صفحة الكاتب : مكتب السيد عادل العلوي

الحياء من الله سبحانه ( الاصول الأربعة في بناء الحیاة )
مكتب السيد عادل العلوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

 
الأصل الثالث الحياء من الله سبحانه
 
قال الإمام الصادق×: وعلمت أن الله مطلّع عليّ فاستحييتُ.
 
إن الحياء لغةً: كما في المفردات: هو انقباض النّفس عن القبائح وتركه لذلك، يقال: حييَ فهو حيٌّ واستحيا فهو مُستحي.
 
وفي المرأة ج8 ص187، الحياء ملكة للنّفس توجب انقباظها عن القبيح وانزجارها عن خلاف الأداب خوفاً من اللّوم.
 
ولا يخفى أن الحياء من جنود العقل فهو نور وضدّه الوقاحة وهي من جنود الجهل ومن الظلمات، وتعرف الأشياء بأصدادها، فالوقاحة هي عدم مبالاة النفس، وعدم انفعالها من إرتكاب المحرمات الشرعية والعقلية أو العرفية، وكونها من رداءة.
 
قوتي الغضب والشهوة والحياء: هو انحصار النفس وانفعالها من ارتكاب المحرمات الشرعية والعقلية والعادية حذراً من الذم واللّوم، وهو أعم من التقوى، فإن التقوى اجتناب المعاصي الشرعية والحياء يعم ذلك إجتناب ما يقبحه العقل والعرف أيضاً، وهو من شرائف الصفات النفسانية، وورد في فضله نصوص كثيرة من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.
 
 
 
 
الآيات: 1 ـ ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ...﴾  (القصص: 25).
 
2 ـ ﴿ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ...﴾ (الأحزاب: 53).
 
3 ـ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ﴾ (البقرة: 26).
 
4 ـ ﴿ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ...﴾  (الأحزاب: 53).
 
الروايات: 1 ـ قال الإمام الصادق×: الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة. (الكافي: 2: 86 باب الحياء: ح1).
 
2 ـ عن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبد الله×: الحياء والعفاف والعِّي ـ أعني عيّ اللسان لا يعيّ القلب ـ من الإيمان.
 
(الكافي: 2: 812 ح2). وعن اللسان ترك الكلام فيما لا فائدة فيه، وعدم الإجتراء على الفتوى بغير علم، وعلى إيذاء الناس وأمثاله وهذا ممدوح، ويعيّ القلب: عجزه عن إدراك دقائق المسائل وحقائق الأمور وهو مذموم.
 
   3- عن أحدهما÷ قال: الحياء والإيمان مقرونان في قَرَن ـ حبل يجمع به البعيران والغرض بيان تلازمهما ـ فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه. (الكافي: 2: 87 ح4).
 
 4 ـ قال الإمام الصادق×: لا إيمان لمن لا حياء له.
 
 5 ـ وعنه× قال: قال رسول الله‘: أربع من كنّ فيه وكان من قرنه ـ الجانب الأعلى من الرأس ـ إلى قدمه ذنوباً بدّلها الله حسنات، الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر. (الكافي: 2: 87 ح7).
 
 6 ـ قال رسول الله‘: الإيمان عريان، ولباسه الحياء، وزينته الوفاء، ومروّته العمل الصالح، وعماده الورع ولكلّ شيء أساس وأساس الإسلام حبنّا أهل البيت. (مشكاة الأنوار: 234 عنه ينابيع الحكمة: 2: 221).
 
 7 ـ في كتاب ارشاد القلوب: روي ان الله تعالى يقول: عبدي إنك إذا إستحيت منّي أنسيت الناس عيوبك، وبقاع الأرض ذنوبك، ومحوتُ من الكتاب زلّاتك، ولا أناقشك الحساب يوم القيامة.
 
 8 ـ وروي أن الله تعالى يقول: عبدي إنك إذا استحيت منّي وخفتني غفرت لك.
 
 9 ـ وروى أن رجلاً رأى رجلاً يصلي على باب المسجد، فقال: لِمَ لا تُصلّي فيه، فقال: أستحي منه أن أدخل بيته وقد عصيت، ومن علامات المستحي أن لا يرى في أمر استحي منه.
 
ونهاية الحياء ذوبان القلب للعلم بأنّ الله مطلّع عليه، وطول المراقبة لمن لا يغيب عن نظره سراً وعلانية، وإذا كان العبد حال عصيانه يعتقد أن الله يراه، فإنه قليل الحياء، جاهل بقدرة الله تعالى، وإن كان يعتقد أنّه لا يراه فإنه كافر. (إرشاد القلوب: 150 ب30).
 
10ـ قال رسول الله‘: قلّة الحياء كفر، وقيل له: أوصني قال: استحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك. (مشكاة الأنوار: 225).
 
11ـ قال الصادق×: ثلاث من لم تكن فيه فلا يرجى خيره أبداً: من لم يخش الله في الغيب، ولم يرعو عند الشيب، ولم يستحي من العيب. (مشكاة الأنوار: 234) (يرعو) إرتوي عن القبيح: رجع عنه.
 
أقول: لاشك إن الحياء من الله سبحانه ومن الناس بترك القبيح والفحشاء وسوء الآداب والأخلاق من الأمر المحبّذ والممدوح عقلاً وشرعاً، فالحياء مطلوب من كل أحد لا سيما من المؤمنين والمؤمنات لايمانهم بالله سبحانه وتعالى، فالحياء حسن ولا شك أن من النساء أحسن، فإن المرأة كلّها عورة، فلابد من سترها للعفّة والحياء، ولصيانتها من سارقي عفّتها وحياءها.
 
12ـ قال الإمام الصادق×: الحياء عشرة أجزاء تسعة في النساء، وواحد في الرجال، فإذا حاضت الجارية ـ أي البنت ـ ذهب جزء من حياها، وإذا تزوّجت ذهب جزء، وإذا افتزعت ـ أي أزيل بكارتها بالزواج المشروع ـ ذهب جزء، وإذا ولدت ذهب جزء، وبقي لها خمسة أجزاء، فإن فجرت ـ كالزنا ـ ذهب حياءها كلّه، وإن عفّت بقي لها خمسة أجزاء. (مشكاة الأنوار: 235). ومن المؤسف كلّما تقدم الزمان في آخر الزمان، فإنه يسلب الحياء من النساء فضلاً عن الرّجال.
 
13ـ سأل رسول الله‘ جبرئيل×: هل تنزل إلى الأرض من بعدي؟ قال: نعم يا رسول الله، أنزل إلى الأرض من بعدك عشر مرّات، وأرفع عشر جواهر من وجه الأرض.
 
قال‘: ما هذه الجواهر؟ فقال: الأول: أنزل إلى الأرض أرفع البركة منها. والثاني: أرفع منها الرحمة. والثالث: أرفع منها الحياء من عيون النساء. والرابع: أرفع الحميّة من رؤوس الرجال. والخامس: أرفع العدل من قلوب السلاطين. والسادس: أرفع الصدق من قلوب الأصدقاء. والسابع: أرفع السّخاوة من قلوب الأغنياء. والثامن: أرفع الصّبر عن الفقراء. والتاسع: أرفع الحكمة من قلوب الحكماء. العاشر: أرفع الإيمان من قلوب المؤمنين. (الأثني عشرية: 330 ب 10 ف2).
 
14ـ قال رسول الله‘: لا تقوم السّاعة حتى يذهب الحياء من الصبيان والنساء (سفينة البحار: 1: 362).
 
ولا شك  تترتب على الحياء ثمرات وفوائد مادية ومعنوية في الدنيا والآخرة، وكذلك تترتب آثاراً سيئة لمن ترك الحياء.
 
15ـ عن سلمان رضي الله عنه قال: إنّ الله عز وجلّ إذا أراد هلاك عبد نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلّا خائفاً مخوفاً، فإذا كان خائفاً مخوفاً نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا شيطاناً ملعوناً فلعناه.(مشكاة الأنوار: 223).
 
 فمن ترك الحياء وكان وقحاً كان فاسقاً، ولا غيبة على الفاسق.
 
16ـ قال رسول الله‘: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. (مشكاة الأنوار: 223).
 
ومن كان كذلك كان شيطاناً، ولا يبالي بإتيان المنكرات والفواحش، فإنه لم يؤخّر بأطار الحياء والسّتر والعفاف ،فلا يتوقع منه الخير والفضيلة.
 
17ـ عن الإمام الرضا × عن آبائه^ قال: أن رسول الله‘ قال: لم يبق من أمثال الأنبياء إلّا قول الناس: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
 
وهذا يعني أنه لم يلتزم شيء لا بالعقلانية ولا بالآداب والسنن والأحكام الشرعيّة.
 
18ـ قال الإمام الصادق في مصباح الشريفة: الحياء نور جوهره صدر الإيمان، وتفسير والتثبت عند كلّ شيء ينكره التوحيد والمعرفة.
 
قال النبي‘: (الحياء من الإيمان) فقيّد الحياء بالإيمان ، والإيمان بالحياء، وصاحب الحياء خير كلّه، ومن حَرم الحياء فهو شرّ كله وإن تعبّد وتورّع، وإنّ خطوة يتخطاه في ساحات هيبة الله بالحياء منه إليه، خير له من عبادة سبعين سنة، والوقاحة صور النفاق والشقاق والكفر.
 
قال رسول الله‘: إذا لم تستح فإعمل ما شئت، أي إذا فارقت الحياء، فكلّ ما عملت من خير وشرّ فأنت به معاقب، وقوّة الحياء من الحزن والخوف، والحياء مسكن الخشية، الياء أوّله الهيبة، وآخره الرؤية، وصاحب الحياء مشتغل بشأنه، معتزل من الناس، مزدجر عمّا هم فيه، ولو تركوا صاحب الحياء ما جالس أحداً.
 
قال رسول الله‘: إذا أراد الله بعبد خيراً ألهاه عن محاسنه وجعل مساويه بين عينيه، وكرّهه مجالس المعرضين عن ذكر الله.
 
والحياء خمسة أنواع حياء ذنب، وحياء تقصير، وحياء كرامة، وحياء حبّ، وحياء معيبة، ولكل واحد من ذلك أهل، ولأهله مرتبة على حدّة (مصباح الشريفة: 63 ب93).
 
ويقسّم الحياء أيضاً بتقسيم ثنائي بإعتبار العقل والجهل، فإن الحياء ومنه الخجل على قسمين: حياء عقل وحياء حمق، كما ورد هذا المعنى في الأخبار الشريفة، فإن حقيقة الحياء كما مرّ هو الأنفصال عن إرتكاب ما يذم شرعاً أو عقلاً أو عرفاً، فالانفعال عن غير ذلك يعتبر من الحماقة، فغن الانفعال عن تحقيق أحكام الدين، أو الخود عما ينبغي شرعاً وعقلاً لا يعد حياءً بل حمقاً، ومن ثمّ قسّم الحياء إلى قسمين: حياء عقل وحياء حمق.
 
19ـ قال رسول الله‘: الحياء حياء آن: حياء عقل، وحياء حمق، فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل. (الكافي: 2: 87).
 
فقوله×: (هو العلم) أي يكون سببه العلم أو أنه يوجب نور العلم، وأما قوله: (هو الجهل) فكذلك فمعناه أنه سببه الجهل، أو موجب للجهل. فالمفروض أن لا يخجل الإنسان في طلب العلم والتعلّم، حتى لو كان كبير السّن، وكان معلّمه شاباً، كما كان المحقق الكبير خواجه نصير الدين الطوسي يحضر الفقه عند العلامة الحلي وكان المحقق في خريف عمره والعلامة في أيّام شبابه، كما كان العلامة يحضر عن المحقق المعقولات.
 
20ـ قال الإمام الصادق×: من رقّ وجهه رقّ علمه (الكافي: 2: 87).
 
قوله×: (رق وجهه) كناية عن الاستحياء عن السؤال وطلب العلم، وقوله×: (رقَ علمه) كناية عن قلّته ويكون رقيقاً.
 
وفي المثل العربي (فازياً بلذّات من كان جسوراً) فرُبَّ حياء حمق يمنع الرزق ، ومن أن يقول الحق (من استحيى من قول الحق فهو الأحمق) ويبتلى المرء بالتأخر والحرمان والشقاء والعیاذ بالله...
 
 وللکلام تتمة إن شاء الله...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب السيد عادل العلوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/10



كتابة تعليق لموضوع : الحياء من الله سبحانه ( الاصول الأربعة في بناء الحیاة )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net