صفحة الكاتب : رواء الجصاني

مساهمة في حفل أحتفائي بالمثقفيّن الوطنيين:الراضي، وجيـان(*)
رواء الجصاني

 وكنا كالزروعِ شكتْ محولاً، فلما أستمطرتْ، مطرتْ جرادا

 
  في فترة طغيان ألم، وهضيمة وإنتفاض، كتب الجواهري الكبير، موثقاً وناقداً ومحرضاً، عام 1984 سينية معبرة، من بين ابياتها، اثنان بليغان كما أدعي، اخترتهما مدخلاً لمساهمتي هذه في  المناسبة التي نجتمع خلالها، احتفاء بمثقفين وطنيين: د. مجيد الراضي، والاستاذ يحيى بابان- جيان، الذين عانا ما عانا، من جحود أليم، عوضاً عما يستحقان من  وفاء وتقدير... وفي ذينك يهدر الجواهري، مخاطبا صلاح خالص:
"أصلاحُ" أنّا رهنُ مجتمعٍ، يخشى اللصوصَ، فيذبح العسسا
يـُزهى بفارســهِ اذا أفتُرسا، وبضوءِ نجـــمٍ ساطــعٍ طُمسا..
    ولكن في رحم ذلك "المجتمع" الذي تقصد الجواهري في اشاعة شمولية الوصف القاسي عليه، بهدف التثوير والأهابة، ثمة منورون، كما وساعون للتنوير، جهدوا، وأجتهدوا، وما برحوا، في اعلاء شأن الاعتراف بالكفاءات والقيم، واعني بهم، "اصحابنا" الشيوعيين الذين ينظمون هذا الحفل الاحتفائي، تقديراً، بقدر الممكن، لاصحاب القلم والفكر والعطاء. وذلك ما مثلّ ويمثل نهجاً وتقليدا تليداً لحزبهــم العراقي، العريق، اينما، وكلما  استطاع الى ذلك سبيلا !!.
   والراضي وجيان، المحتفى بهما اليوم، عُرفا ومنذ عقود مديدة، بجهد مثابرفي ميادين الثقافة والابداع، والنشاط الوطني. وكانا، ضمن جحافل المشاركين - وكل حسب طاقته - مع نضالات القوى والاحزاب والحركات الوطنية الحقة.. بل دعوني أقول للتعميم، مع جماهير شعبهم التي ضمئت، وشكت المحول... ولكن حينما "أستمطرت، مطرت جرادا"... ذلك الجراد الذي طغى في البلاد منذ عقود، وما برح طاغياً: ظلاميين وطائفيين وقوميين متعصبين، وتكفريين، وسواهم. دعوا عنكم علمانيين مرتدين، ومناضلين منكفئين، وكتبة ملثمين، هنا وهناك.. وهكذا زاد المحول محولاً، وسمُن الجراد، وتكاثر بلا مدى،  فزاد فتكاً بالوطن والناس، وعسى القادم اقل عسفاً وجورا .
  وبعيدا عن التفاصيل والسير الذاتية التي امام الجميع في قاعة هذا الحفل، وخارجها، عن المثقفين الوطنيين، الراضي وجيان، أقول: شِيئ لي ان اكون قريباُ بهذا القدر أو ذاك منهما، ومعهما، وزهاء اربعة عقود: زمالة ورفقة وصحبة، وما بينها.. في مهام هذه المختصة السياسية أو تلكم الهيئة الحزبية، وسواهما، أو في اجتماعات ونشاطات رابطة المثقفين العراقيين في الخارج. أو خلال سياقات عمل اعلامي، وأخر.. دعوا عنكم في فعاليات ولقاءات شخصية وعامة، وغيرها عديد... وقد تشاركنا، وشاركنا في مهمات مختلفة هنا وهناك، وما برحنا على تلكم الحال... و أظن- وليس كل الظن أثما – ان لا أحد بمستطاعه إلا وأن يشير لمواهب وعطاءات المحتفى بهما، ويوثق لهما وعنهما. وهكذا كان الفضل السبّاق، للشيوعيين العراقيين في الجمهورية التشيكية، الذين بادروا لهذه الفعالية التي ستبقى متميزةً في الاحتفاء بالراضي وجيان، لهما السؤدد والخير والعمر المديد.
  وكما بدأت  ببيتين جواهريين، ها انا اختم ببيتين، ولـ"لأفـوه الأودي" هذه المرة، قالهما، ضمن قصيدة حكيمة قبل أزيد من 14 قرناً، وما زالت الحال سائدة على حالها، كما أزعم من جديد، وإن راحت تلكم الحال في مناحيّ اشمل، وأقسى، وتباينت: ظروفاً واشخاصاً ووقائع متشابكة ظلماء، ولكن المغزى بقيّ واحداً، أحدا.. خلاصته: بلا ثقافة ومثقفين، وقرّاء وكتّاب، ومؤلفين ومتلقين، ونخبة وجمهور، وبلا أن تُعرف الحدود والمقاييس، وأن ينتشر الفكر ويشاع، فلا منجى من الهلاك، ليس في البلاد العراقية وحسب، بل في الدنيا كلها... لقد أطلتُ ولم تعرفوا بعد الى الان ذينك البيتين المعنيين الذين يوجزان الاحوال والامور، فهاكم القصيدَ في بيت القصيد: 
لا يَصلُحُ الناسُ فوضى لا سَراةَ لهم.... ولا سَراةَ إذا جُهّالُهم سادوا
تُلفى الأُمورُ بِأَهلِ الرُشدِ ما صَلَحَتْ  ... فَإِن تَوَلَّوا، فَبِالأَشرارِ تَنقــادُ
------------------------------------------------
(*) القيت هذه المساهمة في حفل احتفاء تكريمي للمثقفيّن الوطنيين: عبد المجيد الراضي، ويحيى بابان(جيان) أقيم ببراغ مساء الثلاثاء: 2016.8.9  قلدهما فيه الاستاذ مفيد الجزائري، وسام الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي، بعد مداخلة مسهبة عن حياة، ومحطات في مسيرة عقود مديدة  للمحتفى بهما.. تلاه سفير العراق: د. وليد حميد شلتاغ الذي القى ايضاً كلمة تكريمية موجزة بالمناسبة.
 
          
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رواء الجصاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/12



كتابة تعليق لموضوع : مساهمة في حفل أحتفائي بالمثقفيّن الوطنيين:الراضي، وجيـان(*)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net