صفحة الكاتب : علي علي

الدرس كان قاسيا.. فهل اتعظ حكامنا منه؟
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 من أمثالنا السائدة التي عادة مانستخدمها لتبيان أهمية التجربة والتمرس في شؤون الحياة، وماللعمر من دور في عمق الحنكة وسعة الحِلم وملَكة التعقل والروية هو مثلنا: (أكبر منك بيوم أفهم منك بسنة). هو مثل شمولي ومجازي، إذ ليس كل كبير يكون بالضرورة هو الأفهم، وليس كل فاهم يجود بالنصح لغيره كما يقول أبو الأسود الدؤلي:
فَمـا كُـلُّ ذي لُبٍّ بِمؤتيـكَ نُصحـَهُ 
    وَما كُلُّ مؤتٍ نَصحَهُ بِلبيبِ
وَلَكِن إِذا ما استَجمَعا عِندَ واحِدٍ 
    فَحقٌّ لَـهُ مِن طاعَةٍ بِنَصيبِ
  أما لو جُمع العقل والحكمة والأناة والكياسة والتجربة، فضلا عن سعة الصدر وطيب القلب في شخص واحد، فمن المؤكد ان يكون ذا رأي سديد وتقييم سليم ونظرة صائبة، إذا ما فُوِّضت اليه قضية في مجموعة أفراد أو مجاميع عدة، كان قد حصل بينهم لبس او سوء فهم اختلفوا على إثره، وباتت قضيتهم شائكة واستعصى حلها او كما نقول نحن العراقيون: (الحسبة مليوصة). وأظن ان الأخيرة لاتتحقق إلا في حال تعنت احد أطراف تلك المجاميع، وانزوائه برأي أو فكرة بزاوية الأنانية، والإنحياز لنفسه او لجهة معينة تصب في المصالح الخاصة والمآرب الشخصية فقط.
  في عراقنا اليوم نحن بأمس الحاجة الى ذلك الكبير وبالمواصفات التي ذكرتها، والذي يجمع كلمتنا ويشد أزرنا ويوحد خطواتنا وتوجهاتنا، وإن وجد شخص كهذا ينبغي على الجميع الأخذ بتوجيهاته ونصائحه، واحتسابها أوامر مادامت ثقتنا بإمكاناته عالية، وأول من يحتاج شخصا كهذا هو من تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة، وأخص منهم السياسيين وقادة الكتل والأحزاب الذين يمسكون دفة الحكم، ويعتلون مناصب تحتم عليهم تقديم الأفضل والأصلح والأنفع للعراق والعراقيين.  ومن المفارقات أن الأفضل في بلدنا اليوم لايمكنه التأقلم مع معيته، ذاك أنهم يتبعون المثل القائل؛ (لاأنطيك ولا اخلي رحمة الله تجيك)..! فنراهم يضعون العقبات أمام المخلص في عمله منهم. ومن المفارقات ايضا أن نجد فيهم من يأكل لحم أخيه ميتا ويتفنن بشيِّه وسلقه وقليه ويتلذذ بطعمه متبَّلا بالطائفية والعرقية والمناطقية، ونحن بأرض تشرّف ترابها بضم مراقد خير الأولياء والأوصياء، فكأننا نسينا قول الإمام علي بن أبي طالب: الناس صنفان؛ (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق). وأرانا اليوم ننهش لحم أخينا في الدين ونظيرنا في الجنس، كذلك من يشاركنا في العيش والجورة والمصير والخلق أيما نهش. ولم تنتهِ المفارقات بعد فمازال في جعبتي منها الكثير أستشفه من الأحداث اليومية التي مافتئ أخواننا في الدين ونظراؤنا في الخلق وشركاؤنا في الأرض من استحداث الغريب والعجيب منها.
  قبل أيام، عقد اجتماع مجلس الوزراء بنصاب تام بعد الزوابع المروعة التي مر بها البلد، وقد تم فيه ماتم من طرح توجيهات وإصدار أوامر، لاتختلف عن باقي الجلسات، والتي من المفترض أن تكون في خدمة الصالح العام، ولو أردنا تقييم أية جلسة، فيما لو كانت ناجحة ومجدية أم غير ذلك، علينا قطعا أن نتدارس ما أنجز من تلك التوصيات والتوجيهات، ومانفذ من الأوامر الصادرة، وهل هناك متابع لما تحقق منها على أرض الواقع؟ أم أن الحبل سيبقى على غارب الإهمال والتهاون واللاأبالية، الى إشعار غير مسمى! وهل ننتظر هذا المسمى على يد انقلاب او سقوط جديد؟ أم سيتعظ ساستنا من تجربة الأسبوعين الماضيين!
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/15



كتابة تعليق لموضوع : الدرس كان قاسيا.. فهل اتعظ حكامنا منه؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net