صفحة الكاتب : حفيظ زرزان

الشعب التركي يصنع التاريخ !
حفيظ زرزان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 فشل الانقلاب العسكري ببلاد الأتراك ،"الرجل المريض" سابقا ، محاولة بدأت مساء الجمعة ، لتتفكك خيوطها  صباح يوم السبت ، ورغم كل الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي تمتعت بها تركيا خلال فترة حكم أردوغان  ، فإن هذا لم يعفها من هذه المحاولات ، إذا أضفنا إليها أكثر من 15 عملية إرهابية ، واستحضرنا المواقف الدولية المعلنة من جملة من القضايا في الساحة الإقليمية  ، فإننا قد نفهم لماذا أصبحت الدولة العثمانية في مرمى الضربات والتآمر الخارجي المستمر "لم يكن إيقاف فرنسا يومين قبل الانقلاب تعاملها مع تركيا بمحض الصدفة ".
قام المتمردون بقصف البرلمان "كإشارة أولى  على الديمقراطية التي بشروا بها " ونزلوا إلى المطارات ، وعمدوا إلى إغلاق ممر بوسفور الحيوي ،  وفرضوا حظر التجول وأعلنوا عودة الأحكام العرفية  ، وسيطروا على القناة التركية الرسمية ، ثم عمدوا إلى محاولة اغتيال الرئيس رجب طيب أردوغان الذي كان في عطلة في منتجع مرمريس جنوب غرب البلاد .
بالمقابل كان موقف المعارضة التركية ناضجا وواعيا  ، ليس انتهازيا أو وصوليا ، ولم يجعل من الاختلاف الأيديولوجي مع أردوغان أو حزب العدالة والتنمية مدعاة لمساعدة الجيش لتصفية الخصوم  كما وقع بمصر ، وأعلنت الأحزاب  منذ الساعات الأولى رفضها لأي محاولة عسكرية للسيطرة على مفاصل الدولة بالعنف  ، لتقول أن بالبرامج  وحدها والعمل السياسي والصناديق  يمكن التغيير ، وذكر زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كليجدار أوغلو  : "أن تركيا عانت من الانقلابات وسندافع عن الديمقراطية " .
 ونزل الشعب التركي  بالأعلام التركية  بعدما سمع نداء "  الرئيس في تسجيل على وسائط التواصل الحديث "فايس تايم" يدعو الناس للنزول إلى الساحات  . ليقول أن الوطن فوق كل شيء ، وليعطي الدروس ويصنع التاريخ .
بعد كل هذا انكشف زيف وكذب العديد من وسائل الإعلام العربية والدولية ، وسائل وقنوات دون أن يرف لها جفن أو تراعي قواعد المهنية والصدق في نقل الخبر ،  كما ظهر تذبذب القوى الغربية في مواقفها ، والتي انتظر كثير منها ثبوت الفشل ، لتعلن مساندتها للديمقراطية وللمؤسسات .
إن تلخيص الدرس التركي يجعلنا أمام حقيقة واحدة ، وهي أن الديمقراطية هي صمام الأمان لكل بلد ينشد الحرية والكرامة والعدل ، بشعب يقظ واع وناضج ومسؤول ، لا رعاعا وغنما يساق ويهيج ويرقص في الساحات ، بل مستعد للتضحية والخروج والتظاهر للدفاع عن بلده وعن اختياراته ، وأن الانقلابات لا تصنع إلا الخيبات والويلات والعنف والديكتاتورية والدماء ، وقمع الحريات وخنق الصحافة ، ومرحلة مزدهرة للقمع والمنع .
   اختيار الشعب حصن  لكل دولة من الخونة وأعداء الداخل والخارج عبر جبهة داخلية قوية ، بسيادة القانون فوق الجميع واستقلالية القضاء، واحترام كرامة المواطن، وعدم السماح  للمؤسسة العسكرية بالتدخل  بأي شكل من الأشكال وتحت أي ذريعة ، لأن مكانها الثكنات والجبهات والحدود وضد العدو .  أضف إلى هذا أحزاب سياسية وطنية لها غيرة  ، التي تكمن  قوتها في تدافع رؤاها ووجهات نظرها ومشاريعها المجتمعية الواضحة  . وهذا الاختلاف في التصورات  والطروحات الفكرية هو ما يغني الوطن ويدفعه إلى مزيد من التنافس ، وإلى تنوع مشارب وطرق حل الأزمات والخروج من المطبات وصناعة المعجزات .
 الحرب  التي يجب أن تخاض ضد الفساد لا على الوطن ، هذا الوطن الذي يجب أن يجمع الذات .
يجب أن يتربى الناس  على القانون وعلى روح الاختيار وقوة الدفاع عن الحق مهما كان الاصطفاف والاختلاف ، بعيدا عن التدخلات والإملاءات  والتوجيهات والأجندات والحسابات ، يلقن ذلك في الأسرة، في المدرسة .
ولابد من  إعلام حر ومستقل ورجال صحافة ينقلون الخبر بأمانة ومسؤولية .
إن فشل الانقلاب بتركيا ناتج لا محالة عن بيئة مختلفة تماما عن ما يوجد بمصر .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حفيظ زرزان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/18



كتابة تعليق لموضوع : الشعب التركي يصنع التاريخ !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net