صفحة الكاتب : شهاب آل جنيح

الهوية الوطنية أم الهويات الطائفية..؟
شهاب آل جنيح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نكبات متعددة وجرائم متوالية، جعلت المواطن العراقي ناقما على العملية السياسية بصورة عامة، والحكومية بصورة خاصة، وقد لا يلام المواطن على ذلك، فحجم المأساة والدمار الذي خلفه الإرهاب، خلال سنين نالت من قواه، وسودت مستقبله، فالقتل على الهوية، والأربعاء الدامي، والخميس الدامي، ومن ثم الأسبوع الدامي، واستمرار النكبات السياسية والأمنية، خلقت هذا المناخ السلبي العام، فصارت اغلب الآراء والمواقف بالسلب من الحكومة، وجميع الفعاليات السياسية.
 هذا الكم الهائل من الجرائم الإرهابية، إضافة إلى الفساد المالي، الذي اجتاح المؤسسات الحكومية العراقية، خلال فترة مابعد 2003من كثرة المشاريع الوهمية، وسرقة أموال الدولة، وسوء الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن، كالكهرباء والطرق والصرف الصحي؛ كل ذلك أدى إلى قطع العلاقة ما بين المواطن وحكومته؛ فصار المواطن ينظر للحكومة من منظار سلبي، وبهذا غالبا مايكون المواطن في الشارع، خانقا على حكومته.
 كل ذك حدث في الفترة الماضية، وبعضه ما يزال موجودا في اغلب المؤسسات الحكومية، والسبب الرئيسي في كل ماذكر أعلاه، هو بناء العملية السياسية، وتشكيل المنظومة الحكومية؛ على أسس طائفية، وبالتالي كل طرف يدافع عن الوزير أو المسؤول الذي رشحه، وفي حال تعرض أيّ وزير أو مسؤول للمسائلة،  فان كتلته ستكون بالضد من كل تحقيق أو محاسبة، لهذا المسؤول وتعد الأمر استهدافاً طائفيا،ً أو مذهبياً أو قومياً، للفئة التي ينتمي لها هذا المسؤول، بغض النظر عن ماهية هذه الإدعاءات، صحيحة كانت أم ملفقة.
 قضايا الهاشمي والعيساوي، وعدنان الدليمي وعلي حاتم وغيرها يثبت ذلك، إذن المشكلة في الطائفية السياسية، مالم نستطع أن نتخلص منها؛ لن نتخلص من الفساد، ولن ننجح في إعادة الأمن للبلاد، فلابد من هوية وطنية، تطغى على كل الهويات الأخرى، وبذلك سيحاسب الفاسد أيّ كان انتماءه، ويبدو انه قد آن الأوان لهذه الهوية أن تبرز مجددا، فهنالك من المؤشرات ما يدعم هذه القضية، فيما لو قارنا بين الوضعين الحالي، والوضع في سنين خلت.
 متغيرات سياسية كبيرة، حصلت في العملية السياسية، تشير إلى بوادر وطنية، من خلال تحركات الكتل السياسية، خاصة إذا قارنا بين الماضي، الذي كان الصراع فيه قائما على قدم وساق، مابين السنة والشيعة من جهة، والكرد والسنة من جهة أخرى، أما الآن فأن هذا الصراع تراجع إلى درجة كبيرة، في مقابل ذلك برزت الخلافات بين الكتلة الواحدة، أو التي ترجع لنفس الطائفة.
 الآن الخلافات بين الكتل السنية فيما بينها، فيما نجد الشيعة يلعبون دور الوسيط بين الطرفين؛ لتهدئة الأمور كذلك الخلافات الكردية بين الأحزاب السياسية هناك، بين  كتلة التغيير و الحزب الديمقراطي، والحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد الوطني، وأيضاً الكتل الشيعية هي التي بدأت بهذه التغييرات، حينما أبعدت رئيس الوزراء نوري المالكي عن رئاسة الحكومة.
 هذه الأجواء السياسية، تمهد لظهور كتل وطنية، قادرة على توحيد الرؤى السياسية، وإدارة الحكومة العراقية بنجاح، وفي هذا الاتجاه طرح السيد عمار الحكيم، فكرة الكتلة الوطنية العابرة للطائفية، فهي لمن ينظر بنظرة واقعية، وبعيدة عن المهاترات السياسية، سيجدها الحل الأمثل، للتخلص من كل هذه الإشكالات الأمنية، والعسكرية والسياسية، فقد جربنا خلال السنين الماضية المحاصصة الطائفية، والحكومة الحزبية، لكن الفشل كان حليف تلك الفترة السابقة.
 العراق بلد متعدد الأديان، والطوائف والمذاهب والمعتقدات، فإذا تشكلت الحكومة أو الكتل السياسية، على هذا الأساس؛ فهذا يؤدي إلى مزيد من الفساد والفشل، لان ذلك سيؤدي للتمييز فيما بين المواطنين على أساس طائفي، بعيدا عن الوطنية والهوية العراقية، لكن إذا تشكلت الحكومة على أساس وطني، فأن جميع الطوائف والمذاهب، سوف تحتفظ بحقوقها، مع تمتعها بالهوية الوطنية العراقية، التي يتساوى فيها جميع العراقيين، وبذلك يكون الانتماء الوطني هو الأساس في التمييز بين مواطن وآخر.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شهاب آل جنيح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/22



كتابة تعليق لموضوع : الهوية الوطنية أم الهويات الطائفية..؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net