صفحة الكاتب : جواد العطار

الحكومة والبرلمان.. توازن وتعاون ام تضاد وتقاطع
جواد العطار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 يكثر الحديث في كواليس الساسة ومراكز الدراسات عن العلاقة بين الحكومة والبرلمان ، وتطرح الاسئلة عن نوع تلك العلاقة هل هي توازن وتعاون مثلما تفترضه آليات النظام البرلماني ام هي بالعكس من ذلك تماما!!.
والسؤال الذي يطرح نفسه ، اذا كان الفصل بين السلطات سمة العلاقة بين السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان والسلطة التنفيذية ممثلة بالحكومة في النظام البرلماني وفي اطار من التوازن والتعاون المرن ، فلماذا التضارب بينهما ؟ ولماذا اصبح البرلمان العراقي حلبة لتفريغ ازمات الحكومة الحالية بدءا من الكابينة الوزارية المغلقة الى استجواب وزير الدفاع؟.
بعيدا عن كل الاسباب الموضوعية التي يطرحها الواقع والمختصين الذين اشبعوا هذا الجانب بحثا وتفصيلا بين من ارجعه الى النظام الثقافي والمجتمعي الذي ما زال يجهل الممارسة الديمقراطية وبين الفساد ونظام المحاصصة وعدم الاستقرار السياسي وغيرها من الدوافع التي لا يمكن تجاهلها مطلقا... فان شخصية رئيس الوزراء السابق والتي طبعت دورتين برلمانيتين وسيطرته على الهيئات المستقلة والتعيين بالوكالة وتروؤسه لأكبر كتلة برلمانية في هذه الدورة الانتخابية ، هي احد الاسباب الرئيسية وراء قوة السلطة التنفيذية وضعف البرلمان ، ناهيك عن شخصية رئيس البرلمان التي كانت ضعيفة اصلا وعلى الدوام باستثناء فترة محمود المشهداني.. وهذا المنصب ومع الاسف ونتيجة نظام المحاصصة اصبح انعكاس ومرآة لطبيعة الصراع داخل المكون الذي يمثله ، بينما يفترض ان تكون الرئاسات شخصيات مستقلة تملأ مناصبها بعيدا عن المكونات التي تمثلها. 
عموما وفي معالجة هذا الموضوع الحساس ، ينبغي تأشير التالي: 
1.    ضعف شخصية رئيس البرلمان او كيل الاتهامات اليه بصورة مستمرة او تغييره بين فترة واخرى.. يضعف من هيبة البرلمان.
2.    الصراع داخل المكون الذي يمثله رئيس البرلمان ، ينعكس سلبا على اداءه.
3.    انعزال رئاسة الجمهورية عن الاحداث وتقوقعها بعيدا عن حماية الدستور ، يسمح ببروز قوة على حساب اخرى. 
4.    نشوب الخلاف داخل البرلمان وتحول الصراع بين الكتل الى صراع بين النواب انفسهم ومحاولة تسقيط احدهم الاخر (هذا ما شاهدناه جليا في جلسة استجواب وزير الدفاع) ، يهدم جسور الثقة بين اعضائه.
5.    تراجع الاداء الفردي البرلماني لصالح اداء وتوجهات الكتل السياسية.
6.    غياب المعارضة الوطنية داخل البرلمان تضعف من قدرته على رقابة الاداء التنفيذي.
7.    ضعف اللجان البرلمانية ومحاصصة رئاساتها بعيدا عن المهنية.
8.    توقف البرلمان لمدة شهرين بسبب تحول النقاش حول تقديم الكابينة الوزارية الى خلاف.. ادى ذلك الى تصدع كبير بين كتله من الصعب محاصرة تداعياتها بفترة قصيرة ، خصوصا انشطار البرلمان الى اثنين ورئاسته الى اثنتين.
9.    تصدر قضايا البرلمان وخلافاته نشرات وسائل الاعلام ولأشهر كان سلبيا جدا على مستقبل البرلمان والنظام البرلماني في العراق ونظرة المواطن اليه.
إذن ، نحن امام مفصل مصيري في تأريخ العراق السياسي المعاصر ، طابعه صراع خفي بين السلطات بما يقوض اسس النظام البرلماني ويشوه طبيعته ، لذا وكإجراء عاجل ينبغي اتخاذ الخطوات التالية:
•    ابعاد جلسات مجلس النواب عن الاعلام.
•    غلق منصة المؤتمرات الصحفية بشكل مؤقت لضبط التصريحات المنفلتة التي تصب في خدمة تقوية سلطة على حساب اخرى.
•    تفعيل دور اللجان البرلمانية في الرقابة على السلطة التنفيذية ، والاستعانة بخبراء متخصصين من خارج البرلمان لتحقيق ذلك الغرض. 
وان لم ننتبه الى خطورة الموقف وراء ضعف البرلمان وما يحدثه من اختلال ، فإننا قد نقرأ السلام؛ لا سامح الله؛ على النظام البرلماني قريبا او نشهد تحول سريع نحو النظام شبه الرئاسي او المختلط. 
ويبقى السؤال: ابحث عن المستفيد؟؟ والمستفيد الوحيد مما يجري هو السلطة التنفيذية التي تسرح وتمرح بلا وزراء ولا ضوابط ولا رقابة نتيجة ضعف البرلمان!!.. 
إذن لا يوجد صراع بين الحكومة والبرلمان ولا علاقة تضاد وتقاطع ، بل اختلال نتيجة ضعف البرلمان استغلته السلطة التنفيذية ابشع استغلال.. وكان المفروض بالحكومة ان تعمل وفق القانون والدستور حتى في حال ضعف البرلمان ، ولكن لماذا لم تعمل وفق هذا المنظور سؤال يمكن ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والى وزراء الكتل الممثلة في مجلس الوزراء؟؟. 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جواد العطار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/16



كتابة تعليق لموضوع : الحكومة والبرلمان.. توازن وتعاون ام تضاد وتقاطع
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net