانيون تكفيريون..!
محمد الحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    منذ بدايات 2011 تصاعدت أصوات تطالب بـ"دولة مدنية" في العراق, نتيجة التردّي الخدمي والأمني والطريقة الغريبة في إدارة الدولة العراقية الجديدة, لا سيما بعد إصابة رئيس الوزراء السابق بتخمة أنانية؛ نتيجة جرعات مديح مفرطة أحدثتها ردات فعل عشائرية وشعبية, ذلك المديح سببه قيام رئيس الوزراء بجزء بسيط من واجباته وبدعم أمريكي ومطالبات جماهيرية.

إستثمار القوى "العلمانية" الضعيفة في العراق لذلك الوضع, أوجب تسبيب المشكلة وإلقاء اللوم على عاتق ما أُصطلح عليه "الإسلام السياسي". فبرز حينذاك الجدل العراقي -مازال قائماً- حول مدنية الدولة أو دينيتها؟ ملخّص الجدل يقوم على نظرتين؛ الأولى تصنّف العراق الحالي كدولة دينية, والثانية تستدل بالديمقراطية والدستور, على مدنية الدولة. 

ويبدو أنّ الديمقراطية وجميع مظاهرها لا تؤثر على الواقع بقدر تأثير المراس السياسي, فالموجة السائدة تبيح لراكبيها, في كثيرٍ من الأحيان, التطاول على ثبات مفهوم الدولة وإستدعاء أي مرجعية تاريخية تراها مناسبة للتماهي مع أهدافها في إطار المصالح الإنتخابية, كما في حالة القيء البرلماني والسباق نحو إثبات "التديّن". الظرف الزمني, إذ إنشغال الناس بطقوس محرّم ومعركة الموصل, سرّع من عملية تمرير فقرة "منع الخمور" في العراق!..

وهنا يظهر التطرّف والإعتدال بأجلى صوره, الإعتدال يقوم على أكثر القرءات الدينية إلتزاماً بالنص والتاريخ؛ إذ تعطي للإنسان كامل حريته بإعتباره مخيّراً, وربما يزخر التراث العراقي بالأمثال والحكايات التي تُثبت بعد الدين عن الحياة الشخصية للناس. 

والتطرّف هو المراس الذي تؤديه, في الغالب, مجاميع غير ملتزمة بالمنهج الديني, لإثبات تديّنها وإلغاء أي صوت يختلف معها حتى في الأذواق!.

نظرة سريعة للمشتغلين على منطقة التطرّف, تعطينا دلالات مهمة على خلو الحياة الشخصية لإغلبهم, من أي مبدأ, سواء كان دينياً أو وضعياً, ربما يسقط هذا الحكم إذا قلنا بأباحة الدين لشرعنة الفساد, وتضخّم الثروة, والوصول إلى البرلمان من خلال توزيع عقارات تابعة للدولة, مثلاً. وقد يضعنا السؤال عن الحياة الشخصية لهذا النائب أو ذلك المسؤول في حرج: هل يستطيع (أحدهم) المطالبة بمنع الخمور في لندن؟ وإذا لم يستطع, فلماذا يفضّل عاصمة الضباب كضمان مستقبلي يضع ثروته بعقاراتها؟! 

المراهقة البرلمانية في العراق, تضع الدولة أمام فوضى إجتماعية عارمة, وتكشف عن إستغلال بشع للناس ودينهم, فضلاً عن خرقها لروح النظام العراقي الجديد, فالديمقراطية تأتي بسلة واحدة ولا يمكن قبول بعضها والدفاع عنه, ورفض بعضها الآخر وتجريمه. 

العراق إختار نظام حكمه, وكما لم يستبّدل "صدام السني بآخر شيعي", فلن يختر داعشاً شيعياً كبديل لداعش السني, ولعل أهم عناصر قوة المرجعية الدينية تكمن في فهمها العميق لمدنية الدولة وبعدها عن التأثير في الحريات العامة. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/27



كتابة تعليق لموضوع : برلمانيون تكفيريون..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net