صفحة الكاتب : حسن الخفاجي

أي عراقي غيور يقبل بهذه الذلة ؟
حسن الخفاجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عمل الحاج سليم الوطني رئيسا للمحاسبين في دائرة الوقاية الصحية في سبعينيات القرن الماضي , كان الحاج مثالا للموظف النزيه والمتفاني , حتى انه يبقى اغلب الأيام بعد الدوام الرسمي لساعات عمل إضافية . كان حريصا على أموال ألدوله لدرجة انه يكتفي بتشغيل مروحة فقط في أشهر الصيف الحارة أثناء ساعات عمله الإضافية التي لا يتقاضى عنها أجورا!. 

 
اعتقلت الأجهزة الأمنية الحاج أثناء الدوام الرسمي بطريقة شكلت ترويعا للآخرين , لا احد في الدائرة غير بعض البعثيين يعرف تهمته . 
عندما طالت غيبته عرفنا ان تهمته كانت: (الالتفاف على قرارات مجلس قيادة الثورة), بعثيو الدائرة لفقوا التهمة وهم وحدهم يعرفون كيف تكسر الرقاب . أحد العاملين معنا اخبرنا بعد زيارته لعائلة الحاج :ان البعثيين في الدائرة طالبوا الحاج بان يدرجهم ضمن قوائم العاملين الذين يتقاضون ساعات عمل إضافية ومخصصات بدل عدوى , إلا ان الحاج رفض ذلك بشدة , اخبرهم ان طبيعة عملهم إدارية والساعات التي يقضونها في العمل بعد الدوام تخص العمل الحزبي ,ولا تخص عمل الدائرة ولا يستحقون عليها ساعات عمل إضافية!. 
بعد فترة اعتقاله بأيام أطلق البعثيون دعاية , اتهموا فيها الحاج النزيهة بالسرقة , أقاموا لمناسبة اعتقاله حفلا لا يليق إلا بالغربان !. 
استبدل البعثيون اليافطة التي كانت تحمل اسم الحاج سليم الوطني بيافطة كتب عليها الحاج سليم (الوطنجي) 
بينما سألنا احدهم عن الفرق بين كلمة وطني ووطنجي قال" (وطنجي) تنسجم والمرادفات (عرقجي وعربنجي ودنبكجي وو..) وهذه التسمية تليق بالحاج سليم" 
العراقيون مشغولون هذه الأيام بتأمين لقمة عيشهم وبتدبير شؤون حياتهم , لكنهم يعرفون جيدا من هو الوطني ومن هو (الوطنجي) , وان ادعى اغلب الساسة بالوطنية وهم ينامون في أحضان حكام دول الجوار والإقليم . 
من هناك ,من عتبات قصور الحكام الغرباء حين يكون الوطن ومصيره في أغرب وابعد نقطة عن قلوبهم القاسية , تطلق ألسنتهم الكذب حين يدعّون أنهم (حريصون على مشروعنا الوطني وعلى عدم خيانة أصوات ناخبينا) . 
أي مشروع وطني ذلك الذي يبنى في الخارج ؟ 
أي ناخب عراقي يرضى عن سياسي زار الرئيس الأسد قبل الانتخابات وبعدها أكثر من مرة وزار حمد وعبد الله ملك الأردن ومبارك واودغان , علما انه لم يزر أي قرية عراقية أو تجمعا للفقراء العراقيين . 
زار السعودية والكويت وتركيا أكثر من مرة . لم يبق في العراق منذ فترة الانتخابات إلى الآن إلا أياما معدودات !. 
رئيس قائمة كأنه كابتن طيار , من طائرة لأخرى , ومن بلد لآخر ,الكثير من أعضاء قائمته موزعون في الدول , يفطرون في دولة ويتعشون بأخرى , يسافرون أكثر مما تسافر مضيفات الطيران , أغلب الباقين في الداخل لا شغل لهم إلا إطلاق التصريحات والانتقاص من الخصوم بلغة اقرب ما تكون إلى لغة بيانات الانقلابات العسكرية البعثية منها إلى لغة السياسية . 
مات الحاج سليم الوطني في غرف التحقيق غريبا ووحيدا بين القضبان , لكنه لحين دنو اجله ظل مخلصا لوطنيته ونزاهته تاركا عائلة كبيرة لا معيل لها , لم تذق عائلته طعم الحرام لأنهم تربوا تربية وطنية صالحة. 
الحاج سليم الوطني مازال حيا في وجدان كل من عاصروه وعرفوه مثلما ظل قبله الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم خالدا في وجدان الفقراء والوطنيين العراقيين , سوف يبقى خصوم الحاج سليم كخصوم الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم (وطنجية , قومجية) والوطن منهم براء . 
ان مصطلحات (وطنجي وقومجي ودنبكجي ) لا تليق إلا بمن أوجدوها , بعض هؤلاء يحاول ألان الإساءة للوطنيين والانتقاص منهم . 
يعتقد هؤلاء: ان صك الوطنية العراقية يكون مشرفا , لو ختم بختم حسني مبارك , أوالأسد أو حمد قطر , أوحمد البحرين , أوعبد الله السعودية , أوعبد الله الاردن , أوالصباح , , أو أوردغان , بعضهم اخذوا صكوك الوطنية مختومة بختم نجاد وإيران !. 
أي وطنية هذه ؟. 
أي عراقي غيور يقبل بهذه الذلة ؟. 
أي وطن عظيم مثل العراق يقبل بهذه المهازل؟. 
الوطنية الحقيقة صكها المشرف الذي يمنحه الشعب , أي صكوك أخرى يمنحها الغرباء تعد من وجهة نظر العراقيين صكوك ذل وعار. 
متى يفهم بعض الساسة ذلك؟. (لا تسل الوطني ما ملك سله ما وهب) ميرابو 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الخفاجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/11



كتابة تعليق لموضوع : أي عراقي غيور يقبل بهذه الذلة ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net