صفحة الكاتب : علاء كرم الله

من يقف وراء الأنقلاب في تركيا؟
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 فجأة تناسى العالم مأساة الحادث الأرهابي البشع في مدينة نيس الفرنسية وحادث الكرادة الأبشع منه! وأخبار القتال في العراق وسوريا وليبيا واليمن ضد (داعش)
ووقف يتابع مشدودا وبقلق كبير مجريات الأخبار التي تناقلت وبشيء من الضبابية والغموض عن أختفاء الرئيس التركي القوي (اردوغان) على أثر قيام العسكر بأنقلاب عليه!
 وهذه ليست جديدة على العسكرتارية العثمانية التي تمارس هواية الأنقلابات على الحكومات المدنية في تركيا منذ عام 1960عندما لا تعجبهم أوضاع البلاد أو عندما تشعر أن العلمانية التركية تتعرض الى تهديد وديمقراطيتها أصابها الكسل والقنوط عندها ينهض العسكر لأعادة الأمور الى نصابها! وسبق لهم ان قاموا بذلك بخمس أنقلابات عسكرية!
 فيوم الأنقلاب وهو يوم 15 / تموز لم يكن يوما عاديا على مستوى العالم، لأن تركيا ليست دولة صغيرة منسية في أقصى قارة من قارات العالم فهي نبض الشرق والغرب والرابط بين آسيا وأوربا، وتكمن أهميتها الأخرى أنها الدولة الأكبرفي حلف الناتو! وفيها أكبر قاعدة جوية في المنطقة وهي قاعدة (أنجرلك الجوية) والتي يوجد في مخزونها العسكري  قنابل نووية وهيدروجينية!.
 وما أن وقع الأنقلاب حتى بدا العالم يسمع الكثير من السيناريوات والتي كان الكثير منها اقرب الى التكهنات والخيال والفبركات الصحفية والأعلامية ! من واقع وحقيقة ماحدث والذي ظل يشوبه الكثير من الشكوك ويلفه الغموض لحد الآن!،
 غالبية هذه السيناريوات تتهم (أردوغان) بأنه هو من يقف وراء الأنقلاب!! وقد رتب هذا الأنقلاب بعناية وأحكام لغاية في نفسه ولفرض المزيد من سلطته الفردية وكذلك للتخلص من خصومه السياسيين الذين يقفون حجر عثرة أمام طموحه الكبير الذي لا حدود له وأمام نزعته الدكتاتوريته التي بدأت تظهر واضحة!.
ظلت أجواء الأنقلاب ضبابية يوما كاملا  فلا أحد يعرف ماذا يحدث في تركيا وأين حل الدهر بالرئيس التركي (أردوغان)!؟، حتى ظهرت صورته فجأة من على شاشة موبايل أحد الموظفين في الرئاسة! وهو يدعو الشعب الى الخروج للشارع والتصدي للأنقلابين!،
 لقطة الموبايل البسيطة هذه كانت نقطة التحول في تغيير مجريات الأمور لصالح (أردوغان)!، وأفشال المؤامرة وأجهاض المحاولة الأنقلابية، تلبية الشعب لنداء ودعوة (أردوغان) ونزوله للشارع ومواجهته لدبابات الأنقلابيين لم يجهض المحاولة الأنقلابية حسب بل وضع حدا للسينيورات والتكهنات التي اتهمت أردوغان نفسه بذلك!.
 وهنا لابد من الأشارة الى أن أي شعب من شعوب العالم يدعم رئيسه ويلتف حوله وينصره عند المحن أذا كان ذلك الرئيس قد حقق له الرفاه الأقتصادي والعيش الكريم والضمان الأجتماعي والتطور والتقدم في كل مجالات الحياة،
 فما بالك بالرئيس التركي (أردوغان) الذي حقق للشعب التركي مالم يكن يحلم به بعد أن نقل تركيا وخلال فترة 13 سنة من حكمه الى مصاف الدول المتقدمة أقتصاديا وحضاريا، حتى بلغ معدل الدخل السنوي للفرد التركي الى حدود (18) ألف دولار سنويا! كما أن الكل يشهد (لأردوغان) بأنه حقق للأتراك مالم تحققه أي حكومة قبله!
 هذا من جانب ومن جانب آخر أضافة الى كون تركيا عضوا فاعلا في حلف الناتو فعلاقتها بأمريكا طيبة وليس فيها أية مشاكل وهذه مسألة مهمة لكل دولة تريد أن تعيش بسلام وأمان !!.
 أذا لماذا قام العسكر بالأنقلاب؟ هل لشعورهم بأن توجهات (أردوغان) الأسلامية وبأعتباره زعيم لحزب التنمية والعدالة الأسلامي ستؤثر على صورة تركيا العلمانية مستقبلا؟
 أم أنهم شعروا بأن الديمقراطية في تركيا قد يتهددها الخطر بسبب نزعة (أردوغان) للتفرد بالسلطة ومحاولته تغيير بعض فقرات الدستور بما يزيد من قبضته على السلطة؟
 وهل العسكر قاموا بمحاولتهم الأنقلابية بسبب تخوفهم من سياسة (أردوغان) الخارجية بالتدخل بالشؤون الداخلية لدول الجوار(العراق وسورية) بشكل سلبي! حيث هناك الكثير من الدلائل تؤكد دعم حكومة (أردوغان) لما تسمى بدولة العراق الأسلامية (داعش!!)؟ هذا التدخل الذي جلب الكثير من المشاكل لتركيا، والتي تمثلت بسلسلة التفجيرات التي تعرضت لها تركيا أخيرا؟
 هناك من يرى أسبابا أخرى أدت الى محاولة الأنقلاب؟ ويغمزالى وجود يد أمريكية بالأمر؟ أنطلاقا من عودة العلاقات التركية الروسية الى سابق عهدها بعد قطيعة أكثر من (سبعة أشهر)! بسبب أسقاط الأتراك للطائرة الروسية؟
 أو منهم من يرى أن الأنقلاب جاء بسبب طلب أردوغان الأنضمام الى (الأتحاد الأوراسي)! وهو أتحاد أقتصادي تترأسه وتدعمه روسيا! لا سيما أن الأتحاد الأوربي لم يوافق لحد الآن على أنضمام تركيا له منذ تقديم طلبها بالأنضمام للأتحاد عام 2003 ؟!،
 نعود لنسئل مرة أخرى: هل يعقل أن أمريكا بعيدة عن هذا الحدث؟ وأين كانت مخابراتها وأستخباراتها في (قاعدة أنجرلك)؟ أم أن (أردوغان) تجاوز بعض الخطوط الحمراء! فكان لا بد من قرصة قوية توجهها له ليعرف حجمه؟ لا سيما أن المؤكد من الأخبارأن (قاعدة أنجرلك) كانت ملاذه الآمن من سطوة الأنقلابيين؟
 وهل قدمت أمريكا يد المساعدة (لأردوغان) فيما بعد للقضاء على المؤامرة الأنقلابية؟ أم أن الجيش التركي هو من أجهض المحاولة الأنفلابية؟ والأهم من كل ذلك هل سيستجيب الرئيس الأمريكي (اوباما) لطلب الرئيس (أردوغان) بعد أن حدثه هاتفيا وطلب منه ضرورة تسليم الداعية التركي (فتح الله غولن) المقيم في أمريكا والمتهم الأول من قبل أردوغان بأنه هو من يقف وراء الأنفلاب!!؟.
 وهنا لا بد من التوضيح بأن أية محاولة أنقلابية في العالم يقوم بها العسكر لا غيرهم، ثم تجري بعد ذلك بعض التغيرات البسيطة في دوائر الدولة المدنية، هذا هو المعروف، ولكن اجراءات (أردوغان) لتطويق المؤامرة والقضاء عليها وأعتقال ما يقارب (50000)! خمسين ألف شخص من مختلف شرائح المجتمع بتهمة التورط بالأنقلاب أثارت الكثير من الشكوك؟ وهل لهؤلاء جميعا علاقة بالمؤامرة الأنقلابية؟
 فقد تم أقالة (577 عميد جامعة)،و 176 أستاذ من الجامعات الحكومية التركية)، و(401 أستاذ من الجامعات الخاصة في تركيا)، (سحب رخصة 121 ألف مدرس من المدارس الخاصة)، (أبعاد 15200 موظف من وزارة التربية بشكل مؤقت؟!)، (أعتقال 9332 شخص) مشتبه يتورطهم بالأنقلاب ووضعهم قيد التحقيق!،
 هذا أضافة الى اعتقال (80 ) من كبار أدميرالات الجيش!، (492 من مديرية الشؤون الدينية)، (100 من هيئة الأستخبارات الوطنية)، (755 قاضي ومحامي وأدعاء عام)، ناهيك عن مقتل ما يقارب (300 شخص وجرح بحدود 1500) أثناء محاولة الأنقلاب!.
 أرقام الأعتقالات ونوع شرائحها الأجتماعية هي من أثارت الشكوك على صورة الأنقلاب؟! 
 تبقى الأسئلة قائمة وتبقى معها الحقيقة غائبة! حول من  يقف وراء المحاولة الأنقلابية؟ وهل كانت هناك مؤامرة أنقلابية فعلا قام بها العسكر؟ أم هي فعلا من تدبير الرئيس التركي (أوردوغان) وأي تدبير هذا؟ لربما ستكشف الأيام القادمة الكثير من الحقائق؟ لننتظر ونرى.     
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/22



كتابة تعليق لموضوع : من يقف وراء الأنقلاب في تركيا؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net