صفحة الكاتب : عمار العامري

حادثة الغدير واختلاف مسار الأمة
عمار العامري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  لاشك إن رواية "غدير خم" متفق عليها لدى الفريقين؛ فالشيعة بمختلف فرقها تعدها انتصار للحق, وتمضي عليها كونها يوماً لتنصيب الإمام علي "ع" خليفة للمسلين, إما جمهور العامة فمتفقين على صحتها, ولكنهم يخفون ذكرها في العلن, لأسباب سياسية تتعلق بعقيدتهم.
   لا نريد أن نتناول ما حدث في واقعة الغدير عقائدياً, كونه أمر مفروغ منه, ولكن نحاول مناقشتها من زوايا أخرها, أهمها؛ البُعد السياسي للأمة الإسلامية, فالقران الكريم لم يشر بالاسم على إن الإمام علي "ع" هو الخليفة من بعد رسول الله, رغم ورود أكثر من ثلاثمائة أية استدلالية على أحقيته بالخلافة, ولكن الهدف كان لاختبار التزام الأمة بوصايا الرسول الأكرم.
وأيضا يجعل ذلك اختبار السائر الأمم اللاحقة لعصر النبوة, لاستبيان طرق الحق من الباطل, لان الأقوام السالفة لم ترعى هذه المهمة في تعاملها مع الأنبياء, رغم وضوح الرسالات التي حملوها, فإبراهيم "ع" كانت براهينه ظاهرة, ومع ذلك اختلف القوم عليه, حتى بعدما أنقذه الباري سبحانه من النار المصنوعة لحرقه, إلا إن الطاعة العمياء لأرباب المصالح وقفت عقبة أمام اختيار الأصلح.
   إما دوافع الغدير, وإعلان تأييد الرسول الأعظم للإمام علي علناً في طريق العودة من الحج, جاءت ضمن تخطيط ألهي, وإشهاد المسلمين على صحة الأمر, وأن لا يعتذروا بعد الدراية, بانشغالهم بمناسك الحج, لو كان الأمر قد أعلن بمكة, فاعلان الغدير؛ كما يصطلح عليه, يحمل في طياته إلقاء الحجة على حزب المخالفين والطامعين في الرئاسة, فيما لو رحل النبي إلى بارئه.
   لأنه المصطفى يعلم بما في الصدور من نوايا, لذا ألقى الحجة على كبار القوم إمام أكثر من مئة إلف مسلم, ورغم ذلك فأن المصالح الدنيوية, والتنافس على الحكم, جعل الانقلابيين ينفذون مخطط مخالفتهم لبيعة بالغدير, وإعلانهم لحكم رئاسي المبني على نظام الشورى, ليؤسسوا منهجاً سياسياً جديداً, ويعلنوا اختلاف الأمة على حزبين؛ الأول المؤيدين للإمام علي "ع", والماضين على منهجه عملياً.
   والحزب الأخر هم المخالفين, وهو المنهج الخلافي لمنهج حزب شيعة علي, ولا يقتصر الاختلاف على جمهور حزب المخالفين فحسب, إنما مر الشيعة بانحرافات واختلافات عديدة على مدى التاريخ, حتى بعدما أعلن الإمام الحجة "عج" صراحة: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا), وهذا التصريح يعد بوصلة للاختلاف داخل التشيع بعد غيبته, الأمر الذي اعتبر البعض من الشيعة مخالفين أيضاً. 
   فاختلاف الأمة لا يختصر على اختلاف المسلمين بعد حادثة الغدير, إنما هو اختلاف ماضٍ في الشيعة أنفسهم, والصراع بين حزب المؤيدين عملياً لمنهج أمير المؤمنين "ع", والمخالفين عملياً له, ليس بالأمة الواحدة فحسب, ربما داخل الحزب نفسه, فكل من يريد تأمين مصالحه على حساب الحق, يُعد منحرف عن منهج التشيع, وأن ادعى بأنه مع الحق, فهذا الادعاء يؤمن له الأحقية.
   فاختلاف الأمة وارد, بناءاً على المصالح, ولكن إي مصالح؛ المقصود هي مصالح العليا للمجتمع, والتي جعلت الله تعالى؛ يرسل الأنبياء والرسل, ومن بعدهم الأئمة خلفاء لإتمام الرسالة, ثم يأتي تصريح الإمام المنتظر "عج" بتولي رواة الحديث مهمة تصحيح مسار الأمة, ومن يختلف معهم فهو بعيد عن الهدى المنصوص عليها قرآنياً.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/19



كتابة تعليق لموضوع : حادثة الغدير واختلاف مسار الأمة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net