صفحة الكاتب : علاء كرم الله

زيارة مسعود البرزاني الى بغداد الأكراد أخوان ولكن؟!
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أكراد اليوم هم ليسوا كأكراد الأمس فصورة الموت والضيم والقهر والأستبداد والتهميش التي رافقت القضية الكوردية ونضالها على مدى قرابة القرن من الزمان قد ذهبت الى لا رجعة منذ عام 1991 من القرن الماضي عندما أنفصل الشمال عن الوطن الأم العراق بمساعدة من الأمريكان
 وتجملت الصورة أكثر وتأطرت بعد سقوط النظام السابق عندما أصبح للأكراد أقليمهم وبعد أن أصبحوا القاسم المشترك في العملية السياسة الجديدة، حتى أنهم صاروا بيضة القبان في العملية السياسية، وذهبوا الى أبعد من ذلك عندما شعروا بأنهم أصبحوا صانعي الرؤوساء والملوك كما يقال في عالم السياسة!!.
وصار منهم الرئيس والنواب البرلمانيين والقائد العسكري الكبير هذا اضافة الى الكثير من الوزارات والمناصب السيادية الأخرى!، وهذا ما أفرحنا جميعا حيث صورة التلاحم المصيري بين كافة أفراد واطياف وقوميات الشعب العراقي وما دام ذلك يصب في مصلحة العراق.
ومع كل هذه الصورة البهية للأكراد ورغم كل هذه الأمتيازات التي حصلوا عليها ومع ما وصلوا أليه من مجد سياسي لم يكن يراودهم  حتى في احلامهم! حتى أنهم بفضل امريكا وبريطانيا وفرنسا وباقي دول الغرب باتوا يعاملون كدولة مستقلة وليس كأقليم تابع للعراق!.
 وهنا لا بد من الأشارة (بأنه بالوقت الذي يندر أن تجد يافطة مكتوبة باللغة العربية أو حتى كلمة بسيطة على باب محل او شركة في الأقليم! فرض الأكراد لغتهم على الحكومة المركزية! في كل المخاطبات الرسمية وغير الرسمية وفي كل الكتب والأوراق ولم يبق الا أن نكتبها على جباهنا وظهورنا!!،
وبالوقت الذي تدخلوا الأكراد في كل صغيرة وكبيرة وسيطروا على العملية السياسية بالكامل وفرضوا ما يريدون ألا أنهم لن يسمحوا للحكومة المركزية بأبداء حتى الرأي في أبسط موضوع في الأقليم! ناهيك عن شعورنا بأننا ندخل بلدا غريبا عند زيارتنا للأقليم وليس كأقليم تابع للعراق!؟).
 نعود للقول أنه ومع كل ذلك ألا ان عقدة الشعور بالخوف من الحكومة المركزية ظلت ملازمة لهم!، لذلك تعاملوا ومنذ البدء من بعد سقوط النظام السابق بسوء النوايا مع الحكومة المركزية(التي يقودها الشيعة)!، ويؤسف على حكومة الأقليم بانها صارت ملاذا آمنا لكل الهاربين من وجه العدالة‘ في قضايا فساد
 متناسين كل صور النضال المشترك بينهم والمظلومية التي عانوا منها على مدى دهور من الزمن عندما تقاسم  الملا مصطفى البرزاني والسيد محسن الحكيم زعيم المرجعية الدينية في النجف الأشرف في ستينات القرن الماضي (رحمهما الله) رغيف الخبز بينهما دلالة النضال المشترك من أجل مصلحة العراق والشعبين العربي والكردي وحسب الرواية الشيعية والكردية!!، ومستغلين كل ظروف الفوضى السياسية والأمنية التي عاشتها الحكومة المركزية في بغداد منذ سقوط النظام السابق ولا زالت!.
 نعود للقول بأنهم لم يتعاملوا بحسن النوايا والطيبة وحسب الظن بهم بل تعاملوا مع  الحكومة المركزية بالمخاتلة والتدليس تارة! وخاصة في موضوع تصدير النفط من كركوك وطريقة أبرام العقود مع الشركات العالمية النفطية، وتارة بلي الأذرع!  وذلك بالأستقواء بأمريكا وبريطانيا التي طالما دعمت وقوت الأقليم الكردي على حساب أضعاف الحكومة المركزية!!.
 فالمتابع لكل مجريات الأحداث التي مرت على العراق منذ الأحتلال الأمريكي البغيض له  يأخذه الأعتقاد وكأن الأمريكان أسقطوا النظام السابق وأحتلوا العراق من اجل عيون الأكراد!!.
 فكل شيء مرتب لهم وأليهم!، وخاصة فيما يخص الدستورالذي كتب بالصورة  التي أرادتها امريكا!! بعد أن  كتبت الكثير من بنوده وفقراته لصالح الأكراد!!.
 وهنا لا بد من الأشارة بأنه ليس  بجديد أن تسوء العلاقة بين الأكراد والحكومة المركزية! فهذا ديدنهم منذ بداية القرن الماضي ولحد الآن، فهم لم يرضوا على كل الحكومات التي توالت على حكم العراق من ملكية الى جمهورية وحتى الحكومات التي قادت البلاد من بعد السقوط!.
 وما دام حلم أقامة الدولة الكردية يعيش في مخيلة القادة الأكراد، فهم لم ولن يرضوا على الحكومة المركزية أيا كان شكلها وصورتها ومذهبها ودينها ملكية كانت أم جمهورية! بعثية صدامية سنية كانت، أم شيعية مالكية عبادية!!،
 كما أنهم طالما أختلقوا المشاكل مع الحكومة المركزية وخاصة في موضوع تصدير النفط من حقول كركوك وكذلك في موضوع تعاقداتهم مع الشركات النفطية التي فيها الكثير من الضبابية وعدم الوضوح والأبهام بالنسبة للحكومة المركزية في بغداد التي تفاجأة بأن جميع الواردات التي كان يحصل عليها الأقليم من تصدير النفط كانت تذهب الى حسابات بنكية خاصة بعائلة ( البرزاني)!، ولم يحصل الأقليم منها الأ على النزر القليل!،
 وطالما عانوا القادة الكرد أنفسهم من بقية الأحزاب السياسية الكردية من ذلك! ومن عدم شفافية الزعيم الكردي مسعود البرزاني في موضوع تصدير النفط ووارداته وعدم أعلامهم بأية تفاصيل كشركاء معه بالحكم!؟.
 وعندما أنخفضت أسعار النفط عالميا ظهر ذلك جليا على الوضع العام في الأقليم وأنكشف فساد حكومة الأقليم العشائرية البرزانية!! حيث أصبح واضحا لدى عموم الأكراد بأنها سلطة غاشمة تريد أن تنهب وتسرق لوحدها ولم تعطي للأقليم سوى الفتات
  فلا عمران حقيقي ولا جدية في أعادة أعمار البنى التحتية سوى بعض المظاهر البراقة هنا وهناك التي خدع بها الجميع! فعمت المظاهرات وسادت حالة من السخط بين عموم الشارع الكردي بسبب البطالة وعدم صرف الرواتب لأكثر من ثلاث واربع شهور فلن يمر يوم في الأقليم ألا ومظاهرة هنا واعتصام هناك ومطالبات بحقوق مهضومة!.
 وأمام كل هذه التوجهات اللاوطنية من حكومة الأقليم البارزانية العشائرية المتفردة بالسلطة والتي تحاول الأستحواذ على كل شيء، لم تستطع باقي الزعامات الكردية الشريفة من السكوت على ما يجري من سياسات تعسفية ومن نهب للثروات، خاصة بعد تمسك مسعود البرزاني برئاسة الأقليم رغم  انتهاء المدة القانونية التي نص عليها دستور الأقليم!.
فعاد الخلاف الأزلي! مجددا بين حزب الأتحاد الوطني الذي يتزعمه (جلال طلباني) وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة (مسعود البرزاني)، ناهيك عن حزب التغيير برئاسة (نشيروان مصطفى) الرافض أصلا ومنذ البداية لكل توجهات وسياسة وطريقة حكم رئيس الأقليم (مسعود البرزاني) التي تتسم بالديكتاتورية والحكم العشائري بعيدا عن أية شفافية وديمقراطية وأية التزام بالدستور التي طالما تبجح ونادى بالألتزام بها!،
 فاذا كان هذا تصرفه مع رفاقه وشركائه من قادة بقية الأحزاب الكردية الذي يتسم بالتفرد وتهميش الاخرين والمخاتلة والخداع فتصور كيف يتعامل مع الحكومة المركزية في بغداد؟؟!.
 أن تفرد مسعود البرزاني بالسلطة وبرئاسة الأقليم رغم أنتهاء المدة التي نص عليها دستور الأقليم وأسكاته لكل الأصوات المطالبة بالأصلاح بعد أن منع أية مسائلة له من بقية رفاقه وشركائه في الحكم عن السياسة التي يدير بها الأقليم وعدم تقبله للنقد البناء وتصفيته وأعتقاله الكثير من الأعلاميين والصحفيين،
 وتجاوزه على الدستور وتعطيله البرلمان، أضافة الى سياسة القمع والترهيب التي يمارسها ضد الكرد في عموم الأقليم عن طريق أجهزته الأمنية (الأسايش)، كل ذلك ادى الى وجود نزعات أنفصالية واضحة لدى بقية الأحزاب الكردية! للتخلص من دكتاتوريته المقيتة.
 ان زيارة مسعود البرزاني الأخيرة الى بغداد والتي لا يحب القدوم اليها اصلا والتي جاء أليها مجبرا!! وبنصيحة الأمريكان له وبسبب الفشل الواضح في سياسته وخاصة السياسة المالية التي أدت الى توقف الحياة في أربيل وبقية المحافظات الكردية وأتساع نطاق المظاهرات بسبب عدم صرف الرواتب،
 كما أن اسلوب وسياسة المخاتلة والخداع التي أنتهجها للتعامل مع الحكومة المركزية، وخاصة في كيفية أحتلاله لكركوك وباقي المناطق الأخرى من صلاح الدين وديالى والكوت والتي أعتبرها مناطق كردية واضعا الحكومة المركزية بصورة القبول بالأمر الواقع!
 ذلك الأحتلال القسري البعيد عن الدستور وعن أية لغة تفاهم مع الحكومة المركزية  والذي تزامن مع احتلال داعش للموصل!! وكذلك الكيفية التي تعامل بها في مجال تصدير النفط والتعاقد مع الشركات النفطية الأجنبية وانكشاف كل ذلك بعد أنخفاض أسعار النفط، كل ذلك دفعه للمجيء الى بغداد صاغرا! من أجل التفاهم على حل الكثير من المشاكل المتراكمة المالية منها والسياسية.
 على حكومة بغداد أن تعرف كيف تتعامل معه وأن توقف كل طموحاته وتوجهاته المتطرفة بعيدا عن شعارات المظلومية والنضال التاريخي المشترك والمجاملات السياسية مهما كانت نوع الضغوطات الخارجية الأمريكية تحديدا!
 لا سيما بخصوص موضوع تحرير الموصل حيث يريد أن يكرر نفس اللعبة المشبوهة!! التي احتل بها كركوك وضم مناطق اخرى الى الأقليم بحجة انها مناطق متنازع عليها!!
 وليفهم مسعود البرزاني وغيره أن العراق يبقى الحضن الدافيء له مهما كبر الأقليم وليتذكر جيدا كيف أحتضنه بغداد في أزماته السياسية وصراعاته مع بقية القادة الكرد في تسعينات القرن الماضي!،
 وها هي حكومة بغداد تفتح ذراعيها له مجددا رغم كل مساوئه ومواقفه السلبية  لتحتضنه وتسمعه بروح الأخوة والنضال المشترك من اجل مصلحة العراق ومصلحة الشعبين العربي والكردي،
 وعلى رئيس الأقليم المستقوي الآن بأمريكا وبريطانيا وباقي دول الغرب أن يعي تماما وأن لا ينسى بأن الحليف الحقيقي لأمريكا هو مصالحها العليا فقط! وها هي أمريكا تركل السعودية الحليف الستراتيجي لها منذ 70 عاما على خلفية احداث سبتمبر 2011!! وشتان بينه كحليف وبين السعودية؟!، وأخيرا نتمنى من السيد مسعود البرزاني أن لا يجهد نفسه كثيرا بالتفكير بالمفقود حتى لا يفقد الموجود!!.     
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/10/02



كتابة تعليق لموضوع : زيارة مسعود البرزاني الى بغداد الأكراد أخوان ولكن؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : محمد جاسم جوده ابو رواء ، في 2016/10/13 .

السلام عليكم استاذ علاء
منذ امد بعيد ونحن نعرف ونسمع ان الأكراد تعاملوا مع الحكومة المركزية وكانهم دولة وان المصالح هي التي تغلب على الإقليم ولم تتعامل على انها جزء لايتجزأ من جمهورية العراق
وكما تعامل الأب المُلا مصطفى البرزاني نرى ان الابن مسعود تعامل ايضا بنفس الأسلوب المخادعة والمصالح الذاتية
وبارك لكم تحليلكم الموضوعي والرؤيا الصحيحة للأحداث
تحيتي




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net