صفحة الكاتب : عبد الامير الصالحي

ذوي الشهداء مجتمع متألم داخل مجتمع ينزف دماً
عبد الامير الصالحي
تحقيق حول الدور التشريعي والحكومي لدعم شريحة الأيتام من أبناء الحشد الشعبي
 
لم يكن يوم العاشر من حزيران عام 2014 م يوما عادية كباقي الأيام في ذاكرة العراقيين المتشابكة بالأحداث على مر السنين . إلا أن ما يميز تاريخنا هذا هو تلك الهجمة السوداء التي حلت على البلاد وجرفت معها البشر والحجر والتاريخ والإنسانية بكل ماتحمله الأوصاف من معنى وكادت ان تحرق البلد بمن فيه لولا ان تهيئ له رجال ارخصوا أنفسهم والغالي والنفيس في سبيل البلد والمقدسات لينعم أبناؤه بأمان واطمئنان وذلك بعد  الفتوى الخالدة للمرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف بالجهاد الكفائي بوجه الغزاة والإرهابيين والتكفيريين  .
من هنا وللتضحيات الجسام التي قدمها المجاهدون في سبيل الوطن والمقدسات والتي انتشرت دماؤهم على جميع خارطة البلد طغت على المجتمع العدد المتزايد للأيتام والأرامل من أبناء المجاهدين في ساحات القتال والذين يمثلون في غالبهم العوائل الفقرة من ابناء البلد ممن حمل الامانة وجاد بها – وقد اشار خطيب جمعة كربلاء الى هذا الموضوع في احدى خطب الجمعة – فمنهم من فقد المعيل الوحيد ومنهم من فقد الراعي والكفيل لشؤونهم بل بعضهم من فقد اكثر من شهيد من داخل العائلة ولك ان تتخيل حجم المأساة في هذه الحالة وكم هو الحمل ثقيل على الام التي فقد ابنها او الزوجة التي استشهد زوجها وترك خلفه ارملة وايتام وسط ظروف قاسية كالتي يمر بها العراق اليوم ومجتمع حائر بعلاج وضعه الداخلي من ازمات الحروب و الحالة الاقتصاد وضنك المعيشة وغيرها .
فاذا كان ابناء الحشد الشعبي – وهم المتطوعون الذين انخرطوا للدفاع عن البلد بعد فتوى المرجعية - لم ينصفوا بعد من حكومتهم سواء من قانون ينضم عملهم ويستحصل حقوقهم الا مؤخرا فكيف بعوائلهم وهم بحالة تزايد نظرا لطول الحرب مع داعش والإرهاب والتكفيريين ، من ذلك جاء هذا التحقيق ليسلط الضوء على الدور الحكومي والتشريعي تجاه هذه العوائل وما هو المؤمل في حفظ كرامتهم وكرامة أبنائهم الشهداء وما هي الخطوات العملية للقرار الحكومي في تنشئة ايتامهم ورعايتهم الرعاية الخاصة التي يحتاجها اليتيم . وهل من مشاريع لدمجهم وسط مجتمع يغلب فيه القوي على الضعيف . ناهيك عن الاهتمام الحكومي تجاه الارامل اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان السواد الاعظم منهنّ دون العقد الثالث استنادا الى عديد الشهداء من الشباب الذين هبوا لنداء المرجعية الدينية . والسؤال المهم هنا هل للحكومة خطط عاجلة وجاهزة لهذا الغرض ام ان الحرب الدائر رحاها اليوم انستها ان هناك جيشا من الايتام والارامل وهم الصورة المأسوية الخلفية لكل صور نصر تتغنى به وترفع شعاراته وما هو دور مؤسسات المجتمع المدني بهذا الخصوص .
السيدة لمياء والدة الشهيد ضرغام محمد لطيف هي إحدى المنكوبات التي تحتاج من الحكومة مد يد العون لها بعد ان فقدت معيلها الوحيد وابنها البكر ( ضرغام محمد لطيف ) في معارك الحشد الشعبي مع داعش في تحرير الرمادي في نيسان 2016م  تقول وهي تحمل انيناً في طيات كلامها : انفصلت عن زوجي ومحمد لم يكمل العام ونصف العام من عمره وتحملت امر رعايته  وحدي منذ ان فتح عينه على الدنيا وانا اجتهد في تربيته بدموع عيني بعد ان تخلى عنه الاب والاقربون وكنت اجد في السلوة لايامي وانتظر الايام تلو الايام والسنين تلو السنين ليعوض عن امه سنين تربيته حتى اصبح عمره (26) واشتد ساعده آلى على نفسه الا ان يكون احد المجاهدين والملبين لنداء المرجعية  حتى نال شرف الاستشهاد في قاطع الرمادي بتاريخ 8/4/2016       وتضيف الام المفجوعة " اعيش اليوم على ذكراه وافقده وافتقد فيه الرعاية والاهتمام بعد عمري الذي قضى في تربيته حتى كبر وكأنه حلم  جاء ومضى بالنسبي لي . كما انها لم تستلم اي استحقاق حكومي بداعي ان ابنها الشهيد استشهد ولم يعرف تحت راية اي فصيل استشهد ؟
السيدة ام الشهيد ( غيث عادل راضي ) لم تختلف قصتها عن ام الشهيد ( ضرغام )  فالمشتركات واحدة في ألم التربية وألم الفراق الا ان مازاد من محنتها وزيادة الحسرة على فقد ابنها الشهيد ضمن عمليات قاطع الرامادي هو انها لم تحصل على ادنى حقوق اكراما لتلك الدماء التي سالت على ارض العراق حيث انها فوجئت من قبل دائرة التقاعد وبعد مشاق معاملة التقديم على حقوق الشهيد وروتينها القاتل والممل اخبرت انها لا تستحق اي تقاعد لابنها الشهيد كونها موظفة حكومية والشهيد على وزارة الدفاع ولا يحق لها ان تستلم مرتبين اثنين بحسب نص قانوني يلزمها بمرتب واحد ؟ وهي تتساءل اليوم عن موقف ابنها في الدفاع عن البلد الا يستحق التكريم واين القانون من هذه القضية .
حملنا ما استحصل من هذه التساؤلات الى أصحاب الشأن والقرار من المشرعين والقانونيين  عسى ان نجد ما يواسي أمهات ثكلى كساهن الحزن واللوعة  .
النائب في مجلس النواب العراقي الدكتور عبد الهادي الحكيم اوضح انه قدم مقترح قانون تكون هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة له المُعاد تشكيلها بموجب الأمر الدياني المرقم (91) في 24/2/2016 م تشكيلا يتمتع بالشخصية المعنوية ويُعد جزءاً من القوات المسلحة العراقية ، ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة حيث يتمتع منتسبو التشكيل بكافة الحقوق والامتيازات التي تكفلها القوانين العسكرية والقوانين الأخرى ذات العلاقة وستسري احكام القانون على منتسبي التشكيل اعتبارا من تاريخ 13 /6/ 2014 م وهو تاريخ النداء الذي وجهته المرجعية الدينية بالجهاد الكفائي .
ان هذا الاجراء السليم – يضيف النائب الحكيم - من شأنه ان يحفظ حقوق المتطوعين وذويهم بعد استشهادهم  حيث سيصبحون كأفراد القوات الأمنية من حيث الامتيازات والحقوق وقد تم التصويت عليه ورفعه إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه كونه يحتاج إلى التزامات مالية يتطلب موافقة حكومية . وسيرفع بعد الموافقة عليه جزءا من كاهل ذوي الشهداء وهو حق واجب على الحكومة اكراما للشهداء وتضحياتهم .
مدير مؤسسة الشهداء في النجف الاشرف السيد امير كمونه بيّن من جانبه عن دور مؤسسة الشهداء بهذا الخصوص ان هناك محورين لانطلاق عملية دعم عوائل شهداء الحشد الشعبي في الوقت الحاضر الاول يتعلق بهدف آني حيث نعمل جاهدين كلجنة دعم عوائل الشهداء وقد جرى التنسيق حول ذلك وتم التعويض المالي لهم بالتعاون مع العتبة العباسية وامانة مسجد الكوفة ومعمل سمنت الكوفة وتستمر مثل هذه المبادرات للتعويض اما المحور الثاني يتعلق باهداف مؤسسة الشهداء المستقبلية وبعد اقرار القانون الخاص وورود الضوابط سيتم شمول العوائل وذوي الضحايا بالتعويض المادي والراتب التقاعدي وشمولهم بالتعيينات في مختلف الدوائر وبقي الاستحقاقات التي نص عليها القانون ، ويضيف كمونه " ولنا نظرة مستقبلية بعد استحصال الموافقات الاصولية لانشاء مشاريع تنموية صغيرة لتشغيل عوائل الشهداء من جانب والنهوض بالواقع الصناعي والتنموي للبلد وعن اشكالية الجمع بين راتبين للمشمولين بقانون المؤسسة وهل سيكون لذوي الشهداء بعد اضفاء الصفة القانونية لهم الحق الجمع بين راتبين قال اقر قانون مؤسسة الشهداء ذي الرقم ( 2 ) لعام 2016م الجمع بين راتبين حسب مااكدت عليه الفقرة ثانيا أ من المادة ( 11 ) من القانون والتي نصها ( للمشمول بإحكام هذا القانون الجمع بين استحقاقه من الراتب التقاعدي المخصص له وفق احكام هذا القانون وبين راتبه الوظيفي او التقاعدي او راتب الرعاية الاجتماعية أو اي حصة تقاعدية او اي راتب آخر لمدة ( 25 ) خمسة وعشرون سنة من تاريخ نفاذ القانون رقم (3) لسنة 2006 المعدل .
هيأة الحشد الشعبي التي تأسست مؤخرا وتهتم بالقضايا الادارية للحشد اوضحت وعلى لسان مسؤول مكتب الهيأة في النجف الاشرف كريم عبد الحسين الخاقاني انه انيطت بمكتبه وبعد الحصول على الموافقات الاصولية توزيع رواتب لذوي الشهداء بعد ان كان التوزيع بعهدت الفصائل ومقداره ( 875000دينار ) فضلا عن توزيع المساعدات المالية والعينية وتوزيع دور واطئة الكلفة على العوائل دون احتسابهم مستفيدين من الدولة .
كما بادرت الهيأة بالتنسيق مع الاطباء والصيدليات لغرض اجراء الفحص وصرف العلاج مجاناً او باسعار رمزية وكذلك التواصل الميداني لتذليل كافة الصعوبات التي يواجهونها مع أي دائرة حكومية لاتمام معاملاتهم ولاسيما المعاملات التقاعدية لذوي الشهيد .
هذا فضلا عن التعامل مع الجريح من ابناء الحشد الشعبي ( المعاق – الراقد – تحت العلاج ) بنفس السعي مع عوائل الشهداء من ناحية العمل على استحصال مستحقاته المقررة له كلا بحسب نسبة العجز له والتي تصل الى احتساب راتب تقاعدي له .
وعن النشاطات الاخرى بيّن الخاقاني ان مكتبه على تواصل مستمر مع كافة تشكيلات الحشد الشعبي وتسهيل أي اجراء سواء داخل المحافظة او خارجها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بما يخص حركة سير العجلات او المعلومات وغيرها فضلا عن المخاطبات المستمرة مع الجهات الحكومية وغير الحكومية لما فيه خدمة الشهداء والجرحى والمجاهدين في ساحات القتال .
مؤسسة اليتيم الخيرية في النجف الاشرف الاشرف وهي جهة منفذة لمجموعة من البرامج والفعاليات الي تقدمها بحسب حاجة العوائل ومامتوفر لديها حيث ان مصادرها التمويليه متحصلة من المتبرعين والكفلاء والحقوق الشرعية وصناديق التبرعات ، وتعمل المؤسسة بحسب القائمين عليها على تلبية المتطلبات الملحة للأيتام والأرامل والنازحين والمنكوبين ولديها اكثر من 300 موظف واكثر من اربعة الاف متطوع يجمعهم الهاجس الانساني وعمل الخير .
ومؤسسة اليتيم التي نالت مؤخرا صفة المستشارية من المجلس الاقتصادي والاجتماعي ECOSOC في فرع منظمات المجتمع المدني بالأمم المتحدة الامر الذي سيمكنها باعتبار صفتها المستشارية من الدفاع عن حقوق الأيتام وتمثيلهم في اروقة الامم المتحدة والمحافل الدولية ، عمدت في الفترة الاخير الى ادراج ايتام الحشد الشعبي في برامجها الخيرية بعد صدور الفتوى المباركة وشملتهم ضمن نشاطاتها الخيرية واضافتهم الى اعدادها المسجلين والبالغ عددهم اكثر 110 الف يتيم و39612 ارملة في 14 محافظة من محافظات العراق عدا اقليم كردستان وهو عدد قابل للزيادة نظرا للظروف الامنية والحرب القائمة حاليا مع داعش الارهابي .
وتتمثل برامجها توزيع الأغذية والملابس والأجهزة المنزلية ضمن برامج تنظيمية شهرية وسنوية او متعلقة بالمناسبات الأخرى كالأعياد ويحضرها اليتيم وعدد من ذويه وأصدقائه من اجل إدخال الفرحة والسرور على قلبه ومحبيه حيث أحصت المؤسسة ( 369 برنامج غذائي ) و ( 286 برنامج ملابس ) و ( 128 اجهزة متنوعة ) لايتام وعوائل الحشد الشعبي خلال هذا العام فقط فضلا عن الرواتب الشهرية التي تصلهم كل شهر وفق قاعدة البيانات والكشف الميداني الذي تقوم به لجان المؤسسة المختصة .
وعطفا على الدور الحكومي المنوط به تجاه شريحة  ايتام الحشد وذويهم فقد ابلغنا مصدر مسؤول في دائرة التقاعد الى ان التقاعد العامة ومن خلال سير عدد من الاجتماعات الخاصة بوضع الية تكفل راتبا تقاعديا لذوي شهداء الحشد الى حين اقرار قانونهم الخاص ضمن مؤسسة الشهداء فقد تكفلت دائرة التقاعد العامة بقرارات تتعلق بشهداء وحرجى الحشد الشعبي ففيما يتعلق بالشهداء فقد تم شمول شهداء الحشد بقانون مؤسسة الشهداء وتحويل رواتبهم من تقاعد الداخلية الذي كان يصرف لهم سابقا ( ٩٠٠ الف دينار ) الى مبلغ (١٢٠٠ مليون ومئتا الف دينا ر ) للشهر الواحد فضلا عن شمول  ذوي الشهداء والجرحى بحق ازدواج الراتبين كما الحال في مؤسسة الشهداء وشموله  بكافة امتيازات مؤسسة الشهداء من نقل مجاني وعلاج ودراسات الخ .
اما الجرحى فقد اعلن  البدء بترويج معاملات الجرحى اعتبارا بداية شهر ايلول /2016 على ان يكون الراتب التقاعدي حسب نسبة العجز ويعامل الجريح بنسبة عجز ٧٥٪ الى ١٠٠٪ معاملة الشهيد أعلاه فيما يكون راتب الجريح من ٦٠٪ الى ٧٤٪  حسب نسبة العجز وسيشمل جريح الحشد من نسبة عجز من ٣٠٪ الى ٦٠٪ بالراتب التقاعدي .
واذا ما طبق هذا القانون سيكون له الاثر والمردود الايجابي بحق هذه الشريحة التي كوتها نيران الفراق والعوز بعد ان ادارت عنها الحكومة ظهرها منشغلة تارة بالحرب الدائرة وتاره بالصراعات والمنافسة السياسية ولم  ترى منها الاهتمام المطلوب لهذه الشرائح وفاءا للدماء الزواكي .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الامير الصالحي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/22



كتابة تعليق لموضوع : ذوي الشهداء مجتمع متألم داخل مجتمع ينزف دماً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net