صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

استدراك على مقال السيدة إيزابيل آشوري حول كنيسة بطرس .
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لا أدري لماذا تجاهلت السيدة آشوري النصوص الكثيرة التي تسلط الضوء على شخصية بطرس الحقيقية والتي وردت في ثنايا الإنجيل واكتفت بذكر واحدة منها فقط وهي تفنيد قول السيد المسيح لبطرس (على هذه الصخرة تبني كنيستي) . في الواقع أن السيدة آشوري اوجعتهم ببحثها هذا، ولكن لو اضافت نقاط اكثر إلى بحثها ومن الإنجيل نفسه لكان المقال ليس فقط اوجع بل لكان صاعقة تهد كل أحلام المسيحية التي بنوها على هذه الشخصية القلقة المضطربة التي حذّر منها السيد المسيح لا بل وصفها بأنها (شيطان معثرة في سبيل تبليغ رسالته). 
في هذا البحث الموجز اضافة إلى ما ابتدأته تلك الباحثة أضيف نقاط اكثر بشاعة في حياة (بطرس) الذي زعموا فيما بعد بانه (رسول) يوحى إليه وتجري المعجزات على يديه. 
 
حقيقة بطرس الرسول. 
بطرس كان كثير الشك بالسيد المسيح عليه السلام مع أن السيد المسيح اهتم به شخصيا إلا أنه بقي إلى اللحظات الأخير في شك من شخصية المسيح فعندما دعاه السيد المسيح ليؤمن به قال بطرس : (إذا كنت أنت فعلا السيد المسيح فدعني امشي على الماء مثلك). فلبى طلبه السيد المسيح وسار بطرس على الماء . وفي مرة أخرى كان السيد المسيح يتحدث فقال : (إن كان أعمى يقود أعمى فسيقعان في الحفرة) ومع أن المثل واضح لا يحتاج إلى تفسير وهذا ما فهمه الناس إلا أن بطرس من دون هؤلاء قال للسيد المسيح : ( فسّر لنا هذا المثل) فغضب السيد المسيح وقال : (حتى أنتم حتى الآن غير فاهمين ؟ ).
 
والملاحظ أن بطرس هو أول من أطلق على السيد المسيح بأنه (ابن الله ). ثم أطلق عليه بأنه (الرب). ثم أطلق عليه لقب المسيح مستعيرا هذا اللقب من توراة اليهود (1) فأحدث تشويشا وارباكا في المسيحية . اما مسألة قول السيد المسيح لبطرس بأنه شيطان وأنه معثرة له ، فهذا لم يقله السيد المسيح إلا بعد أن تمادى بطرس كثيرا في أذية السيد المسيح كما يقول النص : (فأخذه بطرس إليه واخذ ينتهره) . بطرس يسحب السيد المسيح امام الناس ويبدأ بتوبيخه ــ ينتهره ــ ولذلك في هذه اللحظة قال له السيد المسيح وعلى مسمع من الناس : (اذهب عني يا شيطان! أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله ولكن بما للناس، إن أراد أحدٌ ان يأتي ورائي فينُكر نفسه). 
في هذا النص الحساس بيّن السيد المسيح بأن بطرس هذا هو شيطان في صورة إنسان وأنه معثرة لتبليغ الرسالة لأنه كان يعمل لنفسه وليس لله او الناس. ثم التفت السيد المسيح إلى بطرس وقال له : (ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟) . فلم يجب بطرس وبقى ساكتا. 
ولكن كيف كان بطرس لا يُفكر إلا بنفسه ؟ هذا ما نراه واضحا في قوله للسيد المسيح بأنه على ماذا سوف يحصل إن هو تبعه وآمن به : (فأجاب بطرس: ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك. فماذا يكون لنا ؟ ). فتبين ان الرجل كان يُفكر بنفسه وما سوف يجنيه من مغانم إن هو آمن بالمسيح. 
وفي أحلك الساعات وعندما كان السيد المسيح بحاجة ماسة إلى مساعدة بطرس. انكره بطرس وتخلى عنه وفرّ هاربا وهو يلعن السيد المسيح ويحلف لأعدائه بأنه لا يعرفه كما يذكر الانجيل . فأي جريمة بشعة ارتكب بطرس بحق السيد المسيح وأي اجرام فعله ولذلك وصفه السيد المسيح بأنه شيطان وانه معثرة ولا يُفكر إلا بنفسه . 
 
ولكي يفضح السيد المسيح بطرس اخبره بأنه سوف يتخلى عنه وسوف يُنكره وان علامة ذلك هو صياح الديك كما نقرأ في إنجيل مرقص : (قبل أن يصيح الديك مرتين ، تنكرني ثلاث مرات). ولكن بطرس سخر من هذا الكلام في حينه، ولكننا نرى إنجيل متى يخبرنا بأن ما قاله السيد المسيح لبطرس تحقق بكل دقة فقد قام بطرس ليس فقط بانكار السيد المسيح بل لعنه كما يقول متى : (أما بطرس فكان جالسا خارجا في الدار جاء القيّام وقالوا لبطرس وأنت كنت مع يسوع (فأنكر بقسم إني لست أعرف الرجل فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف: إني لا أعرف الرجل! وللوقت صاح الديك. فتذكر بطرس كلام يسوع).
 
وهكذا تخلى بطرس عن سيّده وباعه بأن انكره ولعنه ولكن الديك وضع حدا لغرور وغطرسة بطرس بصياحه فتذكر بطرس حينها بشاعة جريمته فبكى بكاءا مرا. 
 
ولكن مع أن المسيحية برمتها تعلم مواقف بطرس مع السيد المسيح وأذاه له وتشكيكه به وانكاره للسيد المسيح لا بل لعنه وان السيد المسيح وصفه بالشيطان وانه المعثرة في طرييق تبيلغ الرسالة إلا أن المسيحية تصف بطرس بأنه (الراعي لغنم السيد المسيح) أي المربي والمعلم لا بل الخليفة الذي استخلفه السيد المسيح بعده لاتمام الرسالة كما نقرأ في نص يوحنا : (قال له: ارع خرافي). وفي نص آخر : ( قال له : ارع غنمي). 
 
اضافة إلى ذلك فإن جميع المسيحيون يعرفون بأن بطرس كان رجلا اميّا عاميا لا يقرأ ولا يكتب ولا يمتلك اي مميزات وكان الناس في زمنه يعرفون ذلك كما نقرأ في نص سفر الاعمال 4 : (فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا). 
والأدهى من ذلك أن المسيحية جعلت بطرس مساويا للسيد المسيح يشفي العرج والعمي ويُحيي الموتى كما نقرأ في اعمال الرسل 3 : (وصعد بطرس إلى الهيكل وكان رجل أعرج من بطن أمه فتفرس فيه بطرس وأمسكه بيده اليمنى وأقامه، ففي الحال تشددت رجلاه وكعباه، فوثب ووقف وصار يمشي، ويطفر). حلوه هاي كلمة يطفر. 
 
المشكلة الكبيرة التي وقعت فيها المسيحية هي أنهم قالوا بأن السيد المسيح كان يشفي المرضى ويحيى الموت بأن يلمسهم بيده او يلمسونه بأيديهم فيتم شفائهم ، ولكنهم مع بطرس اعطوه كرامة أكبر حيث قالوا بأن مجرد ان يقع (ظل ملابس بطرس على المريض فإنه يشفى ويشفى معه الجميع). أعوذ بالله من الغلو والكفر وهذا ما نراه في نص سفر أعمال الرسل: حيث يقول : (جماهير من رجال ونساء، كانوا يحملون المرضى ومعذبين من أرواح نجسة،خارجا في الشوارع حتى إذا جاء بطرس يخيم ولو ظله على أحد منهم وكانوا يبرأون جميعهم). هكذا هو حال أتباع الانبياء وصحابتهم مع الأسف يرفعون من شأن أناس نكرات اميّون جهلة على حساب أهل الحق ، ولذلك نرى أن كل الأديان استخدمت العنف بأبشع صوره والسبب ليس الدين إنما من ينتمون للدين.
 
وهكذا كان بطرس النموذج السيء جدا الذي رفعوا من شأنه واعطوه مكانة لم يعطوها حتى للسيد المسيح نفسه ، وهذا ما حصل أيضا في الإسلام وكأنه يُكرر نفسه حيث انقلبوا بعد النبي ورفعوا من شأن نكرات لا قيمة لهم وما تراه اليوم من فوضى عارمة في أنحاء العالم الإسلامي هو نتيجة لإفعال اولئك النكرات الذين ارسوا أساس العنف والقتل وانحرفوا بمسيرة الاسلام الأصيل عن الاهداف المرسومة له والتي لو قامت البشرية وفي كل الأديان بتطبيقها لعاشت في نعيمٍ مقيم.
 
المصادر: 
1- مقطع من مقال السيدة آشوري نشرته صفحة (فتشوا الكتب) فكتبت هذا البحث الصغير توضيحا لما ورد في مقال السيدة.. 
 
1- امتلأت التوراة بلقب (المسيح) حيث ورد ذكر هذا الاسم اكثر من (32) مرّة كما يُشير محرّك البحث (الباحث : مسيح ((البحث في العهد القديم)) عدد نتائج البحث 32 ).كما نقرأ في سفر صموئيل الأول 24: 6 (فقال لرجاله: حاشا لي أن أعمل هذا الأمر بسيدي، بمسيح الرب، ، لأنه مسيح الرب هو). وكذلك في سفر المزامير 20: 6 (الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه).

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/26



كتابة تعليق لموضوع : استدراك على مقال السيدة إيزابيل آشوري حول كنيسة بطرس .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : محمد مصطفى كيال ، في 2017/07/25 .

شكرا لفضلكم شيخي الكريم
كنت قد ارسلت ردا في السابق لكنه للاسف لم يتم نشره
انا شاكر لفضلكم كثيرا ؛ الا انني مدين للسيده ايزابيل بتعريفي بحضرتكم.
حفظكما الله

• (2) - كتب : مصطفى الهادي ، في 2017/07/05 .

اخي العزيز محمد مصطفى كيال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
بطرس شخصية طارئة قامت على انقاض الشخص الحق الذي رشحهُ الله للتبليغ بعد رحيل المسيح، مثل برنابا ، حيث امر الوحي ان (يفردوا له برنابا) لكي يقوم بحفظ الإنجيل والتبليغ مكانه كما نقرأ في سفر أعمال الرسل 13: 2

(وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس: أفرزوا لي برنابا). أي عزله من بينهم للتبليغ. ولكن يبدو ان صحابة يسوع لم يعجبهم الامر فعمدوا أولا إلى إقران بولص شاول معه ، ولكن برنابا تشاجر معه وطرده كما نقرأ في سفر أعمال الرسل 15: 37 (فأشار برنابا أن يأخذا معهما يوحنا وأما بولس فكان يستحسن أن ــ يأخذ معه سيلا ــ فحصل بينهما مشاجرة حتى فارق أحدهما الآخر. وبرنابا أخذ مرقس وسافر في البحر إلى قبرس.40 وأما بولس فاختار سيلا). فبرنابا اختار حواريا مخلصا صادقا ، وبولص اراد ان يأخذ معه (سيلا) اليهودي الساحر الماكر ، فلم يوافق برنابا وتشاجرا فطره .

وهذا حصل أيضا في الإسلام فقد كان النبي (ص) يحب عليا ولكنهم كانوا لا يذكرون اسمه اما في المسيحية فلما لم تجد مريم الجسد في القبر إنجيل يوحنا 20: 2 يقول : ( فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه). فلو تأملت النص هنا لرأيت انهم اظهروا اسم بطرس ، وابهموا الاسم الآخر مع أن السيد المسيح كان يحبه . فقالوا عنه : (وإلى التلميذ الآخر) . من هو لم يقولوا ، ولكننا نعرف إنه برنابا . وهذا حصل مثله عندما سألوا عائشة عن النبي في آخر أيام حياته كيف خرج إلى الصلاة فقالت : (خرج يتهادى بين العباس ورجل آخر). وعندما سألوا عبد الله بن عباس عن الرجل الآخر الذي لم تذكر اسمه عائشة قال : انه علي ابن ابي طالب ، ان عائشة لا تُطيب لها نفسا بخير بذكر علي. (1) مع أن عليا قال النبي بحقه : حب علي عبادة وبغضه كفر ونفاق.
واما الوصي في المسيحية فهو موجود ولكن انقلبوا عليه كما فعلوا في اليهودية والاسلام وكأن المسألة تتكرر في كل دين .
تحياتي اخي العزيز محمد شاكرا لكم تهانيكم بتحرير الموصل واسأل الله ان نرى يوما فلسطين وهي ترفل باثواب التحرير والنصر.

1- الحديث ورد في البخاري ومسلم عن عائشة اخبرته قالت اول ما اشتكى رسول الله فخرج ويد له على الفاضل بن عباس ويده له على رجل اخر وهو يخط برجليه في الارض. قال عبيد الله فحدثت به ابن عباس فقال اتدرون من الرجل الاخر الذي لم تسميه عائشة هو (علي) ولكن عائشة لا تطيب له نفساً.
ويصحح هذا الحديث: ناصر الدين الالباني في كتاب ارواء الغليل في تخريج احاديث منار السبيل-ص178- الجزء الاول –المكتبة الاسلامية: رواه البخاري (1/179) ومسلم (2/2-21) وكذا ابو عوانه مختصرا وزاد في اخره ولكن عائشة لا تطيب له نفساً، وسنده صحيح .



• (3) - كتب : محمد مصطفى كيال ، في 2017/07/01 .

السلام عليكم فضيلة الشيخ
اولا احب ان ابرك لكم تحرير الموصل
مبارك للعراق ولدماء الشهداء العراقيين
لفت نظري في مقالكم ان الروايات المتانقضة في الكتاب المقدس تشير الا ان هناك كذب
اي من القصتين كذب! هذا السؤال.
هل تم الافتراء على بطرس لتعزيز دور بولص ؟
النص في الاسلام والمسيحيه واليهوديه يشير الى وصي تم الانقلاب عليه
هل معنى الامر ان هذا "الوصي" غير موجود في المسيحيه؟





حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net