صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

اليهود لا يعرفون أين نزلت توراتهم ؟
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 تاريخيا لم يكن اسم صحراء مصر الكبرى بإسم (سيناء) ولكن اشتهر هذا الاسم لأن التوارة اطلقت عليه ذلك ومع ذلك فلربما تقع هذه الصحراء بعيدا خارج حدود مصر كما نقرا في التوراة نفسها : (ثم ارتحلوا من إيليم. وأتى كل جماعة بني إسرائيل إلى برية سين، التي بين إيليم بعد خروجهم من أرض مصر).(1) وحسب الروايات أيضا فإن بيليم هو الاسم القديم لبيت لحم.وطبق هذا النص فإن هذه الصحراء تقع خارج حدود مصر.
 
ولكن إسم (سيناء) ورد في التوراة وقد احتار المفسر المسيحي في مكانها فنسبها إلى أربعة اماكن. والسبب أن التوراة نفسها تختلف في كيفية تكلم الله مع موسى فتارة تقول أنه كلمه في برية سيناء ، وأخرى تقول في جبل سيناء(2) ولكن الغريب أن التوراة تقرن بين جبل سيناء وجبل فاران كما نقرا في النص التالي : (فارتحل بنو إسرائيل في رحلاتهم من برية سيناء، فحلت السحابة في برية فاران).(3) ومن المعروف أيضا أن فاران تقع غرب شبه الجزيرة العربية، وذكر المؤرخون والجغرافيون أن جبال فاران اسم لجبال مكة وقد كتب ياقوت الحموي في القرن الثالث عشر أنّ فاران هي مكة، ويقال أن جبال فاران مجاورة للمدينة المنورة. 
المشكلة التي وقع فيها المفسر المسيحي هي أن الله تجلى لموسى مرتين فقط واحدة عند خروجه من مدينة (مدين) حيث أمره بالنبوة. والثانية على (الجبل) ليعطيه التوراة ، ولكن هناك نصا آخر يزعم أن الله تجلى لموسى اربع مرات كما نقرا : (وهذه هي البركة التي بارك بها موسى، رجل الله، بني إسرائيل قبل موته،فقال: جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران، وأتى من ربوات القدس).(4) 
اشتبه على الكاتب في هذا النص فتصور ان موسى يقصد بأن الله تجلى له اربع مرات ، ولكن فات الكاتب ان موسى هنا يطلق نبوءة مستقبلية تخبر الناس بأن هذه الاماكن ستكون مكان بعثة أنبياء جدد. هم : موسى من سيناء ، وعيسى من سعير ، ومحمد من فاران ، والمهدي سيأتي من ربوات القدس وهي نبوءة اخنوخ.
 
فكما هو معروف ان بين صحراء سيناء او جبل سيناء وبرية فاران مسافة شاسعة جدا وبينهما البحر الأحمر والتوراة نفسها تخبرنا بذلك حيث ورد في سفر التكوين 21: 17 (فسمع الله صوت الغلام، ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها قومي احملي الغلام ، لأني سأجعله أمة عظيمة. وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء، فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام. وكان الله مع الغلام فكبر وسكن في برية فاران). فهاجر زوجة نبي الله إبراهيم ، والغلام هو إسماعيل وبئر الماء هو بئر زمزم ، وفاران هي مكة.
 
ولحسم الجدل الدائر حول مكان نزول التوراة يقول كل من (مستر بيكر جرين و سايك) : (إن جبل سيناء جبل غير معروف في بلاد مديان). ويؤيد قوله هذا عالم الكتاب المقدس (لبسوس) الذي زار سيناء ولم يجد في المنطقة القاحلة مياها تكفي كل شعب إسرائيل. وأما لو رجعنا إلى رأي آباء الكنيسة فهم يقولون : هناك تقليد متواتر يرجع إلى القرن الرابع، يحدد موقع الجبل. فيحدد يوسابيوس وجيروم موقع حوريب بالقرب من فاران. اي الجزيرة العربية. 
ولكن قاموس الكتاب المقدس دائرة المعارف الكتابية المسيحية شرح كلمة سيناء يقول : (من المستحيل أن نحدد تحديدا قاطعا أي قمة منها هي التي صعد إليها موسى، فجميعها أعلى من كل جبال سيناء ومديان أيضاً). وقد بحث علماء اليهود ونقبوا في سيناء طويلا واستخدموا الاقمار الصناعية ، عن أي أثر لمقامهم فيها ، ولكن دون جدوى.
 
من هذا يتبين لنا سبب التخبط في تعيين مكان سيناء او جبل سيناء .والواقع أن تسمية الصحراء المصرية بصحراء سيناء ، استندت إلى ما جاء في التوراة ، مع أن التوراة لم تُحدّد موقع الصحراء أو الجبل. ولكن بالرجوع إلى التوراة مرة أخرى فإنها تذكر لنا بأن موسى وشعبه مروا بثلاث صحارى ذكرتها التوراة بالتسلسل وهي : (صحراء شور ، وصحراء إيليم، وصحراء سين).(5)
 
وحديثا قامت جامعة كمبريدج بتكليف البروفيسور همفري بالبحث في هذه القضية فتوصل بعد أبحاث مستفيضة إلى النتيجة التالية : (ان الجبل الذي تلقى عليه النبي موسى، التعاليم السماوية لبني اسرائيل، يقع في شمال الجزيرة العربية وليس في سيناء).(7)
 
وقد اشار الباحث الأثري أحمد عثمان إلى ذلك بشكل اكثر وضوحا عندما قال : (أن العلماء حددوا اسماء الجبال في شبه الجزيرة العربية التي نزلت عليها تعاليم بني اسرائيل الدينية، مرة بجبل اللوز، ومرة اخرى باسم جبل هللة، واخيرا بجبل بدر). (8)
 
المصادر: 
1- سفر الخروج 16: 
1
2- من خلال نقوش سرابيط الخادم والمغارة يتضح لنا أنه لم يكن هناك اسم خاص لسيناء، ولكن يشار إليها أحياناً بكلمة بياوو أي المناجم أو بيا فقط أي المنجم ، وفي المصادر المصرية الآخري من عصر الدولة الحديثة يشار إلي سيناء باسم خاست مفكات وأحياناً دومفكات أي مدرجات الفيروز.التوراة هي التي تطلق على هذه المنطقة اسم سيناء من دون تحديد لمكان معين كما في سفر العدد 1: 1 (وكلم الرب موسى في برية سيناء). وكذلك سفر العدد 3: 1 (كلم الرب موسى في جبل سيناء).ولكن القرآن استخدم إسم (سيناء) للاشارة إلى جبل (الطور) كما في قوله تعالى : (وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن). المؤمنون 20 .ولكنه لم يُحدد مكانا أيضا.
 
3- سفر العدد 10: 12. المعروف أن برية فاران في الحجاز وليست في مصر. 
4- سفر التثنية 33: 2.
5- سفر الخروج 16: 1. وفي نص آخر : (وتنقّل بنوا إسرائيل على مراحل ، من صحراء سين إلى أن خيّموا في رفيديم فقد ارتحل الإسرائيليون من رفيديم إلى أن جاءوا إلى برية سيناء ، فنزلوا مقابل الجبل فصعد موسى للمثول أمام الله).
7- البروفسور كولن همفري كتابه معجزات الخروج.
8- الباحث الاثري احمد عثمان كتاب تاريخ اليهود.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/16



كتابة تعليق لموضوع : اليهود لا يعرفون أين نزلت توراتهم ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net