صفحة الكاتب : جاسم المعموري

ال سعود والانقلاب العسكري التركي الفاشل
جاسم المعموري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يلعب ال سعود دوراً اساسياً في المنطقة والعالم ,ولكنه دور سيء وقبيح يشكل خطراً واضحاً على السلم والأمن العالميين , وذلك من خلال الأذرع المتعددة لهذا النظام الخبيث , ومنها انتشار الحركة الوهابية في العالم , والتي تدعو الى سفك الدماء , وإلغاء الحقوق , وتشويه سمعة الانسانية برمتها, وكذلك جهاز مخابراتها السيء الصيت الذي تدرب على الارهاب منذ الغزو السوفيتي لافغانستان , ونظرة هذا النظام سواء كانت سياسية او دينية او اجتماعية ,هي نظرة متخلفة وحقودة وظلامية , مبنية على أسس دموية ارهابية , بل وصل بها الحد ان تصدر قراراتها المهمة على اساس أحقاد شخصية وإن أدت الى حروب ودمارشامل في دول المنطقة. 
    وتدل الوقائع اليومية للاحداث في المنطقة , لاسيما في سوريا والعراق واليمن والبحرين ومصر ولبنان , بل في السعودية نفسها على شدة التطرف لهذا النظام الذي بنى أساسه على الارهاب , وشربت جذوره من سموم الحقد والكراهية على الخلق أجمعين .. 
     وامتدت يد هذا النظام لتصل الى اوكرانيا عام 2014 لتبدأ الاضطرابات فيها عن طريق فيتالي كليتشكو الملاكم السابق الذي يتزعم حزب التحالف الديمقراطي الاوكراني للاصلاح , والذي يموله نظام ال سعود , وامتدت الأزمة لتشمل الكثير من الدول الكبرى في العالم وكادت ان تؤدي الى كارثة كبرى , وكل ذلك من أجل تشكيل ضغط على روسيا , وعلى فلاديمير بوتن بالذات بسبب دعمه لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا , فقال الرئيس بوتن حول ذلك إن جزءًا من هؤلاء المتظاهرين منظم جيدًا ويبدو أن المظاهرات مدبرة ومخطط لها من الخارج.
     ولا يخفى على احد ما كانت تعول عليه السعودية من خلال علاقتها بتركية ( الاخوانية ) رغم انها ضربت الاخوان في مصر وغدرت بهم , الا انها تساندهم وتدعمهم في تركيا بسبب مواقف النظام التركي المؤيدة للارهاب الاعمى الذي يقوده ال سعود في سوريا والمنطقة , الا ان تركيا وبعد ان دخل الارهاب في عقر دارها وبدأ يحصد ضحاياه في أزقتها وشوارعها , وبسبب الضغوط الهائلة التي تتعرض لها تركيا من قبل الاتحاد الاوربي وروسيا وايران وغيرها , حاولت ان تدير اتجاه البوصلة نحو مصالحها وأمنها القومي ,فقامت بإقالة رئيس الوزراء السابق أوغلو واستبدلته بـ بن علي يلدريم الذي سارع الى تصريحات دلت على ان تركيا تتجه الى تغيير هام في سياستها اتجاه الاحداث في سوريا والمنطقة , ولا أدل على ذلك من الاعتذار الرسمي الذي تقدم به اردوغان الى الرئيس بوتن حول اسقاط الطائرة الروسية من قبل القوات العسكرية التركية على الحدود التركية السورية في العام الماضي 24\11\2015 . وقال بن علي يلدريم  "نعتزم توسيع صداقاتنا في الداخل والخارج، ولقد بدأنا في فعل ذلك خارجيا، حيث أعدنا علاقاتنا مع إسرائيل وروسيا إلى طبيعتها، ومتأكد من عودتها مع سوريا أيضا،" مضيفا: "لابد من إرساء الاستقرار في سوريا والعراق، وأن تكون فيهما إدارة سياسية قوية، يمثل فيها جميع أخوتنا هناك، وهذا لا مفر منه، حتى يتسنى لنا النجاح في مكافحة الإرهاب،" حسبما نقلت وكالة أنباء "الأناضول" التركية. 
      تنتهج الحركة الوهابية البغيضة بقيادة ال سعود اساليب غاية في الخبث , لتوغل في الجريمة , وهي تغرز سكاكين الغدر في جسد هذه الامة المثخنة بالجراح اصلا , ومن هذه الاساليب انها تقوم بتجنيد ضباط الجيش او الامن من ضعاف النفوس وتغريهم بالمال والدعم والمناصب في الدول الفقيرة كمصر وتركيا والهند وباكستان وسوريا وغيرها ,او في الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية او امنية كما في العراق وليبيا ولبنان واليمن , بل وتشتري زعماء الاحزاب والاديان والطوائف والعشائر وحتى وسائل الاعلام , وتوظف الجميع لمصالحها الخاصة , حتى اذا اصبح لها نفوذ قوي في بلد ما فرضت عليه شروطها واجندتها وهي تطالبه بالانضمام الى تحالفاتها المشبوهة , فاذا رفض أو حاول التملص من التزامات سابقة جيشت عليه مرتزقتها ووجهت نحوه سهام وسائل اعلامها .
    لا شك ان ال سعود لهم الدور الاكبر في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا وذلك بسبب المعطيات التالية : 
  اولا .. الانعطافة السريعة للتوجهات السياسية التركية والتي وضعت جميع مخططات ال سعود في سوريا والعراق على المحك والتي ذكرنا قسما منها في مستهل الكلام .
ثانيا .. استنكرت جميع الاحزاب والقوى السياسية والشعبية التركية ذلك الانقلاب , ولم تعلن اي جهة سياسية مسؤليتها عنه , كما ان معظم دول العالم استنكرته وشجبته وعبرت عن قلقها الشديد من تداعياته, الا السعودية ومصر واسرائيل التي عبرت عن ذلك بشكل باهت وضعيف ومتاخر بعض الشيء.
ثالثا .. لكل انقلاب عسكري دول داعمة ومؤيدة ولايمكن لمجموعة من العسكريين القيام بانقلاب دون دعم من دول خارجية , فلا دول الناتو لها مصلحة في ذلك , ولا الدول القوية اقليميا , ولا دول الاتحاد الاوربي , وهنا لا يبقى امامنا سوى السعودية وذلك للاسباب التي ذكرناها انفا في صدر الحديث ومنها النفوذ السعودي القوي في تركيا , واسباب اخرى هنا مجملها :
اولا .. التاخير والتراخي من قبل السعودية حيث لم تستنكر بشكل رسمي وواضح الانقلاب العسكري في تركيا - وهو حدث بالغ الاهمية يتطلب من دولة كالسعودية لها علاقات هامة واستراتيجية مع تركيا ان تسارع في بيان موقفها - بل تناقلت وسائل الاعلام تصريح لمصدر في وزارة الخارجية يرحب بعودة الهدوء في تركيا (الشقيقة) وهو مصدر مجهول الهوية .
ثانيا .. قامت مصر بعرقلة قرار في مجلس الامن يدين الانقلاب العسكري في تركيا ويستنكره , ويدعم ارادة الشعب التركي وتطلعاته الديمقراطية , وكلنا يعرف حجم العلاقات السعودية المصرية التي وصلت حد التنازل عن جزر مهمة في البحر الاحمر قريبة من الحدود البحرية لكل من مصر واسرائيل والسعودية.
ثالثا .. فشل هذا الانقلاب يدل على سوء التخطيط والاستعجال بالتنفيذ ليؤكد لنا قوة النفوذ السعودي في تركيا , ويؤكد بلا شك نسبة الغباء العالية والكبيرة التي يتصف بها طغاة ال سعود , ويبقى هذا الانقلاب بلا عقيدة سياسية او عسكرية ولا ادل على ذلك من الاستسلام السريع والمهين لجميع الانقلابيين.
وهنا تبرز اسالة كثيرة سيجيب عليها المستقبل القريب ومنها , هل ستبقى العلاقات الاقليمية كما هي بعد هذا الانقلاب ؟ هل تمضي تركيا قدما في مشروعها الجديد في اعادة النظر من موقفها من سوريا والعراق ؟ ماهي الرسالة القادمة لال سعود ؟ وما هو دور الجيش التركي بعد الانقلاب , وما ردود فعله المرتقبة ؟ ماهو موقف تركيا من حقوق الانسان بعد الاساليب الوحشية جدا في معاملة المشاركين في الانقلاب ؟ والسؤال الاهم ما هو دور ( الدول الضحايا ) كالعراق وسوريا من تركيا بعد اليوم , هل تتحرك وتدافع عن شعوبها ,وتعلن موقفها بصوت عال وارادة شجاعة ؟  
جاسم المعموري 
16\7\2016     
    
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جاسم المعموري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/18



كتابة تعليق لموضوع : ال سعود والانقلاب العسكري التركي الفاشل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net