صفحة الكاتب : علاء كرم الله

من كان وراء غلق فضائية البغدادية؟
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 لا اعتقد ان أحدا كان يتوقع أن تكون نهاية فضائية البغدادية بهذه الصورة المفاجأة التي لن تترك ورائها أثر لسلك ميكرفون أو أي جهاز أعلامي! وكأن يدا غريبة أجتثتها بالكامل ولم تبق منها شيئا؟!
 ومن الطبيعي أن أختفائها بهذه الصورة المفاجأة ترك الكثير من الأسئلة وعلامات الأستفهام!؟ وقبل الخوض في التفاصيل لا بد من الأشارة بأن فضائية البغدادية لم تكن على وفاق مع الحكومة ولا مع الكثير من السياسيين منذ حكومة رئيس الحكومة السابق نوري المالكي وصولا الى حكومة العبادي الحالية،
 لأنها كانت قريبة من وجع الشعب وآلامه وطالما أثارت المواجع على الحكومة وعلى السياسيين، حتى بدت وكأنها صداع مزعج ومزمن لهم يتمنون الخلاص منه بأية طريقة؟! فالبغدادية وضعت يدها على الجرح العراقي المخزون بكل اللألام والقهر والغضب المكبوت وضغطت عليه بكل قوة حتى أنفجر على شكل مظاهرات وأعتصامات وشعارات كادت أن تسقط الحكومة ولكن.....؟!!!.
 وقد تعرضت البغدادية الى الكثير من المضايقات والمداهمات والتفتيش تحت أكثر من حجة وسبب! وكم من مرة تعرض كادرها الأعلامي الى الضرب وأجهزتها وكاميراتها وكل ادواتها ووسائلها الأعلامية الى الكسر والتلف، الى أن تم غلقها أبان فترة رئيس الحكومة السابق (نوري المالكي)، وأضطرت الى أن تنقل بثها الرئيسي الى دولة مصر!!.
 لتبدأ من هناك مرحلة جديدة أكثر قوة وأصرار ونشاط ولتزيد من أواصر وجسورالتواصل مع الشارع العراقي وبفاعلية أكثر، لتستحوذ على الشارع العراقي برمته وبكل أطيافه ومكوناته، حتى صار برنامج الساعة التاسعة الذي يقدمه الأعلامي الأبرز بالفضائية (انور الحمداني) يذكرنا ببرنامج (الرياضة في الأسبوع) للطيب الذكر الأستاذ مؤيد البدري و برنامج(العلم للجميع) للطيب الذكر المرحوم كامل الدباغ، حيث يحظى بمشاهدة ومتابعة غالبية العراقيين بشغف كبير!.
وقد أتهمت فضائية البغدادية من قبل الحكومة بأنها فضائية بعثية؟!!، وهذه تهمة جاهزة لم تعد تثير الأنتباه ولا الأهتمام، فالحكومة أتهمت المتظاهرين الذين تظاهروا للمطالبة بأبسط حقوقهم الأنسانية بأنهم بعثيون؟! وهذه الأتهامات معروفة في عالم السياسة بالعراق الذي ينطبق عليهم المثل العراقي الدارج( كلمن يشوف عدوة كبال عينه)! فكان صدام وبعثه لا يرى غير الشيوعيين وحزب الدعوة أعداء له ولحزبه، والعكس صحيح كما يرى الآن حزب الدعوة الذي يقود الحكومة!، وحقيقة الأمر أن هذه الأحزاب هم أعداء أنفسهم! قبل أن يكونوا أعداء بعضهم البعض.
 نعود لصلب الموضوع، فأتهام  الحكومة للبغدادية كونها فضائية بعثية، هو لوجود صور قديمة تظهر الأعلامي (أنور الحمداني) في أحد المناسبات أبان فترة النظام السابق وهو يرتدي الزيتوني، ولكونه كان يعمل في أحدى المؤسسات الأعلامية للنظام السابق؟!، ونفس الشيء قيل عن مؤسس الفضائية ومالكها الدكتور(عون الخشلوك)، بأنه كان أحد الأذرع التجارية (لعدي) الأبن الأكبر لرئيس النظام السابق؟!،
 وبعيدا عن كل هذه الأتهامات، أن الشارع العراقي يرى أن السبب الحقيقي وراء عداء الحكومة لفضائية البغدادية هو لكونها كانت الأقرب الى هموم الشعب العراقي، حيث لم تبق كاميراتها ومكريفوناتها زقاق ومحلة سواء في بغداد أو المحافظات ألا وتواجدت مع أهلها وناسها  وسمعتهم وسمعوها حتى أسمعت صوتها لمن به صمم!؟، أما جمعة شارع المتنبي المزدحمة بكل شرائح المجتمع وطبقاته فهي تزداد حلاوة وتألقا بمكريفون (مصطفى الربيعي) الأعلامي الشاب المثابر في الفضائية!.
 بالمقابل هناك الكثير من المؤشرات التي تثير علامات الأستفهام على فضائية البغدادية، وفي كيفية أستحواذها على أهتمام المشاهدين دون بقية الفضائيات؟؟
 فالمعروف عن طبيعة الأنسان أيا كان في العراق أو في الدانمارك! بأن اخبار الفضائح والأسرار وخاصة فضائح الفساد المالي والفضائح السياسية هي التي تسترعي وتجلب أنتباهه!، فما بالك بالعراق المزكوم بكل فضائح الدنيا فلن يمر يوم ألا وفيه فضيحة هنا وشبهة سياسية هناك؟!.
 والسؤال هنا: من أين كانت البغدادية تأتي بكل هذه التسجيلات والوثائق والصور المهمة والخصوصية ضد الحكومة والسياسيين؟، فكم من مرة عرضت تسجيلات صوتية خاصة جدا؟ وكأنها زرعت (لاقطات) في مكاتب الحكومة والوزارات؟!، والمعروف أن مثل هذه المشاهد واللقطات هو من عمل وتدبير أجهزة المخابرات!!!،
 وليس من عمل فضائية أعلامية، لها حدود عملها مهما أتسعت وأمتدت مساحتها!، اللهم أن تكون ورائها قوة كبيرة تريد لهذه الفضائية أن تكون سلاحا أعلاميا مؤثرا بيدها!!.،
 فالكل يتذكر الأفلام الوثائقية التي عرضتها البغدادية عن المرحوم  الدكتور (أحمد الجلبي) بخصوص تسليمه وثائق (التاريخ اليهودي) للأمريكان، والذين بدورهم سلموه الى أسرائيل والذي كانت تبحث عنه لأسباب تاريخية ودينية!، وكيف تم الأحتفال بتلك الوثائق المهمة عند وصولها الى أسرائيل!!.( هنا لا بد من الأشارة بأن علاقة الأمريكان بالدكتور الجلبي ساءت كثيرا بعد أشهر قليلة من دخولهم العراق في 2003  وأستمرت لحين موت الدكتور المفاجأ؟؟!).
  والسؤال هو: من أين جاءت البغدادية بتلك الأفلام الوثائقية المهمة جدا والمحصور تصويرها حصرا من قبل الأمريكان وفي بداية دخولهم وأحتلالهم للعراق؟، وأيضا نسئل: من أين جاءت بالأفلام والوثائق والتي عرضتها على شكل حلقات فيما اعتبرت أكبر فضيحة رشوى بالتاريخ والتي تخص الشهرستاني ووزير النفط!!؟
 وفلم آخر يظهر الجنود الأمريكان وهم ينزلون في سرداب تحت بناية البنك المركزي العراقي للبحث عن كنوز وأثار نفيسة  كانت مخبأة من قبل النظام السابق قبل الغزو الأمريكي على العراق للحفاظ عليها من القصف والسرقة وغيرها الكثير من الصور والوثائق التي لا تتوفر ألا لدى الأمريكان؟.
 وبقدر ما كانت فضائية البغدادية قريبة من نبض الشارع العراقي وصارت المنبر الذي يعبر عن همومهم ويطالب بحقوقهم ألا ان البعض يرى فيها بأنها فضائية فضائحية أكثر مما هي أعلامية!!.
 فضائية البغدادية أغلقت وأنتهت وكأن لا وجود لها أصلا!، وبغلقها أرتاحت الحكومة والكثير من السياسيين وقادة الأحزاب من صداعها المزعج  وما كانت تسببه لهم  من مواقف محرجة؟
 والسؤال هل كانت الحكومة وراء غلقها؟ بأعتبارأن فضائية البغدادية دون بقية الفضائيات  كانت تمثل العدو اللدود للحكومة برئاساتها الثلاثة؟ وخاصة في ذروة الهياج الجماهيري للمتظاهرين في شهر نيسان الماضي الذي شهد أقتحام الجماهير للبرلمان حيث لعبت البغدادية دورا أعلاميا كبيرا في تحريض المتظاهرين وتوجيههم بنفس الوقت؟،
 وأذا كانت الحكومة فعلا وراء أغلاقها، كيف أستطاعت  ذلك؟ لا سيما أذا علمنا بأن فضائية البغدادية  كانت تبث من خارج العراق؟ أرى أن الحكومة هي أضعف من أن تؤثر على هذه الدولة أو تلك وتطالبهم بايقاف بثها؟! وأذا أستطاعت الحكومة أن تؤثر على الحكومة المصرية أو تقنعها بأيقاف بثها، مقابل حفنة من المال!، فهي قد لا تستطيع على فعل ذلك مع أية دولة اخرى؟
 أرى أن فضائية البغدادية كانت مدعومة من قبل الأمريكان بشكل أو بآخر؟! حتى أصبحت أحد أوراق الضغط الأعلامي الهام بيد الأمريكان على الحكومة العراقية، وعلى كل السياسيين وقادة الأحزاب؟
 لا سيما أذا علمنا والكل متيقن من ذلك بأن الأمريكان يعرفون كل تفاصيل المشهد العراقي منذ أحتلالهم له عام 2003 ولحد الآن وكل الأمور والمشاهد وتحركات السياسيين مسجلة لديهم صوت وصورة؟!
 كما أن الأمريكان يعرفون وهذا هو الأهم بكل مبلغ مالي خرج من العراق بشكل غير قانوني وبشكل فاسد! أن كان بالدولار الأمريكي أم بالدينار العراقي ومن الذي أخرجه شخص كان أم شركة أو وزارة وفي أي بنك خارجي تم أيداعه!؟ فالأمريكان قادرين أن يعدوا على الحكومة وعلى كل قادة الأحزاب السياسية حتى أنفاسهم!، فطالما يقول الأمريكان بأنهم يستطيعون أن يسمعوا دبيب النمل على الأرض؟! بفضل التقدم التكنلوجي والعلمي الذي تتسيد به على العالم!.
 نعود للقول بأن فضائية البغدادية صارت (كماشة) النار والعصى الغليضة بيد الأمريكان لترعب بها الحكومة العراقية وكل السياسيين، متى ما أرادت ذلك، وفضيحة (الشهرستاني)! التي ذكرتها آنفا خير دليل على ذلك ولربما في جعبة الأمريكان ما هو أكثر وأكبر من ذلك وعلى سياسيين آخرين؟!.
 والسؤال الأخير ماهو المقابل الذي حصلوا عليه الأمريكان من الحكومة العراقية مقابل غلق فضائية البغدادية؟ لا سيما وأن العراق لازال يمثل ساحة صراع للكثيرمن الأرادات الدولية والأقليمية؟.
 أخيرا نقول: من يدري لربما ستعيد البغدادية بثها؟ فدهاليز السياسة عميقة ومصالحها وأتفاقاتها وصفقاتها أهم واكبر!. 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/12



كتابة تعليق لموضوع : من كان وراء غلق فضائية البغدادية؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net