صفحة الكاتب : م . محمد فقيه

العربي يخذل الشعب السوري ... ويخون الأمانة
م . محمد فقيه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
انتقد جميع المثقفين والأحرارالسوريين خاصة والعرب عامة ، صمت الجامعة العربية المريب ، على قمع الأسد ومجازره الوحشية ضد المتظاهرين السلميين الذين خرجوا بصدور عارية ، واعتبروها خيبة أمل وخذلانا لهؤلاء الشباب الأباة الذين قرروا المطالبة بحريتهم المصادرة  وكرامتهم المسحوقة  تحت أحذية منظومات الحاكم البوليسية وأجهزته القمعية المتعددة ، ونظامه الشمولي الفاشي ، ونهجه الإستبدادي الفاسد ، كما انتقدوا الأمين العام السابق عمرو موسى على  تقاعسه عن إصدار بيان  واضح ، يدين فيه أعمال العنف والقمع والقتل التي يقوم بها نظام الأسد ضد أبناء شعبه العزل ، في حين كان الأمل يراودهم بإعلان الجامعة العربية عن إسقاط شرعية النظام جراء تلك الأعمال الوحشية التي نفذها ضد مواطنيه العزل ، وأسوة بما اتخذته  ضد نظام القذافي ذلك المستبد الأخر.
ولكن أن يأتي أمين عام جديد للجامعة العربية ممن تمخضت عنه حكومة الثورة الجديدة في مصر العربية ، فيخرج بها عن صمتها المشين ، ويقوم باتخاذ خطوات متراجعة إلى الخلف ، وينحاز ضد إرادة الجماهير والشعوب ، فيذهب للحاكم الظالم الغاشم ، ليبارك له نهجه القمعي ومسيرته الإجرامية ، فذاك أمر خطير يدعو إلى الشك والريبة لما يمثله من إحباط وتخاذل ، بل ومؤامرة ضد الشعوب والجماهير العربية ومطالبها العادلة في الحرية والكرامة .
لو كان أمين عام جامعة الدول العربية رجلا مغيبا عن أحداث وحقيقة ثورة شباب سورية ضد الظلم والفساد والاستبداد ، ولا يعلم حقيقة ما يدور ويحدث على الأرض ، فلم يذهب ليقدم إلى الأسد جرعة منشطة ليستمر في غيه ، ويدق له خوازيق لتثبيت عرشه المتهالك المنخور، ويساهم غي بقائه  جاثما فوق صدور أبناء سورية الذين لفظوه وطالبوا بإسقاطه ، ويبرر له مضيه  قدما في مسيرة القتل والقمع وسفك الدماء ؟ 
لو كان العربي يتابع أخبار سورية لعلم أنه  في اللحظة التي كان يبارك فيها لبشار مسيرته الإصلاحية المزيفة المزعومة ، كانت دبابات بشار تحاصر المواطنين الشرفاء وتقصف قراهم ومدنهم في مواطن متعددة ، وتقمع وتقتل وتعتقل دون استثناء لأي مواطن أو مثقف أو معارض أو فنان يطالب بحقه المشروع من الحرية والكرامة ،  وكما توافقت أيضا زيارته التاريخية المشؤومة على الشعب السوري بالتزامن مع اعتقال الفنانين والمثقفين والأحرار، الذين خرجوا للتظاهر منددين بمسرحيات الحوارالهزيلة التي أخرجها النظام بطريقة تهريجية سخيفة ، ليحاور صنائعه وأذنابه ، ويضع لها جدولا ويحدد لها سقفا ، ويختار شخوصها ويحدد أهدافها، وفي نفس الوقت الذي قام فيه أيضا بتهديد الإعلاميين والصحفيين والمذيعين الذين ينقلون الحقيقة على قنواتهم ومحطاتهم الفضائية ؟ ! .
لو كان هذا العربي يعرف طبيعة النظام السوري وحكمه الشمولي وتسلط عائلته الأسدية ، مع بعض الفاسدين والمنتفعين على مقاليد الأمور في سورية وما يمارسونه من ظلم وعسف وعنصرية ، ومحاولة جر البلد إلى حرب طائفية وفرض تدخل الأجنبي ، لما قدم للنظام السوري هذه الهدية المجانية بمباركته لنهجه الإجرامي  ومسيرته القمعية  .
لوكان هذا العربي يعلم حقيقة هذا النظام الفاشي ومكره ومراوغته وكذبه وخداعه وتنصله من كل وعوده ، لما قام بزيارة هذا النظام الذي سقط أخلاقيا وسياسيا أمام جماهيره وأبناء شعبه  وجميع المثقفين والأحرار في العالم .  
في اليوم الذي أعلن فيه هذا النظام المخادع عن رفع حالة الطوارئ في سورية ، قام زبانيته من أجهزته البوليسية مع الشبيحة والعصابات الطائفية المستوردة من الخارج بقتل مايقرب من مائتي مواطن سوري أعزل ، في مظاهرتهم السلمية بما يعرف في يوم الجمعة العظيم .
هل كان العربي يعلم ذلك أم أنه لا يتابع الأخبار ولا يهتم بالسياسة ولا يفقه بها ؟ !  
 
لو كان هذا العربي عربيا حقا ، ما رضي أن يبيع دم الشباب العربي الذي سفح بغزارة في جميع قرى ومدن وبوادي سورية بوحشية ممنهجة ، لمجرد مطالبته بحقوقه المشروعة من الحرية والكرامة بطريقة سلمية . 
ليت هذا العربي - الأمين العام الجديد - قد سكت ولم يتوجه إلى دمشق ويلتقي ببشارها ، فالصمت عن الجريمة كشيطان أخرس ، أهون على الشعب السوري من المشاركة في الجريمة وشرعنتها . 
هل يمكن أن يكون  هذا العربي نتاج ثورة قامت في مصر ؟ 
لقد كنت من المعارضين للإعتصامات والإحتجاجات الجديدة في ميدان التحرير بالقاهرة ، ومن أنصار إعطاء الفرصة للمجلس العسكري والحكومة لتنفيذ وعودها ... ولكن بعد تصريحات هذا الأمين العام الجديد للجامعة العربية ، والذي لم يتصرف بأخلاق عربية ، كما لم يكن أمينا على دماء الجماهير والشعوب التي سفحت بأجهزة حكام القمع والاستبداد ، التمست العذرلهم  ووجدت المبرر لهذه الإعتصامات  بل تحولت قناعاتي إلى واجب القيام بها ، وبدأت الخواطر والأسئلة تنهال على مخيلتي  : هل مازال في حكومة الثورة الجديدة في مصر ومراكز المسؤولية ومواقع القرار الأخرى الكثير من أمثال العربي  ؟ 
إن كان كذلك ، فإن مصر الثورة الحبيبة اليوم ، بحاجة إلى ثورة جديدة ضد هذه الثورة ، لتطهير المجلس العسكري والحكومة الجديدة وجميع مواقع المسؤوليات ومراكز القرار من أنصار الحرس القديم ، الذين تربوا في حضنه وشربوا من حليب فساده ، حتى لا تسرق مكتسبات الثورة كاملا قبل أن تولد وترى النور .  
إن هذه الجامعة العربية بتركيبتها الحالية لا تختلف عن تلك الأنظمة العربية الفاسدة والمستبدة ، بل هي جزء منها ، وما هؤلاء القائمين عليها إلا تجسيد حقيقي لتلك الأنظمة القمعية والشمولية التي قدمتها ، ولذا فإنها لا تصلح لقيادة الجامعة العربية ، لأنها لا تعبر عن طموحات وآمال الشعوب والجماهير العربية ، فما زالت تعيش بعقول العهود البائدة ، من إذلال المواطن العربي وسحق كرامته ، وتقديس الحاكم المطلق ، وشرعنة فساده ، وحماية قمعه واستبداده . 
إن الجامعة العربية كما أثبت أمينها العربي بزيارته لدمشق وتصريحاته المحبطة والمخيبة للآمال ، أنها مازالت بعيدة عن واقع الشعوب والجماهير العربية ، لا تعيش مأساتهم ولا تحس بمعاناتهم ولا تلامس مشاعرهم ، ولذا فإنها لا يمكن أن تعبر عن آمالهم  وطموحاتهم  ، ما لم يطولها ما طال تلك الأنظمة العربية الفاسدة والمستبدة من ثورات ، تطيح بتلك المومياءات المحنطة التي مازالت تعيش في جحور الماضي وأنفاقه المظلمة ، وغير قادرة على التطلع نحو النور الذي قد يؤذي عينيها أو يخطف أبصارها . 
 
 
  محمد حسن فقيه – كاتب سوري 
15 تموز 2011 – عام الثورات العربية . 
 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


م . محمد فقيه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/21



كتابة تعليق لموضوع : العربي يخذل الشعب السوري ... ويخون الأمانة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net