الاهوار العراقية ,, بين اليونسكو وحصص المياه المسروقة
جاسب المرسومي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منتصف تموز القادم سيتم التصويت على مشروع ضم جزء من الاهوار العراقية الى لائحة التراث العالمي , هذا المشروع الذي سعت من اجل تحقيقه بعض الجهات المعنية اهمها البيئة والموارد المائية والحكومات المحلية للمحافظات الثلاثة البصرة وذي قار وميسان ومنضمات المجتمع المدني المتخصصة بشؤون الاهوار والتراث العراقي , لتكون اليونسكو مسؤولة عن تلك المهمة التي ستعود بالنفع الكبير على العراق واهلة كحلم ربما يتحقق.
وكان بشكل خاص لمنظمات المجتمع المدني العراقية دورا فاعلا ومتميزا عملت عليه منذ بداية التغيير وطالبة بشكل متميز بتسجيل الاهوار على رامسار مثل ما طالبت بالحصص المائية ودعت الى تسجيلها على قائمة التراث العالمي وقدمت اكثر مما قدمه السياسيون والحكومة بشكل عام مما لفت انتباه العالم الى تلك المسطحات المائية المهمة جنوب العراق.
وتتميز اهوار العراق دون اهوار العالم الأخرى كونها تمتلك نظاما هيدروليكي متميزا مما يجعلها تتميز بنوعية مياه متجددة وكذلك تمتلك نظام وتنوعا احيائيا متميزا وفيها ارثا عالميا سجل اول انطلاقة لاستعمال الخط والكتابة وانطلاق النظم المائية والقانون الوضعي والفن والموسيقى والادب فالأهوار ضمت في ثناياها ارثا حضاريا مهما كان اولها الحضارة السومرية ثم ما تلتها من حضارات أخرى وهناك فقط في ميسان اكثر من 300 موقع أثري يمثل الحضارات المتعاقبة عليها .
ولهذا نرى السادة السياسيين قد تباشروا خيرا بان المياه المقطوعة من منابعها كحصص عراقية سيتم اطلاقها بناء على انجاح هذا المشروع المهم كما يتصور الساسة العراقيون بعد ان فشلوا في اقناع دول المنبع ( تركيا وإيران ) بإعادة حق العراق مائيا وافلس اصحاب الشأن والقرار في تحقيق جزء من حلم العراق وأهله .
وذهبت وزارة الخارجية العراقية وعلى نفس المنوال للدول التي ستشترك في التصويت على المشروع بإرسال وفود سياسية للتحاور واقناع تلك الدول بالتصويت ايجابا لصالح العراق والاهوار العراقية , ولم تدفع في مجال القانون الدولي من الاختصاص والفنيين بعضا منهم كونهم الاكثر دراية بحق العراق الدولي مائيا مع الدول المتشاطئة , ونذكر ان اهم دولتين تخصهما المشكلة ممتنعة عن التصويت وهي تركيا وإيران بالرغم من كون العراق سوقا تركيا إيرانيا وبامتياز.
ورغم كون الاهوار والعراق عضوا في معاهدة رامسار التي ضمنت الحفاظ على الاراضي الرطبة للدول المتشاطئة مائيا والتي لم تعد تلك المعاهدة ذات جدوى حتى ان بعض المسؤولين الذين لم يعترفوا بفشلهم صور اتفاقية رامسار انها اتفاقية شفافية صورية المعنى وليس لها اي مؤثر !! رغم كونها مضمونة وفق القانون الدولي ذلك لان العراق وسياسيوه لم تحترم آرائهم دول المنبع الموقعة على تلك الاتفاقية واهمها ايران التي وقعت الاتفاقية على اراضيها.
ومثلما تعود السادة في الحكومة العراقية على اتخاذ قراراتهم بناء على اراء الآخرين وليس على آرائهم تصوروا ان العراق سينعم بالمياه بعد انجاح مشروع ضم الاهوار الى لائحة التراث العالمي وتجردوا عن محاولاتهم كسياسيين ورموا الكرة في حضن اليونسكو مثلما باقي القرارات ترمى في احضان دول أخرى , ولعل هذا الموضوع يتحقق الا ان الحقيقة المرة غير ذلك وليس كما يتصوره الآخر تلك المدعومة ببعض النقاط التي وضعتها كنقاط مختصرة لبيان ما لم يكن يتوقعه السادة اصحاب القرار في الحكومة العراقية وهي :
1 – آخر مشروع اقامته تركيا ضمن مشروع حوض الاناضول هو سد اليسو الذي سيجعل العراق متوسلا بالمنبع ( تركيا ) للحصول على حصصه المائية , واليسو اقيم في منطقة أثرية ومسجلة ضمن قائمة التراث العالمي وهي منطقة ( حسن كيف ) واعترضت اليونسكو ولخمس سنوات متتالية ومنظمات ودول أخرى بضمنها سوريا لكن تركيا لم تهتم للموضوع وانتهى السد واكمل في نهاية 2013 وهو الان في حيز العمل , ولم تتمكن اليونسكو وهي منظمة عالمية ودول أخرى بضمنها فرنسا وسوريا والاردن حتى في المؤتمر الذي اقيم في باريس في 2010والذي حضرة ملوك ورؤساء العالم لمناقشة موضوع العراق والعراق كان مشارك بمهندس وصحفية !!! ونفذت تركيا السد رغما عن معارضة اليونسكو والدول المهمة , فكيف لليونسكو ان تضمن حصص المياه للاهوار وهي لم تتمكن من حماية منطقة تقع ضمن مسؤولياتها الثقافية والأثرية؟.
2 – معاهدة رامسار والعراق عضوا فيها وقعت في مدينة رامسار الإيرانية وأول من قطع 41 رافد التي كانت تصب في العراق حسب قانون الدول المتشاطئة بضمنها 11 رافد كانت من أهم مغذيات هور الحويزة هي ايران . والان تعج الروافد الايرانية والانهر بشبه فيضان كونها تتمتع بأجواء ممطرة وبشكل ممتاز ولدينا صور ليوم 14/5/2016 تشير لشبه فيضان في الكارون , ولم تكتفي ايران بقطع الروافد بل اقامة سدة فاصلة في منتصف هور الحويزة لقطع الأمل عن عودة المغذيات السابقة الى ماكنت عليه.
3 – في 1996 اتفق النظام السابق مع تركيا لتقليل اطلاقات دجلة والفرات وبنسب ضعيفة جدا واعتقد الجميع يتذكر تلك الاعوام من الجفاف الذي اصاب العراق وكان سببه الاول التعجيل في عمليات التجفيف وثانيا تقليل الضغط على سد الموصل الذي بدأت مشكلاته منذ انشاءه ودخل العمل في 1986 وهذه الاتفاقية سرية تماما ولا تزال تركيا ملتزمة مع حليفها السابق مع كونها الان لديها اقوى سوق تجاري وعملي في العراق.
4 – كان من الأجدر بالعراق ان يقدم الاهوار الوسطى وخصوصا هور العودة للتسجيل ضمن قائمة التراث العالمي كون الاهوار الوسطى اقل حضا من هور الحويزة بالنسب المائية الداخلة لها حيث ان اهوار العمارة تتغذى من متفرعات دجلة فقط خلافا لهور الحويزة الذي تصله مياه موسمية عالية من الدويريج والطيب عبر هور السناف وله منافذ افضل من الاهوار الوسطى كما له أمل بإعادة المغذيات الايرانية حسب القانون الدولي هذا اذا كنا نعلق موضوع الحصص المائية للاهوار على ذمة اليونسكو.
5 – اذا كان موضوع تسجيل الاهوار على قائمة التراث العالمي من اجل الحصول على حصص مائية فاين يكمن العراق من السياسة المائية وهل خليت المنطقة من السياسيين والفنيين ورجال القانون لنتوسل بمن يحل لنا مشكلة حصة العراق المائية ؟؟.
6 – يمر الان الشرق الاوسط بسنوات رطبة ربما تستمر لسنتين او أكثر فكيف يكون وضع العراق عند الجفاف ؟؟ واود اعلامكم ان مشكلة العراق المائية هي مشكلة سياسية فنية قانونية ان جمعنا بين تلك انتهت المشكلة .
7 – يفترض بالمحافظات المتضررة تشكيل خلية ازمة من المحافظات الثلاثة الجنوبية ( ميسان وذي قار والبصرة ) التي تتمتع بالأهوار والاكثر تضررا, تضمن الفئات المذكورة في الفقرة 6 لنتمكن من وضع حجز اساس للمطالبة بحقوق العراق المائية فأصحاب المشكلة نحن وليس اعالي دجلة والفرات خصوصا بعد فشل الحكومة والبرلمان من تشكيل المجلس الاعلى للمياه..
خبير في شؤون الاهوار
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
جاسب المرسومي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat