صفحة الكاتب : عبد السلام آل بوحية

مُحاولة في فهم السيّد السيستاني (3) (ولاية الفقيه 2)
عبد السلام آل بوحية
للتذكير، فإننا في الحلقة قبل السابقة وجدنا إن إنفصالاً بين النظرية والتطبيق قد حصل، فالسيّد السيستاني في عالم النظرية يؤمن أنَّه من حق الفقيه الجامع للشرائط والمقبولية الشعبية التصدي للمسؤوليات الإدارية والتنفيذية، بل وتشريع القوانين في إطار المصلحة وضمن شروطٍ خاصة [1]، ولكنه في لحظة تأريخية، سنة 2003، وفي ظل - كما يدعيّ البعض - مقبولية شعبية وسياسية عارمة هدّد من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية، إمتنع عن مناقشة خيار ولاية الفقيه أصلاً، واصفاً إياها بـ(غير الواردة إطلاقاً) ورفض ترشيح نفسه لأي نوع من السلطة، وإرتأى لغيره من العلماء فعل الأمر نفسه [2].
وقبل أن يُبرر السيّد السيستاني لنفسه ذلك، أو نقرأ الواقع لفهم ذلك الإمتناع، يجب أن نمر سريعاً على حقيقة، أن لا إشكال أبداً في هذا الإنفصال، فهذه "الولاية" حقً من حقوق الفقيه، وليست واجبةً عليه، فكما ان الفقيه يمكنه الإمتناع عن الإستجابة لفتوى ما، فإن من حق الفقيه، لمبرراتٍ يراها، الإمتناع عن التصدي للسلطة، ومِثالُه إمتناع السيّد السيستاني عن الإفتاء بموضوع (التطبير) لمبرراتٍ يراها.
وفي عُجالَة ما تبقى من هذه الحلقة، فلنبدأ بإستكشاف أول مبرر يُقدِمُه السيّد السيستاني لِقُراءِ مواقفه، إذ ينقل عنه مكتبه: (المنهج الذي يؤمن به سماحة السيّد هو عدم التدخل في الشأن السياسي إلا فيما تحتمه الضرورة، ويرى إن هذا هو الأصلح #‏لموقع المرجعية الدينية العليا، ومكانتها الروحية بين الناس) [3].
على ما يبدو، فإن السيّد السيستاني يشغل موقعاً مهماً ذا واجبات معينة تعيينّاً دقيقاً قبل 2003، ولكي يبقى السيّد السيستاني شاغلاً لهذا الموقع، فإنه يجب أن يرفض التدخل بصورة عميقة في الشأن السياسي، لأن ذلك التدخل يتناقض مع المكانة الروحية للمرجعية، وقدرتها على تنفيذ مهامِها، ففي مكانٍ اخر، وبعد أن نقلت مجلة التايم الأمريكية عن "الإيرانيين" نيتهم ترشيح "سماحة ..." لمنصبٍ المرجع الاعلى بعد وفاة السيّد السيستاني، يرُد المكتب ردّاً قاطعاً: ([إن] السمة الأبرز للمرجعية الدينية في النجف الأشرف هي إستقلاليتها عن أي سلطة سياسية، فلا بُدَّ من المحافظة على هذه الخصوصية في كل الأحوال).
فحتى لو كان "سماحة ..." يشغل منصباً إدارياً أو قضائياً أو ما شابه في دولة دينية، تدّعي تطبيق شكل ولاية الفقيه في الحكم، الذي يؤمن به السيّد السيستاني نظريَّاً، فإن هذا المنصب يحول دون ترشيحه للمرجعية العليا، التي هي أيضاً منصب ديني.
فما هو هذا الموقع؟ "المرجعية العليا في النجف"، وما هي واجباته؟ وما علاقة الإستقلالية بها؟ وكيف حصل على هذه المكانة الروحية؟ ولماذا يصر السيّد السيستاني على الحفاظ على هذا المنصب الديني بعد كل هذه التغيّرات التي حصلت في العراق الذي تنتمي له النجف؟ كُل ذلك يُتبع إن شاء الله.
--------------------------------------
[1] - http://www.sistani.org/arabic/qa/0755/
[2] - حامد الخفاف، النصوص الصادرة عن سماحة السيّد السيستاني دام ظله، "الدين والدولة"، من صفحة 309 (الطبعة السادسة).
[3] - المصدر السابق، وثيقة رقم 114، جواب رقم 3.
[4] - المصدر السابق، الوثيقة نفسها، جواب رقم 7.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد السلام آل بوحية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/10



كتابة تعليق لموضوع : مُحاولة في فهم السيّد السيستاني (3) (ولاية الفقيه 2)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net