صفحة الكاتب : قاسم العجرش

الوسطية والإعتدال وموقع الحق منهما..!
قاسم العجرش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ينتمي الخفاش الى اللبائن من حيث الفصيلة، والى الطيور تصرفا، وتحمل الذاكرة البشرية صورة سيئة جدا عنه، وكثيرا ما نسمع ونقرأ، من أنه يمتص الدماء، وأنه أداة من أدوات السحر، وآلاف القصص والحكايات من هذا النمط، لكن كلها تقريبا من صنع الخيال. 
عناصر تشكل هذه الصورة، جاءت من خلال ثلاثة أسباب:
 الأول لأن الخفافيش تعيش جماعات كبيرة، في الأبنية العتيقة المهجورة والخرائب، ولا تعيش في غابات وحقول، كما العصافير والبلابل والصقور.
الثاني لأن وقت حركتها ونشاطها يبدأ بعد الغروب، ويستمر الى أن تتعب عند منتصف الليل تقريبا، وهذا يحصل لأن بصرها ليس حديدا كبصر الصقور، بسبب ضعف شبكية عيونها.
الثالث لأن الخفافيش المسكينة ليست جميلة قطعا، فهي مكسوة بشعر رمادي متسخ، ولا تمتلك ريشا ملونا، كما في الكناري والببغاوات، فضلا عن أن أصواتها صيحات، وليست تغريدات تويترية!
لكن الخفافيش لا "تكره" الضوء مثلما يشاع عنها، ولو كانت طبيعتها التكوينية تتيح لها الإبصار في الضوء؛ لطارت في النهار.
الخفافيش بالحقيقة لا "تحب" الضوء، ولم يتأيد أنها "تكرهه"، والفرق كبير جدا بين أن "لا تحب" وأن "تكره".
أن لا تحب شيئا، يعني أن لك موقفا عاطفيا متعادلا نحو شيء ما، موقف ليس سلبيا ولكنه ليس إيجابي، بمعنى أنك تقف في نقطة الصفر، في محل تقاطع إحداثي السينات مع إحداثي الصادات، كما في الرياضيات؛ فلا تحبه وحسب.
أهل الرياضيات يعرفون أن الصفر؛ أقوى قوة ضاربة في الكون، فالصفر يحيل أي رقم مهما بلغت مراتبه، الى صفر مثله إذا ضرب به!
أن تكرهه؛ يعني أن لك موقف عاطفي سلبي تجاه شيء ما، بمعنى أن تكون عاطفتك تجاهه تحت الصفر، ويُعَبَر عن هذا الموقف بالكراهية..
الوسطية من هذا النوع من التصرف، ليست مع وليست ضد؛ ليست مع الباطل ولكنها ليست مع الحق، وهكذا فإن الوسطية تصرف خفافيشي بالنتيجة!
الذين يتكلمون عن الوسطية؛ هم أناس بلا موقف يكرهون الضوء وسطوعه، بذات القدر الذي يلعنون فيه الظلام وعتمته، موقفهم فقط مع مصالحهم، هم ليسوا مع هذا وليسوا مع ذاك، إذا دعاهم داعي الحق؛ قالوا مالنا وماله، دعونا ننتظر إنجلاء الموقف، وعند ذاك (سـ) نقول رأينا، وإذا رأوا الباطل بأم أعينهم، قالوا ما دمنا لسنا مرتكبيه؛ أو لم يصيبنا شرره؛ فأنه لا يعنينا! 
ثمة فرق كبير بين الوسطية والإعتدال؛ فالإعتدال هو أن تقف موقفا معتدلا؛ متوخيا العدل، باحثا عنه لتحقيق العدالة، وأن ترفض الباطل وتقارعه.
المعتدلون يقفون بقامات مستقيمة، رافعي هاماتهم؛ لأنهم لم يُدمغوا بباطل إقترفوه، وهم مع الحق لأنه منهج الفطرة.
المعتدلون أو الإعتداليون إن صح الإطلاق، فطريون غير متسخين بباطل.
الوسطيون لا يقفون بوجه ظالم إذا بَطش، ولا مع ضعيف إذا نُهش، هم بالحقيقة رماديين متسخين!
كلام قبل السلام: الوسطيون مطأطئي الرؤوس دوما، ينظرون الى الأسفل، فتبدوا قاماتهم قميئة! 
سلام..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قاسم العجرش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/01



كتابة تعليق لموضوع : الوسطية والإعتدال وموقع الحق منهما..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net