صفحة الكاتب : نجاح بيعي

" البرلمان غيت " أو فضيحة البرلمان العراقي !؟.
نجاح بيعي
 1 آب 2016 م ..
 اليوم الذي حفِل بالإنعطافة التاريخية لمجلس النوّاب العراقي , الذي اختار لنفسه وبمليء إرادته أن ينعطف من السيئ الذي مشى عليه منذ انبثاقه , وانطلاق أعماله في عام 2006, الى الأسوء ( فضيحة الإبتزاز ) التي أثارها وزير الدفاع العراقي ضده . تلك الفضيحة التي ربما لا منجىً منها لأحد هذه المرّة , حتى تطال جميع ممثلي الشعب الفاسدين تحت , وينكشف زيف الطبقة السياسية الحاكمة على اختلاف مشاربهم  . فـ ( البرلمان غيت ) أو فضيحة البرلمان العراقي , تختلف وتتميز عن أية فضيحة خطيرة أخرى تحدث في حكومات العالم وبرلماناته وفق المعطيات التالية : 
1 ــ إذا كانت الفضائح التي جرت وتجري , على الساحة السياسية العالمية تنطلق معظمها , إن لم تكن كلّها من رحم السلطة التنفيذية في ذلك البلد وحكومته . كفضيحة ( ووتر غيت ) عام 1974 . وفضيحة ( إيران غيت ) التي باتت تعرف بـ ( إيران- كونترا ) عام 1985 م . 
فإنّ الطامّة الكبرى التي لحقت بالعراق والعراقيين اليوم , هي ان المتهم رقم واحد بالفضيحة التي أطلقها أحد وزراء السلطة التنفيذيّة , هم ممثلي الشعب العراقي ذاتهم , القابعين في مجلس النوّاب العراقي ( البرلمان ). وبها قد فاق السياسيون العراقيون بشذوذهم , شذوذ ما يحدث من فضائح في العالم !؟. 
وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار النظام السياسي البرلماني , الذي تكون فيه الحكومة حكومة ( توافقيّة محاصصتيّة ) كرّست الفساد بشتّى أنواعه ووصل الى أوجه في البلاد , منبثقة من الكتلة التي فازت بأكثر الأصوات داخل مجلس النوّاب , فأن ( خالد العبيدي ) وكوزير مما لا ريب فيه هو جزء لا يتجزأ من تلك المنظومة الفاسدة . ويكون العبيدي حينما أطلق رصاصة الاتهام ( الفضيحة ) نحو البرلمان , إنما كان قد أطلقها على نفسه على نحو المماثلة .
2 ــ كون ( الإدّعاء العام ) العراقي طرفا ً بها هذه المرّة . لذا نرى أن تدوين إفادة وزير الدفاع أمام الهيئة القضائية المختصة يوم 3/8/2016 م , كانت بصفة ( شاهد ) وليس كـ ( مشتكي ) , فالمشتكي أو تحريك الشكوى كانت من قبل ( رئيس ) الإدعاء العام . لأنّ هذه الأقوال حصلت في جلسة رسمية قانونية للبرلمان , وصدرت من الوزير ذاته تجاه رئيس البرلمان وبعض النوّاب .
3 ــ إنّ وزير الدفاع عند تدوين إفادته أمام ( الهيئة القضائية المختصة ) كان قد ذكر كل ما لديه ويعرفه من التهم الموجهة , وقدم الأدلة والمستندات والتسجيلات بشأنها . بمعنى أنه لم يكن يطلق حينها التهم جزافا ً , أو كان يرسل الكلام على عواهنه في جلسة ( 1 آب ) البرلمانيّة الشهيرة .  الأمر الذي دفع الهيئة القضائية المختصّة , وبعد أن لمست جديّة الأدلّة المقدمة , الى اتخاذ قرار يوجب منع المتهمين من السفر , بعد تحديد الأسماء وكما وردت في إفادة وزير الدفاع , كرئيس مجلس النوّاب والنوّاب الآخرين .
4 ــ قانونية ودستورية القضيّة برمتها . فتحريك الشكوى من قبل الإدّعاء العام تعتبر قانونيّة ودستوريّة . حيث لا مجال للمناكفات والاختلافات السياسية فيها , وخصوصا ً تلك التي تحمل الطابع الطائفي المقيت . فقرارات الهيئة القضائية المختصّة بما فيها التحقيق مع النوّاب المتهمين , وإن لم ترفع الحصانة عنهم دستوريّة ولا شائبة بها . فإذا كانت المادة (63) من الدستور قد منحت عضو مجلس النواب الحصانة من القبض والمحاكمة , ولكنها وبالوقت نفسه لم تعفه من التحقيق بشأن التهم الموجه اليه .
5 ــ لا قيمة قانونية لأقوال ووثائق وزير الدفاع , المقدمة أمام اللجان التحقيقية المشكلة من قبل مجلس النوّاب . ما دام قد أدلى بها وقدمها أمام الهيئة القضائية المختصّة . وكذلك لا قيمة قانونية لتأخر وزير الدفاع عن كشف حالات الفساد وأسماء المفسدين , لأن التأخير في حدّ ذاته لا يعفي الأسماء التي ذكرت , من تهم الفساد الموجهة إليهم حتى لو بعد حين . كما وتعتبر جميع الدعاوى التي اقيمت من قبل رئيس البرلمان وبعض النوّاب , في محاكم الكرخ ضد وزير الدفاع ( مستأخرة ) وتراوح بمكانها , لأنها مرتبطة لحين حسم الدعوى الرئيسية الموجودة أمام الهيئة القضائية المختصة .
وأخيرا ً .. إذا كانت العادة قد جرت عقب كل فضيحة تهزّ كيان وسمعة الدولة , أن يشرع البرلمان  بتنظيف الفوضى العارمة التي تخلفها , ويحاول أن يعيد الأمور الى مجاريها , بفتح التحقيقات اللازمة عبر لجانه النيابية , ولحفظ ماء الوجه بأقل الخسائر والفضائح الجانبية التي ممكن أن تحصل . فيا ترى مَن يكنس فوضى ممثلي الشعب , بعد الفضيحة التي كُشف عنها داخل قبّة الشعب ؟  وقد طالت كما رأينا وسمعنا رأس السلطة التشريعية في العراق ونواباً آخرين , فضلاً عن أسماء تجار وسماسرة ومقاولين آخرين , بتهم الابتزاز وسرقة ونهب المال العام , وتهم أخرى خطيرة تهدد الأمن الوطني للعراق وتعرضه للخطر . 
يوم 1 آب .. ربما سيكون اللمضة المتوهجة الدائمة في تاريخ العراق الحديث , والذي سيجد مكانه المريح للتشفّي , في ذاكرة جميع العراقيين , ويشمل حتى مَن غُرّر بهم وانساق زيفاً وراء الشعارات الزائفة للأحزاب الإسلامية , والعلمانية والليبرالية والقومية الحاكمة في العراق حتى لو بعد حين . والقضاء العراقي اليوم مدعوّ من قبل الشعب العراقي كله , الى أن يتجاوز محنته ويمتلك الشجاعة ليقول قولته بحق جميع الفاسدين , وأن لا يُعر أهميّة لمحاولات السماسرة السياسيين الرامية الى لملمة القضية , وتصوير الأمر وكانه مجرّد مناكفات سياسيّة محصورة داخل الكتلة ( السُنيّة ) نفسها , والحقيقة هي خلاف ذلك لما ترشح مِن أن هناك أسماء فاسدة أخرى متهمة أيضا ً , من الكرد والشيعة ضمن التحالفين الوطني والكردستاني .
وإلاّ سيكون هذا اليوم شِئنا أم أبينا , بتداعياته الكارثيّة بعين الشعب العراقي الجريح وذاكرته , الحد الفاصل لما كان قبله وما سيكون بعده من الأيام . بالنسبة لكافة الأسماء والمسمّيات والتسمّيات السياسية الفاسدة بالعراق .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/08/09



كتابة تعليق لموضوع : " البرلمان غيت " أو فضيحة البرلمان العراقي !؟.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net