صفحة الكاتب : ادريس هاني

لبرهان غليون الخيزرانه
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

شيء هناك أبعد مدى من العقل الأداتي..كان القلب هو من له الحسم في اختيار الفتى..مجذوب يستفتي قلبه في اللّحظات الحاسمة..وآية ذلك مثالان: أحدهما سياسي استقطر بعد أن كان له ما له..والآخر مستثقف تأنقر بعد أن كان ثقيلا على العقل والقلب..الأول خالد مشعل الذي هرب منه قلبي حتى في اللحظات التي كان فيها مدلّل دمشق..كنت شاهدا حقّا على الهالة التي منحه إيّاها النّظام لا لسواد أعين إخوانيته ولكن لمسمّى مقاومة سرعان ما تاجر بها وغدر..طلب مني مستشاره الإعلامي يوما أن أذهب لرؤيته فتبرمت..ثم عاود وأصرّ بأن نزوره ولو بسرعة ولو ولو ولو..فهرب قلبي وتبرّم..وتمكنت من الهرب..شيء ما في داخلي كان يدعوني إلى النفور دون أن أعلم..مرة أخرى عرض علي أحدهم ذلك فقلت بلاها..مرة اصطادني مستشارا له وكانوا في وقفة على طريق أبي رمانة فقال: لا عذر لك الآن إلا أن ننطلق فورا إلى خالد مشعل..لم أجد مبررا..أوقف سيارة أجرة وأصر أن أركب..كنت في حالة اختطاف..صديقي الاعلامي الذي رأى ما رأى ركب معي ثم نزل ليتصل في بعد ذلك ليطمئن ويقول: حسيت بحالة اختطاف..لما كنت والحالة هذه مكرها أخاك لا بطل، لم يبق لي سوى أن أدعو الله أن لا يتم ذلك ولو بخرق العادة..لما بلغنا المكتب في مخيم اليرموك وكان الليل قد أشرب المدينة، انتظرنا وكل لحظة أقول: لدي التزام وأريد أن أستئذن..والشخص الذي أصر على اللقيا يحاول ربح الوقت وتهدئتي...بس لحظة..بس لحظة..شو بتشرب شاي ولاّ قهوة؟....أخيرا جاء الفرج..كان هناك طارئ جعل خالد يعود من حيث أتى..قال يا أخي صار طارئ ولازم غدا نلتقي..قلت له أوكي..ماشي..منيح...قلت أي شيء لأتحرر..خرجت والقلب منقبض..توجهت إلى حيث أخذت نفس أركيلة لأطهّر بدني الذي تسمّم..لم أكن أعرف لماذا؟ لم تكن لي أي قضية مع خالد وجماعته...لكن القلب قال كلمته..واليوم فقط اليوم أعرف لماذا..

ثقيل الدم الثاني هو برهان غليون..وأنا أطوف على ما ظهر من آثار الفكر العربي المعاصر خطيره وحقيره..لم أكن أجد غضاضة في أن أصبر على قراءة هذه الآثار..ولكن بقيت ثلمة لم أستطع إصلاحها..ما يكتبه برهان غليون منذ خطّ شيئا إسمه اغتيال العقل..وما خطه حول فكر الدولة والسياسة في العالم العربي..كانت مقالات وكتب برهان غليون تشعرني بالكآبة ولا أدري لماذا..لا أستطيع أن أقرأ ولا جملة واحدة لهذا الرجل..واقتنيت بعضا من أعماله لأسد ّ هذه الثغرة..ومن بينها كتب اقتنيتها منذ ما يقرب من 30 عاما..أقول سيأتي زمان أقرؤها بعد أن يرتفع المانع النّفسي الغريب..تآكلتها الأرضة ولم أقرأها..ولما ألمحها أغضّ الطرف..أشعر أنّ قوى غريبة تحول بيني وبين تصفّحها..لا أدري منذئذ ما الذي يحدث..اليوم فقط أفهم لماذا..

اليوم وأنا أقرأ صحفنا الصفراء..مقالة لثقيل الدّم..أكرهت نفسي لقراءة سطور منها وأنا أشعر بالقرف..وبالفعل لم أوفق أن أقرأ منها إلاّ جملا..واحدة من الجمل تقول أنّ الشعب السوري البطل انتصر على أكثر من جيش نظامي سماها بالحرف: الجيش الانكشاري ومرتزقة حزب الله والحرس الثوري الإيراني والجيش الداعشي بالإضافة إلى ميليشيات أخرى..في جملة أخرى يتحدث عن خيانة الأسد للشعب..ثم في الحقيقة شعرت إن أنا واصلت القراءة سأحترق وسيتحوّل غقلي إلى قمامة..ذلك لأنّني حريص منذ الصبا أن لا أقرأ التّفاهة..التّفاهة التي أشعر بها منذ الكلمات الأولى في أي نص من النصوص..لم أدر ما مقصود الغليون من أن الأسد خان شعبه؟ هل لأنّه كسر عظمهم حتى لا يمكّنوا الإمبريالية والرجعية من أن تطأ دبّاباتها دمشق؟ هل لأنّه شمخ بسوريا وجعلها القلعة التي لا تسقط على الرغم من كل محاولات العملاء والغليون منهم؟ هل لأنه فضح تفاهتهم وجعل مهمّة ابتلاع سوريا هي الأصعب في تاريخ سياسات التدخّل؟ ماذا يريد أن يقول الغبي المتثاقف..فالثقافة لا تحجب الغباء..يتحدث غليون ببكائية بليدة على ثورة لم تحصل إطلاقا، لأن الذي حصل بالفعل هو حركة احتجاجية سعى المشرفون على ربيع الأعراب أن يحوّلوها عبر محطّات التوجيه المعروفة من حركة احتجاجية إلى ثورة، ولما فشل الأمر حوّلوها إلى ربيع داعشي..في حديث غليون عن أن الشعب السوري هزم هذه الجيوش النظامية نقف على مغالطات أخرى..يسمي الجيش العربي السوري بالإنكشاري..وهي صفة للجيش العصملّلي..حليف غليون الذي صنع صناعة في أروقة اسطنبول وتمت رعايته في أحضان العثمانية الجديدة..الوصف كان أحرى أن يقال عن الجيش الحر أو غيره ممن تمّ تشكيله برعاية الانكشاري راعي غليون..يسمي المقاومة مرتزقة، وهو توصيف حاقد ينضح حقارة لأنّ المقاوم لا يكون مرتزقا..لا أحد من هؤلاء المقاومين تقاضى ما تقاضاه غليون ومن في شاكلتهم.. غليون وعصابته الذين استدخلوا الصهاينة في الشّأن السوري هو آخر غبي وجب أن يتحدث عن مقاومة هي التي تحمي الشعب السوري من العصابات التي شكلت الجناح العسكري لمنظومة الإئتلاف العميلة.. بل هي مقاومة شجاعة وفيّة غير انتهازية واضحة الخطاب والغايات، وكل ما يجري في سوريا هو تحت رعاية نظام شرعي تعترف به الأمم المتحدة على الرغم من كل المناورات وهو من ناحيت القانون الدولي نظام شرعي يتمتع بصلاحيات الدفاع عن شعبه وأرضه وأن يتعاون مع حلفائه لدحض مشاريع تخريب سوريا..ثم يصعب أن يفهمه عاقل من كاتب "اغتيال العقل" الذي لا زال يغتال عقولنا بغبائه هو ما معنى أن الشعب السوري هزم كل هذه الجيوش؟ من هو المتلقّي الذي يفترضه هذا "العكروت" الثورجي؟ هل هؤلاء يقاتلون الشعب أم يقاتلون داعش والنصرة وتشكيلات الجماعات القتالية والإرهابية التي ترمي الشعب بالقاذفات ولا شيء يدين ذلك من جماعة غليون الذين يشوّشون على أداء الجيش العربي السوري كلما اقترب من الحسم النهائي في معركته الكبيرة ضدّ الإهاب..ماذا يعني غليون ومن في شاكلته من هذا الدجل: أن الجيش يقتل الشعب؟ 

أعتقد أنّ ملحمة الكذب في نهاياتها..والآتي سيكون وبالا على الغليون وأمثاله وصولا إلى "الكيلو" دجل..هم يسوّقون كلاما إلى المتلقي العربي الذي خضع طيلة خمس سنوات إلى غسيل دماغ ناجح إلى حدّ ما لكن مفعوله قابل للزوال في أي لحظة تاريخية..اليوم التاريخ يقول كلمته..خالد مشعل يجب على الأقل أن "ينقلع".. غليون الذي حشّي بمعسّل الباذنجان لم تعد له نكهة في زمن تساقط أوراق خريف ثورات الغباء..سوف تكتشف الشعوب العربية كما أدرك الشعب السوري وكما سيدرك حتى المضلّلين منه بأنّه: بين العصر والمغرب مرّت لمّة "خيانة"..وها هي اليوم أصبحت تنادي: لا تضربني لا تضرب كسرت الخيزرانه.....

سوريا انتصرت..هذا محتوم محسوم.. ولغليون والكيلو وعصابتهما الخيزرانه


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/15



كتابة تعليق لموضوع : لبرهان غليون الخيزرانه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net