عقد اتفاقية السلام هو واجب أكثر الحاحا لا يمكن تأجليه
ري يونغ بيل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 إن شمال شرقي آسيا هي منطقة حساسة من الناحية الجيوسياسية، تجابه فيها الدول الكبرى في العالم وجها لوجه، وتعيش على العلاقات المتناقضة منذ زمن بعيد بسبب مسألة السيادة على الأراضي والتاريخ.
ومن بينها، كانت شبه الجزيرة الكورية ولا تزال تشكل أخطر المنطقة الساخنة في العالم، نظرا لأنها تعيش حالة الحرب الدائمة بسبب عدم التوصل الى وضع حد نهائي للحرب.  
تم عقد اتفاقية الهدنة بعد 3 سنوات من الحرب في الخمسينيات من القرن الماضي. وتعني الهدنة وقف اطلاق النار المؤقت بكل معنى من الكلمة وليس بوضع حد نهائي للحرب. 
ومنذ ذلك الوقت، تشهد شبه الجزيرة الكورية حالة غير مستقرة لا للحرب ولا للسلام على مدى أكثر60 عاما.  
إن التاريخ الممتد الى أكثر من 60 عاما لم يكن لحفظ حالة الهدنة أو إدامتها، بل كان تاريخا استمرت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها أحد طرفي الحرب والدولة النووية العظمى في العالم،  في توجيه تهديدات بالسلاح النووي والقوات العدوانية الضخمة بدون انقطاع ضد جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بصفتها طرفا آخر للحرب.وبالتالي، إنه تاريخ تدافع فيه الأخيرة عن سيادتها وحقها للوجود عن طريق بتدابير الدفاع عن النفس.      
فقد دفع التهديد النووي الأمريكي الشرس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية نحو مصاف الدول النووية المتقدمة وقام بتغيير علاقات الحرب والعلاقات العدائية بين كوريا والولايات المتحدة بعلاقات الحرب بين الدولتين النووية.
وتغير العصر، كما تغييرت المكانة الاستراتيجية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية هي الأخرى. 
فقد كانت التجربة الناجحة لاطلاق صاروخ باليستي استراتيجي متوسط وطويل المدى أرض/أرض تحت اسم "هواسونغ – 10" اعلانا لانهاء تاريخ التهديد الأمريكي بالهجوم النووي الأحادي  ضد جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية التي أصبحت تملك أخيرا القنبلة الهيدروجينية، بحيث تظهر عظمتها كالدولة النووية المسؤولة التي تسهم في بناء النظام العالمي العادل في وجه التهديد والوعيد النوويين والتعسف والابتزاز من طرف الولايات المتحدة الأمريكية.  
إن الحقائق التي تغيرت فيها طبيعة علاقات الحرب الكورية الأمريكية من حيث الأساس، كما أدخلت تعديلات كبيرة على الخارطة الاستراتيجية لشمال شرقي آسيا المحيطة بشبه الجزيرة الكورية، تتطلب بإلحاح أكثر من أي وقت مضى تبديل اتفاقية الهدنة باتفاقية السلام واقامة نظام ضمان السلام الثابت في شبه الجزيرة الكورية، أخطر المنطقة الساخنة في العالم.  
1. المسائل المتعلقة بعقد اتفاقية السلام وبناء الثقة 
وفي الآونة الأخيرة، تم طرح في منابر المشاروات متعددة الأطراف، في مقدمتها "حوار أولان باتور حول أمن شمال شرقي آسيا" و"الحوار حول تعاون شمال شرقي آسيا"، تم طرح ادعاءات من بعض الأطراف حول أهمية إعطاء الأسبقية لاتخاذ اجراءات خاصة ببناء الثقة بين كوريا وأمريكا، لأن مستقبل عقد اتفاقية السلام بينهما بعيد المنال.
إن المسألة الأولوية في بناء الثقة بشكل عام هي الحصول على الإيمان المتبادل بين البلدان بإمكانية التعاش السلمي والازدهار المشترك فيما بينها.
وهنا، تشكل ارادة التعايش السلمي عنصرا أساسيا وجوهريا. 
ومن المستحيل مجرد التفكير في بناء الثقة بمعزل عن عن الثقة بعدم الاعتداء وإلحاق الضرر، أو عدم المعاملة عدائيا ببعضه البعض.  
ووضع حد نهائي لحالة الحرب التي دامت أكثر من نصف قرن، عن طريق عقد اتفاقية السلام بين كوريا والولايات المتحدة يعد مسألة مسبقة يجب حلها أولا قبل الشروع في الجدل حول بناء الثقة في شبه الجزيرة الكورية.
إن استبدال اتفاقية الهدنة باتفاقية السلام إنما هو مطلب ملح ينطلق من واقع شبه الجزيرة الكورية التي لم يحل فيها السلام يوما. 
أما اتفاقية الهدنة الكورية لم تأت بوقف اطلاق النار مؤقتتا، بل جاءت كوثيقة قانونية تتوقع اقامة السلام الثابت في شبه الجزيرة الكورية.
إلا أن الولايات المتحدة أخذت بتدمير اتفاقية التهدنة بشكل متعمد ووضعت حواجز في سبيل الحل السلمي للقضية الكورية عندما قامت بادامة تواجدها العسكري في جنوبي كوريا وادخال مختلف أعتدة الحرب إليها.   
أصبحت اتفاقية الهدنة حبرا على ورق منذ زمن بعيد جراء الولايات المتحدة، وأصبحت العلاقات بيننا وبين الولايات المتحدة لتتحول الى علاقات الحرب على أرض الوقع من حالة الحرب الفنية الصرفة.
واليوم، إن علاقات الحرب بين كوريا والولايات المتحدة هي علاقات الحرب بين الدول المالكة للأسلحة النووية بخلاف قبل الماضى ب60 عاما الذي كنا فيه نجابه بالبندقية السلاح النووي الأمريكي.
لقد أكد القائد كيم جونغ وون المحترم رئيس لجنة الشؤون الوطنية قائلا في المؤتمر السابع لحزب العمل الكوري إنه يجب على الولايات المتحدة أن تعي جيدا المكانة الاستراتيجية لجمهوريتنا التي ولجت في الصفوف المتقدمة للدول النووية، وكذا مجرى التيار، وتتخلى عن سياستها العدائية تجاه كوريا التي عفا عليها الزمن، وعليها أن تستبدل اتفاقية الهدنة باتفاقية السلام.
إنها لموقف دؤوب تتمسك به جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية حكومة وشعبا أن تضع أوزارا للحرب من حيث القوانين وتضع محلها نظام ضمان السلام الثابت. 
ولكن، إذا حاولت الولايات المتحدة التغاضى عن مطالبتنا الخاصة لعقد اتفاقية السلام لفرض خطر الحرب النووية علينا، فستكون جمهورية كوريا الديمقراطية مضطرة لإنهاء علاقات الحرب في شبه الجزيرة الكورية بالقوة الديناميكية بالاعتماد على قوة الردع النووي المقتدر. 
يتطالب الواقع بشكل ملح عقد اتفاقية السلام لاقامة نظام السلام الثابت في شبه الجزيرة الكورية التي تعد أخطر المنطقة الساخنة وساحة المجابهة النووية في العالم، والتي من الممكن أن تتحول الشرارة فورا الى  حرب نووية حرارية.  
إن عقد اتفاقية السلام يطرح كمسألة مسبقة من حيث ايجاد الضمان القانوني والنظامي من أجل بناء الثقة بين كوريا والولايات المتحدة.   
سبق للطرفين الكوري والأمريكي في الماضي أن توصلا الى اتفاقات معينة من خلال التشاور حول الاجراءات الهادفة الى ايجاد الثقة فيما بينهما. 
إلا أن تلك الأجراءات لم تتمكن من نقلها موضع التطبيق بسبب عدم وجود آليات الضمان القانونية والنظامية، وكذلك المساعي الأمريكية المستمرة وراء سياستها العدائية تجاه كوريا.
وهو كذلك، ضروري للحيلولة دون أن تصبح الاتفاقات السابقة حبرا على ورق كلما تتعاقب الادراة في الولايات المتحدة الأمريكة.  
وأمثل دليل على ذلك، فقد كانت كوريا والولايات المتحدة وعدتا بتطبيع العلاقات بينهما، ومن أجله، قامتا باتخاذ سلسلة من الاجراءات، وذلك في نهاية ولاية ادارة كلينتون في التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن ذلك أصبح ورقا على حبر مع تولي إدارة بوش التي قامت بتصنيف جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية "بمحور الشر"، وتحديدها هدفا للهجوم النووي الاستباقي بصورة رسمية.
إذا توفرت الأليات النظامية للتعايش السلمي عن طريق عقد اتفاقية السلام وتشريعها قانونيا، فسيكون بوسع الطرفين الكوري والأمريكي أن يتوصلا إلى الاتفاق على تدابير فعلية لبناء الثقة وتنفيذها على أساس ثقة كل منهما بارادة الآخر للتعايش السلمي.    
2. الجهود الدؤوبة لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في سبيل عقد اتفاقية السلام
كانت مخططات الولايات المتحدة، الدولة النووية العالمة، لشن الحرب النووية ضد كوريا لم تنقطع لحظة منذ عقد اتفاقية الهدنة الى يومنا هذا بحيث تشكل خطرا دائما لسيادة جمهوؤيتنا وحق وجودها ووضعت عراقيل خطيرة في طريق تطورها السملي وبنائها الاقتصادي.  
إذا دامت المجابهة والمصادمة العسكرية واشتعلت نيران الحرب في شبه الجزيرة الكورية التي تقع في المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية في شمال شرقي آسيا، فسيدفع ذلك الوضع في منطقة شرق شمالي آسيا كلها نحو أقصى حد من التوتر، ومن الممكن أن يصبح فتيلا للحرب النووية العالمية.
وانطلاقا من الرغبة في انهاء حالة الحرب وتحقيق التنمية السلمية، ونزولا عند المسؤولية عن الدفاع عن الأمن والاستقرارفي شبه الجزيرة الكورية والمنطقة، وجهت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية دعوة  لاستبدال اتفاقية الهدنة باتفاقية السلام وظلت على بذل مساعيها الدؤوبة لتحقيقها. 
 وخلال أقل من السنة منذ وقف اطلاق النار، قامت الولايات المتحدة بشكل منتظم وبصورة تامة بتدمير مفعول البنود الرئيسية المتضمنة على احلال السلام، وفي مقدمتها البند 60 من اتفاقية الهدنة القاضى بسحب جميع الجيوش الأجنبية من كوريا وحل القضايا بين أفراد أمتنا بطرق سلمية ومن حيث الأساس. 
ولمواجهة المخططات الأمريكية لتدمير اتفاقية الهدنة وخطورة الحرب المستفحلة، تقدمنا في نيسان/ابريل عام 1956م للولايات المتحدة والدول المعنية بعقد اتفاقية السلام بهدف حفظ السلام والحل السلمي للقضية الكورية، كما طالبنا رسميا الكونغرس الأمريكي في آذار/مارس عام 1974م،  بعقد اتفاقية السلام مع الولايات المتحدة الأمريكة بكونها صاحبة زمام المبادرة الحقيقية التي تستطيع أن تؤمن نظام ضمان السلام بالفعل.
تقدمنا مجددا باقتراح خاص باجراء محادثات لاقامة نظام ضمان السلام الجديد في نيسان/ابريل عام 1994م الذى أصيب فيه آلية الهدنة بالشلل التام جراء المخططات الأمريكية المتعمدة، وفي شباط/فبراير عام 1996م، قدمنا المبادرة الى عقد اتفاقية زمنية للحيلولة دون التصادم المسلح بين الطرفين، تلك الاتفاقية التي يمكن أن تكون بديلة لاتفاقية الهدنة.
 في شهر كانون الثاني/يناير عام 2010م المصادف بالذكرى 60 لاندلاع نيران الحرب الكورية، تقدمنا للدول الموقعة على اتفاقية الهدنة مرة أخرى ببدء المحادثات الخاصة بعقد اتفاقية السلام. إلا أن مطالبنا العادلة هذه وجهودنا المبذولة في سبيلها لم تر نورها حتي يومنا هذا بسبب تحديات ورفض الولايات المتحدة، بكونها صاحبة معنية باتفاقية الهدنة وصاحبة زمام القيادة العسكرية الفعلية في جنوبي كوريا.
3. النوايا الأمريكية الحقيقة التي تتهرب من عقد اتفاقية الهدنة حتى النهاية
لقد ظلت الادارة الأمريكية المتعاقبة منذ وقف اطلاق النار على رفض مطالبنا العادلة، القاضية بالشروع في اقامة نظام السلام الثابت في شبه الجزيرة الكورية عن طريق عقد  اتفاقية السلام بين كوريا والولايات المتحدة، اللجوء الى تأجيج التوتر الدائم والمخططات الحربية المستمرة. 
والسبب في ذلك يعود الى مطامعها الهادفة للهيمنة على العالم عن طريق الاستمرارفي سياستها العدائية والعدوانية تجاه كوريا، وتحقيق سيطرتعا على آسيا. 
إن ما تثيره الولايات المتحدة من ضجة "التهديد" الآتي منا نحن، لا يعدو بكونه إلا ذريعة لاضفاء صفة الشرعية على سياستها العدائية والعدوانية تجاه كوريا واستراتيجية سيطرتها على آسيا.
 ومنذ تأسيس جمهوريتنا، مارست الولايات المتحدة الساسة العدائية والعدوانية تجاهها في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية والخ...
وفي المجال الساسي، لا تزال الولايات المتحدة لا تعترف ببلادنا كدولة ذات السيادة حتى يومنا هذا منذ ما يقرب من 70 عاما لتأسيس جمهوريتنا، بذريعة اختلاف توجهاتنا السياسية معها.      
وفي المجال الاقتصادي، تفرض الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية الشرسة بأشكالها المختلفة للوقوف في وجه التطور الاقتصادي لجمهوريتنا، وهي الآن  تشدد من درجة العقوبات لقلب نظامنا نحن عن طريق فرض العقوبات الشاملة.
وفي المجال العسكري، ترابط الولايات المتحدة على الدوام قواتها العدوانية البالغ عددها 28 ألف جندي في جنوبي كوريا وتنشر قواتها العدوانية الضخمة بما فيها الترسانة الاستراتيجية بأنواعها المختلفة في شبه الجزيرة الكورية وجاراتها لكي تشكل تهديدا نوويا دائما علينا.
وفي الآونة الأخيرة، تقوم بتأجيج التوتر في شبه الجزيرة الكورية الى حد أقصى حيث طرحت للعلن "خطة الضربات الجوية الدقيقة" بهدف تحويل منشآتنا النووية والوسائط الاستراتيجية الى "الأراضي المحروقة" وتجلب ترسانها الاستراتيجية مثل الغواصة "ميسيسبي" بدفع نووي وأسراب القاذفات النووية "B-52H" الى جنوبي كوريا على النطاق الواسع.
إن المناورات العسكرية المشتركة ذات الطابع الاستفزازي والعدواني التي تقوم بها الولايات المتحدة بالاشتراك مع السلطات الكورية الجنوبية إنما تعد تعبيرا أكثر جلاء وتحديدا عن السياسة العدائية تجاه كوريا.
تتذرع الولايات المتحدة مناوراتها الحربية هذه "بالسنوية" و"الدفاعية"، إلا أنه لا يوجد بلد يقف مكتوف اليد أمام المناورات العسكرية التي يجريها في مرمى حجر منه أحد طرفي الحرب في العلاقة العدائية. 
كانت المناورات العسكرية المشتركة التي قامت بها الولايات المتحدة هذا العام تحت الاسم "كي ريزولف" و"فرخ النسر"، قد اتخذت طابعا عدائيا في أشده وحجما أوسع غير مسبوق في التاريخ.
إن التدريبات على العمليات الهجومية تحت الأسماء المختلفة مثل "عملية قطع الرأس" وعملية التقدم الى بيونغ يانغ" بهدف المساس بقيادتنا العليا التي جندت الولايات المتحدة ترسانتها الاستراتيجية وقواتها الضخمة الكافية بتغطية حاجيات الحرب بكاملها، جرت بطريقة تنفيذ الحرب الحقيقية على أساس "خطة العمليات 5015" المغامرة للغاية.
والسبب في رفض الولايات المتحدة لعقد اتفاقية السلام يتعلق بمطامعها للهيمنة على العالم عن طريق تحيقيق سيطرتها على المنطقة الآسيوية. 
ترى الولايات المتحدة أنه في حال تحقيق الانفراج واحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية، ستسقط جميع المبررات لتواجدها العسكري زيادة القوات المسلحة في المنطقة، وبالتالي، ستتهيأ ظروف لغير صالحها بشكل حاسم، لرقابة وضغط الدول الكبري المجاورة لشبه الجزيرة الكورية.
من هنا، تتجاهل قطعا من المطالبة بعقد اتفاقية السلام وتحاول تأجيج التوتر في شبه الجزيرة الكورية بشكل اصطناعي بغية إيجاد مبررات إضافية للرقابة والضغط على الدول الكبرى الاقليمية وتحقيق التفوق العسكري.
فقد كان تدريب الانذار الصاروخي الذى قامت به الولايات المتحدة قسرا في سواحل هاواي في نهاية شهر حزيران/ يونيو الفارط، بالاشتراك مع اليابان وجنوبي كوريا، وهو الأول في التاريخ، بحجة مواجهة "هجومنا الصاروخي" كان برهانا على أن المحاولة الأمريكية ولجت في المرحلة الحاسمة لايجاد اطار مؤات لتشكيل الحلف العسكري الثلاثي عن طريق ضم جنوبي كوريا الى نظام الدفاع الصاروخي المشترك الأمريكي الياباني، وإضفاء الشرعية على نشر نظام "ثاد" في جنوبي كوريا وضمان تفوقها العسكري المطلق.    
تحاول الولايات المتحدة بناء نظام الدفاع الصاروخي في منطقة آسيا الشرقية عبر المراحل، كما كانت في أوروبا، وتشكيل "الناتو" بالطبعة الآسيوية ومحوره الحلف العسكري الثلاثي الأمريكي والياباني والكوري الجنوبي، بهدف وضع حد للتوسع الصيني العسكري واخلال التوازن الاستراتيجي بينها وبين روسيا وتحقيق هيمنتها العسكرية في المنطقة.    
تروج الولايات المتحدة لادعائها بأن الجدل حول عقد اتفاقية السلام صحعب لأن نزع السلاح مستحيل في الوقت الحاضر. إلا أن ذلك مجرد حيلة للتستر على سياستها العدائية المتأصلة تجاه كوريا ومطامعها لتحقيق السيطرة على العالم. ذلك لأن المسألة الخاصة بعقد اتفاقية السلام الكورية الأمريكية ليست جديدة طرحت أمس أو اليوم، كما أن العلاقات العدائية الكورية الأمريكية وعلاقات الحرب بينهما ليست نتاجا عن امتلاك جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لقوة الردع النووي. 
ومن المعروف على النطاق الواسع أننا اقترحنا بمسألة عقد اتفاقية السلام قبل امتلاكنا النووي بكثير.
ومنذ التوقيع على اتفاقية الهدنة في الخمسينيات من القرن الماضي كانت جمهوريتنا ولاتنزال تمضي في المطالبة بعقد اتفاقية السلام من أجل وضع حد نهائي لحالة وقف اطلاق النار واحلال السلام الثابت.
وبفضل مبادرتنا نحن، تم تبني القرار حول سحب جميع الجيوش الأجنبية من جنوبي كوريا وعقد اتفاقية السلام بين كوريا والولايات المتحدة في الدورة الثلاثين للجمعية العامة للأمم المتحدة. إلا أن القرار لم ينقل الى حيز التطبيق، جراء التحديات والرفض من طرف الولايات المتحدة التي لا تسعى الا وراء المجابهة العسكرية والحرب بشكل متطرف.     
وفي الأيام الأخيرة، يطوف في السطح "منطق التشاور في آن واحد" من البعض، مفاده التشاور في عقد اتفاقية السلام ونزع السلاح بشكل متواز، كأنه طريقة جديدة تساعد في كسر الجمود بين كوريا والولايات المتحدة. إلا أن ذلك منطق غير واقعي يتجاهل تاريخ وطبيعة المواجهة الكورية الأمريكية. ذلك أنها طريقة باتت بالفشل بعد كانت أن مطبقة في مجريات الحوار منذ زمن بعيد قبل أن تصبح جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية دوالة نووية مظهرا وجوهرا.  
وفي الألفية الجديدة، جرى نقاش في اطار المحاثات السداسية حول دفع عجلة نزع السلاح وعقد اتفاقية السلام في آن واحد، إلا أن المساعى لحل المسألة بالطريقة المذكرة اعلاه باتت بالفشل جراء ديمومة العلاقات العدائية الكورية الأمريكية وعلاقات الحرب بينهما وكذلك السياسة العدائية تجاه كوريا والمناورات العسكرية المشتركة من طرف الولايات المتحدة والتي ازدادت شدة مع مع مر الأيام.
 كما أظهرت بكل جلاء في العالم، تقف اليوم جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بكل جدارة في الصفوف المتقدمة من الدول النووية العظمى.
إن الامتلاك النووي لجمهورية كوريا الديمقراطية فهو نتاج حي عن السياسة العدائية الأمريكية وليس موضوعا للمساومة السياسية أو المبادلة الاقتصادية المدرجة على طاولة المحادثات أو الحوار.  
يمكن أن يكون عقد اتفاقية السلام بداية لتخلي الولايات المتحدة عن سياستها العدائية ومن المستحيل نهاية لها. ذلك لأن خطر الحرب النووية الأمريكية لا يمكن أن يزول في شبه الجزيرة الكورية ما لم تتغير السياسة العدائية تجاه كوريا من طرف الولايات المتحدة ومطامعها للهيمنة على العالم عن طريق سيطرتها على آسيا.
فلا بد من دراسة قوة الردع النووي لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بالارتباط مع التخلي الأمريكي التام عن السياسة العدائية تجاه كوريا ونزع السلاح النووي على نطاق العالم. ومن المستحيل أن توازيها بأي شكل من الأشكال مع الانهاء الرسمي للحرب الكورية الذى كان من الواجب تحقيقه   منذ زمن طويل.
ومن المستحيل أن تكون قوة الردع النووي لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية موضوعا لأية مساولة أبدا ما لم تتبدل اتفاقية الهدنة باتفاقية السلام واستئصال للسياسة العدائية الأمريكية من جذورها.  
※    ※    ※
إن وجهة النظر والموقف من عقد اتفاقية السلام هما يشكلان اليوم محكا يميز القوى المحبة للسلام من القوى المولعة للحرب.  
أذا توفر الضمان القانوني المتمثل بعلاقات التعايش السلمي بين كوريا والولايات المتحدة، ولا علاقت الحرب أكثر من الآن بفضل عقد اتفاقية السلام بينهما، فستصبح القضايا الكثيرة المطلوبة حلها في منطقة شمال شرقي آسيا ممكنة، وفي مقدمتها العلاقات الكورية اليابانية والعلاقات بين الشمال والجنوب.
لقد أوضح رئيس لجنة الشؤون الوطنية، القائد كيم حونغ وون المحترم في المؤتمر السابع لحزب العمل الكوري موقفا من أننا سوف نعمل على تحسين العلاقات وتطبيعها مع البلدان التي تحترم سيادة بلادنا وتعاملنا معاملة الود، حتى لو كانت في الماضى على العلاقات العدائية معنا.
إذا تخلت الولايات المتحدة عن سياستها العدائية تجاه كوريا تتجه نحو عقد اتفاقية السلام، فستستقبل العلاقات الكورية الأمريكية تحسنا دراميا على أساس الثقة، وبالتالي ستدفع بقوة عجلة  بناء الثقة والتطور السلمي في منطقة شمال شرقي آسيا. (النهاية) 
 
 
نائب رئيش القسم لمعهد دراسة الولايات المتحدة الأمريكية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ري يونغ بيل

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/06



كتابة تعليق لموضوع : عقد اتفاقية السلام هو واجب أكثر الحاحا لا يمكن تأجليه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net