صفحة الكاتب : ماجد الكعبي

صدور كتاب ( لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري )
ماجد الكعبي

الإهداء

إن أسمى وأغلى ما يهدي المحب للمحب هو ثمرة جهوده وعصارة أفكاره وخلاصة قناعاته اليقينية وهذه هي الهدية التي يبقى عطرها فواحا,  ومسكها مشعا ما دامت الأيام .. وان العزيز المعزز مهما تقدم له من هدية أو هدايا فإنها ضئيلة أمام نفسيته العريقة الغارقة بالمزايا المميزة والقيم والأصالة ... وان مسؤولية الاخاء والوفاء تحتم وتفرض على كل جارحة من جوارحي أن تسارع إلى تقديم هذا الإهداء إلى الصديق الصادق الصدوق الذي كان له الفضل الأكبر والأوفر في تحريك أفكاري بفاعلية فاعلة أنتجت هذا الكتاب الذي لا يخلو من اشراقات ولونيات وإشعاعات كبيرة وكثيرة .
اجل بكل الحب وبكل الالتزام الأخلاقي اهدي هذا الكتاب إلى الرجل الإنسان والصديق الأخ والأخ الصديق ماجدُ الكعبي الذي كان وما يزال وان شاء الله سيظل عضيدا ومعاضدا وساعدا ومساعدا لي في كل أنشطتي الثقافية,  لأنني والحق يقال سأظل مدينا له بالكثير الأكثر من صنع الجميل والمؤازرة الأخوية الراسخة ... فان هذا الإنسان الذي يجهل حقيقته الكثيرون الذين يعرفونه لان من يغوص في مسامات عقله ونفسيته وكتاباته وسلوكه يجده وبحق رجل متاصلٌ في النخوة والإخوة والوفاء, وانه راية عالية  في ميدان الصداقة الصادقة التي يحافظ على ديمومتها وإبقاء جذوتها متوقدة تنير الدروب لكل الذين يبتغون صدق الصداقة ونقاء العلاقة .. فهذا الماجد ُ سيظل ماجداً ومجيداً في واحة البراءة والنقاء , فقد عرفته إنساناً اعتيادياً بسيطاً متطوعاً بشهامة بتقديم الخدمات المثمرة للذي يعرفه ومن لا  يعرفه وهذه هي سمة الاصلاء الذين يلتزمون بالإيثار الحقيقي .. نعم وجدت هذا الرجل ملتحماً بالشجاعة وملتصقاً بالصدق لا يهاب إلا من يحترم نفسه ويعتنق المبادئ السامية ويتحلى بالأخلاق العالية ,  وان مواقف هذا الإنسان تتلألآ كما يتلألأ البدر في كبد القبة الزرقاء .
وإنني إذ اهدي مجهودي هذا للصديق الدائم ماجدُ الكعبي اشعر بأنني عاجزاً ومتقاعساً عن تقديم الشيء الذي يليق بمكانته الثقافية ومنزلته الاجتماعية وتاريخه المتجذر في واحة الجهاد والثقافة والكلمة السيف والتي يوظفها لإخراس كل الألسن الشريرة التي تتقيء النفاق الرخيص والبهتان القذر,  وان صولاته وجولاته معروفة ومكشوفة على كل الأصعدة فلا تأخذه بالحق لومة لائم ,  ولا ولم يخشَ المكاشفة والمنازلة لأنه معتصم بعروة الإيمان والبسالة والإقدام , وانه يمتاز بنكران الذات وقد طلق الطموحات الغير مشروعة وتمسك بالضوابط المبدئية واعتنق مبدءا لا يحيد ولا يميد عنه إلا وهو مبدأ المصارحة والنقاء والترفع عن الدنايا والخطايا فثقوا يا من تقرئون هذه الكلمات بان الرجل (( ماجدُ الكعبي )) قد سلخ من عمره ربع قرن مشردا في ديار الغربة وقد قدم التضحيات والشهداء قربانا لحرية العراق في العهد الصدامي المقبور,  فتحمل هو وعائلته ( المتعبة والمنهوكة ) الكثير الكثير من الويلات والصدمات .. وعندما عاد إلى حضن العراق انفتحت أمامه صفحات مأساوية جديدة حيث تناساه وتنكر لتاريخه رفاق الدرب الطويل عندما تبؤا مواقع متقدمة في أروقة الدولة والحكومة وتنكروا لكل جهاد وكفاح وعطاء ومواقف وثقافة وكتابات هذا الرجل رغم انه قدم عدة طلبات للمسؤولين من اجل الحصول على وظيفة له أو لأحد أولاده ولكن بدون جدوى وهو لحد الآن يمضغ علقم الصبر , والأمر والأدهى بأنه لا يمتلك في هذا الوطن الممتد شبرا من الأرض ومازال متمسكا بالصبر والتصابر والأنفة والمكابرة فانه لا يجيد فن التزلف والنفاق ولا يحمل المباخر في مواكب المسؤولين ولا يتحول إلى بوق للدعاية لأي منهم  لأنه غني بمبادئه وأفكاره وقلمه ومتسام بنفسيته وكبريائه ولسانه الذي لا يصمد أمام كل المهازل والماسي والمخازي التي تفترش الوطن , فهذا الجندي المجهول بالنسبة لي وبالنسبة للذين اعرفهم لا أجد من هو أفضل منه في هذا الإهداء .
وتمتحنُ الرجولةُ في محكٍ                        يمازُ بها المزيفُ والأصيلُ
خصالٌ كلها  شرفٌ  رفيعٌ                         ونفسٌ  كلها  خلقٌ   نبيلُ
وطبعٌ صيغَ من أدبٍ ولطفٍ                       كعطرِ المسكِ فواحٌ خجولُ 

حمزة علي البدري
5/5 /2011 
لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري

 
محمد مهدي الجواهري

ولد الشاعر محمد مهدي الجواهري في النجف في السادس والعشرين من تموز عام 1899م ، والنجف مركز ديني وأدبي ، وللشعر فيها أسواق تتمثل في مجالسها ومحافلها ، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف ، أراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة.تحدّر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تُعرف بآل الجواهر ، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، والذي ألّف كتاباً في الفقه واسم الكتاب "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " . وكان لهذه الأسرة ، كما لباقي الأسر الكبيرة في النجف مجلس عامر بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية . قرأ القرآن الكريم وهو في هذه السن المبكرة وتم له ذلك بين أقرباء والده وأصدقائه، ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة، فأخذ عن شيوخه النحو والصرف والبلاغة والفقه وما إلى ذلك مما هو معروف في منهج الدراسة آنذاك . وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان المتنبي ليبدأ الفتى بالحفظ طوال نهاره منتظراً ساعة الامتحان بفارغ الصبر ، وبعد أن ينجح في الامتحان يسمح له بالخروج فيحس انه خُلق من جديد ، وفي المساء يصاحب والده إلى مجالس الكبار . ‏أظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ، ونظم الشعر في سن مبكرة ، تأثراً ببيئته ، واستجابة لموهبة كامنة فيه .‏  كان قوي الذاكرة ، سريع الحفظ ، ويروى أنه في إحدى المرات وضعت أمامه ليرة ذهبية وطلب منه أن يبرهن عن مقدرته في الحفظ وتكون الليرة له. فغاب الفتى ثماني ساعات وحفظ قصيدة من (450) بيتاً واسمعها للحاضرين وقبض الليرة .‏
- كان أبوه يريده عالماً لا شاعراً ، لكن ميله للشعر غلب عليه . وفي سنة 1917، توفي والده وبعد أن انقضت أيام الحزن عاد الشاب إلى دروسه وأضاف إليها درس البيان والمنطق والفلسفة.. وقرأ كل شعر جديد سواء أكان عربياً أم مترجماً عن الغرب .
- وكان في أول حياته يرتدي العمامة لباس رجال الدين لأنه نشأ نشأةً دينيه محافظة ، واشترك بسب ذلك في ثورة العشرين عام 1920م ضد السلطات البريطانية وهو لابس العمامة ، ثم اشتغل مدة قصيرة في بلاط الملك فيصل الأول عندما تُوج ملكاً على العراق وكان لا يزال يرتدي العمامة ، ثم ترك العمامة كما ترك الاشتغال في البلاط الفيصلي وراح يعمل بالصحافة بعد أن غادر النجف إلى بغداد ، فأصدر مجموعة من الصحف منها جريدة ( الفرات ) وجريدة ( الانقلاب ) ثم جريدة ( الرأي العام ) وانتخب عدة مرات رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين . لم يبق من شعره الأول شيء يُذكر ، وأول قصيدة له كانت قد نشرت في شهر كانون الثاني عام 1921 ، وأخذ يوالي النشر بعدها في مختلف الجرائد والمجلات العراقية والعربية . نشر أول مجموعة له باسم " حلبة الأدب " عارض فيها عدداً من الشعراء القدامى والمعاصرين . سافر إلى إيران مرتين : المرة الأولى في عام 1924 ، والثانية في عام 1926 ، وكان قد أُخِذ بطبيعتها ، فنظم في ذلك عدة مقطوعات .
- ترك النجف عام 1927 ليُعَيَّن مدرّساً في المدارس الثانوية ، ولكنه فوجيء بتعيينه معلماً على الملاك الابتدائي في الكاظمية . أصدر في عام 1928 ديواناً أسماه " بين الشعور والعاطفة " نشر فيه ما استجد من شعره . استقال من البلاط سنة 1930 ، ليصدر جريدته (الفرات) ، وقد صدر منها عشرون عدداً ، ثم ألغت الحكومة امتيازها فآلمه ذلك كثيراً ، وحاول أن يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى ، فبقي بدون عمل إلى أن عُيِّنَ معلماً في أواخر سنة 1931 في مدرسة المأمونية ، ثم نقل الى ديوان الوزارة رئيساً لديوان التحرير .
- في عام 1935 أصدر ديوانه الثاني بإسم " ديوان الجواهري " .
- في أواخر عام 1936 أصدر جريدة (الانقلاب) إثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي .وإذ أحس بانحراف الانقلاب عن أهدافه التي أعلن عنها بدأ يعارض سياسة الحكم فيما ينشر في هذه الجريدة ، فحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وبإيقاف الجريدة عن الصدور شهراً . بعد سقوط حكومة الانقلاب غير اسم الجريدة إلى (الرأي العام) ، ولم يتح لها مواصلة الصدور ، فعطلت أكثر من مرة بسبب ما كان يكتب فيها من مقالات ناقدة للسياسات المتعاقبة .  لما قامت حركة مارس 1941 أيّدها وبعد فشلها غادر العراق مع من غادر إلى إيران ، ثم عاد إلى العراق في العام نفسه ليستأنف إصدار جريدته (الرأي العام) . في عام 1944 شارك في مهرجان أبي العلاء المعري في دمشق . أصدر في عامي 1949 و 1950 الجزء الأول والثاني من ديوانه في طبعة جديدة ضم فيها قصائده التي نظمها في الأربعينيات والتي برز فيها شاعراً كبيراً - شارك في عام 1950 في المؤتمر الثقافي للجامعة العربية الذي عُقد في الاسكندرية . انتخب رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين . واجه مضايقات مختلفة فغادر العراق عام 1961 إلى لبنان ومن هناك استقر في براغ ضيفاً على اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين . أقام في براغ سبع سنوات ، وصدر له فيها في عام 1965 ديوان جديد سمّاه " بريد الغربة " . عاد إلى العراق في عام 1968 وخصصت له حكومة الثورة راتباً تقاعدياً قدره 150 ديناراً في الشهر . في عام 1969 صدر له في بغداد ديوان "بريد العودة" . في عام 1971 أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " أيها الأرق" .وفي العام نفسه رأس الوفد العراقي الذي مثّل العراق في مؤتمر الأدباء العرب الثامن المنعقد في دمشق . وفي العام نفسه أصدرت له وزارة الإعلام ديوان " خلجات " .
- في عام 1973 رأس الوفد العراقي إلى مؤتمر الأدباء التاسع الذي عقد في تونس .
- بلدان عديدة فتحت أبوابها للجواهري مثل مصر، المغرب، والأردن ، وهذا دليل على مدى الاحترام الذي حظي به ولكنه اختار دمشق واستقر فيها واطمأن إليها واستراح ونزل في ضيافة الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي بسط رعايته لكل الشعراء والأدباء والكتّاب.
- كرمه الرئيس الراحل «حافظ الأسد» بمنحه أعلى وسام في البلاد ، وقصيدة الشاعر الجواهري (دمشق جبهة المجد» ذروة من الذرا الشعرية العالية .
- يتصف أسلوب الجواهري بالصدق في التعبير والقوة في البيان والحرارة في الإحساس الملتحم بالصور الهادرة كالتيار في النفس ، ولكنه يبدو من خلال أفكاره متشائماً حزيناً من الحياة تغلف شعره مسحة من الكآبة والإحساس القاتم الحزين مع نفسية معقدة تنظر إلى كل أمر نظر الفيلسوف الناقد الذي لايرضيه شيء. وتوفي الجواهري في السابع والعشرين من تموز 1997 ، ورحل بعد أن تمرد وتحدى ودخل معارك كبرى وخاض غمرتها واكتوى بنيرانها فكان بحق شاهد العصر الذي لم يجامل ولم يحاب أحداً .‏  وقد ولد الجواهري وتوفي في نفس الشهر، وكان الفارق يوماً واحداً مابين عيد ميلاده ووفاته. فقد ولد في السادس والعشرين من تموز عام 1899 وتوفي في السابع والعشرين من تموز 1997  

لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري
(( الحلقة الأولى ))
 
حاوره ... ماجد الكعبي
عندما وطأت قدماي مدينة قلعة سكر بعد عودتي من الغربة التي استدامت لمدة ربع قرن حيث اتخذتها سكنا لي وتعرفت على النخب المرموقة في هذه المدينة الحالمة والتي تغفو على نهر الغراف المنساب بعذوبة وشفافية تزرع شتلات السعادة والفرح والمباهج والابتسامات على الشفاه المُتعَبه  . سمعتُ عنه الكثير المبهج من أبناء مدينته ومن العناصر التي تعرفه جيدا . فعرفته بصورة متزايدة عندما ارتبطت به ولازمته طيلة المدة المنصرمة ,  فزاد تعلقي به واستهواني بثقافته و أفكاره ومنطقه وسلوكه فاتخذته أخا وصديقا لأني شعرت أن بيني وبينه الكثير من التطابق والتماثل في الآراء ووجهات النظر والمبادئ . لذلك فإنني حريص على صداقته الصادقة والمتصاعدة والمستمرة معه .
حمزة علي البدري ... معلم وتربوي من مواليد 1941 رأى النور في محافظة ذي قار ناحية قلعة سكر ,  تخرج عام (  1962 م )  من دار المعلمين الابتدائية في الناصرية , ومنذ طفولته كان مولعا بالقراءة و منشدا لحفظ دواوين معظم الشعراء الأفذاذ فأكتنز في ذاكرته أشعارا وأشعارا جذابة و مختارة  ,  مارس الكتابة المتقطعة في الصحف المحلية وزاول النشر بصورة مكثفة في السنوات الأخيرة .. رغم انه رجل مشلول ومصاب بدزينة من الأمراض الممضة ,  ومن حسن حظه أن الجلطة الدماغية التي أصابته بتاريخ 9 / 9 / 1990 لم تمسح ما ادخره من صور ومفردات شعرية . وبحكم علاقتي الصميمة الأخوية معه فقد دار بيننا حديث مطول عن جوهرة الأدب العربي المرحوم المخلد الجواهري , وإنني اعرف جيدا بان البدري مطلع ومتابع لدواوين الجواهري كافة  , ويعتبره الشاعر الذي لا يبارى ولا يجارى ويصفه بأنه الخريدة والفريدة في قلادة الشعر العمودي , وأكد لي بأنه على أتم الاستعداد بأن يرفدني ببيت من الشعر أو بيتين للجواهري عن أي سؤال اطرحه عليه , فبهذا أثار استغرابي ودهشتي ,  فقلت له لنرحل في سفرة سياحية ( جواهرية ) ولنستقر على مرفأ الحوار الشاعري ,  حيث تمت بيننا هذه الجلسة الودية التي سأطلع فيها على حقيقية ما يقول البدري عن مقدرته بالإجابة عن كل سؤال بلآليء الجواهري ...  فإليك يا صديقي هذه الباقة من الأسئلة ..؟؟؟
■ ماذا قال الجواهري عن الأمام الحسين عليه السلام ..؟
■ ويا بنَ التي لم يضع مثلُها
                           كمثلكَ حملاً ولم ترضعِ
      ويا بنَ البطينِ بلا بطنةٍ
                       ويا بنَ الفتى الحاسرِ الأنزعِ
    فنورتَ ما اظلمَ من فكرتي
                       وقومتَ ما أعوجَ من أضلعي
■ كيف أنت ..؟
■ أأقربُ ما أكون إلى انقباضٍ
                        وابعدُ ما أكون عن انشراحِ
         أنا عندي من الأسى جبلُ
                               يتمشى معي وينتقلُ
■ هل مجمل أمالك تحققت ..؟
■ وعدتُ مليءَ الصدر حقداً وقرحة
                وعادت يدي من كلِ ما أملت صفرا

■ هل انك أولى من غيرك في التكريم .؟
■ لا ادعي إنني أولى بتكرمة ٍ
                         وإنني فوق أصحابي وأقراني
■ ماذا تقدم للذين يحبونك ..؟
■ ولو تمكنتُ قدمتُ الفؤادَ لهم
                      ولكن تقديمَ إحساسي بإمكاني
■ ما هو رأيك بسلوك الأكثرية من الناس ..؟
■ تصفحتُ أعمالَ الورى فوجدتُها
                        مخازيَ غطوها بشتى الستائرِ
■ ما هو رأيك بتوزيع المناصب في العراق ..؟
■ ولم يبقَ معنى للمناصبِ عندنا
                   سِوى أنها ملكُ القريبِ المصاهر
         تُسنُ ذيولٌ للقوانينِ يبتغى بها
                      جلبَ قومٍ للكراسي  الشواغرِ
■ ماذا تقول عن المنافق الذي ابتلينا به ..؟
■ مشى على رَسِلهِ لا الخوفُ يردعهُ
                      ولا عن الفعلةِ النكراءِ يعتذرُ
■ ماهو الأمل في الإصلاح ..؟
■ ولا أملٌ إلا على يدِ مصلحٍ
                      حَقودٍ على هذا التدهورِ ثائرُ
■ بماذا يعبر حمزة البدري عن الشعراء والنابغين ..؟
■ وان بيوتَ الشاعرينَ مناسكٌ
                         وان قبورَ النابغينَ معابدُ
■ ماذا تود أن تقول الآن ..؟
■ ماذا أقولُ فؤادي ملؤهُ ضرم ُ
                     وهل توفي شعوري حقهُ الكلم ُ
       ليشهدَ الناسُ طراً أنني خجلُ
                     وليشهد الناس طرا إنني برِم
■ ماذا يحز في نفسك ..؟
■ وما حزَ في نفسي كغدرةِ غادرٍ
                         له ظاهرٌ بالمغرياتِ مبطن
■ هل بنظرك أن ميزان الاحكام متوازن ..؟
■ وقد تأتيَ الفظيعَ ولا عقابٌ
                        وقد تسدي الجميلَ فلا جزاءُ
■ ماذا تقول عن السكوت ..؟
■ سكتُ وصدري فيهِ تغلي مراجلُ
                        وبعضُ سكوت المرءِ للمرءِ قاتلُ
■ ماذا تقول إذا انسدت الأبواب بوجهك ..؟
■ امنَ المرؤةِ أن تنالَ حقوقَها
                       لِقطٌ  وأنتَ نصيبُُكَ الحرمانُ
■ هل تتوقع تالف حقيقي في المكونات السياسية ..؟
■ كيف التالفُ والقلوبُ مواقدٌ
                    تغلي بها الأحقادُ والاضغانُ
■ ماهي المصيبة التي لا تهون ..؟
■ كلُ المصائبِ قد تمرُ على الفتى
                          فتهونُ غير شماتةِ الأعداءِ
■ ما هو افجع ألوان الكآبة ..؟
■ وللكآبةِ ألوانٌ وافجعَها أن
                         تبصرَ الفيلسوفَ الحُرَ مكتئبا
■ وماذا عن ثورة الفكر ..؟
■ لثورةِ الفكرِ تاريخٌ يحدثُنا
                      بانَ ألفَ مسيحٍ دونها صلبا
■ أنت معلم فماذا قال الجواهري عن المعلم ..؟
■ لو جازَ للحرِ السجودَ تعبدا
                      لوجدتَ عبدا للمعلمِ ساجدا
■ ماذا قال الجواهري عن الرجل المحايد ..؟
■ وأذلُ خلقِ الله في بلدٍ طغت
                   فيه الرزايا من يكون محايدا
■ ماذا قال أبو فرات ( الجواهري ) عن الإرهابيين ..؟
■ مستأجَرينَ يخربونَ ديارهم
                       ويكافأونَ على الخرابِ رواتبا
■ ما هو شرف السياسية ..؟
■ شرفُ السياسةِ أن تخوضَ غمارها
                                      مستبسلا وكذلكَ الهيجاءُ
■ لماذا أجدك قاسيا في العتاب ..؟
■ ومن القساوةِ في العتابِ مودةٌ
                            ومن الثناءِ خديعةٌ ورياءُ
■ ماذا تريد أن تقول عن الوضع المعاش ..؟
■ إلا أن وضعَ النهي والأمرِ عندنا
                            غريبٌ وأهلُ الأمرِ والنهي اغربُ
             وناهيكَ من وضعٍ يعيشُ بظلهِ
                                كما يتمنى من يخونُ ويكذبُ
■ ما ذا تقول عن أصحاب الكفاءات ..؟
■ فلا العلمُ مرجوٌ ولا الفهمُ نافعٌ
                          ولا ضامنٌ عيشَ الأديبِ التأدبُ
          ومدَخرٌ سوطَ العذابِ لناهضٍ
                             ومدخرٌ للخاملِ الغرِ منصبُ
■ ماذا تقول عمن يزدي الجميل لك ..؟
■ وتلك يدٌ أعيا لساني وفائَها
                           فأوصيتُ أولادي بها  وعياليا
■ ما هو الشيء الذي يسيئك ..؟
■ لقد ساءني علمي بخبثِ السرائرِ
                       واني على تطهيرها غيرُ قادرِ
■ ما هو رأيك بالعشائر ..؟
■ وكانت طباعٌ للعشائرِ ترتجى
                       فقد غُيرت حتى طباعِ العشائرِ
■ بما تفسر الاصطراع في الوجود ..؟
■ من عهدِ قابيل وكلُ ضحية ٍ
                        رمز اصطراع الحق والأهواء
■ هل تتصور أن طموحاتنا يمكن أن تتحقق ..؟
■ يا دجلة الخيرِ قد هانت مطامحُنا

                             حتى لأدنى طموحٍ غيرِ مضمونِ
■ هل في واقعنا شوامخ تستحق مواقعا رفيعة ولكنها أهملت  ..؟
■ كم في غمارِ الناسِ من متوقدٍ
                               لوقيدَ شعَ على البلادِ كفرقدِ
       وكم استقرَ على الرُبا من تافهٍ
                            قد كانَ أليقَ بالحضيضِ الاوهدِ
■ ماذا قال الجواهري عن معشوقتهِ وحبيبته ..؟
■ أحملِيني كالطفلِ بين ذراعيكِ
                           احتضاناً ومثلَهُ دلليني
          وإذا ما سؤلتِ عني فقولي
                          ليسَ بدعاً اغاثةُ المسكين ِ
          لست أماً ولكن بأمثالِ هذا
                         شاءت الأمهاتُ أن تبتليني
■ وماذا عن الشهيد ..؟
■ يومَ الشَهيد : تحيةٌ وسلامُ
                    بكَ والنضالِ تؤرخُ الأعوامُ
بك والضحايا الغُرِّ يزهو شامخاً                 
                    علمُ الحسابِ وتَفخرُ الأرقامُ
وبكَ العتاة سيحشرونَ وجوهَهَم
                    سودٌ وحشو أنوفهم إرغامُ
لك أختٌ تشقُ عليكَ الجيوبَ
                     فيغرزُ في صدرِها مُعصمُ
 تُسائِلُ عنكَ بريقَ النجومِ
                          علكَ من بينها تنجمُ             
■ ما أقوى رابطة تربطنا ..؟
■ إذا فشلت كل الروابط بيننا
                      فرابطة الآداب امتن رابطة
■ هل تتمسك بالصبر على الأذى ..؟
■ أقولُ اضطراراً قد صبرتُ على الأذى
                                على إنني لا اعرفُ الحرَ مضطرا

■ بماذا يتسلح المرائون والمخادعون ..؟
■ كما أسدلت ليلاً هَلوُكٌ مُلحةٌ
                        على مخدعِ العهرِ الحريرَ الستائرا
■ ماذا تقول للشباب ..؟
■ عليكم وان طالَ الرجاءُ المعولُ
                         وفي يدكم تحقيقُ ما يتأملُ
■ ماذا تقول عن المتلاعبين بقوت الشعب ..؟
■ يدٌ رُكست للزندِ في كلِ حطةٍ
                      وأخرى من السُحتِ المحرمِ تأكلُ
■ وماذا تريد أن تقول عن الجواهري ..؟
■ نم غيرَ ما سوفٍ على زمنٍ
                              يشقى بريٌ ويهناُ فيه متهم ُ
        على رغمِ انفِ الموت ذكركَ خالدٌ
                           ترنُ بسمعِ الدهر منكَ القصائدُ
والى هنا انتهت الحلقة الأولى من الحوار الذي تم بيني وبين صديقي وأخي حمزة علي البدري , وقد أدهشني كثيرا على حسن اختياره الجذاب وحفظه النابه لروائع ولآليء الجواهري والتي هي سيل دافق ومتدفق من الشعر الجذاب الموحي ولم يقف عند حد , بل انه تيار رائع وممغنط حيث تفجر الحرف شلالا من الضوء في هذا اللقاء .. وتفجرت ينابيعه من عرق الجواهري فكانت اقحوانات ملؤها الأدب ساحت في رحاب أرواحنا الممتدة من بغداد إلى أخر بيت عربي شيد على ارض وطننا الكبير.
 وان زميلي الذي ضخ هذه الأبيات المنتقاة من ملاحم جوهرة العرب الشعرية أفصح عن قدرة قديرة وقادرة على الفرز والانتقاء ,  واعتقد ان قليلا تعدادهم أولئك الذين يستطيعون أن يوظفوا شعر الجواهري لكل سؤال يواجهونه  مباشرة وبدون تهيئةٍ وتحضير , وهذه ظاهرة تنتزع الإعجاب والانبهار. وفي الحوار القادم سأقدم للبدري أسئلة متعددة ومتنوعة على أغصان الجمال والحب والطبيعة والمرأة وعن كل ما هو نافع ومثمر وجميل فإلى لقاء منتظر .
      
لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري

(( الحلقة الثانية ))

إن الجاذبية التي يمتلكها الجواهري ليس لها حدود .. وان الحديث عن الجواهري لا ينقطع , إنما هو حديث يتوالد ويتجدد على مر اللحظات , وينابيعه لا لن تجف .. وان الذين حفظوا عن ظهر قلب أشعار الجواهري كثرة كاثرة , ولكن الذين يتسلحون بشعر جوهرة العرب – الجواهري – ويتخذونه إجابة شافية لكل سؤال يطرح عليهم نجدهم قلة قليلة , ومن هذه القلة صديقي الأديب حمزة علي البدري الذي أتحفنا بإجابات جذابة من أشعار الخالد المخلد أبي فرات في الحلقة الأولى , وان الرجل الآن يفتح شهيتي لان اطرح عليه باقة من الأسئلة التي تخالجني شريطة أن يكون الجواب بيت أو بيتين من شعر الجواهري كما أوعدني سابقا والآن نرحل في زورق شعر شاعرنا العظيم الجواهري .

 ■ ماذا تقول عن حياتك..؟
■  ذوى شبابي لم ينعم بسراء
                    كما ذوى الغصن ممنوعا من الماء
 مقيم على البلوى لزاما إذا انبرت
                           لي نكبة عظمى تهون بأعظم
■ هل تود ان أثير همومك..؟
■  دعوني دعوني لا تهيجوا لواعجي
                              ولا تبعث مني شجونا لواهيا

■ كيف تواجه المصاب والحزن   ..؟
■  إن التجلد في المصاب تطبع
                           والحزن شيء في النفوس طبيعي
■ ما هو الشيء الذي يرهقك    ..؟
■  فمن عناء بليات نهكت بها
                               إلى عناء , ومن داء إلى داء

■ هل تخشى القبر..؟
■  ولا أحب ظلام القبر يغمرني
                    أنا المشع بآمال وأهواء

■ ما أقسى النكبات التي تنتابك     ..؟
■  لم تكفني نكبات قد أخُذت بها
                 حتى نكبت بأفكاري وأرائي
■ ما أبشع ما تجده في الواقع ..؟
■  وجدنا هنا كل ذي عورة
               على كل ذي حرمة قد سطا
■ ماذا تود أن تكون..؟
■  طليقا من التبعات الكثار
                    حر العقيدة والمذهب
طموحا واعرف معنى الطموح
                فلا بالدعي ولا المعجب

■ ماذا تقول عن الشر..؟
■  وان ليس في الشر من مغنم
                 يعادل ما فيه من مثلب
■ هل تشاطر الآخرين همومهم    ..؟
■  حملت همومي على منكب
                وهم سواي على منكب
 ولا شيت نفسي في الأبعدين
                أفكر فيهم وفي الأقرب
■ هل ينتابك القنوط ..؟
■  ورفت ظلال تشيع القنوط
          على صفحتي وجهي المتعب
■ هل الساحة العراقية ملغمة..؟
■  قد كنت اعرف ها هنا جيفا
               تؤذي الثرى وتدنس النعشا
■ ماذا تقول عن الأجيال ..؟
■  وجيلا يروح وجيلا يجيء
                  ونارا إزاء هما تضرم
■ كيف ترى السياسة الآن  ..؟
■  يرون السياسة أن لا يمس
                  هذا وان يتقى شر ذا
  وهذا وذا في صميم البلاد
               سل وفي العين منها قذى
■ ماذا تقول عن الشعر..؟
■  وان الشعر تشرب من عيوني
               قوافيه , وتأكل من فؤادي
■ ما هي الأبيات الشعرية  التي لا تعجبك من الجواهري ..؟
■  تَسَلَّحْ بما اسطعتَ من حيلةٍ
                إلى الذئبِ تُعزَى ، أو الأرنب
  وإنْ تَرَ مَصلحةً فاصدقنَّ
                        وإنْ لم تَجِدْ طائلاً فاكذب! 
■ ما هو اخطر بيت شعري قاله الجواهري ..؟
■  أنا ذا أمامَكَ ماثلاً متَجبِّراً                
              أطأ الطُغاة بشسعِ نعليَ عازبا
■ هل تتجاهل الإساءة  إليك ..؟
■  حبست لساني بين شدقي مرغما
                    على انه ماضي الشبا إذ يناضل
■ وما ذا عن الخيانة ..؟
■  وان الخيانة مالا يجوز
                وان التقلب للثعلب
■ ما هو الشيء المر والأمر في وجودنا  ..؟
■  كل المسائل مرة
           وسكوتنا عنها أمر
 ■ بتصورك ما ذا ننتظر ..؟
■  فما دام حكم للتجارب راهن
                  فليس لنا غير انتظار العواقب
■ هل الحكومات تدوم بالسياط  ..؟
■  تبا لدولة حاكمين توهموا
                 أن الحكومة بالسياط تدام
 ■ ماذا يقول الجواهري عن الحاكم العادل ..؟
■  يا خير من حكم البلاد
             وخير من ساس البشر
   سبحان خالقك المبرء
               كيف صاغك من درر
■ ما هو اخطر ما في السياسة ..؟
■  ولنا غريم في السياسة مارق
                مذق يكيل لنا الوعود ويغدر
■ هل دخل على الثقافة دخلاء  ..؟
■  باسم الثقافة راح يدلف ها هنا
                 وهنا مريب خطوه مستنكر
■ ما ذا قال الجواهري عن الصريح يا حمزة البدري   ..؟
■  وكنت صريحا في حياتك كلها
                   وكان وما زال المصارح نادرا
  وتجيء بالرأي الصريح وانه
                   للان أصعب ما يكون واندرا
■ ماذا تقول عن الملتصق بالمتعذبين .؟
■  يا صاحب المتعذبين وعنده
               مما يعانون العذاب الأكبر
  تنزهت عن صدا الطارئات
          لأنك من معدن نادر
■ ماذا تستهويك من تنويمة الجياع  ..؟
■  نامي جياع الشعب نامي
                حرستك إلهة الطعام
  نامي فان لم تشبعي من
                      يقظة فمن المنام
 نامي على زبد الوعود
                 يداف في عسل الكلام
نامي على الخطب الطوال
                من الغطارفة العظام
■ ماذا قال الجواهري عن معشوقته البيروتية  ..؟
■  يا عذبة الروح يا فتانة الجسد
                   يا بنت بيروت يا أنشودة البلدِ
 فويق صدرك من رفق الشباب به
                       أشهى وأعنف ما يُعطى لمنتهدِ
■ ماذا قال الجواهري عن جمال المراة   ..؟
■  دعاني جمالكِ فيمن دعا
                   فلبيتهُ مسرعاً طيّعا
حشدت لهُ من عبيد الهوى
                 عطاشى محلاة جوعا
■ هل تود أن تكون أسير  الحب ..؟
■  يتقضى عهد التصابي وأصبو
                         وتخب الأيامُ بي وأحبُ
  يا فؤادي أأنت جذوة نار
                       كلما هبت الرياحُ تشبُ
■ ماذا قال الجواهري عن الربيع  ..؟
■ جاءَ الربيعُ الطَّلِقُ فاستبشري
                غريمك البرد طريد طليق
كُلُّ وجوهِ الأرضِ مكسوة            
             لفائف الأزهار حتَّى الطَّرِيق
■ هل لك أمل تنشده في الحياة   ..؟
■ أنا إن كنت مرهقا في شبابي
                 مثقلا بالهموم والاوصاب
 فمتى اعرف الطلاقة والأنس
                 ألما أكون تحت التراب
■  ما هو رأيك بوضعنا الحالي    ..؟

■ فيا لك من وضع تعاضل داؤه
                 تشاط له نفس الأبي وتلهب
  تداول هذا الحكم ناس لو أنهم
                   أرادوه طيفا في منام لخيبوا
■  هل تحتفظ بطريفة للجواهري..؟
■ نعم .. عندما كان الجواهري يتمشى في شارع أبي نؤاس صادف فتاة ترتدي بدلة ( مني جوب ) أي تنورة قصيرة جدا فقال لها عمو :
لحد الركبتين تكشفين
            بربك أي نهر تعبرين
والى هنا نتوقف عن الكلام المباح ,  فقد لاحت تباشير الصباح ,  وسوف نلتقي في حلقة ثالثة من لآلي الجواهري التي تحلق بنا إلى فضاءات المتعة والبهجة وترفدنا بالمزيد الثر من الانتعاش الشعري الذي يضخ لنا شذى الشعر العمودي الأصيل والذي يحمل ثروة من الأفكار والأنوار والأسرار ولا يسعني إلا أن  أقدم اضمامات شكري وحبي لأخي وصديقي العزيز المعزز الأديب حمزة علي البدري  الذي ضيعته الأيام وأنهكه المرض المزمن  حيث جعله طريح الفراش وحبيس الدار , ولكن أفكاره لن تحبس إنما تعيش في آفاق مفتوحة   تتناغم مع  الفكر والجمال والتألق رغم ما يعانيه من شلل نصفي وجلطة دماغية لن تؤثر على ما ادخره واختزنه من اشراقات مشعة ولونيات متنوعة ملئها الأنوار في ليل التائهين الذين يبحثون عن مرفأ أو مستقر.
 والى اللقاء وموعدنا في الحلقة الثالثة إن شاء الله .
لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري

(( الحلقة الثالثة ))

كلما التقي مع صديقي حمزة البدري يكون حديثنا الطاغي هو عن شاعرنا العظيم المعظم المرحوم ألجواهري , الذي أتحف الدنيا بجواهر ولإلي لا يغطيها الركام ولا يعلوها غبار الأيام والأعوام .
وإنني عندما تتكاثف الغيوم والهموم على حنايا قلبي , وتعتصر الإحداث نفسي , وعندما يتلبد الجو بالغبار المزعج الذي يزعجنا هذه الأيام , فان حديثي عن شعر ألجواهري مع أخي الأديب والكاتب حمزة علي ألبدري يقشع عنا كآبة ورتابة ومنغصات الحياة التي أضحت مملة وكئيبة وتبعث السام في النفوس , لان ينابيع الصدق والنقاء والإخاء والوفاء قد جفت وأمحلت , وأصبحت غابة تفترشها مختلف الوحوش الكاسرة التي تفترس الآخرين بأنيابها ومخالبها الناهشة ..  نعم إن متعتي وقد تكون متعة الآخرين تتزايد  كلما نسمع أو نقرأ أشعار ألجواهري على لسان البدري الذي يتقن اختيار الجواب لكل سؤال  اطرحه عليه من غابة شعر الراحل أبي فرات , وإنني إذ يتزايد انشراحي وارتياحي بطرح الأسئلة , فان بهجتي ودهشتي تتضاعف وتتكاثف عندما اسمع أجوبة ألبدري التي أجدها تحت لسانه في كل لحظة ... واليكم ما دار بيننا من سؤال وجواب . 

■ ماذا تود أن تقول عن حالتك  ..؟
■ تقدمني من لست ارضي اصطحابه
                    وطاولني من لم يكن بعدادي
   وما لذة الدنيا إذا لم أكن بها
                      أمتع في تفكيرتي ومرادي
■ ممن تشكو أيها البدري   ..؟
■ إنا أشكو من النذالة خصما
                        وأشكو من الخيانة خدنا
■ هل الإنسان الحر يجب ان يقول الحقيقة   ..؟
■ فما للحر بد من مقال
                        يرى لضميره فيه اقتناعا 
■ ماذا تقول عن المتسترين بالدين    ..؟
■ تحكم باسم الدين كل مذمم
                      ومرتكب حفت به الشبهات
 وما الدين إلا آلة  يشهرونها
                      إلى غرض يقضونه أو أداة
 ■ ما هو موقفك من المستضعفين    ..؟
■ يدي بيد المستضعفين اوريهم
                      من الظلم ما تعيا به الكلمات 
■ هل يكتفي الإنسان بذلاقة اللسان  ..؟
■ ما سرني ومضاء السيف يعوزني
                      إني ملكت لسانا نافذا ضرما
■ ماذا تقول عن التسامح  ..؟
■ إن التسامح في الإسلام ما حصدت
                   منه العروبة إلا الشوك والالما
في حين لم تعرف الأقوام قاطبة
                   عند التزاحم إلا الصارم الخذما
■ ماذا تقول للمتلاعبين بقوت الشعب ..؟
■ وقد جاش صدر الشعب يغلي حفيظة
                  عليكم كما يغلي على النار مرجل
■ يا حمزة البدري : هل أنت صريح  ..؟
■ أنت قبل الجميع تعرف إني
               في شعوري اجري على المكشوف
■ هل حرية الفكر مهددة عندنا  ..؟
■ حرية الفكر ما زالت مهددة
                       في الرافدين بهماز ومشاء
■ هل تمزقك الهموم  ..؟
■ أكلت قلبي الهموم وهدت
                  كل حولي واستنزفت كل جهدي
■ هل تخشى وتتخوف مما يطرا عليك ..؟
■ وليس بحر من إذا رام غاية
                 تخوف إن ترمي به مسكا وعرا
وما أنت بالمعطى التمرد حقه
               إذا كنت تخشى إن تجوع وان تعرى
■ ما هو قولك عن العراق المبتلى ..؟
■ بلاد تردت في مهاوٍ سحيقة
                       وناءت بأحمال ثقال قواصم
■ وماذا تقول للحبيبة ..؟
■ مدي لي يدا تمدد إليك يد
              لابد في العيش أو في الموت نتحد
■ لو كنت في منصب رفيع فماذا تفعل ..؟
■ ولو حم لي إن احكم الناس ساعة
                  وان أتولى فيهم النهي و الأمرا
لمزقت وجها بالخديعة باسما
                   ولا شيت ثغرا بالظغينة مفترا
■ ماهي الفوارق الطبقة في العراق ..؟
■ وباتت بطون ساغبات على طوى
                   واتخمت الأخرى بطيب المطاعم
■ ماهي المواقف التي تمتعض منها ..؟
■ وكم قلقت مسهدا لمواقف
              حكمت علي بان أداري مبغضا
 ■ ماذا يدعي الحاكم الظالم المخادع ..؟
■ لجأت إلى الدستور في كل شدة
                   أفسر فيه ما أراه مناسبا
أكم به الأفواه حقا وباطلا
                  واخنق أنفاسا به و مواهبا
وأغريت بالتلطيف أسحر شاعرا
                 وأغدقت بالأموال اخدع كاتبا
■ ماذا تعرف من مشاهد تستفزك وتؤلمك ..؟
■ أتعرف كم من أصيد ممتلٍ قهرا
               وكم حرة تشكو ومن حولها الفقرا
لينعم من إن عاش لم يدر نفعه
                   وان مات لم يعرف له احد قبرا
■ لم أراك كثير التشكي يا صديقي البدري ..؟
■ واني وان مارست شتي كوارث
                  إذا راح منها متلف جاء متلف
 ■ ماذا تقول عن الليالي الكالحة ..؟
■ جارت علي الليالي في تقلبها
                 و أوهنت جلدي من فرط تقليبي
 ■ ماذا تقول عن توزيع المناصب عندنا ..؟
■ تولي عنيد دفة الحكم فانطوى
               على الجمر من كان بالحكم أجدرا
■ ما هو شعورك عند تودع الحبيبة ..؟
■ اعرفت في ساعات عمرك موقفا
                   بعث الشجون كساعة التوديع
 ■ ماذا تقول عن الرجل اللبيب المحنك ..؟
■ لله درك من خبير بارع
                    يزن الأمور بحكمة وصواب
يعني بما تلد الليالي حيطة
                    ويعد للأيام الف حساب
متمكن مما يريد يناله
             موفور جاش هادئ الأعصاب
■ هل أنت تعانق الأمل ..؟
■ إنا عندي وان خبا أمل
                  جذوة في الفؤاد تشتعل
■ هل أنت مشبع بالحب والوفاء ..؟
■ إنا عبد الوفاء والحب دنياي
               هما دون من عبدت وديني
■ كيف سلخنا أعمارنا يا حمزة البدري ..؟
■ نحن صرعى الهموم في كل واد
              وضحايا الجلاد في كل حين
■كيف تواجه النوازل والطوارق ..؟
■ دع الطوارق كالأتون تحتدم
               وخلها كحبيك النسج تلتحم
وخذ مكانك منها غير مكترث
        دهدى بك الموت أو علت بك القمم
خض الكوارث لا نكسا ولا جزعا
        كالمندل الرطب يذكو حين يضطرم
إن الشدائد تستصفي النفوس بها
          مثل الحظوظ على أصحابها قسم
■ ماذا تقول يا صديقي عن الجواسيس والعملاء ..؟
■ كلاب الصيد يطلقها دنيء
             على الإشراف تنهش من تلاقي
■ ما ثمن عزة النفس ..؟
■ والله لو أوهب الدنيا بأجمعها
             ما بعت عزي بذل المترف البطر
 ■ ما أسوء ما يرتكب الأديب يا أيها الأديب  ..؟
■ وان صدقت فما في الناس مرتكبا
              مثل الأديب أعان الجور فارتكبا
■ ماذا تقول عن القائد الشريف  ..؟
■ لله درك من تقي لم ينل
                     أذياله وضر من الأوضار
■ ما هو نداؤك للشبيبة ..؟
■ قل للشبيبة حين يعصف عاصف
                     إلا يظلوا كالنسيم رواكدا
 ■ ما هو فهمك للحياة ..؟
■ لا بد من فهم الحياة معايبا
                    ومفاخرا ولذائذا وشدائدا
■ ما هو رأيك بأصناف الرجال ..؟
■ مارست أصناف الرجال دراية
                 من تابع منهم ومن متبوع
ونفذت للأعماق من أطباعهم
                 إذا كنت بلاشكال غير قنوع
فاخترت لي من بينهم مجموعة
             ووجدتك المختار في المجموع
كنت الشجاع طبيعة وسجية
                إذ ينهض الجبناء بالتشجيع

 وختاما لا يسعني إلا إن أقول : إن الظمأ إلى شعر الجواهري لن يتوقف , ولا أظن إنسانا متجذرا في واحة الشعر الخلاب يرتوي من نبع الجواهري الذي يتدفق عذوبة وحكمة ووطنية وأدبا وثقافة , فانه ملحمة لا تنتهي من الخرائد والفرائد التي تستقطب إعجاب كل عشاق الشعر في العالم ... فباقات إعجابي وتقديري لصديقي البدري على منحي جزء من وقته الثمين الذي أغناني وأغنى المتابعين بهذه الجواهر التي تبعث في النفوس أمواج الغبطة والتعلق العفوي بشاعرنا الراحل المرحوم جوهرة الأدب ( الجواهري ) .. والى لقاء منتظر في الحلقة الرابعة إن شاء الله

لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري

(( الحلقة الرابعة ))

الحديث عن أي شخصية شعرية مهما كانت عالية وسامقة .. والكلام عن أي موضوع مهما اتسم بالسمو والتألق .. ومهما استطال وتكاثر فانه لا بد أن يبعث على الملل والإشباع .. ولكن الحديث عن قمة الشعر العربي والغوص في شتى  تفاصيله عن شاعرنا الفرد المتفرد المرحوم الجواهري , كلما نتواصل بلا انقطاع عن جواهره المبدعة فإننا لا نشبع ولا نقنع من عبقها وأريجها ,  ولا ولن نرتوي من فيض عطائها الثر .. فالجواهري معشوق لكل عاشق , ومحبوب لكل محب ,  فهو حيٌ وميت ٌ ملء العيون والقلوب ,  وانه أعطر من العطر وارق من النسيم بإجماع الجميع ,  فقد التقت عليه الأفئدة ,  وتشدو بشعره كل الألسن الذواقة للروعة والإبداع وللعشق والهيام والجمال .
إن شعر الجواهري ليس أقوال تقال  , وليس كلمات تسبك,  بل انه سلسلة لؤلوية , وسبيكة ذهبية تشع انبهارا وإعجابا وانجذابا ,  فما أروعها من قريحة تضخ أمواج الإبداع والتألق والإشراق .. وأي انسان مثقف وعاشق للشعر يستغني عما طرحته هذه القريحة من درر ولآلي تظل ابد الآبدين في رحاب التاريخ والذكرى . وأعود من جديد إلى صديقي الأديب حمزة علي البدري وفي جعبتي أسئلة جديدة ومتنوعة منتظرا منه أن يزف لنا عرائس خلابة من هذا النبع الصافي والينبوع المتدفق .. وأنا على قناعة يقينية راسخة بان صديقي البدري يمتلك الخزين الهائل من الأجوبة الممغنطة عن كل سؤال اطرحه عليه ,  ويعطيني الأجوبة الشافية من رياض شاعرنا الكبير أبي فرات والذي هو فرات العراق الذي سيظل جريانه متدفقا بفيوضات الجمال والكمال والأنس والمؤانسة ,  ويغرقنا في خضم الأفكار المدهشة ,  والآراء المتألقة ,  والأشعار التي تحمل بين دفتيها أروع وأسمى الحكم والمواعظ والتجارب والعطاء .
 ويحلو لي أن افتح باب الأسئلة لصديقي كي أريح نفسي وأعصابي من منغصات الحياة ,  ومن نكد الأيام بارتشافي رشفات العذوبة والعفوية الجواهرية على لسان العاشق الولهان حمزة البدري ,  الذي بدأت أحس واشعر بان حياة هذا الرجل ( البدري ) مهندسة للاغتراف من الجدول الشعري للجواهري المخلد , وها أنا اطرح هذه الباقة  من الأسئلة  وكلي قناعة بان كل من يقرا أي حلقة من هذه الحلقات يشعر بانشداد وثيق للشعر الجواهري الأخاذ :


 ■ هل انك جلد أمام المصائب  ..؟
■ خلعتُ ثوبَ اصطبار ٍ كانَ يسترني
               وبانَ كذبُ ادعائي أنني جلدُ
■ ما ذا تقول عن الوطن  ..؟
■ ماذا يريدُ اللائمونَ فانهُ
                   وطنٌ يُحبُ وحبه ُ إيمانُ
  سنذودُ عنه ُ بعزم ِ حر ٍ صادقٍ
              منه ُ الضمير يستوي ولسانُ
لي فيكَ امالٌ وصدق ُ عزائم ٍ
                   لابدَ تنصرُ طيها الازمانُ
■ هل صحيح أن الطيور على أشكالها تقع  ..؟
■ إيهٍ عميدَ الدار كلُ لئيمة ٍ
                  لابدَ واجدة ٌ لئيما صاحبا
 ولكلِ فاحشة ِ المتاع ِذميمةٍ
                سوقٌ تتيحُ لها ذميماً راغبا
 ■ ماذا تقول عن الصامدين بوجه الباطل  ..؟
■ الصامدونَ على وعورةِ دربهم
               ما مسهم ضجرٌ ولا إعياءُ
■ ماذا تقول عن المستعمر وعملائه  ..؟
■ وقد رأى المستعمرون َ فرائساً
                 منا والقوا كلبَ صيدٍ سائبا
 فتعهدوهُ فراح طوعَ بنانهم
                    يَبرَونَ أنيابا له ومخالبا
متنمرينَ ينصبونَ صدورهم
            مثل السباع ضراوة وتكالبا
■ ماذا تقول للمتمشدقين الأدعياء  ..؟
■ لا تزعجونا بالتشدق أننا
            بسوى التخلص منكم لا نقنع
■ ماذا تقول عن الشريف النظيف الذي يرحل عنا  ..؟
■ إنا فقدناه فقدَ العين مقلتها
            أو فقد ُ ساعٍ إلى الهيجاء يمناه ُ
 ودعته ُ ودموع ُ العين فائضةٌ
           والنفس ُ جياشة ٌ والقلب ُ أواه
■ ماذا تقول إذا فلتت منك إساءة للمحبين  ..؟
■ وقد يهونُ عندَ المرءِ زلتهُ
          إحساسهُ انهُ ما بينَ إخوانِ
■ بماذا ترثي الحبيب ..؟
■ رثاؤكَ ما أشقَ على لساني
           ورزؤكَ ما أشد َ على جناني
■ ما هو تقيمك للرجل الصريح  ..؟
■ وكنتَ صريحاً في حياتك َ كُلِها
             وكانَ وما زال َ المصارح ُ نادرا
  وتجيُ بالرأي الصريحِ وانهُ
             للانَ أصعبُ ما يكونُ وأندرا
■ ما ذا قال الجواهري في رثاء أخيه الشهيد جعفر رحمه الله  ..؟
■ أخي جعفراً بعهودِ الإخاءِ    
              خالِصَةً بينا أُقْسِمُ
وبالدمعِ بعدكَ لاينثني   
            وبالحُزْنِ بَعْدَكَ لايُهْزَمُ
وبالبيتِ تَغْمُرُهُ وحشـةٌ    
              كقبرِكَ يسألُ هل تقدُمُ
وبالصَّحْبِ والأهلِ يستغربونَ   
             لأنَّكَ منحرفٌ عَنْهُمُ
إذا عادني شَبَحٌ مُفْـرِحٌ  
       تَصَدّى له شَبَحٌ  مُؤْلِمُ
وأنِّيَ عودٌ بكَفِّ  الريـاحِ   
      يَسْألُ منها متى يُقْصَمُ   
■ ياحمزةَ البدري أزح عنا السأم والملل بأبيات غزلية للجواهري  ..؟
■ جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني   
            وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ
                من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني
لا تقيسي على ملامحِ وجهي
                  وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ
              يتنافى ولونَ وجهي الحزين
أسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني
                 ودعي لي الخَيارَ في التعيين
■ زدنا بضمامة من شعر الغزل لأبي فرات رحمه الله   ..؟
■ علامَ  تجتهدينَ مُرغمة
               ان تستري ما ليس ينستر ُ
كذبَ المنافقُ لا اصطبارَ
              على قدٍ كقدك ِ حينَ يهتصرُ
ومغفلٌ من راحَ يقنعهُ
             منك الحديث الحلو والسمرُ
أنا لا اخصصُ منك جارحةً
           كل ُ جوارحي لي منك ِ وطرُ
عيناي فدى قدميك سيدتي
           عيناكما أضناهما السهر ُ
إني لأسفُ أن يجورَ
            على خديك ِ خدكٌ ملئهُ الشعر
■ ما هو الشي الذي يثير ألمك وسخطك   ..؟
■ أحاولُ خرقاً في الحياةِ وما اجرأ
                وأسف أن امضي ولم ابقي لي ذكرى
  ويلومني فرط افتكاري بأنني
                 سأذهب لا نفعا جذبت ولا ضرا
ومازلتُ ذاك المرء يوسع ُ دهره ُ
                وأصحابه ُ والناس كلهم كفرا
تأمل إلى عين تجد خزرا بها
                ووجهي تشاهده عن الناس مزورا
الم ترني من فرط شك وريبة
                 أري الناس حتى صاحبي نظرا شزرا 

■ ماذا قال الجواهري عن اختلاس المطارحات   ..؟
■ إن نيلَ الحرام أشهى من الحِل
                   وأحلى نيلاً وأعذبُ كأسا
■ ماذا تقول عن فراق الاحباب   ..؟
■ العيشُ مرٌ طعمهُ بعدكمُ
                 وكيفَ لا والبعدُ مرُ المذاقِ
   ■ إذا التبست عليك الأمور ايها البدري , فماذا تقول    ..؟
■ اللهُ اكبرُ رددها فان بها
              خواطراً ورموزاً ذاتَ أسرارِ          
■ ما هي البلايا والرزايا التي نعاني منها إضافة للإرهاب الأسود   ..؟
■ يا خليليَ والبلاءُ كثيرٌ
               في بلادي ولا كهذي البلية
كلنا في النفاقِ والختلِ نبدي
               كلَ يومٍ مهارة فنية
قد لففنا كل المساويءَ فينا
             برداءٍ من نهضةٍ وطنية
ما شقينا إلا لانا حسبنا
              إن في الكذبِ جرأةً أدبية
■ ما هو رأيك بالمظاهرات السلمية   ..؟
■ دعوا الشعبَ للإصلاح يأخذ طريقهُ
               ولا تقفوا للمصلحين بمرصدِ
 فأما حياة ٌ حرة ٌ مستقيمة ٌ
               تليقُ بشعبٍ ذي كيانٍ وسؤددِ
وإما مماتٌ ينتهي الجهد عندهُ
               فتعذرُ فاختر أي ثوبيكَ ترتدي
 ■ ماذا تقول عن الإنسان الشريف النموذج المميز    ..؟
■ وتمتحنُ الرجولةُ في محكٍ
              يمازُ بها المزيف ُ والأصيلُ
 خصالٌ كلها شرفٌ رفيعٌ
               ونفسٌ كلها خلقٌ نبيلُ
وطبعٌ صيغَ من أدبٍ ولطفٍ
             كعطرِ الزهرِ فواح ٌخجلُ

في هذه الطقوس المنعشة التي دغدغت مشاعرنا ,  وحركت المياه الراكدة في نفوسنا المتعبة التي أضناها السهر والقهر والانتظار وأنهكها القلق والأرق عما يتمسرح على واقعنا من أزمات وصدمات ومنغصات ومفاجئات وسلبيات تركت وما تزال تترك سحبا من الضجر والتذمر والاستياء ... ولكننا عندما نختلس سويعات نعيش بها مع تراث الجواهري الشعري تتبدد أمامنا الكثير من الهموم والغيوم  , لان شعر الجواهري يجدد أفكارنا ,  ويبعث في قلوبنا أمواج الغبطة والمرح والسرور والتأمل .
 فشعر الجواهري تضميد للجراح , وبلسم للآلام , وقناديل تشع أملا واطمئنانا وإشراقا تضيء دروب المتعبين والمقهورين والذين يرتقبون التغيير الايجابي الذي يحقق الأماني لهذا الشعب الذي عانى وما يزال يعاني الكوارث والمحن والنكبات , ولكن الأمل يكبر ويكبر بالمستقبل المشرق المتألق .. وان شاء الله إلى اللقاء في حلقة خامسة إذا بقينا أحياء .

لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري

(( الحلقة الخامسة ))


لا ندري أي سر يمتلكه شعر الجواهري ,  وأية مغناطيسية خارقة تمتلكها هذه الشخصية المتفردة ليس بالشعر فحسب إنما بالإرادة الفولاذية والشمم الأشم والعنفوان المتجدد .. إذا الحديث عن الجواهري يمتلك نكهة خاصة وعطر مميز لذا فكلما نقدم للقراء الأعزاء حلقة جديدة ينهال علينا شلال من رسائل الإعجاب مما يضاعف همتنا ويجدد طاقتنا على تقديم باقات خلابة وموحية من الأشعار التي زغرد بها بلبل الأمة العربية المرحوم الميت الحي الجواهري المتجدد دائما .
إن هذه الحلقات المتتابعة فجرت في مكنوني رغبة ملحة بان أتأبط أوراقي والتقي مع أخي وصديقي الأديب  حمزة علي البدري لارتشف ما هو أحلى وأسمى من النهر الشعري الجواهري الذي ينساب على لسان البدري .. ومثلما يفتتح النهار بالشمس ,  والليل بالقمر ,  افتح ملف الأسئلة مع أخي البدري ولنرحل جميعا في مركب الشعر الجواهري الأخاذ :

■ ما الذي يرفع قدر الإنسان   ..؟
■ شيئان يرفعُ قدرَ المرءِ ما ارتفعا
                  نظمٌ لدى الشعر أو مأثورةُ الخطبِ
■ ماذا تقول عن تقلب العلاقات ومردوداتها السلبية     ..؟
■ هل الأيامُ غيرت السجايا
                 وهل  خشنت   طباعهُمُ   الرقاقُ
 يطاقُ تقلب الأيامِ فينا
                        وأما  أن  نذلَ  فلا  يطاقُ
 ■ هل يعصمك الحذر من القدر    ..؟
■ حذرتُ وما ذا يُفيدُ الحذر
                          وفوق يميني يمين القدر
 ومما يهون وقع الحمام
                           أن ليس للمرء منه مفر
فيوم علينا ويوم لنا
                        ويوم نساء ويوم نسر
 
■ هل المخادعون للشعب مشخصون   ..؟
■ يلوي الشعوب مخادعون إذا ادعوا
                   للنصح كذبت الفعالُ المنطقا
■ ما ذا تقول عن الدين    ..؟
■ والدينُ كل الناسِ تعرفُ حملَهُ
                     والفرق كل الفرق في أدائه
■ هل الذين أحسنوا حتما يحصدون الإحسان    ..؟
■ لم يدرِ من أحسنوا صنعاً لغيِرهُم
                        بان عقباهم عقبا سنمارِ
■ هل تشكو من شي    ..؟
■ داوني أن بينَ جنبي قلباً
                      يشكو طولَ دهره أوجاعا
■ هل توجد في الناس عورات غير مكتشفة    ..؟
■ ولو رُمتُ للعوراتِ كشفا أريتكُمُ
                  من الناسِ حتى الأنبياء معايبا 
 أريتُكمُ أن المنافعَ صورت
                   محامدَ والحرمان منها معايبا
لحفظِ الأنانياتِ سُنت مناهجٌ
               على الخلقِ صَبت محنةً ومصائبا
■ ماذا تقول عن الإنسان الصادق الحقيقي   ..؟
■ اصدقُ في القولِ من هُدهدٍ
                    واخشنُ في الحق من جلمدِ
■ ماذا يريد الإنسان..؟
■ يريدُ الإنسان ُ أن يدوم َ
                    ولو دامَ سادَ عليه الضجر
 وأعطيتُ في الخلق طهرَ الغمام
                     وفي الفضل منزلةَ الفرقدِ
 ■ ما ذا تقول عن الشجاع الصابر الصامد    ..؟
■ ولم ارَ أقوى منكَ جأشا وقد عدت
                       عليك العوادي جمة تتراكم
وأفردت مثل السيف لا من مساعد ٍ
                    سوى ثقة بالنفس انك صارم ُ
ولم يجد الواشون للكيد مطمعا
                لديك ولم يخدش مساعيك واصم ُ
وان بلادا ً أنجبتك َ سعيدة ٌ
                   وشعب ٌ تسامى عزهُ بكَ غانم ُ
  ■ هل من علاج لواقعنا المأزوم    ..؟
■ عقابيلُ داءٍ مالهنَ مطببُ
                   ووضعٌ تغشاهُ الخنا والتذبذبُ
 ومملكةٌ رهنُ المشيئات امرها
                      وأنظمة يلهى بهنَ ويلعبُ
أعقما وأمات البلاد ولودةٌ
                    وانكِ يا ام َ الفراتينِ انجب ُ
 
  ■ هل تعرضت الى حملات مضادة من العواذل والمغرضين     ..؟
■ واعلمُ علماًَ يقطع الظنَ انه
            لكل أمريء في كل ِ شيءٍ عواذلُ
 أرى القومَ من يقذع يقرب إليهم
              ومن يجتنب يكثر عليه التحامل ُ
  ■ ما ذا قال الجواهري عن مفاتن حبيبته     ..؟
■ أنتِ الحياةُ وعمر ٌ في سواكِ مضى
                      فإنما هو تبذيرٌ وتبديدُ 
أقسمتُ أعطي شبابي حق قيمته
               لو أن مافات منه اليوم مردودُ
وكيفَ بي ونصيب المرء مرتهن
                 به ومغنمه في العمر محدودُ
نهداكِ والصدر ُ ثالوث ٌ أقدسهُ
              لو كانَ يُجمع ُ تثليثٌ وتوحيدُ
            
    ■ صف لنا وقفة أمام قبر شاعر   ..؟
■ ثوى اليوم في هذي الحفيرةِ شاعرٌ
          على الظلم محتجٌ عن العدلِ ذائدُ
  أبا الشعر والفكرِ المنبهُ امةً
               عزيزٌ علينا انكَ اليومَ راقدُ
   ■ هل لوتك الليالي     ..؟
■ وان الليالي حاولت ضرعي
                   فوجدتني معسرَ الحلب ِ
  ■ هل يتحمل البريء أوزار المذنب     ..؟
■ واللهِ لقتيدَ زيدٌ بأسمِ زائدةٍ 
            ولاصطلى عامرٌ والمبتغى عمرُ
   ■ هل العلاقات الاجتماعية تستديم     ..؟
■ جفوتم ولم أنكر جفاكم فلستُمُ
         بأول صحبٍ لم يدوموا على العهدِ
■ هل يخلو الأذى من منافع   ..؟
■ ولولا قلوبٌ تحسُ الأذى
                لما عرفَ اللذةَ العاشقونا
■ هل يخلو الحب من أضرار    ..؟
■ لا أكذبنكَ أن الحبَ متهم ٌ
           بالجور يأخذ منا فوق ما وهبا
■ هل يستغني المرء عن داره وصحبه وأهله ووطنه    ..؟
■ فيا داري إذا ذاقت ديارٌ
              ويا صحبي إذا قل الصحاب ُ
فمن أهلي إلى أهلي رجوعٌ
              ومن وطني إلى وطني ايابُ
 ■ ما ذا تقول للشباب الناهض    ..؟
■ ولأ نتم أنتم ليس سواكم
            املُ البلاد وذخرها المطلوبُ
  فتماسكوا فغدٌ قريبٌ فجرهُ
                منكم وكلُ مؤملٍ لقريبُ
 وتحالفوا أن لا يفرق بينكم
               غاوٍ ولا يندسُ فيكم ذيبُ
وتذكروا المستعمرين فأنهم
           سوطٌ على هذي البلاد رهيبُ
■ ماذا تقول عن دم الشهداء الأبرياء    ..؟
■ دمُ الشهداء أنت اعزُ ملكا ً
              وقاعكَ اشرفُ الدنيا بقاعا
 وأنت الخلد بالأنهار يجري
         وبالمسك انتشى أرِجا وضاعا
دمُ الشهداء كنت النار شبت
             على الباغين تندلع اندلاعا
■ ما ذا تقول عن المثقف الانتهازي    ..؟
■ ذاق العراق المر مما سامه
            بأسم الثقافةِ مارقٌ مستأجَرُ 
 ولمن ترادُ الثقافةُ من أمرها
         تبكي البلاد ويضحك المستعمرُ
■ ما ذا تقول عن الثائر المثقل بالقيود    ..؟
■ سلامٌ على مثقلٍ بالقيودِ
                 ويشمخُ كالقائدِ الظافرِ
كأن القيودَ على معصميهِ
                  مفاتيحُ مستقبلٍ زاهرِ

تتوالى اللقاءات ويتزايد المطر الشعري الجواهري الذي لا ولن ينتهي ما دام هنا وهنالك عشاق لهذا العطاء الساحر الثر الذي لا ينضب ولا يجف لأنه   الفرد المتفرد بالايجابيات الجاهزة والصائبة عن كل حالة أو ظاهرة أو معضلة أو أزمة .. كما أن شعر الجواهري حافل بالمباهج والفرح والأمل والتأمل والحب والجمال والطبيعة والعصامية والنهوض .
والذي أريد قوله أن رحلتي ومجالستي مع البدري وان طالت واستدامت فإنها قصيرة وضئيلة ,  لأنني أجد نفسي لم ارتوي من الينابيع التي يفجرها صديقي ,  وفي كل لقاء يقدم لي وللقراء الأعزاء لآلي لا يستغني عنها أي إنسان مهما بلغت درجة ثقافته أو منصبه ,  لان ما يطرحه غذاء لكل جائع ,  وماء لكل ظاميء , ودواء لكل عليل .. والى اللقاء في الحلقة السادسة إن شاء الله إن بقينا على قيد الحياة ودمتم .
  
لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري
(( الحلقة السادسة ))

عندما تتكوم على حنايا صدري منغصات والآلام فأنني أجد المتنفس الوحيد لي هو صديقي وأخي حمزة البدري الذي لم اخفي عنه أسراري حتى وان كانت سرية وشخصية جدا .. فتجربتي التي نسجتها معه وقناعتي بإخلاصه المؤكد لي جعلني أجد فيه العون والنصير والمستودع الذي أودع فيه كل عدنياتي وأسراري وها أنا أعيش في حالة نفسية صعبة إذ تلطخت الأجواء بالغيوم مع حبيبتي التي امتلكت كل حواسي  ومشاعري.. فأحسست بها أنها أسيرة تصورات وتخيلات وشكوك أثارت غضبي وامتعاضي حيث وجدتها لحد الآن لم تعي حقيقة وطوفان عشقي لها ,  وها أني التجأ إلى صديقي الأديب حمزة علي البدري ليصطحبني إلى مرافئ الشعر الجواهري لعلي أنسى في هذه الأجواء ما أعانيه من كبت وألم ومرارة من الزعل اللامشروع والمتسرع تحت وطأة الغيرة والشك والتخوف من المجهول , فحبيبتي تمتلك حاسة دقيقة ورقيقة يؤثر عليها حتى النسيم العليل.
أقولها والله شاهد على ما أقول بان الوقت الذي اقتطعه مع زميلي وأخي حمزة لا يعد من عمر الزمن ,  لأنه الزمن كله .. فعندما نجلس سوية افتح له قلبي ويفتح هو لي بوابات الأمل والتفاؤل والإشراق , فالرجل البدري حسب تجربتي الخاصة وجدت فيه ما لا أجده عند كل الأصدقاء وفي هذا الزمن الرديء الذي يزيدني قناعة في كل يوم بان الصديق النظيف الشريف العفيف المخلص عملة نادرة وشخصية متميزة , وألف حمد وشكر للباري القدير عندما قيض لي هذا الإنسان الصديق الذي لا تمل مجالسته ولن اشبع من أحاديثه المتنوعة ,  فالإنسان ينبغي بل يجب أن يجاهر بالحقيقة فانا طيلة رحلة حياتي جربت وغربلت ونخلت الكثير الكثير من الأصدقاء والأقارب والمعارف والزملاء فلم اعثر على إنسان يفهمني بدقة ويتواصل معي بشرف ونزاهة ,  وهذه هي حقيقة حمزة البدري الذي يعرفه جل مدينته  , وان معرفتي به قد تكون الأوسع والأكثر كثافة ,  فانه مستودع لإسراري ومحط ثقتي ووفائي , وان كل جلسة معه اشعر وبكل الصدق بأنني عثرت على إنسان يمتاز بالقيم والقيمة الأخلاقية العالية .. وكلما يتعكر مزاجي وتزدحم آهاتي وحسراتي أجد فيه الأخ المعين والعون والمعوان لي في كافة التشعبات وأقول هذه الوقائع والحقائق بكل الصدق والالتزام ... وها أنني احمل حقيبتي التي تضم تساؤلات شتى ومتنوعة عن مختلف فنون وأفانين الحياة , وكلي ثقة بان ايجابياته التي تبلور عظمة وسمو الجواهري سوف تزيل عن قلبي صدا التعاسة والمعاناة وزعل الحبيبة .
والذي أود أن أقوله بصراحة ومن يعترض أو يعاكس ما أقول فليقل ما يشاء شريطة أن يكون عف اللسان ونقي الجنان ولا يظلم من يلتزم بالنقاء والوفاء والولاء , إني قد وجدت أن صديقي البدري قد حفظ  عن ظهر قلب ميراث الجواهري قبل أكثر من نصف قرن ,  ولن أجد من يستطيع أن يجاري ويباري هذا الرجل بهذا العطاء الرائع الممسق وتعالوا معنا نتمتع بلآلي الجواهري على لسان حمزة البدري    

■ هل الحاجة تضطركفي بعض الأحيان الى موقف لم تقتنع به ..؟
■ عفواً فلولا اضطرار الحال يلجئني
                   لكنتُ أنفسَ مذخورٍ ومكسوبِ
■ ماذا يفعل الجائع الصابر ..؟
■ الآن أقحم حتى لاتَ مقتحم ِ
                   فقد تصبرتَ حتى لات مصطبرِ
سخريةُ الحالِ لا سخريةَ القدرِ
                 هذا التفاوت في الادقاع والبطر
■ بماذا تعلق على المتحكمين بالشعوب  ..؟
■ ما تشأؤن فاصنعوا
                               فرصة لا تضيع
فرصة أن تحمكوا
                             وتحطوا وترفعوا
ما تشأؤن فاصنعوا
                            كل عاصم يطوع
ما تشأؤن فاصنعوا
                          جوعوهم لتشبعوا
انتم الشمس في السماء
                             وأزكى وارفع
■ هل للطموح حدود ..؟
■ طموحٌ يريني كل شيٍ أنالهُ
          وان جل قدراً دون ما ابتغي قدرا
ولم أتكفف باليسير ولم أكن
            كمستانس بالقل مستكثرٍ نزرا
■ ماذا تفعل عندما يستبد بك الغضب  ..؟
■ وكنت متى اغضب على الدهر ارتجل
               محرقة الأبيات قاذفة جمرا
 كشأن زيادٍ حين أحرجَ صدره
           وضويقَ حتى قال خطبته البترا
أو المتنبي حين قال تذمرا
           أفيقا خمار الهم بغضني الخمرا
 ■ عندما تتكوم عليك المصائب فماذا تقول  ..؟
■ أنا إلى الله قول يستريح به
          ويستوي فيه من دانوا ومن جحدوا
 ■ ماذا قال الجواهري عند رحيل زوجته أم فرات  ..؟
■ لا يوحش الله ربعا تنزلين به
                 أظن قبرك روضا نوره تقد
غطى جناحاكِ أطفالي فكنتِ لهم
            ثغرا إذا استيقظوا عينا إذا رقدوا
 ■ ماذا تقول عن أوضاعنا الحالية  ..؟
■ إنا نرى المعوج من أوضاعنا
              في حاجة قصوى إلى التقويم
ونرى شتات جهودنا وصفوفنا
              ليست على شيء من التنظيم
 ■ ماذا تقول عن الإنسان الحر المتحرر  ..؟
■ أقام على العلم الصحيح اعتقاده
                عدو لأشباح الخرافات طارد
 وكان نقيا فكرة وعقيدة
                عزيزا عليه أن تسف العقائد
يؤكد أن الدينَ حبٌ ورحمةٌ
                 وعدلٌ وان الله لا شكَ واحد
وان الذي قد سخرَ الدينَ طامعاً
                    يتاجرُ باسمِ الله للهِ جاحدُ
■ ماذا تقول عن العقل  ..؟
■ والعقلُ من معنى العقالِ اشتقاقهُ
                إذا اقتيدَ إنسان به فهو عاقل 
■ هل انك ترتضي الواقع المعاش ..؟
■ فقد يعجب التفكير ذكر محاسن
              وقد يخجل القرطاس ذكرالمثالب
 ■ ما هي انطباعاتك عن تقولات الشارع  ..؟
■ وقد يضحك الثكلى تناقضُ شارعٍ
                      قوانينهُ مأخوذةٌ بالتناحرِ
وما ضرَ أهل الحكم إن كان ظلهم
               ثقيلاً على أهل النهى والبصائرِ
وحسبكم هذي الجماهيرَ تقتفي
                   خطى كل منقاد لها من مناصر
 ■ أيهما أيسر تحمل الذل أو الموت  ..؟
■ هي النفسُ تأبى أن تذلَ وتقهرا
          ترى الموت من صبر على الضيم أيسرا 
 ■ عمرك الآن سبعون فكم تود أن يطول عمرك  ..؟
■  سيان طال العمر أو لم يطل
                         مادامت الغاية أن يسلبا
■ هل شمل الأحبة يستديم  ..؟
■ لا شمل يبقى على الأيامِ مجتمعا
                  يبددُ الموت حتى دارةِ الشهبِ 
■ ماذا تقول عن الوعد والانتظار ..؟
■ كم أرى منتظرا وعدكم 
                           ثقل الوعد على المنتظر
■ باعتبارك مستودع لشعر الجواهري ,  فممن يتذمر  ..؟
■ في ذمةِ الشعر ما ألقى وأعظمهُ
               إ          ني اغني لأصنامٍ وأحجارِ
 ماعابني غير إني لا أمدُ يداً
                         إلى دنيء واني غيرُ خوارِ
لغيرِ زمانٍ كونَ الدهرُ نزعتي
                        وكونَ أعصابي لغيرِ بلادي
فلا تعجبوا أن القوافي حزينةٌ
                         فكل بلادي في ثيابِ حدادِ
■ ما هو رأيك بالزواج  ..؟
■ أي نفعٍ من عيشةٍ بين زوجين
                           بعيدين نزعةً واختبارا
 وخلالَ البيوت لا تجدونَ اليوم
                            إلا خصومةً وشجارا
 ■ ما هو مفهومك للتجديد  ..؟
■ لعمرك ما التجديد في أن يرى الفتى
               يروح كما يهوى خليعا ويفتري
ولكنه بالفكر حرا تزينه
                   تجارب مثل الكوكب المتوقد
 ■ هل للمال تأثير على العلاقات الاجتماعية  ..؟
■ ستعلمُ أينَ أهلُ المرءِ عنهُ
                     وأخوتهُ إذا ذهبَ الثراءُ 
وقد صدقوا فانَ يديكَ تهزأ
              على رجليكَ إذا نضبَ الرخاءُ
■ ما هي مردودات الجوع والعوز  ..؟
■ لو عالجَ المصلحونَ الجوعَ ما فسدت
           أوضاعنا هذه الفوضى من السغب
 ■ ماهي نظرتك للحياة  ..؟
■ أنا إن غصصت بما أحس ففي
               فمي ماء وبين جوانحي إيقاد
خُطت على صفحاتِ عزمك أية
                     أن الحياة ترفع وجهاد
لم تكفنا هذي المطامع فرقة
                    حتى تفرق بيننا الأحقاد
 ■ ما ذا يشير لك السيف  ..؟
■ وما السيف إلا آلة خلفها يد
                 وخلفها عزم يهم ويضرب
يضر بها جدب الرجال فتجدب
          وينعشها خصب النفوس فتخصب
 ■ هل يتعرض الشجاع إلى لحظة جبن  ..؟
■ يا أبا ناظم ورب شجاع
              واردته الحتوف وصمة جبن 
وأخيرا أقولها للضمير وللحقيقة بأنني لن أجد متعة ولن أزهو ولم أسمو في خمائل الشعر إلا عندما أجالس صديقي البدري الذي يفتح أمامي دنيا رحبة شاسعة من الآمال والأحلام والالق .. فلا اعتقد قد جلسنا جلسة اعتيادية رتيبة نجتر فيها الهموم والتوجع ,  فكل منا يعطي الأخر منشطات للصحو والأمل وحقن للإبداع والعنفوان للدرجة التي أقولها بصوت عال وصريح أن أحاديثنا طبق شهي مليء بكل صنوف الذوق والإبداعات الجواهرية والإشعار المتنوعة ,  وان هذه الحالة قد عشتها مع صديقي حمزة ولم ولن أعيشها مع إنسان غيره لأننا متطابقان أو متماثلان في الرؤى والأفكار والطروحات بمختلف ألوانها وصنوفها ,  واني أسف على السنوات المنسلخة من عمري دون أن أجد في صفوف الناس إنسانا قد فهمني فهم نفسي لنفسي كصديقي حمزة البدري .. وسنظل نغترف من شواطيء الجواهري لآلي الشعر الأنيق والبديع والمشبع بمزايا ومميزات قد يفتقر لها الكثرة الكاثرة من الشعراء على مر الحقب والسنين .. والى اللقاء معكم يا أحبتنا في حديقة جوهرة العرب الغناء مع الحلقة السابعة والتي نأمل أن تكون أكثر متعة وبهاء إن بقينا أحياء .
 
 لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري
(( الحلقة السابعة ))

لا ادري لماذا الظروف والمنغصات والمتاعب تحاصرني وتطوقني وتوزع الآلام والفواجع على كاهلي المنهك ,  وكاهل صديقي المتعب المريض ( البدري ) وكأننا أصبحنا مستودعا للهموم والأوجاع والقهر ومخيبات الأمل التي لا أظن ستنتهي .. فطيلة هذه المدة المنصرمة أنا أتعذب وأتمرمر في بغداد وكأني شريد تائه في متاهات العذاب الثقيل المتأتي من الانتظار المفجع للكيات ومن اكلة ((الفلافل)) التي تلازمني طيلة مكوثي في العاصمة العتيدة التي أضحت أمامي وعاء للمتناقضات حيث انسياب دجلة وهو يزهو متهاديا في جريانه العبق وعلى شاطئيه أرى الجمال والأنس وزرافات ووحدان مواكب العشاق وأكحل عيوني بمباهج المناظر الناعسة على ضفتي النهر حيث الزهور والورود والنخيل ومحلات الطرب والبطر وأنا مبتهج بما أرى ولكن تتكدس في قلبي وصدري أكداس الأسى والقهر و المتاعب الكبيرة والطموحات الذبيحة والآمال الممزقة والعلاقات الخادعة مع مرارة ومعاناة التعاسة والحرمان تحت وطأة الحاجة التي منحتني الآباء والشمم , ولكنها رمتني في وادي القهر والضجر .. وثقوا أن كل هذه المحن والمصاعب التي ما تزال تمعن بافتراسي تهون وتظل هينة أمام علمي بان أخي وصديقي الأديب حمزة البدري رهين المستشفى التي أضحت ملازمة لحياته المترعة بالإمراض والآلام ,  ولكنه يمتلك قوة الإرادة في مجابهة المرض ومواصلة الإبداع والعطاء .. وبعد هذه الرحلة البغدادية التعيسة تأبطت حقيبتي متوجها إلى مراب النهضة لأغادر بغداد متجها لمدينة قلعة سكر وذلك من اجل أن اطمئن على صحة صديقي البدري أولا  وتكملة مشوارنا الشعري مع الجواهري ثانيا ,  وفعلا تم اللقاء والحوار على ضفاف شعر (أبي فرات ) وان هذه الضفاف الفيحاء الرحبة تقشع عنا هموم الدنيا,  وكوارث الحياة ,  وزيف العلاقات,  ورداءة المتوقعات من الظروف التي لا تكف عن محاربة كل إنسان حر ونظيف وشريف .. نعم إننا الآن في ضيافة الجواهري وقد أخفينا همومنا وغيومنا وألان نمرح في براري الشعر لان فيه متنفسا يزيح عنا صدا الأيام ,  وركام الأحداث ,  وتعاسة المقاساة ,  وضياع الأقيسة ,  وتحكم الأهواء والشهوات والمصالح الضيقة والأنانية , فاضحينا نهبا لرياح المتنفذين والمستبدين والذين لا يشبعون ولا يقتنعون بكل ما حازوا واستحوذوا من أموال السحت ومن مميزات منتزعة من قوة الشعب المنهوك .. فأي حياة هذه التي يعاني منها كل إنسان ملتزم بقيم الشرف وشرف القيم ..؟؟ والطارئون الدخلاء النفعيون يسرحون ويمرحون, والقانون قد طوعوه لمشيئتهم وأغراضهم .
 فتعال تعال يا جوهرة الأدب الجواهري.. تعال تعال لترى وتسمع فماذا تفعل ..  وماذا ستقول أمام هذا الركام المتلاطم من المتناقضات المرة والسلبيات المريرة .. وان عزائنا هو اجترارنا بإشعارك المخلدة المنثورة على لسان صديقي حمزة البدري :

■ ماذا تتوقع من صاحب قضية   ..؟
■ ومن يتطلب مصعباتِ مسالك
                  فأيسر شيء عندهُ المركبُ الصعب
■ هل تستسلم للأقدار   ..؟
■ هو الدهرُ طارحهُ يصاحبكَ صفوهُ
                        فما صاحب الأيام إلا المقارعُ
■ هل في قلبك زفرة وتذمر .. وماذا تقول    ..؟
■ أعاتبُ فيكَ الدهرَ لو كان يسمعُ
                     وأشكو الليالي لو لشكواي تسمعُ
 آكلُ زماني فيك همٌ ولوعةٌ
                          وكل نصيبي منك قلبٌ مروعُ
ولي زفرةٌ لا يوسعُ القلبُ ردها
                             وكيفَ ونار الأسى تتفرعُ
أغركَ مني في الرزايا تجلدي
                        ولم تدرِ ما يخفي الفؤادُ الملوعُ 
■ في البدء من الذي جنى علينا  ..؟
■ أعندكَ علمٌ إنني من معاشرٍ
                      أبوهم جنى واختارَ أدنى المسالكِ
رماهم إلى شرِ المهالكِ
                       ادمٌ فهم أبرياءٌ حُملوا وزرَ هالك 
■ ما هو دور الشبان الآن    ..؟
■ يا شعبُ هل تخشى ضياعا بعد ما
                            حاضت على حياضك الشبانُ
شادوا المدارسَ بالعلومِ تنافسا
                                 فكأنما بين البلادِ رهانُ
يا جهلُ رفقا بالشعوبِ فأهلُها
                            كانت تذيبُ قُلوبها الاضغانُ
ولئن هتفتُ بما اُجَن
                      فعاذرٌ فلقد اضرَ بصدري الكتمانُ
 ■ ما هو الذي تتحمله ولا تتحمله من الحبيب  ..؟
■ حَمل فؤادي ما تشاء تُطق به
                            إلا جفاكَ فذاكَ لستُ أطيقهُ
 ■ ممن تشتكي  ..؟
■ اشتكي منكم وأشكو لكم 
                            إن دائي في هواكم لعُضالِ
■ ماذا تقول عن هجر الحبيب   ..؟
■ لا تقولوا : هَجرُنا عن علةٍ
                             ربما سرَ حسودا ما يقالُ
أنا من جربتموهُ ذالكَ أل
                          طاهر الحبِ إذا شنت خصالُ
شيمٌ هَذبنَ طبعي في الهوى
                        مثلما يجلو من السيف الصقالُ 
 
■ من تخاصم  ..؟
■ أنا خصمُ كلِ منافقٍ لم ينهني
                             حذرٌ ولم يقعد بي الكتمانُ
عابوا الصراحةَ فيكَ لما استعظموا
                          أن يستوي الإسرار والإعلان
واسِ الضعيفَ يكن ليومك أسوةٌ
                          وكذا الشعوب كما تدين تُدانُ  
■ ما هو رأيك بمناصرة الأمم والشعوب   ..؟
■ رحماكَ بالأممِ الضعافِ هوت بها
                               اِحنٌ فمد لها يدَ الإسعادِ
 وأشفق على تلك الجوانح أنها          
                         حُنيت اضالِعهُا على الأحقادِ
■ كيف رحلتك مع الأحزان ..؟
■ لستُ في أمري ولو
                             استطيع ما أخفيك أمرا
 أنتَ لو تعلمُ ما يلهبُ
                                    نفسي قلت عذرا
كان لي سرٌ ولكن
                                 بكَ قد أصبحَ دهرا
قد طويتُ الحزنَ أزمانا
                                فَحلتهُ اليوم نشرا
■ بماذا تناشد الشاعر الحساس  ..؟
■   يا أخَ البلبلِ شدوا وشعورا وافتعالا
     كلنا يدري الذي تلقى كفيناكَ  مقالا
     لم تطل دولة  هذا  الظلم إلا  لتدالا
     إلى الأحرار نشكوا وهم أسوء حالا
■ هل يوجد في الحياة هناء دائم   ..؟
■ لا تذكرني الهنا يشجو الحشا
                          ذكره إني ألفتُ الشجنا
 إنما أشكو حياةً كُلها
                       تبعاتٍ كنت عنها في غنى
 لا تنخدع في هناءٍ ظاهرٍ
                 كل ما في الأرض لا يدري الهنا

■ ما ذا تقول عن الألقاب والكنى   ..؟
■ أنتَ لا تطلب ما لا ينبغي
                          فدع الألقابَ عنا والكنى
■ ماذا يشير إليك الليل ..؟
■ يا ليلُ كم فيكَ من خاطرٍ
                    لذِي لوعةٍ بالأسى مبتل
وكم مقلةٍ فيكَ سهرانةٌ
                        وكم غلةٌ فيكَ لم تبلل
تجلى بكَ البدرُ ربُ الجمالِ
                      فهامَ بطلعتهِ المجتبي
أيا ليلُ هام بكَ المغرمون
                     لما فيكَ من عالمٍ امثلِ
■ من يتحمل مسؤولية الفساد والتردي  ..؟
■ عجبا ترومُ صلاحَ شعبكَ ساسةٌ
                 بالأمسِ كانوا أصلَ كلِ فسادِ
صرحَ لهم بالضدِ من آمالهم
                أو لستِ ممن أفصحَ بالضادِ
ثم ماشِ هذا الشعب في خطواتهِ
                 لا تتركوا وطني بغير سنادِ
الله خلفكَ والجدودُ كلاهما
            وكفاكَ عونُ اللهِ والأجدادِ
■ يا حمزة البدري ماذا تقول عن نفسك  ..؟
■ أما  أنا  فكما ترى بين  الطبيعة  والمحيط
  أفٍ  لها  من  عيشةٍ  مابينَ  وغدٍ   ولقيط
  يا شعرُ ثُر أن الشعورَ مهددٌ يا نفس شيطي
■ ما ذا يُشير لك الأمل والهوى   ..؟
■ تزاحمت الآمالُ حولكَ وانبرت
                  قلوبٌ عليهنَ العيونُ شواهدُ
مشت مهجتي في اِثر طَرفكَ واقتفت
               دليلَ الهوى والكلُ منهنَ شاردُ
حشاشةُ نفسي أُجهدت فيكَ والهوى
                  يطاردها عن قصدِها وتطاردُ
 ■ ماذا تنشد للعراق   ..؟
■ صبوتُ إلى ارضِ العراقِ وبردها
            إذا ما تصابى ذو الهوى لربى نجدِ
بلادٌ بها استعذبتُ ماءَ شبيبتي
              هوىً وليسَ العزُ بُرداً على بردِ
 وصلتُ بها عمرَ الشبابِ وَشرخهُ
              بذكرٍ على قربٍ وشوقٍ على بُعدِ
بذلتُ لها حقَ الودادِ رعايةً
               وما حفظُ الودِ المقيمِ سوى الودِ
 ■ ماذا فعل بك الشباب والعشق ..؟
■ شبابٌ ولكن في هواكم أضعتُهُ
                  وغُرسٌ ولكن ما جنيتُ ثمارهُ
أسرتم فؤادا لا يُحبُ انعتاقهُ
                 بحبِ سواكم ما رضيتم أُسارهُ
■ كيف تكن حالتك عن فراق الأحبة  ..؟
■ والله لا الوردُ عذبُ النمير
                  ولا العيش من بعدهم صالح ُ
بودي لو أن مجملاتِ الحديثِ
                         تباحُ لينشرها شارحُ
لتعلمَ كيفَ خفايا الصدور
            ومن هو في غيبهِ جارح ُ

كلما ننتهي من حلقة تتوالد حلقات وتتناسل أفكار وأشعار وأراء ليس لها من حدود, فالجواهري بحر ممتد .. والبدري سيل ليس له سد ,  فعظمة الشاعر هو أن يُلقي أو يكتب الشعر ,  وعظمة الحافظ لشعر الشعراء الأفذاذ  أن يوظفه للآخرين ويبرز روعته وعنفوانه .. فان الشاعر وحافظ شعره وجهان لعملة واحدة ,  فمن يكتب أو يشعر يريد من يقرا ويتابع لكي يشعر بلذة العطاء,  وان الذي يحفظ يتابع الشعر والشعراء وينتقي منهم ما هو رائع وممسق وجذاب فانه يكون وبحق داعية ومبشر وناشر لهذا الشعر الأخاذ الذي أدهشنا فيه وابهرنا به هذا  الترابط العضوي  بين مفخرة الشعر العربي والأديب البدري في توافق ذوقي والتزام شعري.
 وأقولها للحق والحقيقة إنني في كل حلقة ازداد حبا وتعلقا ومباهاة بصديقي الذي يزغرد بشعر الجواهري والذي يمتلك الإعجاب الكلي من كل من يقرأه ويسمعه. فخلودا ومجدا لشاعر العرب الأكبر الجواهري , واعتزازي المتواصل وقبلاتي اللهفى إلى أخي وصديقي حمزة البدري والذي لم يبخل علي بوقته بالرغم من مرضه الذي جعله طريح الفراش .. وانتظرونا في الحلقة الثامنة إن بقينا أحياء أن شاء الله .

لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري
(( الحلقة الثامنة ))
 
يا حمزة البدري أي نسيج من القهر ننسج ..؟ وأي حَبكٍ من الآهات والونات نحبك ..؟ والى متى نبقى في بيداء الصبر نصبر ..؟ فهل نحن جلاميد من الصخر ..؟  أم مرتع للعذاب والضجر ..؟ فماذا نفعل وما العمل ..؟ وقد انطفأت أمامنا شموع الأمل .. أنهرب ..؟ أنهادن ونساوم ..؟ أم ننتحر ..؟ أم نستسلم للمقادير الحمقاء وللظروف الرعناء ..؟ أم نختلق ونتحايل على أنفسنا باقتناص سويعات نصرمها بالحديث والتحدث عن الشعر والجواهري ..؟ لعل فيها نفحات تريح أرواحنا وتقشع ضباب الآلام عنا , وقد يكون هذا هو الخيار الأفضل ..فهل مزاجك الشخصي يا أخي يا أبا سامر يسمح لك بالإجابة عن أسئلتي التي أمل أن لا أثقل عليك بها وأنت الرجل المريض المشلول المتعب..؟  فاعذرني فانا الأخر مثلك ترسانة للمزعجات والآهات والمنغصات والتوجعات .. فماذا نصنع يا صديقي ..؟ وبأي الطرق نريح ونستريح ..؟ فالأفضل والأحسن لنا أن نرحل إلى عالم لا يشبه عالمنا .. والى دنيا غير دنيانا المليئة بالمتناقضات والقاذورات وبكل ما هو نتن ومزعج ومقرف ,  فدعنا من الهموم والسموم والغيوم ولنفتح أبوابنا لشعر أبي فرات وهو بكل تأكيد غذاء دسم لأمعائنا الخاوية , وارتواء لعطشنا الذي لا تطفئه سوى أشعار المرحوم الراحل الجواهري فلنبدأ :

■ هل ترتضي حكم الزمان  ..؟
■ قد نطقنا حتى رُمينا بهجرٍ
                 وسكتنا حتى اتهمنا بعيٍ
ورضينا حكم الزمان وما
             كان احتكام الزمان بالمرضي
■ ما هو موقفك من الواشي والمرائي ..؟
■ إن سعى الواشي يريك الغي رشدا
           لا تكن أهلا , وصن للود عهدا
 حاشا لله بقايا ذمةٍ منك
                   أن تثبت بي خصما ألدا
أنا إن بلغت عنكم ريبة
                قلت شكرا لهم منى وحمدا
 ■ ما هي انطباعاتك عن الحب  ..؟
■ أنستُ في غربتي حباً يبدلني
             بالأهلِ أهلٌ , وبالجيرانِ جيرانا
 الروحُ جارت علينا في محبتكم
                وطالما أشفتِ الأرواحُ أبدانا
والحبُ ارخصُ من أقدارنا بكم
               لو لا هوانا بنا ما كان أغلانا
نعمتم وشقينا في الهيام بكم
               شتانَ ما بين عقباكم وعقبانا 
■ ما ذا تقول عن الهوى والجمال   ..؟
■ أمواجَ خدكِ والتوقدِ ضدها
             ومذاب خمرك واللهيب نقيضه
طول الجمال وعرضه لك والهوى
                وقف عليك طويله وعريضه
وقعٌ كما تهوى على وتر الهوى
           فلانت ( معبد ) لحنه وغريضه
أما الغرامُ بكم فانَ قصيدَهُ
             وقفٌ عليكم بحرهِ وعروضهِ 
 ■ ماذا تقول عن نواميس الحب   ..؟
■ أين الذينَ أماتَ الحبُ أنفسهم
            حتى قضوا فيه عشاقا كزهادِ
الضاربينَ خيامَ الحبِ طاهرةً
             والداعميها من التقوى بأوتادِ
والمطربينَ لشكوى الحبِ معلنةً
            مستبدلينَ بها عن جسِ أعوادِ
مواظبينَ على الآدابِ ما انتقدوا
                   لحبهم غير أكفاء وأندادِ
  ■ تسلكات المنافق بماذا تشير لك   ..؟
■ أأنا الذي اتخذَ البلادَ شعارَه
                أم همُ قد لبسوا ثيابَ نفاقِ
في كل يومٍ في رداءٍ وفق ما
               تقتضي بذلك عملةُ الأوراقِ
وأنا وأخلاقي كما علمَ الورى
            أم هم وفيهم سوءةُ الأخلاقِ 
■ الجليس المونس بماذا تقيمه   ..؟
■ لا عيبَ فيه سوى إسرافهِ كرماً
               يوم النوال ولولا ذاك لم يُعدِ
 وفي الرضا مسرحٌ للقول منفسحٌ
              كل القصائدِ فيه درةِ السحبِ
انسُ الجليسِ وان نابتهُ نائبةٌ
     كأنهُ – وهو دامي القلب – في طربِ
 ■ ما هو شعورك إزاء الشعر   ..؟
■ قد قرأتُ الشعر في القرآنِ
                   من عهدِ التصابي
 لستُ ادري غير أني
                كان حب الشعر دأبي
كاد يلهيني حتى
                 عن طعامي وشرابي
أنا يا شعرُ وإياك
                    سواء في العذاب
أنا مما بك أبكيكَ
                     وتبكيني لما بي
إن يكن للمرء اجرٌ
                فهو لي يوم الحسابِ 
■ ما رأيك بالوفاق   ..؟
■ وخذي الوفاق فإنما
                 عقبى الخلاف إلى تَبابِ
■ ما هو توقعك لمستقبل العراق   ..؟
■ لا بدَ أن يأتيَ الزمانُ
                   على بلادي بانقلابِ
ويرى الذينَ توطنوا
                   أن الغنيمةَ في الإيابِ
ماذا يقول المالئو
               الاكراش من هذي النِهابِ
إن دال تصريف الزمانِ
                   وآن تصفيةُ الحسابِ
جاؤوا لنا صفرَ العبابِ
                 وقد مضوا بجر العيابِ
■ ما هي دعوتك للخاملين والمتقاعسين   ..؟
■ جدوا فأن الدهر جدا
                وتراكضوا شِيبا ومُردا
وتحاشدوا خير التسابق للعلى
                         ما كان حشدا
 صولوا بعزمٍ ليسَ يصداُ
                  حده والسيف يصدا
لا تقعدوا عن شحنها
                  همما تئدُ الدهر أدا
أو لستموا خير المواطن
                   موطنا   واعز جلدا
■ علام تتأسف وتتألم    ..؟
■ ويلي لكفٍ لم تَجد
               عضدا تصول به وزندا
ويلي لمن كانت لهم
                   أيامهم خصما ألدا
من أين داروا واجهوا
                   نكباتها سودا وبردا
لا تأسفن وطني وكن
                   ثبتا على الأيام صلدا

إلى هنا انتابَ صديقي البدري التعب الممض , لان الكلمات لا تخرج من فمه إنما من غليان قلبه الذي أثقلته ومزقته الآلام والهموم .. وإنني استجبت لرجاءه  بالتوقف لهذا الحد من الضخ الشعري وله العذر ومني الاعتذار , فالرجل وأنا اعرف الناس به إذا شعر بالتعب خرس لسانه وتسرب النعاس إلى عيونه فكيف أثقل عليه وهذه حالته وعاهدني بان ستكون الحلقة التاسعة أكثر ثراء وغنى ,  وطلب مني أن تكون أسئلتي أكثر إحراجا وفاعلية ,  والرجل مهيأ وتحت الطلب .. ونحن معكم شغوفون بمتابعتكم وسنرفدكم بالحلقة التاسعة بإذن الله جلت وتسامت قدرته ودمتم والى الملتقى إن بقينا أحياء .
 
لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري
(( الحلقة التاسعة  ))

لا نمتلك أية بضاعة , وليس عندنا أية سلوى , ولا شغل يشغلنا سوى الحديث والتحدث عن شخصية الجواهري العملاقة ,  وتراثه الشعري الأثيل .. فقد امتلكنا هذا الرجل العملاق , وكلما تترادف الأيام ,  وتتضاعف الحلقات نجد أنفسنا أنا وصديقي البدري وكأننا لم ولن  نبدأ .. فأي سحر يسحرنا ..؟ وأية مغناطيسية تجذبنا ..؟ وكيف لا ولم العجب , فعندما نتناغم مع نغمات الشعر الجواهري ننسى عذاباتنا وننسلخ عن كل العوالم ونظل أسرى في واحة الجواهري الغناء .
فصديقي وأخي حمزة البدري عندما افتح أمامه باب السؤال والتساؤل عن كل قضية يرتكز وباقتدار بايجابياته الساحرة بسحر شعر أبي فرات العذب ,  والذي يجدد نشاطنا ويشحن ذاكرتنا, وها أنا افتتح الحلقة التاسعة بهذا الاندفاع والشغف بطرح الأسئلة وارتوي ويرتوي كل قارئ ومتابع بما يطرحه أخي الأديب  حمزة البدري بأجوبته المنتقاة بدقة وعناية تثير الدهشة والإعجاب ,  والآن أزف له هذه الباقة من الأسئلة وسأسمع ما يقوله وستقرأون ما قاله لي ولنبدأ الرحلة :
 
■ هل في الحب منغصات وعذابات مزعجة  ..؟
■ أنا مذ همتُ فيكم كان دأبي
             إن ما ترتضونهُ يحمله قلبي
أن تزيدوا الجوى فأهلا
               وإلا حسبكم ما لقيت منكم وحسبي
وبحبي من الأحبة ظلما
               أن يُعد الغلو في الحب ديني
يعلمُ الناسُ ما أكابدُ منكم
               في سبيلِ الهوى ويعلمُ ربي
■ هل تعترف بالإساءة , وهل تعتذر عنها  ..؟
■ وما أنا إلا مسيءٌ اقر
           وما أنتَ إلا كريمٌ عذر
فلا تجزعنَ , نِعمَ عقبى الفتى
             تحمل ما لم يَطق فاصطبر
 ■ هل تبهجك المناظر الخلابة  ..؟
■ يا خليلي : أجيلا نظرا
            تريا الآفاقَ كحلُ النظرِ
يا أصيلاً هاجت الذكرى به
             نسمةٌ آنست نسيمَ السحرِ
وبساطَ الورد ممدودٌ على
             هذه الأقطارِ مد البصرِ
ونهارٌ مشمسٌ تقطعهُ
              بالأحاديثِ كليلٍ مقمرِ
لطفكَ اللهم ما أعظمه
               أفهذا كله للبشرِ
■ هل أنت متفاؤل أم متشائم  في هذه  الحياة  ..؟
■ خليليَ ما أدنى الممات إلى الفتى
           واقربَ حبل العمر أن يتقطعا
ولم تطلع الأقمارُ إلا لتختفي
          ولا عقرب الساعات إلا ليلسعا
فان لم يكن إلا نهارٌ وليلةٌ
             فما أجدرَ الإنسان أن يتمتعا
ولما أبت أيامنا غيرَ فرقة
             ولم تبقِ في قوس التصبر منزعا
نوينا فازمعنا رحيلا ومالتوت
              بنا نوب الزمان إلا لتُزمِعا 
 ■ ما ذا تقول عن الشوق والهوى  ..؟
■ ما شوقُ أهلِ الشوقِ في عرفِ الهوى
                       نُكرٌ فقد خلقوا ليشتاقوا
ماذا أذمُ من الهوى وبفضلهِ
                   قد رقَ لي طبع وصحَ مذاقُ
■ ما هو سر الحياة  ..؟
■ سرُ الحياةِ نجاحُ آمالِ الفتى
              أما الممات فسرهُ الإخفاقُ
 ■ ما هو الذي لا تتحمله في الحب والهوى   ..؟
■ هينٌ كل ما أُلاقيهِ منكم
           في الهوى غير ذلتي وخضوعي
■ أيهما أفضل الشعر أم  النعيم  ..؟
■ ذهبَ الناسُ من الدنيا بملكٍ ونعيمِ
               وذهبنا نحنُ بالأشعارِ والذوقِ السليمِ
 ■ هل الشجاعة بالأقوال أم بالأفعال   ..؟
■ وهل تُجدي الشجاعةُ في كلامٍ
               جباناً عن مقارعةِ الرجالِ
نظمتُ فلم يُفد شيئاً  نظامي
               وقُلتُ فلم يَجد أثراً مقالي
■ هل الصراحة منتعشة عندنا    ..؟
■ إلى اليومِ في بغدادَ خنقُ صراحةٍ
                  وتعذيبُ ألافٍ لأجل أَحادِ
■ ما هي مسيرتك في الحياة    ..؟
■ إلى المٍ وعن المٍ مسيري
            فما ادري غُدوي من رواحي
وما اختارُ ناحيةً لأني
            رماني الدهرُ من كلِ النواحي
وملءُ القلبِ إذ حبست لساني
               ظروفٌ مغرماتٌ باجتياحي

■ ما ذا تقول عن أدعياء الدين    ..؟
■ وان يُغضب الغاوين فضحُ معاشرٍ
                هم اليوم فيه قادةٌ وهداةُ
فما كان هذا الدين لولا ادعاؤهمُ
             لتمتاز في أحكامهِ الطبقاتُ
على باب ( شيخ المسلمين ) تكدست
                   جياعٌ علتهمُ ذلةٌ وعراةُ
هم القومُ أحياءٌ تقولُ كأنهم
                   على بابهِ ( شيخ المسلمين ) مواتُ 
 ■ ما ذا تعني لك ثورة الشباب    ..؟
■ ثارَ الشبابُ ومن مثلُ الشبابِ إذا
                  ريعَ الحمى وشواظ الغيرة اختذما
يأبى دم العربي في عروقهم
                أن يصبح العربي الحرَ مهتضما
افدي الذين إذا ما أزمةٌ أزمت
                في الشرق حزنا عليها فصروا اللمما
لا يأبهون بإرهابٍ إذا احتدموا
             ولا بمصرعهم إن شعبهم سلما
■ المتحكمون الجبابرة بماذا تدينهم وتقرعهم    ..؟
■ ساحةَ السجنِ الفظيع تَجد به
             ما يستثيرُ اللومَ والتقريعا
 إن الذينَ على حسابِ سواهمُ
                 حلبوا ملذات الحياةِ ضروعا
رفعوا القصور على كواهل شعبهم
             وتجاهلوا حقا له مشروعا
ساسوا الرعيةَ بالغرورِ سياسةً
               لا يرتضيها من يسوس قطيعا
حتى إذا ما الشعبُ حركَ باعهُ
               فإذا همُ أدنى واقصرُ بوعا
■ بماذا تناشد حبيبة العمر    ..؟
■ ابسمي لي تبسم حياتي وان
              كانت حياة مليئة بالشجون
 أنصفيني تكفري عن ذنوب
              الناس طرا فأنهم ظلموني
اعطفي ساعةً على شاعرٍ حرٍ
              رقيقٍ يعيشُ عيشَ السجينِ
أخذتني الهمومُ إلا قليلاً
                أدركيني ومن يديها خذيني

ما أمتعنا وأسعدنا بهذه الفترة الوجيزة التي انتعشنا بها باستظهار قصائد الجواهري المليحة البديعة ,  وان مسلسل الحلقات سوف يستمر مع صديقي البدري  ما دمنا شغوفين بالانتهال من هذا المنهل العذب والى اللقاء في الحلقة العاشرة إذا عطف الله علينا باستمرارنا في الحياة .

لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري
 
فاجأتُ صديقي  الأديب حمزة البدري بقولي :
لننعتق وننطلق من أسار الغرفة المتهالكة والتي تعشعش العناكب في زواياها,  ويلطخ الغبار جدرانها , وتتقطع أنفاسنا في أجوائها التي يسبح الحر في فضاءها ... ورجوت منه أن نتسامر في جلسة ثنائية على ضفاف نهر الغراف الذي يمنح مدينة قلعة سكر الجمال والإرواء والانتعاش , وبالفعل استأجرت سيارة أوصلتنا إلى مكان شاعري على ذلك النهر الذي تتراقص على ضفتيه الأشجار والأزهار والنخيل .. نعم جلسنا على بساط الطبيعة الأخضر تنعشنا النسائم العذبة الهابة من النهر الحبيب ونحن نستنشق بلهفة الهواء المندى برطوبة الماء الشفيف ,  وبالحال شعرنا كم نحن سعداء في حضن الطبيعة حيث الهواء العليل ,  ورقصات سعفات النخيل ,  وتمايلات أغصان الأشجار ,  وصفاء الجو ,  وعذوبة الماء وهذه المنعشات نشطت ذاكرة صديقي البدري وقال لي : الآن اسأل ماشئت وعن أي شي فان نشوة الجلسة قد فتحت أمامي أبواب الذكريات الخوالد , وقال لي ساعدك الله يا أيها الكعبي كم تعاني من تهيئة هذه الأسئلة المتنوعة فأجبته في الحال إن تعتبرني أعاني من تحضير الأسئلة فماذا أقول عنك يا أخي وشقيق روحي وأنت تحفظ وتدخر هذا الكم الهائل من أشعار الجواهري وفحول الشعراء فطوبى لك وسعادتي العامرة والغامرة بك كأخ صادق وصديق صدوق وأسال الله أن يُمتن علاقتنا ويرسخ وفاءنا وإخوتنا .
 واليك يا صديقي اضمامة من الأسئلة عسى أن لا يحرجك سؤال منها مع يقيني التام بأنك شلال لا يتسرب له الجفاف ولنبدأ :

■ هل موت القائد الفذ فجيعة للشعب   ..؟
■ الشعبُ محتشدٌ هنا يسمع
             ماذا يقول الشاعرُ المتفجعُ
يا سادتي أما أللسانُ فواهنٌ
                 متلجلجٌ فلتلهبنكم ادمعُ
سيركعُ التاريخُ فوقكَ كله
         وسيركعُ الوطنُ الذي بك يُمنعُ
أيموتُ شهمٌ تستظلُ بخيرهِ
               دنيا ويبقى خاملٌ لا ينفعُ
■ بما ذا تنادي المهمشين الكفوئين   ..؟
■ هل تنهضونَ إذا استثيرت نخوةٌ
               أو تجمدونَ كأنكم أنصابُ
هل انتم إن جَدَ أمر ينبغي
             توحيد شملكم به – أحزابُ –
■ إذا طلبت منك الجماهير القول , فماذا تقول   ..؟
■ لو أن مقاليدَ الجماهيرِ في يدي
            سلكتُ با وطاني سبيلَ التمرد
 إذن علمتُ أن لا حياةَ لاُئمةٍ
               تحاولُ أن تحيا بغيرٍ تجددِ
لو الأمر في كفي لجهزتُ قوةً
              تُعودُ هذا الشعب ما لم يُعودُ
 ■ هل يخنك لسانك   ..؟
■ وعندي لسانٌ لم يخني بمحفلٍ
            كما سيفُ عَمرٍ لم يخنهُ بمشهدِ
■ هل حال البلاد ترضيك   ..؟
■ ولقد يعز على الشعور وأهلهِ
                  مرأى البلاد بمثل هذي الحال
أنا مثلكم أسلمتُ كل عواطفي
                       لليأس يأخذها بكل مجالِ
شعبٌ أرادَ الوقيعةَ خصمُه
                    وبنوه فهو ممزق الأوصال
 ■ يا أيها البدري افدنا بشيء عن السياسة ..؟
■ يا سادتي لا ينتهي
                       فيضُ الشعورِ إذا انفجر
ولكي أريحكم أجيُ
                            لكم بشي مختصر
وبرغم ما في الرافدين
                         من المصاعب والغير
إن السياسةَ لم تبق
                         على البلاد ولم تذر 
 ■ هل تتوقع تحسن الأوضاع  ..؟
■ ولا بد أن ينجابَ ليل وينجلي
                   بأوضاحه يوم أغر مجلجل
فان تسال الأقوام عنا فإننا
                  على حالة الخرقاء لا تُتحمل
■ هل تنفعل من كلام الناس عليك   ..؟
■ كيفَ ما صورتَ فلتكن
                  أنا عن تصويرةِ الناسِ غنى
لا أبالي قادحي من مادحي
                   لي في الوجدان ما يقنعني
لستُ بالجامدِ : أني شاعرٌ
                 هزت الروح تُرى في بدني
ديدني تصوير ما في خاطري
                    وأنا مغرى بهذا الديدن
          
■ ما هي نفحاتك للشعب العراقي   ..؟
■ واني وان لن يبقَ قولٌ لقائلٍ
                 ولم يترك الأقوامُ من متردمِ
 فلا بد أن أبكيك فيما أقصُهُ
             عليك من الوضع الغريب الملغمِ
إلا أن هذا الشعب شعب تواثبت
                صروف الدهر من كل مجثمِ
يجور عليه الحكم من متآمر
            وتمشي به الأهواء من متزعمِ 
■ أتحفنا بومضات من الغزل    ..؟
■ اسلمي لي سلمى وحسبي بقاكِ
                    أن فيهِ بقاء من يهواكِ
جذبتني عيناكِ حتى إذا ما
                     الهمتني تحركت شفتاكِ
أنا أهواكِ لا أريدُ جزاءً
                     غير علمي بأنني أهواكِ
■ هل تتمالك شعورك في حضرة الحبيبة أو العشيقة    ..؟
■ فلماذا تحاولينَ بأن أعلنُ
                      ما ينكر الورى إعلانهُ
  ولماذا تهيجينَ من الشاعرِ
                      أعفى إحساسهُ بركانه
عارياً ظُهركِ الرشيقُ تُحبُ
                 العينُ منهُ اتساقهُ واتزانه
ليتَ شعري ما السرُ إن بدت
             للعينِ جهراً أعضاؤكِ الحسانه
واختفى عضؤكِ الذي ما زهُ الله
                  على كل ما لديكِ وزانه

 ■ هل أنت من عشاق الصبر    ..؟
■ قلَ صبري على زمان ألدِ
                 وخطوبٌ البستني غير بردي
وتقاليدَ لا تطاق وناسٌ
                   لا يجيدونَ غير لؤم وحقدِ
حملتُ همهم ورحتُ غريباً
                  عنهم حاملاً هموميَ وحدي
لا تُشحي ولا تجودي ولكن
                   اتركيني ما بين جزرٍ ومدِ 

■ أسعدنا بالغزل المنعش   ..؟
■ هُزي بنصفكِ واتركي نصفا
                     لا تحذري لقوامك القصفا
 هُزي لهم رِدفاً إذا رغبوا
                    ودعي لنا ما جاورَ الرِدفا
ملء العيون هما وخيرهما
                      ما يملءُ العينين والكفا
■ ما ذا تقول عن السمراء الساحرة    ..؟
■ وهي سمراءُ في التقاطعِ منها
                     يجد الحالمون شبعا وريا
ينفخُ العطرُ جلدها ويسيلُ
               الدفءُ في عروقها لذيذاً شهيا
لو قرأتَ الخطَ وسطَ النهدين
                     يستهدفُ الطريق السويا
لتمشيت فوقهُ بالتمني
                  ووصلت الكنز الثمين الخفيا
بالصدق أقول :
أن لهذه الجلسة الشعرية نكهة لذيذة,  وحلاوة حلوة ,  ومذاق متألق ,  فإنها قد حوت جمال الطبيعة بغروبها وشطها ونسائمها ونخيلها وجمالها ,  ومما زادها جمالا على جمال ,  وحبا على حب ,  وعشقا على عشق ,  وهياما على هيام ,  وحنانا على تحنان تذوقنا المنساب كنسياب نهر الغراف في نفوسنا .. حقا أنها حلقة متميزة ومتمردة ,  ولا ادري ماذا ستكون الحلقة الحادية عشرة فهي بالتأكيد سيضفي عليها صديقي البدري بهارات هندية تثير الشهية لسماع ترانيم الجواهري الساحرة ونحن على موعد معكم في الحلقة المقبلة إن حفظنا الله من الأكدار والأقدار ودمتم .
 

 

حاوره ماجد الكعبي

majidalkabi@yahoo.co.uk


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد الكعبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/28



كتابة تعليق لموضوع : صدور كتاب ( لآليء الجواهري على لسان حمزة البدري )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 4)


• (1) - كتب : ماجد الكعبي ، في 2012/03/31 .

تدلل أخي صباح واسلم لمن وجد فيك روضا مزدانا بالروعة والإبداع وسنظل أصدقاء دائمين في ربوع الصحافة والثقافة والشعر والذوق تحت خيمة الصداقة الصادقة .
ودمت للمخلص ماجد الكعبي .
majidalkabi@yahoo.co.uk
07801782244



• (2) - كتب : ماجد الكعبي ، في 2012/03/31 .

أخي زهير دمت في علياء الشعر

إن كل كلمة من الكلمتين التي كتبتها قد حفرت نهرا مليئا بالشوق إليك والاعتزاز بك , لأنك من الأصدقاء والزملاء الذين سجلت أسماؤهم على حنايا قلبي .. فأنت بلبل وديع جذاب يتغنى بكل ما هو حق وجميل ورائع , وكل أمنيتي أن تبقى في جنة الاخاء النقي وجنان الوفاء الأبدي , ودمت أخا وفيا وصديقا صادقا لأخيك المخلص ماجد الكعبي .
ودمت للمخلص ماجد الكعبي .
majidalkabi@yahoo.co.uk
07801782244



• (3) - كتب : saher_kpr ، في 2012/03/30 .

غاية الروعة


• (4) - كتب : صباح محسن كاظم من : العراق ، بعنوان : ابداع في 2011/07/28 .

جميل يا ابا محمد؛فالجواهري النهر الثالث في العراق؛احجزلي نسخة رحم الله والديك..




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net