صفحة الكاتب : باقر جميل

المرجعية والناس ، أخذ وعطاء . (التسليم، والثقة المطلقة) (1)
باقر جميل

هذا الامر  يعتبر من أهم ما يرده السيد السيستاني من الشعب العراقي ، وكان وما  زال  يبحث عنه ، ولكن للأسف لم يحصل عند اغلب   الناس .

نعم حصل عند الكثير منهم ، لكن هذه الكثرة لا تأهل  السيد السيستاني  الى إطلاق  مشروع كامل  وشامل (2) ، لان اغلب المنتظرين (أغلب  الناس)لأوامره انما  تكون قلوبهم منقسمة نحو الحزبية والفئوية والعاطفية (ما  عدى البعض الذين لا يستطيعون التغيير  الفعلي)، اي  ان السيد السيستاني  يريد منا  تسليما  نعبر به كل  الحواجز الامعرقلة لنا ، فهل حصل  هذا الامر  يا ترى ؟

واقعا  اغلب  الامور  التي  اطلقها السيد السيستاني  ، حتى لقيادات الحشد الشعبي ، فلم يجد منهم تسليما  مطلقا !

ولكن حصل  هذا التسليم عندما  استجابة الناس  للفتوى المباركة بدون  قيد أو شرط ، وبدون مجاملة أو مصالح ، لذلك تراها قلبت الموازين ، وجعلت اليمين على اليسار  واليسار  على اليمين .

هنا  لا يطبق  مبدأ الامام الحسين عليه السلام وجعل  الامر  بين ركيزتين فقط (اما  البيعة واما  الشهادة)، فأقل  ما  يقال  لا  وجود لاجبار المرجعية على استسلامها ، كما  حصل في بداية  معارضة الامام الحسين ، فهو لم يقاتل  مادام انه غير مجبر  على ذلك .

 

ولذى فإن تسعة من الائمة من بعده أخذوا  سياسة مغايرة في  كيفية التعامل  مع الاعداء ، حتى وصل  بعضهم ، انه يدعوا للثوار  ولكن بشكل  سري ، لان وضعه الحالي  يحتم عليه التخطيط من بعيد .

المرجعية قد اجمعت بين الدورين ، بين المواجهة المباشرة والعلنية مع داعش واعلنت الفتوى ، وخاف  منها  كل  عدوا بشهادتهم .

وأيضا حاربت   السياسيين الفاسدين بطريقة مغايرة ايضا ، من خلال  الورقة والقلم ، لكن للأسف لم تتحقق كل  النتائج المطلوب في  الحالة الثانية ، أو حققت جزءا صغيرا مما  كانت تصبوا  اليه ، وذلك بسبب عدم التسليم من قبل  الناس  لاوامر  المرجعية بالشكل  المطلوب .

فلو تحقق التسليم المطلق عند الناس في  الحرب  على الفساد ، كما  حصل  في  حرب  داعش ، لما  وصلت احوالنا  الى هذه الامور ، ولذلك المرجعية تعرف  الناس  التي  تتعامل  معها ، وتعرف  ايضا اي  أمر يمكن من خلال  الناس  فعله بكل عزيمة وبدون شك أو تردد ، وهذه هي  طريقة اهل  البيت في  التعامل  مع الاعداء بكل  حذافيرها ، ولمن اراد التأكد فلينظر  الى سيرة أهل  العصمة وسيجد الروايات الكثيرة التي  تحدثكم في  مثل  هكذا  أمور، فحادثة الامام الصادق  والخرساني الذي قال  له عندنا في  خراسان أكثر من (10 الاف) سيف تحت امرتك ، وفي  اختبار  بسيط واحد ، فشل  الكل ، وقال  له ارجع الى خراسان وقل  لشيعتنا  نحن اعرف  متى ننهض بكم الى الحروب  العلنية ، خير  مثال  على ذلك .

اذا الفرق  بين اني  اريد من المرجعية ان تنطلق  بحد السيف  على الوضع الحالي ، ونحن مشتركون في احداثه ، وبين نظرة المرجعية الى نتائج ما بعد النطلاق ، وقبله ايضا ، فهو يقول هل  استطيع ان اغير السياسيين الفاشلين بواسطة من وضعوهم على السلطة يا ترى ؟!

وما  مدى قوة الذين لم ينتخبوا  الفاسدين قبال الفاسدين ومدى امكانياتهم لقلب  الامور ؟

لا  تتوقعوا  ان هكذا احداث سهلة ويسيرة كما  نتصور 

انظرو بدقة وفكروا في  الاحزاب  والتيارات  الموالية  للاعداء ، هل  تسكت وتبقى مكتوفة الايدي  يا ترى ؟ وإن فعلت فماذا ستفعل  ؟ وكم من الضرر  ستفعله ؟ وهل  يصمد اتباع المرجعية المنتفضون اما  الهجمات والفتن التي  ستأتيهم لاحقا ؟

هذه الاسئلة كلها وغيرها  الكثير  تدور  في  خلد المرجعية في  اتخاذ اي  قرار  مصير ، يكون عندكم اسله  من شربة ما ولا  نعرفه قيمته ، فمن المعين على انفسنا  جدا  ان نجعل  قياداتنا كالمرجعية الدينية ان تفكر  كما  نفكر  نحن ، فإن القيادة التي  تتخذ  قراراتها  على أهواء  الناس وعواطفهم  ورغباتهم ، لا  خير  فيها ..!(3)

_______________________________________________

(1) : (التسليم والطاعة ، البعض  يسمية تحجيم وتحجير  للعقل  البشر ، وإنها  العبودية بعينها !

في حين ان الامر  ليس  هكذا ، فكل  العالم يعرف  إن القائد أذا اعطى أمرا لجيشه ، فلابد للجيش  ان ينفذ الامر  بدون قيد وشرط ، لانك جعلته قائدا  لك ، واي  خلل من شخص في عدم تنفيذ اي  جانب  من الخطة ، فقد يؤدي  الى خسارة كبيرة ، نحن في  غنا عنها ، لذى فإن مسألة التسليم التي  يعتبرها  البعض  انها  عبودية ، إنما هي  مجرد خدعة ، ارادوا  منا  تصديقها  في  حين انهم يدعون الى ان نعمل  وان نقتدي  بكل  ما  يقول قادتهم)! 

(2) : هذا الامر  هو أفتراضي ، لان المرجعية الدينية في  النجف  الاشرف  ليس  لديها مشروع سياسي  تريد الخوض  فيه ، وقد كررت هذا الامر  عدة مرات ، واعلنت ان هدفها  الاول  والاخير هو حماية الناس  من الانحراف  الفكري ، وإن تدخلاتها  السياسية تكون عند الضرورة ، أو عندما  يطلب منها  النصيحة من قبل  السياسيين ، فإن اخذوا بنصيحتها  فهم الفائزون ، وان لم يأخذوا  بها ، فهم في  خسران مبين .

(3) :

الرغبات المبنية على الاستعجال  وعدم التدقيق ، والعاطفة الصرفة، وابعاد الحكمة والتعقل  في  التعامل  مع الاحداث .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر جميل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/15



كتابة تعليق لموضوع : المرجعية والناس ، أخذ وعطاء . (التسليم، والثقة المطلقة) (1)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net