صفحة الكاتب : السيد ابراهيم سرور العاملي

*محا📝 ضرات رمضـــ🌙ـــانية13* ليلة القدر في القرآن وأحاديث أهل البيت
السيد ابراهيم سرور العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في سورة القدر : ( إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر ) وقال تعالى في سورة الدخان : ( إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم ) .
وقد سُئلَ الامام الباقر عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ} . قَالَ نَعَمْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَ هِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ، فَلَمْ يُنْزَلِ الْقُرْآنُ إِلَّا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : { فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } قَالَ يُقَدَّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ خَيْرٍ وَ شَرٍّ وَ طَاعَةٍ وَ مَعْصِيَةٍ وَ مَوْلُودٍ وَ أَجَلٍ أَوْ رِزْقٍ فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَ قُضِيَ فَهُوَ الْمَحْتُومُ وَ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ الْمَشِيئَةُ .
ليلة القدر ليلة مباركة وعظيمة، ومليئة بالثواب والأجر الكبير في ميزان الحسنات، كما أنزل الله سبحانه تعالى القرآن فيها، قال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، ويكتب الله فيها للناس أرزاقهم وآجالهم خلال العام، ويكثر فيها النجاة من العذاب وتحبس الشياطين وتنزل فيها الملائكة والرحمة الى الأرض قال تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}. كما يكثر فيها أعمال الخير والبر والطاعة، وفيها أيضاً الغفران من الذنوب والخطايا، والأجر الكبير عند الله، وتكون هذه الليلة خالية من الشر والأذى، ويسود فيها الأمن والسلامة، ويكون العمل الصالح ذا قدر كبير وعظيم عند الله و خيراً من العمل في ألف شهر .
ويستفاد من نصوص دينية عديدة أن ليلة القدر هي ليلة الـتـقدير و الـتدبير و إتخاذ القرارات الحكيمة من الله سبحانه و تعالى التي قد تتعلق بمسائل الكون و الحياة و تصنع للبشر تاريخاً مشرقاً إذا أعتمدت تلك القرارات و تم العمل على أساسها. و هي ليلة وجدت في عهد الأنبياء و هي باقية الى يوم القيامة كما جاء في بعض النصوص الدينية المروية عن رسول الله عليه السلام جاء فيها : (أن رسول الله سئل عن القدر أنه شيء يكون على عهد الأنبياء ينزل عليهم فيها الأمر فإذا مضوا رفعت   قال : لا بل هي باقية الى يوم القيامة). و في القرآن الكريم أنها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم. و من الواضح أن الأمر الحكيم له أفراد كثيرة قبل نزول القران الكريم و بعده و إلى يوم القيامة. فبعث الأنبياء كان من الأمر الحكيم، و إنزال الكتب السماوية كان من الأمر الحكيم. و لولا بعثة الأنبياء و ما أنزل الله عليهم من الكتب و التعاليم لكان تاريخ البشرية غير التاريخ الذي نقرؤه. فإن تلك الأحداث السماوية هي التي حولت مجرى الحياة البشرية من الظلمات الى النور و من الضلالة الى الهدى و هي التي أرشدت الإنسان الى سواء السبيل و مهدت له الطريق من أجل حياة تحكمها مبادىء الخير و مثل الحق .
☀القدر في اللغة: كون الشيء مساوياً لغيره من غير زيادة ولا نقصان . وقدّر الله هذا الامر بقدره قدراً: إذ جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة.والشهر في الشرع: المدّة بين هلالين من الأيام، وسمي شهراً لاشتهاره بالهلال، وقد يكون الشهر ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين ـ مجمع البيان: 9 ـ 10 / 785.أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ـ أو إلى البيت المعمور في السماء الدنيا ـ في ليلة القدر ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) سورة الدخان: آية 3 ـ وهي ليلة القدر. ثم كان جبرئيل ( عليه السلام ) ينزله على النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نجوماً بأمر الله، وكان نزوله من أوله إلى آخره في ثلاث وعشرين سنة.ويجب أن يتبادر إلى الذهن أنه ليس ابتداء نزول القرآن في ليلة القدر، ولا إنزال بعض الآيات القرآنية في ليلة القدر، لأنه لو كان كذلك، فهو ينزل أيضاً في بقية الأيام والليالي، فما فضل هذه الليلة على سواها؟!!. ولا نزول سورة القدر في هذه الليلة ـ أي ليلة القدر ـ لقوله عزّوجل ( إنا انزلناه ) فضمير أنزلناه يعني القرآن، وليس سورة منه ولا بعض منه.إذن وجب أن يكون نزول القرآن جملة واحدة في ليلة مباركة ـ من اللوح المحفوظ إلى السماء ـ وهي ليلة القدر. ومن ثم نزل نجوماً على النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
☀معنى ليلة القدر:سميت ليلة القدر، لأنها الليلة التي يحكم الله فيها، ويقضي بما يكون في السنة بأجمعها إلى مثلها من السنة القادمة، من: حياة وموت، وخير وشر، وسعادة وشقاء، ورزق وولادة ...الخ. ويدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: ( فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك ) سورة الدخان: آية 6.ففرق الأمر الحكيم يعني إحكام الأمر الواقع بخصوصياته التقديرية وإمضاءه في تلك الليلة رحمة من الله سبحانه وتعالى إلى عباده.وقيل القدر: بمعنى المنزلة، وسميت ليلة القدر لأهميتها ومنزلتها، ولأهميّة ومنزلة المتعبّـدين والذاكرين الله فيها. فاحياؤها بالعبادة، والعمل الصالح فيها من صلاة وزكاة وأنواع الخير، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر. ولولا ما يضاعف الله تبارك وتعالى للمؤمنين ما بلغوا، ولكن الله يضاعف لهم الحسنات رحمة منه سبحانه وتعالى.قال ابن عمير، عن الإمام أبي عبد الله ( عليه السلام ): « ... العمل فيها خير من العمل فى ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ».وجاء في الميزان: 20 / 334: سُئل الإمام الباقر ( عليه السلام ) عن قول الله عزّوجل: ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) قال: « نعم: ليلة القدر، وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الاواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر، قال الله عزّوجل: ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) ».☀تعيين ليلة القدر:
لم يعين القرآن الكريم أيّة ليلة هي، سوى أنها في شهر رمضان، وقد اعتمد في تعينها من الاخبار، والروايات، فعن حسّان بن أبي علي، قال: سألت الإمام ابا عبد الله ( عليه السلام ) عن ليلة القدر، قال: « أطلبها في تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين » الميزان في تفسير القرآن: 20 / 333.وقد اتفقت أخبار أهل البيت ( عليهم السلام ) أنها باقية متكررة كل سنة. وأنها من شهر رمضان، وإنها إحدى الليالي الثلاث. ولذلك دأب الشيعة على تسمية الليالي الثلاث بليالي القدر.وعن زرارة، قال: سألت الإمام الباقر ( عليه السلام ) عن ليلة القدر، قال: « في ليلتين، ليلة ثلاث وعشرين وإحدى وعشرين. فقلت إفرد لي أحدها. فقال: وما عليك أن تعمل في ليلتين هي إحداهما » مجمع البيان: 9 – 10 / 787.والمستفاد من مجمل الروايات انها ليلة ثلاث وعشرين ـ على الاكثر ـ.ولم يعيّن وقتها بالذات كي لا يستهان بها بارتكاب المعاصي، وليجتهد الناس في العبادة ويحيوا جميع ليالي شهر رمضان ـ شهر الطاعة ـ طمعاً في إدراكها، كما أخفى الله سبحانه وتعالى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس، وساعة الاجابة في ساعات الجمعة، وغيرها.ومن صفات ليلة القدر: أنها ليلة يطيب ريحها، وإن كانت في برد دفئت وإن كانت في حرّ بردت، تطلع الشمس في صبيحتها ليس لها شعاع.
☀فضل سورة القدر:
1ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام ) ، قال :‹‹ من قرأ انا انزلناه في فريضة من الفرائض نادى منادٍ ياعبد الله قد غفر لك ما مضى، فاستأنف العمل ›› ـ مجمع البيان : 9ـ10/ 784 .2ـ عن الامام الباقر (عليه السلام) ، قال:‹‹ من قرأ انا انزلناه فجهر بها صوته كان كشاهر سيفه في سبيل الله ، ومن قرأها سراً مرّات ، محا الله عنه الف ذنب من ذنوبه ›› ـ تفسير الصافي/ 353:5 .فضل ليلة القدر:يستحب فيها الغسل، والعبادة، والدعاء، وزيارة الحسين ( عليه السلام )، والتخضّع لله حتى يضيء فجرها، ومن فضلها:1 ـ من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله ما تقدّم من ذنبه.2 ـ إن الشيطان يخنس في هذه الليلة ولا يخرج حتى يضيء فجرها.3 ـ لا يستطيع فيها على أحد بخبل أو داء أو ظرب من ظروب الفساد، ولا ينفذ فيها سحر ساحر. بل تتنزل فيها النعم والخير والبركة والاحسان للمؤمنين الذاكرين الله بشتى أنواع الذكر حيث يضاعف الله سبحانه لهم الحسنات والخيرات رحمة منه على عباده، فهي ليلة سلام حتى مطلع الفجر.4 ـ تتنزل الملائكة والروح ( يعني جبرئيل ) فيها إلى الأرض ليسمعوا الثناء على الله سبحانه، وقراءة القرآن والدعاء وغيرها من الاذكار، وليسلموا على المؤمنين العابدين الزاهدين التالين لكتاب الله بإذن الله سبحانه ـ أي بأمره ـ فهي سلام على أولياء الله وأهل طاعته، فكلما لقيتهم الملائكة في هذه الليلة سلّموا عليهم.
☀فضائل ليلة القدر في أحاديث أهل البيت عليهم السلام:انها ليلة القضاء قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدى وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة.أنها سر بقاء القرآن الكريم قال الإمام الصادق عليه السلام: لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن.انها ليلة نزول القران قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: نزلت التوراة في ست مضت من شهر رمضان، ونزل الإنجيل في اثني عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، ونزل الزبور في ليلة ثماني عشرة مضت من شهر رمضان، ونزل القرآن في ليلة القدر.ليلة مضاعفه الأجر على الأعمال الصالحة سئل الإمام جعفر الصادق عليه السلام؛ كيف تكون ليلة القدر خير من ألف شهر؟ قال: العمل الصالح فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.انها ليلة كل ما كتب فيها فهو المحتوم للخلائق قال سليمان المرزوي للإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: ألا تخبرني عن «إنَّا أنْزلْنَاه في لَيْلةِ القَدْر» في أيّ شيء اُنزلت؟ قال: يا سليمان؛ ليلة القدر يقدّر الله عز وجل فيها ما يكون من السنّة الى السنّة، من حياة أو موت، أو خير أو شرّ، أو رزق. فما قدّره في تلك الليلة فهو من المحتوم.سئل الإمام محمد الباقر عليه السلام عن ليلة القدر، فقال: تنـزّل فيها الملائكة والروح والكتبة الى السماء الدنيا، فيكتبون ما هو كائن في أمر السنة وما يصاب العباد فيها. قال: وأمر موقوف لله تعالى فيه المشيّة، يقدم منه ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء، وهو قوله تعالى: «يَمْحُو الله ما يَشَاء وَيُثَبّت وَعِنْده أمّ الكِتَابْ».انها الليلة التي قدر فيها الله ولاية اهل البيت قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله؛ يا علي أتدري ما معنى ليلة القدر؟ فقلت: لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: إن الله تبارك وتعالى قدّر فيها ما هو كائن الى يوم القيامة، فكان فيما قدَّر عز وجل ولايتك وولاية الائمة من ولدك الى يوم القيامة.قال المفضل بن عمر: ذكر أبو عبد الله (الإمام جعفر الصادق) عليه السلام إنّا أنزلناه في ليلة القدر، قال: ما أبين فضلها على المشهود. قال: قلت وأي شيء فضلها؟ قال: نزلت ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فيها. قلت: في ليلة القدر التي نرتجيها في شهر رمضان؟ قال: نعم؛ هي ليلة قدرت فيها السماوات والأرض، وقدرت ولاية أمير المؤمنين .
         والحمد لله رب العالمين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد ابراهيم سرور العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/24



كتابة تعليق لموضوع : *محا📝 ضرات رمضـــ🌙ـــانية13* ليلة القدر في القرآن وأحاديث أهل البيت
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net