صفحة الكاتب : عمار جبار

العراق والوطنية المزيفة
عمار جبار

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كهف أفلاطون ، من النظريات الرائدة التي فسرت التحكم بالمجتمعات عن طريق الاعلام الموجه ، مختصرها ان هنالك مجموعة من الناس مربوطين بالسلاسل في احد الكهوف وموجهين نحو الجدار ولا يستطيعون الالتفات بأي اتجاه وخلفهم نار مشتعلة فهم لا يَرَوْن غير الأجسام التي يعكسها ضوء النار على سطح الجدار المواجه لهم كظل الحراس ، فَلَو خرج احدهم الى خارج الكهف ورأى العالم وضوء الشمس والأشخاص ( حقيقة اخرى ) ، وعاد ليروي لهم ذلك فلن يصدقه احد ، ان لم يصفوه بالجنون !
استخدمت بشكل محترف من قبل الاعلام ، لتسليط الاضواء على كل ماهو سلبي وغير جيد في التجربة العراقية الفتية ، ومحاولة اغفال الجانب المشرق في تجربتنا التي ينظر لها الجميع بعين الخيفة والحذر ، كونها قد تصدر الى دولهم المستبدة والمتسلطة على رقاب الناس ، طبعوا في عقول الناس ان كل ما موجود هو خاطئ ، واخفوا وحاربوا كل إيجابية حدثت وتحدث ، ويسفهون اي تحرك للإصلاح ، حتى بات الاصلاح يدرج في كتب الخيال العلمي من وجهة نظر المواطن البسيط 
الظهور بزي الوطنية ، يحتاج الى سب وشتم الجميع ، فمعيار الوطنية هو الصراخ والصوت العالي ، وعلى رأس القائمة التظاهر في ساحة التحرير ، والانتقاص من كل ماهو مقدس ، وتوجيه أصابع الاتهام الى الجميع ، بما فيهم الشهداء ! ، واستثمار جهل الشارع في الكثير من القضايا ، والتركيز على الجانب العاطفي لتهييج الرأي العام 
 
التغني بالماضي الجميل اصبح سمة واضحة ، ومهرب للكثير ، حيث يعيشون أمسهم ويفقدون لذة يومهم ، الحرية المطلقة ، والغير مقيدة بأي قيد ، لم تكن حتى حلماً للبعض ، بينما اصبحت الان من المسلمات ، حق التعبير والتنقل والاعتقاد والمشاركة السياسية والكتابة والاجتماع وتأسيس الجمعيات والمنتديات والحركات من دون اي مضايقات ، حتى اننا تجاوزنا في ذلك اعرق الديمقراطيات ، بل اننا انتقلنا الى مرحلة الحرية المطلقة ، فحتى الدولة ومؤسساتها لم تسلم من حريتنا ! ، اذا ما شئنا اقتحمنا الخضراء ومجلس النواب والوزارات ، وهذا مالم يحدث في البلدان الديمقراطية ، بينما حتى صلاتنا كنا نصليها بخوف ، الا يستحق هذا ان نتحدث عنه ؟ 
الجيش والشرطة وقوى الأمن ، اصبحت شعبية اكثر مما هي حكومية ، بعد ان كانت مهمتها الاساسية قمع الشعب وتخويفه وإرهابه ، حتى يمكن ان يقال ان جيشنا كان باسلاً علينا فقط ، ومعاركه الداخلية فاقت معاركه الخارجية بمئات الأضعاف ، بينما اليوم نراه يقاتل ويضحي لأجل كل شبر من اراضينا ، من الشمال الى الجنوب ، يدافع عن شعب وليس عن أشخاص ، ولم يعد جيش فلان او فلان ، وانما جيش العراق فقط وفقط 
من يعتقد ان توجيه الأنظار الى الجانب السلبي فقط هو وطنية فهو واهم ، الوطنية ان تحب وطنك ، ان تحبه بعملك قبل هتافك وصراخك ، فالصراخ ليس معياراً ، العمل هو المعيار ، ان تسلط الضوء على ما أنجز لا ان تحاربه ، ان تمد الآخرين بالامل ، بينما يحاول الاٍرهاب إحباطنا وقتل الإرادة بداخلنا ، ليعيدنا عبيداً لابن فلان وابن علان ، والكثير ممن يدعي الوطنية بعلم او بجهل فهو يسير بهذا الاتجاه ، ففسحة الامل ضيقة جداً فلا تزيدوا من ضيقها .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار جبار
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/20



كتابة تعليق لموضوع : العراق والوطنية المزيفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net