صفحة الكاتب : حيدر الحجامي

بين قفص صدام و قفص مبارك ..!
حيدر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قبل عدة أعوام كان العراقيون يحبسون الأنفاس بانتظار الإطالة الأولى لرئيسهم السابق في المحكمة ، كان الكثيرون من ضحاياه ينتظرون هذه اللحظة بفارغ الصبر ، علها تضمدُ جرحاً أو تشفي غليلاً ، وفي الطرف الأخر كان أنصاره ومريدوهُ يحبسون الأنفاس أيضا ،  بانتظار لحظة ستطلق فيها رصاصة الرحمة على نظامهم وقائدهم  وتنهي حلم العودة إلى الأبد .

 وبين الطرفين كانت الجلسة الأولى "صادمة"  ليس للعراقيين فحسب ، بل للعالم بأسره ِ، فها هو "فخامة الرئيس" و "القائد العام للقوات المسلحة " و"القائد الضرورة " و و ..إلى أخر ألقابه الرئاسية ، يجرد منها في لحظة ، لنسمع منادي المحاكمة  بصوت جهوري ينادي "المتهم صدام حسين مجيد " ، كانت لحظة تاريخية حاسمة ، أنها أشبه شيء بلحظة إسقاط التمثال الشهير في ساحة  الفردوس ، حين شاهد الفريقان ،اللقطات الأولى المحاكمة  ، همسوا مع أنفسهم "التاريخ يتغير ألان " ، فعلاً كانت الألفية الثالثة حاسمة ، وتحمل من المفاجآت ما لا يمكن إن يُرى حتى  في الأحلام ، أو يمتد إليها  خيال أي روائي كبير  أو شاعر حالم ...
حينها قلتُ لمن يتابع معي إن المحكمة انتهت..!، فاستغرب صديقي من ما يسمع ، وردَ بتعجب : كيف .؟  وهي لم يمضِ على بدئها  سوى بضع دقائق فقط .؟ ، قلتُ له ُ : أنها انتهت بالفعل ، وصدر حكمها وقضي الأمر .!، ازداد صاحبي تعجباً مما يسمع ، ورد باستغراب أكثر : كيف ؟؟..عندها أجبتهُ بإجابة واحدة   : هذه أول مرة يظهر فيها زعيم عربي في قفص الاتهام ، أنها ليست محاكمة استثنائية فحسب ،  بل هي  بمثابة رصاصة تنطلقُ  ألان لتستقر في جسد كل الأنظمة العربية معلنة موتها وانتهاء "قدسيتها " وأزوف  عصر حصانتها ، أنها إعدام رمزي لكل هيبة هذه  الأنظمة ومنعتها عن الشارع ، واستدركتُ :ولكن  لا تقلق يا صديقي ، ستكون الإدانة قوية لما يقوم به العراقيون ألان ،  من الأنظمة ومن الشعوب العربية أيضا ، ردَ  صديقي : من الأنظمة يمكن إن نفهم ، ولكن الشعوب لماذا .؟ ، أجبته ُ أيضا : أنت تتفهم ردة فعل الأنظمة لأنها تتضرر ، ولكن ردة فعل هذه  الشعوب لأنها  مندهشة لما تراه من تجرؤ على "قداسة السلطة " ورمزيتها التي تشبه قدسية "الإله" ، لا يُمكنها  إن تتقبل هذه المحاكمة بسهولة ، أنها تفاجأ ألان بخيبتها وانتكاستها ومدى استغفالها الطويل من قبل هولاء الذين لم يتصوروا إن يروهم يوماً ما في الأقفاص "تماماً مثل رئيسنا " ، ولكنهم سيعتادون على هذا من ألان فصاعداً ، فقد كسر العراقيون الحاجز ، وانتهى الأمر ..
بعد سنوات من هذا الحوار وتلك المحاكمة ،تذكرت ُ حواري مع صديقي وانأ أشاهد القاضي المصري ينادي المتهم " محمد حسني السيد مبارك" فيرد "الرئيس السابق " والمتهم الحالي "نعم يافندم إنا موجود !" ، لا شيء يختلف  أبدا بين المحاكمتين ، إلا في أمرين ، أولهما القفص "الرئاسي"  ، فقد كان قفص "صدام فخماً " ،  بينما كان قفص "مبارك "قفص "عادي "جداً  من الممكن إن يقف خلف قضبانه ِ أي متهم أخر ، الفارق الأخر  هو إن المحاكمة كانت على الشارع العربي اقل وقعاً ، بل كان الشارع اشد حماساً ورغبة في رؤية "الرئيس " خلف القضبان وهو يحاكم بعد إن شعر- الشارع -  انه هو الوحيد الذي لا يمكن إن يكون متهماً ، بل هو من يتهم وهو من يصدر الإحكام أيضا .. 
يُحسب للمصريين وقبلهم العراقيين هذه السابقة التي كسرت حواجز الخوف وأطلقت أيدي الشعوب  ، ومهما كان شكل "الأقفاص ونوعها " فإننا سنعتاد على رؤيتها مجدداً في أكثر من عاصمة عربية ، فما دام هناك طغاة وما دامت هناك شعوب تريد الحرية ،فأننا بانتظار مشاهدة المزيد من "الافقاص " الجمهورية"  وربما "الملكية "حتى .ربما  .
حيدر قاسم الحجامي 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/08/09



كتابة تعليق لموضوع : بين قفص صدام و قفص مبارك ..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net