صفحة الكاتب : نزار حيدر

مَسْؤُولِيَّتُنْا فِي بِلاْدِ آلْمَهْجَرِ* الجُزءُ الأَوَّل
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   *مُلخّص المحاضرة التي ألقيتُها في مركز الكوثر الثّقافي التّعليمي في مدينة (فينيكس) بولاية (أَريزونا) يوم الخميس الماضي (١٩ حزيران ٢٠١٦).
اولاً؛ ان التّحدّيات التي يواجهها الأبناء في بلاد المهجر تختلف جذرياً عن تلك التحدّيات التي يواجهونها في بلدانِنا، العراق مثلاً، ولذلك ينبغي على الآباء الانتباه الى هذه الحقيقة من أَجل ان تكون تربيتهم للابناء وتغذيتهم الفكريّة والثّقافيّة من نفس سنخ التحدّيات، والا فسوف لن تترك التّربية وكذلك التعليم الثقافي والفكري أثرهُ فيهم.
   للأسف الشّديد فانّ بعض الآباء لا يأخذون بنظر الاعتبار نوعيّة التحدّيات الزّمكانيّة في تربيتهِم لابنائهم وفي تعليمهم الثّقافي والفكري، ولذلك فبمرور الزّمن يشعرون بالغُربة في العلاقة مع أَبنائهم ويفقدون الانسجام معهم الامر الذي يدفع بالأبناء الى عدم الاصغاء لهم عندما يشعرون انّهم يتكلّمون معهم بما لا ينفعهم ولا يُفيدهم! فيلجأون الى مصادر أُخرى للتّربية والتّعليم الثّقافي والفكري! وعند هذه اللّحظة تحديداً يبدأ التّحدّي الاكبر للآباء مع أَبنائهِم!.
   ولا يختلف إِثنان اليوم على انّ أَعظم التّحدّيات التي يواجهها الجيل والنشء الجديد في بلاد المهجر هي المرتبطة بالارهاب الذي يحمّل الاعلام الغربي مسؤوليتهُ للإسلام، فكيف يُمكن للأبناء الذين هم جزءٌ لا يتجزّء من المجتمع الغربي يعيشون ويتعايشون في مدارسهِ وجامعاتهِ وفي الشّارع وفي محلّ العمل وغير ذلك، ان يردّوا على هذا التّحدّي بالمنطق والعلم والمعرفة؟! هل يمكنهم مثلاً ان يتعاملوا مع هذا التّحدّي بلا أُباليّة مثلاً؟ فيقولون ما لنا والارهاب؟ ما لنا وكلّ هذه التُّهَم وكلّ هذا الجِدال؟!.
   بالتّأكيد لا يُمكنهم أن يتعاملوا مع التّحدّي بمثلِ هذه العقليّة وهذه الطّريقة لانّها هُنا بمثابة الانهزام من الواقع، ففي ظلّ حريّة التّعبير الواسعة يجادل النّاس في كلّ شيء ويودّون ان يسمعوا من صاحب العلاقة على وجه التّحديد رأيهُ وجوابهُ فيما يجري الجدالُ فيه وعنهُ! الا ان يعتبروا أَنفسهم ضيوفاً على واقعهِم! وليسوا جزءً منه وأنهم يسيرون بجانبهِ وَلَيْسَ فيه! وهل يُعقلُ ذلك؟!.
   كيف يُمكن للطّالب في الجامعة مثلاً ان يتهرّب من الحوار والجدال اذا ما طرحَ الاستاذ الموضوع، التّحدّي، في الصفّ وامام اكثر من (١٢٠) طالب جامعي ينحدرون من مُختلف الثّقافات والأديان والمذاهب؟!.
   لا يمكنهُ ذلك أَبداً، لا يمكنهُ ان يتفرّج على الحوار وهو المعني أَوَّلاً وأخيراً! فلابدّ لهُ ان يشترك في الحوار والأجوبة والجدال!.
   يجب عليه ان يكونَ متسلّحاً للرّد العلمي والمنطقي فيوضّح ويشرح ويدافع ويردّ، ليس دفاعاً عن نَفْسهِ وانّما دفاعاً عن الحقيقة والإسلام الذي بعثهُ الله تعالى رحمةً للنّاس كافّةً فابتُلِيَ بشِرذمة من القتَلة والمجرمين الذين اختطفوه فعرّضوه للتّشويه والاساءة!.
   ومن أجلِ ان يكون النشء الجديد قادرًا على التّفاعل مع مثل هذا الحوار الذي يُفرَض عليه فرضاً رُبما يومياً، يلزم ان يُنبّههُ الآباء الى أمرَين، ليستلهم منهُما الرّأي الحكيم بشكلٍ متواصل ومستمرّ؛
   الاوّل؛ هو ان يفهم بأَنّ للإسلام قراءتَين، الاولى هي قراءة مدرسة أهلُ الْبَيْتِ عليهم السلام، والثّانية هي قراءة مدرسة الخُلفاء، الاولى التي تُنتج التّعايش والسّلم الأهلي والمجتمعي على قاعدة قول أَمير المؤمنين (ع) {وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، وَالْـمَحَبَّةَ لَهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ، وَلاَ تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ} والثّانية هي التي تُنتج هذا الارهاب الأعمى الذي انتشر اليوم في العالم كالسّرطان ينهش بالانسانيّة بشكلٍ مُرعب! ومن الخطأ الفضيع التردّد في تبنّي هذا الأَمر بحجّة وحدة المسلمين أَو انّهُ يُحرّض على الطّائفية او ما أشبه! ابداً، فكلّ ذلك حَرْبٌ باردةٌ خفيّة بأقنعةٍ دينيّةٍ ضدّ أو لإخفاء الحقيقة [المُرّة] التي يجب ان نعترفَ ونسلِّم بها مهما كان الثّمن! فإلى متى يظلّ ضحايا الارهاب [أَتباع مدرسة أهل البيت (ع)] يدفعون ثمن الارهاب الذي لم يتورّطوا فيه بأَيِّ شكلٍ من الأشكال؟!.
   الى متى يظلّون يدفعون ثمن قراءات لم يؤمنوا بها طرفةَ عينٍ بل يكفرون بها؟!.
   يجب التفكيك من الآن فصاعداً بين القراءات والتمييز بين مصادر الاسلام، من أجل ان يفهم الرّأي العام منابع هذا الارهاب وكوننا لا علاقة لنا بها!.
   لا ينبغي لضحايا الارهاب ان يدفعوا ثمن قراءات الحزب الوهابي للإسلام والتي أنتجت هذا الارهاب!.
   انّهم يحرصون على عدم التّفكيك وَالـتَّمْييزَ بطرقٍ شتّى لتوريطنا معهم! فهل نمنحهم الفرصة؟!.
   انّ كلّ الأديان والمذاهب والمدارس الفكريّة تعمد الى تمييز نفسها عن ذاتِها وتُفكّك القراءات المختلفة اذا ما شذّت جماعة عن الاتّجاه العام، من اجل حماية مدرستها ونفسها وسمعتها! فلماذا لا نفعل نَحْنُ الشّيء نَفْسَهُ؟! خاصةً وان التميّز عندنا كمسلمين لهُ جذورٌ تاريخيّةٌ تعودُ الى عاشوراء بشكلٍ خاصّ؟!.
   ٢٣ آب ٢٠١٦
                       لِلتّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@gmail. com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/02



كتابة تعليق لموضوع : مَسْؤُولِيَّتُنْا فِي بِلاْدِ آلْمَهْجَرِ* الجُزءُ الأَوَّل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net