صفحة الكاتب : رواء الجصاني

نموذج من الطائفية العريقة في العراق الجواهـري... عـن "منغولٍ من التاتارِ وغــــدٍ"
رواء الجصاني
 يحلّ عام 1967 وكان محمد مهدي الجواهري، الرمز الوطني والثقافي العراقي الابرز،  يعيش في براغ، حاملاً هموم وشجون الاغتراب الاضطراري خارج بلاده، وأذ بأحد المفكرين العروبيين البارزين، من وجهة نظر البعض، والمشكوك في عروبته وأصله وصلاح أفكاره، من وجهة نظر بعض آخر، يقوم في بيروت بنشر مذكرات شملت في جزء منها شؤوناً عن عمله  في العراق، حين أُستقدمَ اليه من سوريا،  ليسهم في "اصلاح" بعض شؤون التربية والتعليم، فأشاع فتنة هنا، وأخرى هناك، حتى اضطر الملك فيصل الاول، لابعاده الى مهمة اخرى خارج " التربية والتعليم" بعد أزمة سياسية ووطنية واسعة... وقد  أعاد ذلك "التربوي" و" المنظر" في مذكراته، سموماً طائفية خبيثة، حاولت ان تشوه التاريخ، وتطال الجواهري.. فكان لابدّ من التصدى، ومواجهة المعني، واضرابه، ولكن بكل عنفوان وشموخ.. فكتب الشاعر العظيم رده شعراً، متفجراً، ومما جاء فيه:
سهرت وطال شوقي للعراق، وهل يدنو بعيدٌ باشتياق ِ...
احبتي الذين بمن امني، بلقياهم، أهونُّ ما ألاقي...
ابثكم شكاة اتقيها، فتصرعني وتمسك من خناقي
اغمزاً في قناتي من عُداة ٍ، تناهشني، وصمتاً من رفاقي...
ثم تثور القصيدة فينال ذلك المتجاوز، وربعه، ما يستحقون من أوصاف. مبرزة "بعض" الحقيقة لا كلها.. وإذ نمتنع حالياً عن التصريح باسم المعني، نشير إلى أنه يُعـد أحد رموز الطائفية المقيتة التي جرى تأجيجها بعيّد تأسيس الدولة العراقية الوليدة، في اعقاب الحرب العالمية الاولى:
ومنغول ٍ من التاتار" وغْـدٍ، تراضع والوغادةُ من فواقِ
إلى "يمن" إلى "حلب" تسمى، إلى "مصر" إلى درب الزقاق ِ
وكل ضاق بالملصوق ذرعاً، وأيٌ فيه مدعاة التصاق ؟
أوجه القرد، أم خلق البغايا، أم النعرات، أم نذر ِ الشقاق؟
أم النسب المؤثل بالمخازي، أم الحسب المسلسل في رباق ِ
ثم يستمر الجواهري في "تخليد!!" المعتدي، موثقاً بعض الوقائع التاريخية، وكاشفاً جوانب من الحقيقة، وها هو يصف الحال دون زيادة او نقصان، فكتب عن "المعني": 
ولما حمت الأقدار ألقت، به جيف البطون إلى العراقِ...
ليجمع حوله سفلاً تلاقى، كما التقت الخفاف على الطراق ِ...
"زنامى" يعطفون على زنيم، كما عطف الجناس على الطباق...
وما برح العراق محك صبر ٍ، يطاق بأرضه، غير المطاق
كأن غرائب الدنيا تنادت، على وعد لديه بالتلاقي
... وإذ نشرت القصيدة الجواهرية، وانتشرت، لاذ المعني، بالاختباء والصمت، وكذلك مناصروه، وانصاره، منذ نصف قرن والى اليوم.. وهكذا تمر الاعوام والعقود ، ويزداد خلود الشاعر العظيم، وينطفئ الوهج الطارئ لذلكم المتطاول الطائفي، حتى يكاد ان يُنسى، وتلكم هي شهادة التاريخ ... 
----------------------------------------------------
1- القصيدة كاملة في ديوان الجواهري العامر.. والواقعة التي تشير لها القصيدة مثبتة في الجزء الاول من مذكرات الشاعر الخالد - دمشق 1989.
1- تفاصيل ذات صلة في كتاب: "الجواهري ... ديوان العصر" للاستاذ حسن العلوي- دمشق 1986.
2- تفاصيل اخرى، ضافية، في كتاب د. عبد الحسين شعبان، الموسوم "الجواهري..
جدل الشعر والحياة" دمشق-1997.
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رواء الجصاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/30



كتابة تعليق لموضوع : نموذج من الطائفية العريقة في العراق الجواهـري... عـن "منغولٍ من التاتارِ وغــــدٍ"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net