صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

مَنْهَجُنْــــــا ... ( 1 )
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمـــــــة:
تعددت رؤى البشر في طريقة تفكيرهم ومعيشتهم بين مؤمن اصيل وحداثي طاريء على الامة ، بين فكر اسلامي مبني على رؤى تطلب رضوان الله تعالى في الدنيا والاخرة وبين فكر ليبرالي يجعل من الانسان القيمة الوحيدة فلا اخلاق ولا شريعة ولا دين يمكن ان تحد سلوكه ونشاطه. فليست كل الخيارات المطروحة في الساحة الفكرية والثقافية والاجتماعية هي خيارات مقبولة. 
نحاول في منهجنا هذا تسليط الضوء على ابرز مرتكزاتنا الفكرية وخياراتنا الاجتماعية والاخلاقية والتي نرى صلاحها وندعو الاخرين للاطلاع عليها عسى ان تنال المقبولية عندهم.
ويمكن تقسيم مقرّراتنا الايمانية الى الرؤى التالية:
1. هويتنا.
2. مبادئنا.
3. جماعتنا.
4. مشروعنا.
5. ثقافتنا.
6. دولتنــــا.
7. قضيتنا.
8. مسيرتنا.
9. قوتنا.
10. آمالنا.
11. جهادنا.
12. تسامحنـــا.
ومن المهم ان نبين رؤيتنا لكل قضية من هذه القضايا والاثارات الممكنة فيها.
 
1. هويتنــــا
لكل انسان هويتان الاولى هوية الفرد الشخصية والثانية هويته الاجتماعية ، فاما الهوية الشخصية فهي التي تحمل خصائصه الذاتية وتطلعاته ومساره في الحياة ، واما هوية الفرد الاجتماعية فهي الهوية المنبثقة من مجمل خصائص مجتمعه والبناء الاخلاقي الذي ينسجم في الارتكاز عليه مع مجتمعه من منطلق الامن الاجتماعي والفكري والديني ومسار العيش المشترك بين جميع فئات الشعب له ولابناءه وللاجيال القادمة. ان الهوية الاجتماعية هي حصيلة  انسجام وتناغم الهوية الشخصية مع المجتمع بجميع ابعاده.
 
الهوية الشخصية:
هويتنا الشخصية تتمثل في انتمائنا الى الاسلام العظيم ، الاسلام الذي لا يمكن ان تبرز عظمته في مدياتها الواسعة الى اقصاها الا من خلال ارتباطه بالائمة المعصومين من أهل البيت (عليهم السلام). فهذا هو ديننا الذي ندين لله سبحانه وتعالى به. 
ولاننا اتخذنا من الاسلام العظيم هوية لنا فيجب ان نعطي هويتنا حقها الكامل للتعبير عن نفسها ولا نتقاعس عن الانطلاق بها الى حيث رضوان الله سبحانه. ان قضايا الجهاد والدعوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر بشروطها وضوابطها الشرعية هي سمات اساسية في هويتنا الشخصية لا تكاد تنفك عنها. ولذلك لا يمكن ان يحمل هويتنا من يتقاعس عن وظيفته الفكرية والدينية في سبيل الله سبحانه. كما لا يمكن ان يحمل هويتنا الشخصية من لا يعيش حياته داعية للاسلام العظيم آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر.
 
الهوية الاجتماعية:
ان هويتنا الشخصية وهي تعيش في مجتمع متنوع في هوياته الشخصية المختلفة يجب ان تكون منسجمة مع محيطها الاجتماعي بدون ذوبان ، يجب ان تكون متناغمة مع بقية الهويات بلا انصهار معها ، يجب ان تكون متعايشة مع بقية الهويات بلا خضوع او خنوع لها بل على العكس فهويتنا الشخصية لها ميزة الارتباط بالله عز وجلّ وهذا الارتباط يجعلها متفردة في سماتها ، فلها كبريائها وعزتها ، ولها انفتها وشموخها ، ولها انسانيتها الجامحة ، نعم فإنّ هويتنا الاجتماعية ميزتها الاساسية هي انها انسانية تريد جلب كل الخيرات للانسان ودفع كل البلايا والشرور عنه. 
وهويتنا الاجتماعية هي هوية مسالمة بعيدة عن العنف والمشاحنات ، هوية مستندة في علاقاتها الى العقل والحكمة التي تدور حول جلب المصالح ودفع المفاسد للانسان والمجتمع معاً ودالتها في كل ذلك هو رضى الله عزو وجل. فهويتنا الاجتماعية هوية حكيمة تدفع بالتي هي احسن من اجل استيعاب الآخر وجذبه لبناء روابط المودة والمحبة معه.  
وهويتنا الاجتماعية ليس فيها اقصاء للآخر ولا تغييب لفكره وثقافته ، فحرية الضمير والاعتقاد والفكر مكفولة له ضمن الاطار الشرعي ومنه ضمن اطار الحفاظ على الهوية الاخلاقية الاساسية للمجتمع وهي الهوية الاخلاقية الاسلامية العامة. فالاداب والحشمة والابتعاد عن التبذل والتهتك كلها امور يجب مراعاتها من قبل الجميع ولا يمكن ان نقبل باي مساس بها سواء على الصعيد التنظيري او العملي.
وهويتنا الاجتماعية تبحث عن المشتركات مع الاخر فتقويها وتؤطرها وتؤكد عليها ، فهي ليست هوية اقصائية ولا تنفيرية ولا استبدادية. 
 
2. مبـادئــنــــــــا
أولاً. نحن من اتباع أهل البيت (عليهم السلام) نمثل حركة في الامة يجمعنا القيام بواجبنا الشرعي في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. نحن في الامة كالحرارة التي تسري في الماء لتسخّنه ... نحن حرارة الامّة وحيويتها.
ثانياً. المرتكز الاساسي في حياتنا نحن المؤمنون هو المرتكز العقائدي والفقهي والاخلاقي ضمن اطار الاسلام العظيم والذي تتمحور حياتنا وكياننا حوله  ، فبه نعيش وفي سبيله نضحي ونموت. ولا شان لنا باتباع الآخرين لمناهج وآيديولوجيات حداثية وقومية ووطنية وماركسية واشتراكية وليبرالية وعلمانية وغيرها ، فقد اعرضنا عن ذلك كله ، وضربنا بما سوى الاسلام العظيم عرض الحائط.
ثالثاً. الحفاظ على القيم والاخلاق الاسلامية وسيادتها في الحياة.
رابعاً. منطلق عملنا هو الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
خامساً. المؤمن يعمل بتكليفه الشرعي في كافة شؤون الحياة ومن ضمنها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سادساً. الوحدة الاسلامية مع بقية المسلمين من الثوابت التي ندعو اليها والتي لا يجوز المساس بها بل يجب العمل على تأصيلها في النفوس لتكون جزء من النشاط الحيوي اليومي للفرد في مجتمعه.
سابعاً. السلم الاهلي والعيش المشترك مع جميع مكونات الشعب من مسلمين وغير مسلمين هي من الثوابت التي لا يجوز المساس بها.
ثامناً. إنَّ المرجعية الدينية العامة نعتبرها الممثل والامتداد الشرعي لخط الامامة المقدس في عصر الغيبة الكبرى ، ولكل مؤمن الحق في التزام المرجعية الدينية التي يجد ان واجبه الشرعي وتحقيقه يقوده لها. فالاختلاف في اتباع المرجعيات هو اختلاف في حدود الفقه ولن نسمح بإنتقاله سلباً الى التآلف الايماني والاجتماعي.
تاسعاً. ولأن لكل مؤمن مرجعه في التقليد ، فنجد ان مسألة ولاية الفقيه هي من المسائل الفقهية التي يرجع بها كل مكلف الى مرجعه في التقليد ولا يصح ان تكون مثار جدال واختلاف بين المؤمنين.
عاشراً. التولي والتبري ، تولي آل البيت (عليهم السلام) والبراءة من اعدائهم اجمعين بلا استثناء.
 
3. جماعتنـــا
نحن اكثر الناس قدرة على صناعة التاريخ ، ولكننا لا نستعمل هذه القدرة التي وهبنا الله اياها.
نحن نمتلك المؤهلات كلها التي تمكننا ان نصنع التاريخ ولكن بطريق يرضي الله جلَّ وعلا.
نحن ، نحن ، نحن ، هو مفتاح صناعة التاريخ ، عندما نفكر على إننا نحن ، عندما نعيش على اننا نحن ، عندما نتحرك ونعمل من خلال اننا نحن ، نحن الجماعة ، نحن الكتلة الواحدة المتماسكة المتآلفة ، نحن الامة الاسلامية المحمدية. هذا هو مفتاح صناعة التاريخ.
لا يهم إنْ كنا نحن اغلبية او اقلية ، المهم اننا نؤمن بقضيتنا الاسلامية المحمدية ونبذل كل وجودنا من اجلها.
لا يهم ان كان الاخرون يقبلون افكارنا ام لا بل المهم ان نقدم لهم وللجميع المساواة والعدالة.
لا يهم ان كان حاضرنا مريراً ومحبطاً للنفوس بل المهم ان يكون لنا مستقبل زاهر ومشرق ومفعم بالامل.
نحن الوحيدون الذين حينما نضحي بأنفسنا واموالنا في سبيل قضيتنا فإننا نحصل على ما هو افضل منهما في الحياة الآخرة التي نؤمن بها وبحتمية ذهابنا اليها بصورة قطعية لا شائبة فيها.
فحينما يكون ماضينا سيف علي بن ابي طالب (عليه السلام) وانتصاراته ومستقبلنا سيف الحجة بن الحسن (عجَّلَ الله فرجه الشريف) ودولته العادلة ، فهل سينقصنا شيء سوى تبديل حاضرنا الفاسد والعمل بكل جد للقضاء على الفاسدين والتضحية لقيادة سفينة الحياة تجاه الدولة العادلة القادمة.
عندما كتب فوكوياما كتابه عن صراع الحضارات وتوقع ان تكون نهاية التاريخ امريكية فهو انما كتب ذلك لانه لم يعرف حقيقة الثورة المهدوية العالمية المنتظرة ؟! ... فعندنا لا توجد نهاية للتاريخ بل نحن نقاط حروف كلمة التاريخ حاضرين ما حضر التاريخ ، ولن يكون التاريخ الا نحن بوجودنا وحضورنا الفعلي فيه ، سواء قلَّ عددنا أو كثر...
اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمد ، وعجِّل فرجهم الشريف ، وأهلِّك عدوهم.
 
نحن اهل الحياة ، واهل الاخرة ، نحن اهل الماضي المجيد حيث فتح مكة وتحطيم الاصنام وقيام دولة الاسلام المحمدية ، حيث سرور رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالافواج التي دخلت الاسلام واعتنقته ديناً ومنهاجاً للحياة. حيث انتصارات امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) في بدر والاحزاب وحنين والجمل والنهروان. حيث خيبر التي اقتحمها بجهوده الذاتية وقوته الربانية الممنوحة له. 
نحن اهل المستقبل المجيد حيث الدولة العادلة ، حيث جيش الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) الذي سيعود بقيادة إمامنا المفدّى الحجة بن الحسن (عجَّلَ الله فرجه الشريف) ، فانتظرينا يا خيبر الصهاينة فان سيف علي وجيشه سيعود إليكِ.
نحن الذيـن نسعى ونطمح ان نكـون من المؤمنين الذيـن قـال الله سبحانـه وتعالـى عنهـم في سـورة الانفــال: (( إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )).
نحن اتباع الاسلام المحمدي الاصيل.
نحن اتباع آل البيت الاطهار (صلوات الله عليهم).
نحن أهل الاسلام الذي نريد ان ينتشر في كل الحياة.
نحن أهل الثورة الايمانية التي نريد ان تنتشر في قلوب جميع المسلمين.
نحن أهل الثورة الاخلاقية التي نريد ان تنتشر في مدن وقصبات ونواحي جميع البلاد الاسلامية.
نحن الساعون لنكون مشمولين بأننا خير امة كما ذكرهم الله سبحانه في سورة آل عمران (عليهم السلام): ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )) ، ووسيلتنا الى ذلك الالتزام بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهو اساس منهجنا.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/12



كتابة تعليق لموضوع : مَنْهَجُنْــــــا ... ( 1 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net