صفحة الكاتب : حسين عبيد القريشي

الإسراء والمِعْراج رحلةٌ حيَّرت العقول نظرة قرآنية حول عروج سيد الخلق'إلى آفاق الكون
حسين عبيد القريشي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 مُقدمة
 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. (1)( )
مُعْجِزةُ الإسراءِ والمعراجِ ثابتةٌ بنص القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وإن كان العقل الآدمي لا يستطيع أن يستوعبها، ولكنّها حدثت بالفعل للحبيب المصطفى|حيثُ جرى استقبالٌ عظيمٌ ومهيبٌ، لذلك القادم الذي شرَّفَ ذلك العالم بحضوره وصلّى بملائكة السماء، وصلى َّخلفه الأنبياء^.
يقول الإمام الباقر×:لمَّا عُرِجَ برسول الله|إلى السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة فأذَّن جبرئيل×وأقام فتقدَّم رسول الله|وصفَّ الملائكة والنبيّون خلفه وصلّى بهم)(2)
وعن الإمام الرضا×:من لم يُؤمن بالمعراج فقد كذبَ رسول الله|.(3) 
والاعتقاد بهذا الرحلة العظيمة من ضروريات الدين، ولذا قال الإمام الصادق×ليس منَا من أنكر أربعة: المعراج، وسؤال القبر، وخلق الجنَة والنار، والشفاعة .(4) 
ولم تكن هذه الرِّحلة حدثا عادياً عابراً، وإنما كان بمثابة تكريم لأفضل مخلوق في الكون يقول العلامة المحقق سماحة الشيخ علي الكوراني حفظه الله تعالى في موسوعته جواهر التاريخ: كأنه برنامج ربّاني للنبي|لِيُريه الله تعالى من ملكوته وآياته الكبرى وقد أُسري به من مكة إلى الكوفة ثم إلى بيت المقدس إشارة إلى أنه وارث آد م ونوح وإبراهيم^.(5)
وقد يسأل البعض مافائدة الخوض في مثل هذه المواضيع؟ 
أقول: إنَّ رحلة الإسراء المعراج تُشكِّل في عقيدتنا جوانب مهمة:
أولاً: مما يدل على أهميته ذِكْرُهُ في القرآن الكريم، في مطلع سورة الإسراء وسورة النجم المباركتين.
ثانياً: دلَّت الأحاديث المتواترة على عظمة هذه الرحلة، وقد روتها كل مصادر المسلمين، ولو جُمعت لكانت مجلدين كبيرين.
ثالثاً: ينبغي أن تعريف الأجيال بها ليعرفوا عظمة نبيِّهم' الذي ينتمون إليه وأنه ليس كما يُصوّرُه بعض المنحرفين كأتباع ابن تيمية وبعض الفرق الإسلامية البعيدة عن الواقعية بأنه 'كان يعقد مجالس الغناء ويبول واقفاً \"وأمثال ذلك من الروايات الموضوعة للحطِّ من مكانته ومقامه وحاشاه من ذلك فهذه الصفاة لاتليق بأبسط إنسان فكيف بسيد الكائنات و الموجودات على الإطلاق، وإذا قمنا بدراسة الجو العام لحال المسلمين، والدعوة الإسلامية عموماً، في ذلك الوقت، نعرف أن هذه المعجزة حدثت لغرضٍ مهم بالإضافة إلى أغراض اُخرى منها تمحيص قلوب المؤمنين، ليثبت قويُّ الإيمان ويظهر ضعيفُ الإيمان، وينكشف أمرُه، وخصوصاً أن الله سبحانه يعدُّ المسلمين لحدثٍ عظيم بعد عامٍ واحد هو الهجرة الكبرى من مكة إلى المدينة لتأسيس أعظم مجتمع إسلامي عرفته البشرية على الكرة الأرضية.
رابعاً: تثبيت الإيمان بالغيب في النفوس في عصرٍ طغت فيه المادة وسيطرت على القلوب لأن إيماننا لا ينحصر بما نشعر به بحواسنا المادية ليكون المؤمنون كما قال أميرهم×(عظُمَ الخالق في أنفسهم فصَغُرَ مادونه في أعيُنهم).( )
خامساً: أنها غيبٌ من جملة الغيوب التي يجب على المسلم أن يُصدِّق بها ويثق فيها مطلقاً وهذه المعجزة إذا ناقشناها، فإنما نناقشها لإثبات استحالة وقوعها لبشرٍ عادي، بكل المقاييس العلمية، أو حتى بتطبيق الفروض أو النظريات وإلاّ لانتفت صفتها كمعجزة، ولأمكن للإنسان العادي أن يُحققها عن طريق استخدامه لأية طاقات أو سبل يخترعها العلم بمرور الزمن. 
سادساً: إنَّ هذه المعجزة كانت عبارة عن رحلتين أرضية وسماوية الأولى بين مسجدين وهما المسجد الحرام بمكة في أرض الجزيرة العربية، وهو أحب بيوت الله تعالى في أرضه،، وثانيهما هو المسجد الأقصى بأرض فلسطين، مهد الأنبياء والرسل، وقد كانت القبلة الأولى للمسلمين قبل أن يأتيهم الأمر بالتحول شطر المسجد الحرام الذي هو قبلتهم منذ ذلك الوقت إلى آخر الزمـان.
 
 
ما هو الإسراء والمعراج؟
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَالسَّمِيعُ الْبَصِيرُ}..( )
{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى. مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى. وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى. ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى. وَهُوَ بِالآفُقِ الأَعْلَى. ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَايَغْشَى.مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى.لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}.( ) 
الإسراء: سفر النبي'من مكة الى الكوفة ثم الى بيت المقدس، إشارة الى أنه وارث آدم ونوح وإبراهيم^.
والمعراج: عروجه' الى السماء. وكان ذلك في أوائل البعثة، وكأنَّه برنامج إعداد له|ليريه الله تعالى جوانب من ملكوته وآياته الكبرى.
وروُي عن أهل البيت^أنه كان مرات متعددة، فعن الإمام الصادق×: (عرج بالنبي'إلى السماء مائة وعشرين مرة).( ).
قال المفسرون واللغويون: السُّرى هو السير بالليل فقط لكن قوله تعالى: أسرى بعبده ليلاً. يدلُّ على أن الإسراء مطلق السير ولذا قال: ليْلاً. ( )
وتبلغ أحاديث الإسراء والمعراج في مصادر الطرفين نحو ألف صفحة، ولايتسع هذا الكتاب إلا لقليل منها.
عن ثابت بن دينار قال: سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب×عن الله جل جلاله هل يوصف بمكان؟ فقال: تعالى الله عن ذلك. قلت: فلمَ أسرى بنبيه محمد'إلى السماء؟ قال: ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه. قلت: فقول الله عز وجل: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى؟ قال: ذلك رسول الله| دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات، ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى). ( )
وفي الاحتجاج: أن يهودياً قال لأمير المؤمنين×:هذا سليمان قد سخرت له الرياح فسارت به في بلاده غدوها شهر ورواحها شهر؟ قال له×: لقد كان ذلك، ومحمد| أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام، في أقل من ثلث ليلة، حتى انتهى إلى ساق العرش فدنى بالعلم، فتدلى من الجنة على رفرف أخضر، وغشى النور بصره، فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ولم يرها بعينه، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدنى).( )
 
الإسراء والمعراج زاد قريشاً كفراً وعتواً
بالرغم من أن قريشاً كانت تصفُ النبي' بأنه الصادق الأمين وقد عُرف بذلك من سيرته بينهم ولكنهم لم يروق لهم هذه المعجزة فأنكروها ،ففي الروايات التي نقلت احتجاج النبي' معهم تُبيِّن تعنُّتهم وعتِّوهم معه.
فعن الإمام الصادق×قال: (لما أسري برسول الله| إلى بيت المقدس حمله جبرئيل على البراق، فأتيا بيت المقدس وعرض عليه محاريب الأنبياء^وصلى بها، ورده فمرَّ رسول الله| في رجوعه بِعِيرٍ لقريش وإذا لهم ماء في آنية وقد أضلوا (أضاعوا) بعيراً لهم، وكانوا يطلبونه، فشرب رسول الله| من ذلك الماء وأهرق باقيه!
فلما أصبح رسول الله| قال لقريش: إن الله جل جلاله قد أسرى بي إلى بيت المقدس، وأراني آثار الأنبياء^ومنازلهم، وإني مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا وقد أضلوا بعيراً لهم، فشربت من مائهم وأهرقت باقي ذلك.
فقال أبو جهل: قد أمكنتكم الفرصة منه فسلوه كم الأساطين فيها والقناديل؟ فقالوا: يا محمد إن هاهنا من قد دخل بيت المقدس، فصف لنا كم أساطينه وقناديله ومحاريبه؟ فجاء جبرئيل فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه، فجعل يخبرهم بما يسألونه عنه. فلما أخبرهم قالوا: حتى تجيئ العِير ونسألهم عما قلت. فقال لهم رسول الله| :
تصديق ذلك أن العِير تطلع عليكم مع طلوع الشمس يقدمها جمل أَوْرَقْ. فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة ويقولون: هذه الشمس تطلع الساعة، فبينما هم كذلك إذ طلعت عليهم العير حين طلع القرص يقدمها جمل أورق، فسألوهم عما قال رسول الله| فقالوا: لقد كان هذا، ضل جمل لنا في موضع كذا وكذا، ووضعنا ماءً فأصبحنا وقد أهريق الماء! فلم يزدهم ذلك إلا عتواً)! ( )
وعن الإمام الصادق×أيضاً:ثم قال: هذه إبل بني فلان تقدم مع طلوع الشمس يتقدمها جمل أورق أو أحمر، قال: وبعثت قريش رجلاً على فرس ليردها، قال: وبلغ مع طلوع الشمس، قال قرطة بن عبد عمرو: يا لهفاً ألا أكون لك جذعاً، حين تزعم أنك أتيت بيت المقدس ورجعت من ليلتك)!( )
ونحوه في الخرائج، عن علي×، وفيه:(فلما كان اليوم الثالث خرجوا إلى باب مكة لينظروا صدق ما أخبر به محمد| قبل طلوع الشمس، فهم كذلك إذا طلعت العِير عليهم بطلوع الشمس في أولُّها الجمل الأحمر! فتعجبوا من ذلك! وسألوا الذين كانوا مع العِير فقالوا مثل ما قال محمد| في إخباره عنهم. فقالوا: هذا أيضاً من سحر محمد)!( )
 
 
استنفر أبو طالب ×ليلة الإسراء لأنه افتقد النبي'
كانت مدة المعراج الأول أقل من ثلث ليلة، حسب رواية الإحتجاج: ، فعن أمير المؤمنين×. وكان وقته الثلث الأخير من الليل( )، كما في الخرائج:( ). وفي تفسير العياشي،عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله× قال: (إن رسول الله| صلى العشاء الآخرة وصلى الفجر في الليلة التي أُسريَ به فيها بمكة. وكان أبو طالب×أمر علياً وجعفراً وحمزة بالتناوب لحراسته، وكان يتفقد مكانه في الليل! 
ولما لم يجده خاف أن يكون القرشيون قتلوه، فبعث من يبحث عنه، واستدعى شباب بني هاشم ووزع عليهم سيوفاً قصيرة أو شفاراً، وأمرهم أن يكون كل واحد منهم بجانب زعيم قرشي، فإذا أمرهم فليقتل كل منهم من بجنبه من الزعماء، وأولهم أبو جهل! ( )
فأعظموا ذلك وجلَّ في صدورهم، وعاهدوه وعاقدوه أنهم لايؤذون رسول الله ولا يكون منهم إليه شيئ يكرهه أبداً( ).
وخرج في طلبه وهو يقول: يا لها عظيمة إن لم يواف رسول الله مع الفجر، فتلقَّاه على باب أم هاني حين نزل من البراق فقال: يا ابن أخي، إنطلق فادخل بين يدي المسجد، وسلَّ سيفه عند الحجر وقال: يا بني هاشم أخرجوا مُداكم. فقال: لو لم أره ما بقي منكم شفر (أحد) أو عشنا، فاتقته قريش منذ يوم أن يغتالوه.
ثم حدَّثهم محمد|، فقالوا: صف لنا بيت المقدس. قال: إنما دخلته ليلاً، فأتاه جبرئيل فقال: أنظر إلى هناك، فنظر إلى البيت فوصفه وهو ينظر إليه، ثم نعت لهم ما كان لهم من عير ما بينهم وبين الشام).
لكن ابن سعد في الطبقات ،جعل الحادثة عندما جاء زعماء قريش إلى أبي طالب وعرضوا عليه أن يعطوه رجلاً بدل النبي' ونزلت سورة صاد فاشمأزوا منها!
فجعل يطلبه وجمع بني هاشم ثم أعطاهم المدى، وقال لهم: إذا رأيتموني قد دخلت وليس معي محمد فليضرب كل رجل منكم جليسه والله لا نعيش نحن ولا هم وقد قتلوا محمداً.جعل الحادثة عندما جاء زعماء قريش الى أبي طالب وعرضوا عليه أن يعطوه رجلاً بدل النبي| ونزلت سورة صاد فاشمأزوا منها! قال:(فلما كان مساء تلك الليلة فقد رسول الله| وجاء أبو طالب وعمومته إلى منزله فلم يجدوه فجمع فتياناً من بني هاشم وبني المطلب ثم قال: ليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة ثم ليتبعني فإذا دخلت المسجد فلينظر كل فتى منكم فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية يعني أبا جهل، فإنه لم يغب عن شر، إن كان محمد قد قتل! فقال الفتيان نفعل..).( )
وعن كتاب الحجة لفخار بن معد، عن ابن الجوزي عن الواقدي:(كان أبو طالب بن عبد المطلب لا يغيب صباح النبي ولا مساءه، ويحرسه من أعداءه ويخاف أن يغتالوه، فلما كان ذات يوم فقده فلم يره... فلما وقف عليهم والغضب في وجهه قال لعبيده: أبرزوا ما في أيديكم فأبرز كل واحد منهم ما في يده، فلما رأوا السكاكين قالوا: ما هذا يا أبا طالب؟ قال: ما ترون، إني طلبت محمداً فلم أره منذ يومين فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم، فأمرت هؤلاء أن يجلسوا حيث ترون وقلت لهم: إن جئتُ وليس محمد معي فليضرب كل منكم صاحبه الذي إلى جنبه، ولا يستأذني فيه ولو كان هاشمياً! فقالوا: وهل كنت فاعلاً؟ فقال: إي ورب هذه وأومى إلى الكعبة!
فقال له المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان من أحلافه: لقد كدت تأتي على قومك؟ قال: هو ذلك. ومضى به| وهو يقول:
إذهب بُنَيَّ فما عليك غضاضةٌ إذهب وقَرَّ بذاك منك عيونا
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا( )
 
كان الإسراء الى مسجد كوفان ثم الى بيت المقدس
 
عن المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد الله× بالكوفة أيام قدم على أبي العباس (السفاح) فلما انتهينا إلى الكناسة قال: هاهنا صلب عمي زيد&ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزيَّاتين وهو آخر السراجين، فنزل وقال: إنزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول، الذي خطه آدم×، وأنا أكره أن أدخله راكباً. قلت: فمن غيَّره عن خطته؟ قال: أما أول ذلك الطوفان في زمن نوح×، ثم غيره أصحاب كسرى ونعمان، ثم غيَّره بعد زياد بن أبي سفيان. فقلت: وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح×؟ فقال لي: نعم يا مفضل، وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات، مما يلي غربي الكوفة، قال: وكان نوح×رجلاً نجاراً فجعله الله عز وجل نبياً وانتجبه، ونوح أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء.
قال: ولبث نوح×في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى الله عز وجل فيهزؤون به ويسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا}( ) فأوحى الله عزّ وجل إلى نوح أن اصنع سفينة وأوسعها وعجِّل عملها فعمل نوح سفينة في مسجد الكوفة بيده، فأتى بالخشب من بعد حتى فرغ منها.
قال: المفضل ثم انقطع حديث أبي عبد الله×عند زوال الشمس فقام فصلى الظهر والعصر ثم انصرف من المسجد، فالتفت عن يساره وأشار بيده إلى موضع دار الداريين، وهو موضع دار ابن حكيم وذاك فرات اليوم، فقال لي: يا مفضل، هاهنا نصبت أصنام قوم نوح×: يغوث ويعوق ونسراً.
ثم مضى حتى ركب دابته، فقلت: جعلت فداك في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟ قال: في دورين، قلت: وكم الدوران؟ قال: ثمانون سنة. قلت: وإن العامة يقولون: عملها في خمسمائة عام، فقال: كلا كيف والله يقول: (ووحينا) قال قلت: فأخبرني عن قول الله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} ( ) فأين كان موضعه وكيف كان؟ فقال: التنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد. فقلت له: فإن ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم.
ثم قلت له: وكان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟ فقال: نعم إن الله عز وجل أحب أن يرى قوم نوح آية، ثم إن الله تبارك وتعالى أرسل عليهم المطر يفيض فيضاً، وفاض الفرات فيضاً، والعيون كلهن فيضاً، فغرقهم الله عز ذكره، وأنجى نوحاً ومن معه في السفينة.
فقلت له: كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء وخرجوا منها؟ فقال: لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها وطافت بالبيت أسبوعاً، ثم استوت على الجودي، وهو فرات الكوفة.
فقلت له: إن مسجد الكوفة قديم؟ فقال: نعم، وهو مصلى الأنبياء^، ولقد صلى فيه رسول الله| حين أسري به إلى السماء، فقال له جبرئيل:×يا محمد هذا مسجد أبيك آدم ومصلى الأنبياء^ فانزل فصلِّ فيه فنزل فصلى فيه.( )
وفي رواية في تفسير القمي:( ) ، أن جبرئيل×أنزل النبي| في المدينة فصلى فيها وأخبره أنها مهاجره، وصلى في طور سيناء وبيت لحم أيضاً.
 
وصف البُراق الذي حمل النبي' في معراجه
 
البُراق هو الوسيلة التي نقلته' في هذه الرحلة. فما هي البُراق يا ترى؟ أفاد أهل الإختصاص في اللغة العربية بأن البراق دابةٌ أصغر من البغل وأكبر من الحمار، وقال بعض الشُّراح :إن البراق مشتقٌ من البريق، ولونه أبيض، أو هو من \" البراق \"، وسمي كذلك لشدة لمعانه وصفائه وتلألؤه أو توهجه وسار بسرعة الضوء. 
في أمالي الصدوق( ) (رجلاها أطول من يديها، خَطْوُها مدُّ البصر، فلما أراد النبي أن يركب امتنعت فقال جبرئيل×: إنه محمد|، فتواضعت حتى لصقت بالأرض. قال فركب فكلما هبطت ارتفعت يداها وقصرت رجلاها، وإذا صعدت ارتفعت رجلاها وقصرت يداها، فمرت به في ظلمة الليل على عيرٍ مُحَمَّلة، فنفرت العير من دفيف البراق، فنادى رجل في آخر العير غلاماً له في أول العير: يافلان، إن الإبل قد نفرت)!
و عن الإمام الباقر×قال:(إن رسول الله| لما أُسري به نزل جبرئيل×بالبراق وهو أصغر من البغل وأكبر من الحمار، مضطرب الأذنين عيناه في حوافره، خطاه مدُّ بصره، له جناحان يُحَفِّزَانه من خلفه، عليه سرج من ياقوت فيه من كل لون، أهدب العرف الأيمن، فوقفه على باب خديجة ودخل على رسول الله| فمرح البراق، فخرج إليه جبرئيل×فقال: أسكن فإنما يركبك أحب خلق الله إليه. فسكن).( )
ومن أحاديثه ما رواه في أتى جبرئيل رسول الله| بالبراق أصغر من البغل وأكبر من الحمار مضطرب الأذنين، عينيه في حافره، وخطاه مد بصره، إذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه، فإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف لأيمن له جناحان من خلفه).( ) وروى في تفسير العياشي ، عن الإمام الصادق×قوله:(لما أسريَ بالنبي| أتى بالبراق ومعها جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، قال: فأمسك له واحد بالركاب، وأمسك الآخر باللجام، وسوَّى عليه الآخر ثيابه، فلما ركبها تضعضعت فلطمها جبرئيل×وقال لها: قرى يا براق فما ركبك أحد قبله مثله، ولايركبك أحد بعده مثله).( )
وعن النبي|قال: (إن الله سخر لي البراق، وهي دابة من دواب الجنة، ليست بالطويل ولا بالقصير، فلو أن الله أذن لها لجالت الدنيا في جرية واحدة، وهي أحسن الدواب لوناً)( ).
(وأتاه جبرئيل ليلاً وهو بالأبطح ومعه البراق وهو أصغر من البغل وأكبر من الحمار، فركبه رسول الله| وأمسك جبرئيل بركابه، ومضى إلى بيت المقدس، ثم إلى السماء الدنيا، فتلقته الملائكة فسلمت عليه وتطايرت بين يديه، حتى انتهى إلى السماء السابعة).( )
وفي محاجة اليهود مع النبي|: (قالوا: سليمان خير منك. قال: ولم ذاك؟ قالوا: لأن الله عز وجل سخر له الشياطين والإنس والجن والطير والرياح والسباع. فقال النبي|: فقد سخر الله لي البراق، وهو خير من الدنيا بحذافيرها، وهي دابة من دواب الجنة، وجهها مثل وجه آدمي، وحوافرها مثل حوافر الخيل، وذنبها مثل ذنب البقر، فوق الحمار ودون البغل، وسرجه من ياقوتة حمراء، وركابه من درة بيضاء، مزمومة بألف زمام من ذهب، عليه جناحان مكللان بالدر والياقوت والزبرجد. مكتوب بين عينيه: لا إله الله وحده لا شريك له وإن محمداً رسول الله. قالت اليهود: صدقت يا محمد وهو مكتوب في التوراة).( )
ويدُلُّ دعاءٌ رواه السيد بن طاووس على أن الله تعالى علَّم رسوله| بعض أسمائه الحسنى، فسخر له البراق:(وباسمك الذي سخرت به البراق لمحمد صلواتك عليه وآله)( )
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب× أنه قال: لما بدأ رسول الله| بتعليم الأذان أتى جبريل بالبراق فاستصعب عليه: ثم أتاه بدابة يقال لها براقة فاستصعبت عليه، فقال لها جبريل أسكني براقة، فما ركبك أحد أكرم على الله منه فسكنت، فقال رسول الله| فركبتها حتى انتهت إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى، فخرج ملك من وراء الحجاب، فقال الله أكبر الله أكبر، قال فقلت: يا جبريل ومن هذا الملك، قال: والذي أكرمك بالنبوءة ما رأيت هذا الملك قبل ساعتي هذه، فقال الله أكبر الله أكبر، فنودي من وراء الحجاب صدق).( )
وفي صحيح البخاري:(وأتيتُ بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار البراق، فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا، قيل من هذا؟ قال جبريل. قيل: ومن معك؟ قيل: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل: مرحباً به).( )
 
النبي| سيركب البُراق في القيامة
« قال رسول الله|: يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلا نحن أربعة. فقال له العباس بن عبد المطلب عمه: فداك أبي وأمي ومن هؤلاء الأربعة؟ قال: أنا على البراق، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه، وعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله على ناقتي العضباء، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة... وبيده لواء الحمد ينادي: لا إله إلا الله محمد رسول الله )).( )
إنه لن يركب يومئذ إلا أربعة: أنا وعلي وفاطمة وصالح نبي الله، فأما أنا فعلى البراق، وأما فاطمة ابنتي فعلى ناقتي العضباء، وأما صالح فعلى ناقة الله التي عقرت، وأما علي فعلى ناقة من نوق الجنة، زمامها من ياقوت، عليه حلتان خضراوان ». ( )
وفي الخصال : « عن ابن عباس قال: قال رسول الله|: ما في القيامة راكب غيرنا ونحن أربعة، فقام إليه العباس بن عبد المطلب فقال: من هم يا رسول الله؟ فقال: أما أنا فعلى البراق ووجهها كوجه الإنسان وخدها كخد الفرس، وعرفها من لؤلؤ مسموط، وأذناها زبرجدتان خضراوان، وعيناها مثل كوكب الزهرة، تتوقدان مثل النجمين المضيئين، لها شعاع مثل شعاع الشمس، ينحدر من نحرها الجمان، مطوية الحلق طويلة اليدين والرجلين، لها نفس كنفس الآدميين، تسمع الكلام وتفهمه، وهي فوق الحمار ودون البغل.».( )
وروى في تفسير القمي: عن الإمام الصادق×أن الله تعالى عندما أمر إبراهيم أن يجدد الكعبة، ويسكن من ذريته عندها أن جبرئيل×أتى له بالبراق فحملهم عليه إلى مكة. وروي أن الإمام المهدي×يأتيه جبرئيل بالبراق فيركبه من المدينة إلى مكة: « فيأخذ بيده ويصافحه ويسلم عليه ويقول له: قم ويجيئه بفرس يقال له البراق فيركبه ثم يأتي إلى جبل رضوى، فيأتي محمد وعلي « عليهما السلام » فيكتبان له عهداً منشوراً يقرؤه على الناس، ثم يخرج إلى مكة والناس يجتمعون بها. قال: فيقوم رجل منه فينادي أيها الناس هذا طلبتكم قد جاءكم يدعوكم إلى ما دعاكم إليه رسول الله. قال: فيقوم هو بنفسه فيقول: أيها الناس أنا فلان بن فلان، أنا ابن نبي الله، أدعوكم إلى ما دعاكم إليه نبي الله. فيقومون إليه ليقتلوه فيقوم ثلاثمائة وينيف على الثلاثمائة فيمنعونه، منه خمسون من أهل الكوفة، وسائرهم من أفناء الناس لا يعرف بعضهم بعضاً اجتمعوا على غير ميعاد ». ( )
 
 
كم مرة عُرج برسول الله|؟
 
المشهور أن الإسراء والمعراج بالنبي| كان مرة واحدة، ولكن من مجموع الروايات الشريفة نفهم أنه كان متعدداً،وقيل إن الإسراء كان مرتين مرة بروحه مناماً، ومرة بروحه وبدنه يقظة. ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضاً، حتى قال: إنه أربع إسراءات. وزعم بعضهم أن بعضها كان بالمدينة، ووفَّق أبو شامة في روايات حديث الإسراء بالجمع بالتعدد، فجعله ثلاث إسراآت، مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط على البراق، ومرة من مكة إلى السماوات على البراق أيضاً. ومرة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات).( )
ورجح بعض علمائنا أنه كان مرتين, وروت مصادرنا: (عن ابن عباس أن المعراج كان مرتين، مرة من المسجد الحرام ومرة من بيت أم هاني: (ليلة الإثنين في شهر ربيع الأول بعد النبوة بسنتين، فالأول معراج العجائب، والثاني معراج الكرامة). ( )
وعن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله× وأنا حاضر فقال: جعلت فداك كم عرج برسول الله|؟ فقال: مرتين فأوقفه جبرئيل موقفاً فقال له: مكانك يا محمد، فلقد وقفت موقفاً ما وقفه ملك قط ولا نبي... وكان كما قال الله عزوجل قاب قوسين أو أدنى! فقال له أبو بصير: جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى؟ قال: ما بين سِيَتِهَا إلى رأسها (سية القوس طرفها) فقال: كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق، وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد، قال: لبيك ربي قال: من لأمتك من بعدك؟ قال: الله أعلم. قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين. قال ثم قال أبو عبد الله لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي×من الأرض، ولكن جاءت من السماء مشافهة).( )
وروته مصادرنا بسندٍ قوي عن الإمام الصادق×قال:(عُرج بالنبي| إلى السماء مئة وعشرين مرة، ما من مرة إلا وقد أوصى الله النبي| بولاية علي× والأئمة ^من بعده، أكثر مما أوصاه بالفرايض ،ويُؤيد ذلك أن أحاديث المعراج لايمكن تفسيرها إلا بتعدده.( )
 
الإسراء والمعراج من عقائد الإسلام
 
دين الإمامية هو الإقرار بتوحيد الله تعالى ذكره، ونفي التشبيه عنه وتنزيهه عما لا يليق به، والإقرار بأنبياء الله ورسله وحججه وملائكته وكتبه، والإقرار بأن محمداً| هو سيد الأنبياء والمرسلين، وأنه أفضل منهم ومن جميع الملائكة المقربين، وأنه خاتم النبيين فلا نبي بعده إلى يوم القيامة....والإقرار بالمساءلة في القبر حين يدفن الميت، وبمنكر ونكير وبعذاب القبر. والإقرار بخلق الجنة والنار.( )
وبمعراج النبي| إلى السماء السابعة، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وبمناجاة الله عز وجل إيّاه، وأنه عرج (به) بجسمه وروحه على الحقيقة لا على الرؤيا في المنام وأن ذلك لم يكن لأن الله عز وجل في مكان هناك، لأنه متعال عن المكان، ولكنه عزَّ وجل عرج به تشريفاً له وتعظيماً لمنزلته، وليريه ملكوت السماوات كما أراه ملكوت الأرض، ويشاهد ما فيها من عظمة الله عز وجل وليخبر أمته بما شاهد في العلو من الآيات والعلامات).
وفي رسالة الإعتقادات :واعتقادنا في الجنة والنار أنهما مخلوقتان، وأن النبي| قد دخل الجنة، ورأى النار، حين عُرِجَ به).( )
 
 
لقد رأى من آيات ربه الكبرى
 
عقد في الكافي باباً في تنزيه الله تعالى عن الخضوع لقوانين الزمان والمكان، والرؤية بالعين، وروى فيه بضعة عشر حديثاً، نختار بعضها:
1- عن الإمام الرضا×: قال رسول الله|:(لما أسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكاناً لم يطأه قط جبرئيل. فكُشف له فأراه الله من نور عظمته ما أحب).
وفي:1/443:(فخلى عنه فقال له: يا جبرئيل تخليني على هذه الحالة؟ فقال: إمضه، فوالله لقد وطأت مكاناً ما وطأه بشر، وما مشى فيه بشرٌ قبلك).
2- عن يعقوب بن إسحاق قال: (كتبت إلى أبي محمد (الإمام الحسن العسكري ×) أسأله كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه؟ فوقع×: يا أبا يوسف جل سيدي ومولاي والمنعم عليَّ وعلى آبائي أن يرى. وسألته: هل رأى رسول الله| ربه؟ فوقع×: إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب).
3- عن أبي عبد الله×قال:(جاء حبر إلى أمير المؤمنين×فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته؟ قال فقال: ويلك ما كنت أعبد رباً لم أره، قال: وكيف رأيته؟ قال: ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان).
4- عن عن عاصم بن حميد قال: (ذاكرت أبا عبد الله×فيما يروون من الرؤية فقال: الشمس جزء من سبعين جزءً من نور الكرسي والكرسي جزء من سبعين جزءً من نور العرش، والعرش جزء من سبعين جزءً من نور الحجاب، والحجاب جزء من سبعين جزءً من نور الستر، فإن كانوا صادقين فليملؤوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب).( )
 
 
زعم الوهابية أن النبي| رأى ربَّهُ بعينه!
 
قال إمامهم ابن تيمية في كتابه: سئل ابن عباس هل رأى محمد ربه؟ قال: نعم. قال: وكيف رآه؟ قال: في صورة شاب دونه ستر من لؤلؤ كأن قدميه في خضرة. فقلت أنا لابن عباس: أليس في قوله: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ، قال: لا أم لك ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شئ. وهذا يدل على أنه رآه!
وأخبر أنه رآه في صورة شاب دونه ستر وقدميه في خضرة! وأن هذه الرؤية هي المعارضة بالآية والمجاب عنها بما تقدم فيقتضي أنها رؤية عين، كما في الحديث الصحيح المرفوع عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء)( ).
ثم قال في ص264: (اختلفت الرواية عن أحمد في رؤية محمد ربه هل رآه بعينه أو بفؤاده، أو يقال رآه ولا يقيد على ثلاث روايات.قلت وقد ذكرنا ألفاظ أحمد التي ذكرها وسقناها بتمامها، وتبين بذلك أن كلام أحمد ليس بمختلف بل كلام أحمد نظير كلام ابن عباس رضي الله عنهما تارة يقيد الرؤية بالقلب وتارة يطلقها.
ثم قال القاضي: والرواية الأولى أصح وأنه رآه في تلك الليلة بعينيه. وهذه مسألة وقعت في عصر الصحابة فكان ابن عباس وأنس وغيرهما يثبتون رؤيته في ليلة المعراج وكانت عائشة تنكر رؤيته بعينه في تلك الليلة).
 
رد أهل البيت^على المجسمة والوهابية
 
عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا×فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين،فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية!
فقال أبو الحسن×: فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس: لاتدركه الأبصار، ولا يحيطون به علماً، وليس كمثله شئ، أليس محمد؟ قال: بلى.
قال: كيف يجيئ رجل إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول: لاتدركه الأبصار، ولا يحيطون به علماً، وليس كمثله شئ ثم يقول أنا رأيته بعيني وأحطت به علماً وهو على صورة البشر؟!
أما تستحون! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشئ ثم يأتي بخلافه من وجه آخر؟! 
قال أبو قرة: فإنه يقول: ولقد رآه نزلة أخرى، فقال أبو الحسن×: إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال: ما كذب الفؤاد ما رأى، يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأى فقال: لقد رأى من آيات ربه الكبرى، فآيات الله غير الله، وقد قال الله: ولا يحيطون به علماً، فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة! فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟ فقال أبو الحسن×: إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها، وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علماً ولا تدركه الأبصار وليس كمثله شئ).
وعن أبي هاشم الجعفري قال: (قلت لأبي جعفر (الإمام الجواد×: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ فقال: يا أبا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك، وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون)!( )
 
بيت المقدس والمسجد الأقصى المذكور في الآية
 
عن أبي جعفر×بعد سؤاله لإسماعيل الجعفي عن قوله تعالى:(سُبحَانَ الَّذِي أَسرَ حيث سأل الإمام×أي شيء يقولون أهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟ فقال إسماعيل: يقولون أسرى به من المسجد الحرام إلى بيت المقدس فقال الإمام×ليس هو كما يقولون ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه وأشار بيده إلى السماء وقال ما بينهما حرم. 
فقال صاحب الميزان في رده على قوله×: (ولكنه أُسري من هذه إلى هذه) 
أي من الكعبة إلى البيت المعمور وليس المراد به نفي الإسراء إلى بيت المقدس ولا تفسير المسجد الأقصى في الآية بالبيت المعمور بل المراد نفي أن ينتهي الإسراء إلى بيت المقدس ولا يتجاوزه، فقد استفاضت الروايات بتفسير المسجد الأقصى ببيت المقدس.( )
 
في أي سنة كان الإسراء والمعراج؟
 
قال أهل البيت^إن المعراج كان في السنة الثانية من البعثة، ورويَ في الثالثة، وأنه تم فيه فرض الصلوات الخمس، وقد زار النبي| الجنة وأكل من ثمارها، فتكونت من ذلك نطفة فاطمة الزهراء÷.
روى في مناقب آل أبي طالب :أُسرِيَ به بعد النبوة بسنتين.( )
عن ابن عباس أن المعراج كان مرتين: مرة من المسجد الحرام، ومرة من بيت أم هاني:(ليلة الإثنين في شهر ربيع الأول بعد النبوة بسنتين، فالأول معراج العجائب والثاني معراج الكرامة). 
وفي تاج المواليد/6:(وعرج به إلى السماء بعد البعثة بسنتين).
واتفقت المصادر على أن تشريع فريضة الصلاة اليومية كان في معراج النبي |، ويبدو أنه في أوّل عروجٍ به، ففي تهذيب الأحكام، عن الإمام الباقر×قال: « لما أسري برسول الله| فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة فأذن جبرئيل×وأقام فتقدم رسول الله|وصف الملائكة والنبيون خلف رسول الله| قال فقلنا له: كيف إذن؟ فقال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله. حي على الصلاة حي على الصلاة. حي على الفلاح حي على الفلاح، حي على خير العمل حي على خير العمل. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله لا إله إلا الله، والإقامة مثلها، إلا أن فيها قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة بين حي على خير العمل حي على خير العمل، وبين الله أكبر الله أكبر، فأمر بها رسول الله| بلالاً فلم يزل يؤذن بها حتى قبض الله رسوله|».( )
وفي معاني الأخبار« فتقدم النبي| فأمَّ أهل السماء، فمن يومئذ تم شرف النبي|».( )
كما روت مصادر الطرفين أن الله تعالى فرض على النبي| خمسين صلاة كل يوم ثم قال له موسى| إن أمتك لا تطيق، فاطلب من الله تعالى أن يخفف عنها فطلب النبي| من ربه فجعلها خمس صلوات.
« عن زيد بن علي&قال: سألت أبي سيد العابدين×فقلت له: يا أبه أخبرني عن جدنا رسول الله| لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عز وجل بخمسين صلاة، كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران×إرجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك؟ فقال: يا بني، إن رسول الله| لا يقترح على ربه عز وجل ولا يراجعه في شئ يأمره به، فلما سأله موسى×ذلك وصار شفيعاً لأمته إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى×فرجع إلى ربه يسأله التخفيف إلى أن ردها إلى خمس صلوات.
قال: فقلت له: يا أبه، فلم لم يرجع إلى ربه عز وجل ولم يسأله التخفيف من خمس صلوات وقد سأله موسى×أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف؟ 
فقال: يا بني، أراد| أن يحصل لأمته التخفيف مع أجر خمسين صلاة، لقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ألا ترى أنه| لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيل×فقال: يا محمد، إن ربك يقرؤك السلام ويقول: إنها خمس بخمسين، ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد.( )
قال فقلت له: يا أبه، أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى، تعالى الله عن ذلك. فقلت: فما معنى قول موسى×لرسول الله|: إرجع إلى ربك؟ فقال: معناه معنى قول إبراهيم×: إني ذاهب إلى ربي سيهدين، ومعنى قول موسى×: وعجلت إليك رب لترضى، ومعنى قوله عز وجل: ففروا إلى الله، يعني حجوا إلى بيت الله.
يا بني، إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد بيوت الله فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله، وأهل موقف عرفات هم وقوف بين يدي الله عز وجل، وإن الله تبارك وتعالى بقاعاً في سماواته فمن عرج به إلى بقعه منها فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله عز وجل يقول:تعرج الملائكة والروح إليه. 
ويقول عز وجل في قصة عيسى×: بل رفعه الله إليه، ويقول عز وجل: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه( ).
أقول: روى الشيعة والسنة، أن تشريع الصلاة بصورتها الفعلية نبع من أحداث مراسم خضوع النبي| لربه في معراجه إليه، وتتميز أحاديث أهل البيت^بأنها أكثر دقة وتفصيلاً، ومنطقية.
 
كان تشريع الأذان في المعراج
 
توجدفي أحاديث أهل البيت^نقد لرواية السلطة بأن تشريع الأذان كان بسبب أن بعض الصحابة وهو عمر بن الخطاب أو أبيُّ بن كعب أو عبد الله بن زيد، رأى الأذان في منامه، فاقترحه على النبي| فأدخله في الإسلام!
عن عمر بن أذينة أن الإمام الصادق×قال له: « ما تروي هذه الناصبة؟ فقلت: جعلت فداك في ماذا؟ فقال: في أذانهم وركوعهم وسجودهم؟ فقلت: إنهم يقولون: إن أبي بن كعب رآه في النوم! فقال: كذبوا فإن دين الله عز وجل أعز من أن يرى في النوم! قال: فقال له سدير الصيرفي: جعلت فداك فأحدث لنا من ذلك ذكراً فقال أبو عبد الله×: إن الله عز وجل لما عرج بنبيه| إلى سماواته السبع، أما أولاهن فبارك عليه، والثانية علمه فرضه، فأنزل الله محملاً من نور فيه أربعون نوعاً من أنواع النور، كانت محدقة بعرش الله تغشي أبصار الناظرين. أما واحد منها فأصفر، فمن أجل ذلك اصفرَّت الصفرة، وواحد منها أحمر فمن أجل ذلك احمرت الحمرة، وواحد منها أبيض، فمن أجل ذلك ابيضَّ البياض، والباقي على ساير عدد الخلق من النور والألوان، في ذلك المحمل حلق وسلاسل من فضة.
ثم عُرج به إلى السماء، فنفرت الملائكة إلى أطراف السماء وخرت سجداً وقالت: سبوح قدوس ما أشبه هذا النور بنور ربنا، فقال جبرئيل×: الله أكبر الله أكبر. 
ثم فتحت أبواب السماء واجتمعت الملائكة فسلمت على النبي| أفواجاً... الحديث.. وفيه تفصيل المعراج وتشريع الأذان والصلاة.( )
كما روينا أن التكبيرات السبع المستحبة في أول الصلاة، جاءت من تكبير النبي | عندما تخطى الحجب السبع. ثم من تعليمه التكبير لسبطه الحسين×لما تأخر نطقه فكبَّر أمامه ليكبر حتى وصل إلى التكبيرة السابعة فكبر الحسين× وانفتح لسانه. ( )
 
تَخبُّطْ عُلماء السنة في وقت المعراج
 
أما إخواننا السنة فقد تخَبَّطَ عُلماؤهم في وقت المعراج، فروى البخاري أنه كان قبل البعثة، وروا أنه بعدها بسنتين، أو بثلاث، أو بخمس، أو بعشر سنوات!
قال ابن حجر في فتح الباري: (أُخْتُلِفَ في وقت المعراج فقيل كان قبل المبعث وهو شاذ.. وذهب الأكثر إلى أنه كان بعد المبعث، ثم اختلفوا فقيل قبل الهجرة بسنة، قاله ابن سعد وغيره، وبه جزم النووي).( )
وسبب اختلافهم أنهم أعطوا أبا بكر لقب (الصدّيق) وجعلوا سبب ذلك أن النبي| لما عرج به أخبر المشركين فكذَّبوه، وأخبر المسلمين فكذَّبه قسم منهم وارتدوا! وصدَّقهُ أبو بكر فسمي (الصديق)!
قالوا: (فحدثهم، فمن بين مُصفق وواضع يده على رأسه تعجباً وإنكاراً، وارتد ناس ممن كان آمن به، وسعى رجال إلى أبي بكر فقال: إن كان قال ذلك لقد صدق. قال: أتصدقه على ذلك؟ قال إني لأصدقه على أبعد من ذلك فسمي الصديق).( )
ولكي يصح قولهم جعلوا إسلام أبي بكر قبل المعراج! وأخروا وقت المعراج ليكون بعد إسلامه!
وعندما رأوا أن النبي| قال في حق علي×:(مكتوب على العرش لا إله إلا الله وحدي لا شريك لي، و محمد عبدي ورسولي أيدته بعلي، وذلك قوله عز وجل: هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين). ( )
وضعوا مقابله حديث:(ما مررت بسماء إلا وجدت إسمي فيها مكتوباً محمد رسول الله أبو بكر الصديق...عن أبي هريرة قال رسول الله: ليلة أسرى به إن قومي لا يصدقوني، فقال له جبريل: يصدقك أبو بكر، وهو الصديق.( )
لكن بعض علمائهم اعترف بأنها أحاديث مكذوبة، وضعها عبد الله بن إبراهيم ومحمد بن عبد الله الهلالي البصري! ( )
 
عائشة تؤخرالمعراج إلى ما بعد وفاة السيدةخديجة÷
 
 
فقد بشَّر النبي|خديجة ببيت في الجنة لاصخب فيه ولا نصب، فجعلته عائشة بيتاً من قصب، لأن خديجة لم تصل! وإليك بعض الروايات من كتب إخواننا :
ففي فضائل الصحابة للنسائي:(بشر رسول الله خديجة ببيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب). ، وليس فيه ذكر القصب. ( )
وعن أبي سعيد الخدري أن النبي| قال: « إن جبرئيل قال لي ليلة أسريَ بي: وحين رجعت فقلت: يا جبرئيل هل لك من حاجة؟ فقال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام. وحدَّثنا عند ذلك أنها قالت حين لقَّاها نبي الله السلام فقال لها الذي قال جبرئيل قالت: إن الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام، وعلى جبرئيل السلام ».( )
وقد اشتهر حسد عائشة لخديجة ÷وكانت تعترف وبغضب النبي|عليها لذلك، فقد قالت « ما غرت على امرأة كما غرت على خديجة »!.( )
وفي السيرة الحلبية: « قالت له وقد مدح خديجة: ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها! فغضب رسول الله (ص) وقال: والله ما أبدلني الله خيراً منها »!( ) وفي سيرة ابن إسحاق: (فغارت عائشة وقالت : لكأنه ليس في الأرض امرأة إلا خديجة! فقام رسول الله مغضباً فلبث ما شاء الله، ثم رجع فإذا أم رومان فقالت : يا رسول الله ما لك ولعائشة إنها حَدَث، وأنت أحق من تجاوز عنها، فأخذ بشدق عائشة وقال : ألست القائلة كأنما ليس على الأرض امرأة إلا خديجة! والله لقد آمنت بي إذ كفر قومك، ورزقت مني الولد وحرمتموه »!( )
وفي فتح الباري: « عن عائشة.. وماتت خديجة قبل أن تفرض الصلاة، فقال النبي: رأيت لخديجة بيتاً من قصب، لا صخب فيه ولا نصب » !( )
فبيت خديجة÷بزعم عائشة من قصب لأنها لم تصلِّ، أما بيت عائشة فمن لؤلؤ لأنها صلَّت! ثم جاء المعذرون ومنهم بخاري ليغطوا الأمر فجعلوا قصب عائشة بمعنى الذهب! لكن اللغة تأبى عليهم، فالقصب هو النبات المعروف المجوف، ولم يرد وصفاً لقصور الجنة!
 
بأي صوت كلّم الله عزَّ وجلّ النبي|في ليلة المعراج؟
 
عقيدتنا أن الله تعالى ليس كمثله شيئ ولاتُدركه الأبصار، ولا يخضع لقوانين المكان والزمان، فهو فوقهما وهو خالقهما، ومعنى قوله تعالى: وكَلَّمَ اللهُ موسَى تكليماً... أنه خلق صوتاً في الشجرة أو في الجبل، فكان موسى يسمع الصوت من جميع الجهات. قال أمير المؤمنين×: (فسبحان من توحَّدّ في علوِّه، فليس لشيئ منه امتناع، ولا له بطاعة أحد من خلقه انتفاع، إجابته للداعين سريعة، والملائكة له في السماوات والأرض مطيعة. كلَّم موسى تكليماً بلا جوارح وأدوات، ولا شفةٍ ولا لهوات، سبحانه وتعالى عن الصفات، فمن زعم أن إلهَ الخلق محدود، فقد جهل الخالق المعبود). ( )
إنّ الأدلة العقلية والنقلية قائمة على عدم إمكانية رؤية الله عزوجل رؤية جسدية ومادية وكذا الكلام في نوعية كلامه سبحانه وتعالى مع ما سواه:لا تدركه الأبصار. وَما كانَ لبشر أن يكَلمَه الله إلا وَحياً أو من وَراء حجاب فكل ما روي أو نقل أو قيل خلاف ذلك فهو إما مأوّل أو مطروح من رأسه فإن القول بالتجسيم منسوخ وسخيف كما قٌرر ذلك في مباحث علم الكلام.
أما مخاطبة النبي|بلسان علي×في المعراج فمعناها أنه خلق صوتاً كصوت علي×وخاطبه به، كما روته مصادرنا وبعض مصادر أهل السنة أيضاً .( )وسبب ذلك أن الصوت الذي يكلم الله به رسله ينبغي أن يكون محبباً لهم، فقد كلم موسى بصوت أخيه هارون'. و عن عبدالله بن عمر قال: (سمعت رسول الله وسئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج؟ فقال: خاطبني بلغة علي بن أبي طالب، فألهمني أن قلت يا رب خاطبتني أنت أم علي؟ فقال يا أحمد أنا شئ ليس كالأشياء، لا أقاس بالناس ولا أوصف بالشبهات، خلقتك من نوري وخلقت علياً من نورك، فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك أحب إليك من علي بن أبي طالب. خاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك).( ) ، ولا بد أن يكون الصوت الذي كلم الله عزَّوجل به موسى صوتاً يحبه موسى، وقد يكون صوت أخيه هارون. وكذلك الأمر في نبينا محمد| عندما عرج به، فقد روى الفريقان أن الله تعالى كلمه| بصوت علي×، كالذي رواه الموفق الخوارزمي في المناقب، عن عبدالله بن عمر قال: (سمعت رسول الله وسئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج؟ فقال: خاطبني بلغة علي بن أبي طالب، فألهمني أن قلت يا رب خاطبتني أنت أم علي؟ فقال يا أحمد أنا شيئ ليس كالأشياء، لا أقاس بالناس ولا أوصف بالشبهات، خلقتك من نوري وخلقت علياً من نورك، فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد في قلبك أحب إليك من علي بن أبي طالب. خاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك). ( )
ومن أحاديثه: ما رواه الحسن بن سليمان الحلي في المحتضر، عن ابن عباس من حديث المعراج: « سمعت النبي|يقول.. أوقفني في السماء السابعة، وإذا بصوت خمدت الأصوات من دونه وهدأ كل شيء لجبروته وسكن كل شيء لعزته يقول: أدن مني يا أحمد، فدنوت خطوة كان مقدارها خمسمائة عام، فناداني ربي: أدن يا أحمد، أنا ربك أنا الله. فدنوت فكلمني ربي من وراء حجاب بكلام كأنه من لسان علي بن أبي طالب، فاختلج في سري أن علياً يخاطبني، فناداني يا أحمد! قد اطلعت على سرك، ظننتَ أن علياً يخاطبك. يا أحمد! أنا ربك أنا الله وأنا على كل شيء قدير، أتحب أن أريك علياً؟ قلت: أي وعزتك يا رب. فأمر الله تعالى أن تنخرق الحجب، والسماوات أن تنفتح وما كان من الأرض مرتفعاً أن يخفض وما كان منخفضاً أن يرتفع، فنظرت من عرش ربي إلى الأرض، فرأيت سرير علي وعلي واقف يصلي وفاطمة عن يمينه والحسن والحسين عن شماله يصلون بصلاته، والملائكة تنزل عليهم أفواجاً أفواجاً، تقف في نورهم وتسمع قرائتهم. فناداني ربي: يا أحمد! وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وارتفاعي في علو مكاني لقد اطلعت على سرك وما استكن في صدرك فلم أجد أحداً أحب إليك من علي في سرك فخاطبتك بلسانه لتطمئن إلى الكلام وتهدأ في الخطاب،ولو خاطبتك بلسان الجبروت لما استطعت أن تسمع». ( )
وقال في الصحيح من السيرة: « وإذا كان الإسراء قد حصل قبل إسلامه بمدة طويلة فلا يبقى مجال لتصديق ما يذكر هنا من أنه قد سمي صديقاً حينما صدق رسول الله|في قضية الإسراء، ولا لما يذكرونه من أن ملكاً كان يكلم رسول الله حين المعراج بصوت أبي بكر ( ) 
وقد صرَّح الحفاظ بكذب طائفة من تلك الروايات. والصحيح هو أنه قد كلمه بصوت علي×».
أقول: مما يُؤيد صِحة حديث أن الله عزوجل خاطب نبيه| بصوت علي×: حديثهم بأنه خاطبه بصوت أبي بكر، ثم اعترافهم بأنه مكذوب! ومنه تعرف حال أحاديثهم الموضوعة لمعارضة مناقب علي×!
وعن القاسم بن معاوية قال: « قلت لأبي عبد الله×: هؤلاء يروون حديثاً في معراجهم أنه لما أسري برسول الله رأى على العرش مكتوباً: لا إله إلا الله، محمد رسول الله أبو بكر الصديق! فقال: سبحان الله غيروا كل شئ حتى هذا! قلت: نعم. قال: إن الله عز وجل لما خلق العرش كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين، ولما خلق الله عز وجل الماء كتب في مجراه: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين... فإذا قال أحدكم لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فليقل علي أمير المؤمنين »( ).
 
الأنبياء الذين عرج الله عز وجل بهم غير نبينا|
 
المعروف أنَه لم يسبق العروج إلى السماء قبل محمد|إلا لإثنين: إدريس وعيسى '. وذلك قوله تعالى في إدريس:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}. مريم/57. وقوله تعالى في عيسى: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا.بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} ( )لكن على اختلاف في إدريس×فقالوا إنَه لبث في الأرض 82 سنة ثمَ رفعهُ الله تعالى إليه. وقال آخرون أنه قبض روحه بين السماء الرابعة والخامسة وروى ذلك عن أبي جعفر×.
 
هل كان الإسراء المعراج بالروح والجسم معاً؟
 
يرى البعض أن الإسراء قد كان بالروح فقط في عالم الرؤيا، ولكن الصحيح هو ما ذهب إليه الإمامية ومعظم المسلمين من أنّ الإسراء إنّما كان بالروح والجسد معاً. كما هو ظاهر الآيات والأحاديث.
كقوله تعالى: {عَلَّمَه شَديد القوَى ذو مرَّة فاستَوَى وهو بالافق الأعلى ثمَّ دَنَا فتَدَلَّى فكَانَ قَابَ قَوسَين أَو أَدنَى فأَوحَى إلَى عَبده مَا أَوحَى مَا كَذَبَ الفؤَاد مَا رَأَى أََفتمَارونَه عَلَى مَا يَرَى وَلَقَد رَآه نَزلَةً أخرَى عندَ سدرَة المنتَهَى عندَهَا جَنَّة المَأوَى إذ يَغشَى السّدرَةَ مَا يَغشَى مَا زَاغَ البَصَر وَمَا طَغَى لَقَد رَأَى من آيَات رَبّه الكبرَى} ( )
وروي أنه لما وصل إلى العرش أتاه النداء من العلي الأعلى: يا محمد أدنُ من صاد وتوضأ لصلاة الظهر ،و أن جبرئيل×خاطبه وقال: يا محمد لقد وطأت موطأ ما وطأه قبلك أحد، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل. وروي أن جبرئيل×تخلف عن النبي|قبل مناجاة الرب معه .( )
وقوله سبحانه بعبده يدلّ على أن الإسراء كان بالجسد لأنّ العبد إسم لمجموع الجسد والروح.
والذين أفرطوا في الجانب الروحي وترهْبنوا، إختلفوا فيما بينهم حول كون المعجزة تمَّت بالروح فقط، أو بالجسد فقط، أو بهما معا؟ وقد رددنا على هؤلاء وأولئك، وأثبتنا أن المعجزة تمت بالرّوح والجسد معاً، لأنَّهما إن حدثتا له بالروح فقط ما استحقت أن تكون معجزة، فالرؤيا الصادقة تحدث للصالحين من غير الأنبياء والرسل، والإنسان العادي يرى في منامه كل شيء لا يستطيع أن يبلغه في صحوه، فهو في منامه يطير ويتجول في أماكن بعيدة ومناطق فسيحة، ويحصل على آمال وينال مطالب في أحلامه فقط.
ولذلك قال الشاعر أحمد شوقي :
يتساءلون وأنت أطهر هيكل
بالروح أم بالهيكل الإسـراء
بهما سموت مطهرين كلاهما
نـور وروحـانيـة وبهـاء
 
 
صلَّى نبينا|إماماً بالأنبياء^
 
عن الإمام الباقر×قال: « لما أسري برسول الله|إلى السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة فأذن جبرئيل وأقام فتقدم رسول الله|وصف الملائكة والنبيون خلف محمد|».
«فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة فأذن جبرئيل ×وأقام فتقدم رسول الله|وصف الملائكة والنبيون خلف رسول الله »
و عن ابن عباس: « قال رسول الله|: لما عرج بي إلى السماء انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة فرأيت بيتاً من ياقوت أحمر. فقال جبرئيل هذا هو البيت المعمور خلقه الله تعالى قبل السماوات والأرضين بخمسين ألف عام، قم يا محمد فصل إليه. قال النبي|: ثم أمر الله تعالى حتى اجتمع جميع الرسل والأنبياء، فصفهم جبرئيل ورائي صفاً، فصليت بهم، فلما فرغت من الصلاة أتاني آت من عند ربي فقال لي: يا محمد ربك يقرؤك السلام ويقول لك: سل الرسل على ما ذا أرسلتهم قبلك.
فقلت: معاشر الرسل على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ فقالت الرسل: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب×. وهو قوله تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا..».( )
وعن الإمام الصادق×قال: «أتى رجل إلى أمير المؤمنين×وهو في مسجد الكوفة وقد احتبى بحمائل سيفه. فقال: يا أمير المؤمنين، إن في القرآن آية قد أفسدت علي ديني وشككتني في ديني! قال: وما ذاك؟ قال: قول الله عز وجل: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}. فهل في ذلك الزمان نبي غير محمد فيسأله عنه؟ فقال له أمير المؤمنين×: إجلس أخبرك إنشاء الله، إن الله عز وجل يقول في كتابه: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، فكان من آيات الله التي أريها محمد|أنه انتهى جبرئيل إلى البيت المعمور وهو المسجد الأقصى، فلما دنا منه أتى جبرئيل عينا فتوضأ منها، ثم قال يا محمد توضأ. ثم قام جبرئيل فأذن ثم قال للنبي: تقدم فصل واجهر بالقراءة، فإن خلفك أفقاً من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله جل وعز. وفي الصف الأول: آدم ونوح وإبراهيم وهو وموسى وعيسى، وكل نبي بعث الله تبارك وتعالى منذ خلق الله السماوات والأرض إلى أن بعث محمداً|. فتقدم رسول الله|فصلى بهم غير هائب ولا محتشم. فلما انصرف أوحى الله إليه كلمح البصر: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}. فالتفت إليهم رسول الله|بجميعه فقال: بم تشهدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنت رسول الله وأن علياً أمير المؤمنين وصيك، وأنت رسول الله سيد النبيين وإن علياً سيد الوصيين، أخذت على ذلك مواثيقنا لكما بالشهادة. فقال الرجل: أحييت قلبي وفرجت عني يا أمير المؤمنين ».( )
« ثم صلاته| بالملائكة والنبيين عند البيت المعمور، وهو في السماء الرابعة ويسمى أيضاً الضراح، وهو مقابل العرش ومقابل الكعبة، فلما صلى وسلم عن يمينه أرسل الله سبحانه ملكاً يأمره: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا..} ».( )
أقول: نصَّت بعض الأحاديث على صلاة النبي| بالأنبياء^كانت في البيت المعمور في السماء الرابعة. وليس في بيت المقدس كما توهمه بعض الروايات.
وعن أمير المؤمنين×قال:(فلما أقام الصلاة قال: يا محمد قم فصل بهم واجهر بالقرآن إلى خلفك وزمرٍ من الملائكة والنبيين لا يعلم عددهم إلا الله، فتقدم رسول الله| فصلى بهم جميعاً ركعتين فجهر بهما بالقراءة ب‍بسم الله الرحمن الرحيم، فلما سلم وانصرف من صلاته أوحى الله تعالى إليه كلمح البصر: يا محمد: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ. قال: فالتفت رسول الله| إلى من خلفه من الأنبياء فقال: على ما تشهدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وأن لكل نبي منا خلفا وصياً من أهله، ما خلا هذا فإنه لا عصبة له، يعنون بذلك عيسى بن مريم|. ونشهد أنك سيد النبيّين، ونشهد أن علياً وصيك سيد الأوصياء وعلى ذلك أخذت مواثيقنا). ( )
 
أخذ الله تعالى لنبيه وآله' ميثاق الأنبياء ^
 
عن أبي الربيع قال: حججنا مع أبي جعفر×في السنة التي كان حج فيها هشام بن عبد الملك، وكان معه نافع مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب (نافع هذا من علماء النصارى والسلطة) فنظر نافع إلى أبي جعفر×في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال نافع: يا أمير المؤمنين من هذا الذي قد تداكَّ عليه الناس؟فقال: هذا نبي أهل الكوفة هذا محمد بن علي! فقال: أشهد لآتينه فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبي أو وصي نبي! قال: فاذهب إليه وسله لعلك تخجله، فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ثم أشرف على أبي جعفر×فقال: يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وقد عرفت حلالها وحرامها وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي! قال: فرفع أبو جعفر×رأسه فقال: سل عما بدا لك. فقال: أخبرني كم بين عيسى وبين محمد من سنة؟ قال: أخبرك بقولي أو بقولك؟ قال: أخبرني بالقولين جميعاً. قال: أما في قولي فخمس مائة سنة، وأما في قولك فست مائة سنة. قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل لنبيه: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}. مَن الذي سأل محمد، وكان بينه وبين عيسى خمسمائة سنة؟! ( )
قال: فتلا أبو جعفر×هذه الآية: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا}، فكان من الآيات التي أراها الله تبارك وتعالى محمداً| حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ثم أمر جبرئيل فأذن شفعاً وأقام شفعاً وقال في أذانه: حي على خير العمل، ثم تقدم محمد فصلى بالقوم فلما انصرف قال لهم: على ما تشهدون وما كنتم تعبدون؟ قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا.. الحديث وفي آخره: (فولَّى نافع من عنده وهو يقول: أنت والله أعلم الناس حقاً حقاً، فأتى هشاماً فقال له: ما صنعت؟ قال: دعني من كلامك هذا والله أعلم الناس حقاً حقاً وهو ابن رسول الله حقاً، ويحق لأصحابه أن يتخذوه نبياً).( )
وروى الحاكم في المعرفة/96، عن عبد الله بن عمر قال:(قال النبي|: يا عبد الله أتاني ملك فقال: يا محمد وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قال قلت: على ما بعثوا؟ قال على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب)!
قال الحاكم: ولم نكتبه إلا عن بن مظفر، وهو عندنا حافظ ثقة مأمون).
ويقول الشيخ الكوراني في موسوعته: وروت مصادرهم عن أبي هريرة أن النبي | قال:(لما أسري بي ليلة المعراج اجتمع عليَّ الأنبياء في السماء فأوحى الله إلي: سلهم يا محمد بماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله، وعلى الإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب). وفي هامش منهاج الكرامة/130: (عن تفسير الثعلبي والزمخشري في الكشاف: 4/94 والكنجي في كفاية الطالب/136). وأورده في نفحات في:20/392، و396، وردَّ على إنكار ابن تيمية وجود الحديث.
و عن الإمام الصادق×قال: « أول من سبق من الرسل إلي « بلى » محمد رسول الله|وذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك وتعالى، وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء: تقدم يا محمد فقد وطأت موطئاً لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل! ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه، فكان من الله عز وجل، كما قال الله قاب قوسين أو أدنى، أي بل أدنى. فلما خرج الأمر من الله وقع إلى أوليائه^».
قال الصادق×: كان الميثاق مأخوذاً عليهم لله بالربوبية، ولرسوله|بالنبوة، ولأمير المؤمنين والأئمة^بالإمامة، فقال ألست بربكم، ومحمد نبيكم وعلي إمامكم والأئمة الهادون أئمتكم؟ 
فقالوا: بلى شهدنا، فقال الله تعالى: أن تقولوا يوم القيمة، أي لئلا تقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، فأول ما أخذ الله عز وجل الميثاق على الأنبياء له بالربوبية وهو قوله: وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم، فذكر جملة الأنبياء ثم أبرز أفضلهم بالأسامي فقال: ومنك يا محمد، فقدم رسول الله|لأنه أفضلهم ومن نوح
وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم، فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء ورسول الله|أفضلهم، ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله|على الأنبياء بالإيمان به وعلى أن ينصروا أمير المؤمنين×، فقال: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ (يعني رسول الله) لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}».( )
و في حديث الجالوت النصراني: « فقال رسول الله: يا جالوت، ليلة أسري بي إلى السماء أوحى الله تعالى إلي أن: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا.. على ما بعثوا؟ فقلت لهم: على ماذا بعثتم؟ قالوا: على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ذريتكما. ثم أوحى إليَّ أن التفت إلى يمين العرش، فالتفت فإذا علي، والحسن، والحسين، وعلي، ومحمد، وجعفر، وموسى، وعلي، ومحمد، وعلي، والحسن، والمهدي، في ضحضاح من نور يصلون. فقال الرب تعالى: هؤلاء الحجج أوليائي، وهذا منهم المنتقم من أعدائي. قال الجالوت فقلت: هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل والزبور ».( )
 
علَّمه الله عزوجل في المعراج علم ما يكون
 
قال رجل لأبي جعفر×: يا ابن رسول الله لا تغضب عليَّ قال: لماذا؟ قال: لما أريد أن أسألك عنه، قال: قل. قال: ولا تغضب؟ قال: ولا أغضب. قال: أرأيت قولك في ليلة القدر تنزل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله|قد علمه؟ أو يأتونهم بأمر كان رسول الله|يعلمه؟ وقد علمت أن رسول الله|مات وليس من علمه شئ إلا وعلي×له واع!
قال أبو جعفر×: مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين. قال: فافهم ما أقول لك: 
إن رسول الله|لما أسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملاً يأتي تفسيرها في ليلة القدر. وكذلك كان علي بن أبي طالب×قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر كما كان مع رسول الله|. قال السائل: أوما كان في الجمل تفسير؟ قال: بلى، ولكنه إنما يأتي بالأمر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الأوصياء: إفعل كذا وكذا، لأمر قد كانوا علموه، أمروا كيف يعملون فيه؟ 
قلت: فسر لي هذا. قال: لم يمت رسول الله|إلا حافظاً لجمله وتفسيره. قلت: فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم. قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟
قال: هذا مما أمروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلاّ
الله عز وجل.
قال السائل: فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟ قال: لا، وكيف يعلم وصي غير علم ما أوصي إليه، قال السائل: فهل يسعنا أن نقول إن أحداً من الوُصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد.
قال السائل: و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه، ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة. قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر×: من أنكره فليس منا. قال السائل: يا أبا جعفر أرأيت النبي|هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه؟
قال: لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان وما سيكون، فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عز وجل أبي أن يطلع الأوصياء عليه إلا أنفسهم.
قال السائل: يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سألتَ عنه.( )
أقول: إن كل ما سيحدث في هذا الكون مخزون في علم الله تعالى الذي أحاط علمه بكل شئ، ويظهر أنه مخزون بصوره أيضاً في مكان من الكون، بدليل أن الإنسان يرى في المنام أموراً من المستقبل عن نفسه أو غيره، فتحدث بعد ذلك كما رآها بدون أي فرق، فكأن ذلك المنام لقطة من المستقبل المخزون! لذلك لا غرابة في أن يكون الله تعالى علَّم نبيه|وأراه في معراجه كثيراً من المستقبل!
 
رأى النبي| شريط مستقبل أمته
 
عن الإمام الصادق×قال:«إن رسول الله|قال: إن الله مثل لي أمتي في الطين، وعلمني أسماءهم كما علم آدم الأسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته. إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة. قيل: يا رسول الله وما هي؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم، وأن لا يغادر منهم صغيرة ولا كبيرة، ولهم تبدل السيئات حسنات».( )
و عن الإمام الصادق×قال: « قال رسول الله|: لما عُرجَ بي إلى السماء وانتهيت إلى سدرة المنتهى، قال: إن الورقة منها تظل الدنيا وعلى كل ورقة ملك يسبح الله، يخرج من أفواههم الدر والياقوت، تبصر اللؤلؤة مقدار خمسمائة عام، وما سقط من ذلك الدر والياقوت يخزنه ملائكة موكلون به يلقونه في بحر من نور، يخرجون كل ليلة جمعة إلى سدرة المنتهى. فلما نظروا إليَّ رحبوا بي وقالوا: يا محمد مرحباً بك. فسمعت اضطراب ريح السدرة وخفقة أبواب الجنان قد اهتزت فرحاً لمجيئك، فسمعت الجنان تنادي: واشوقاه إلى علي وفاطمة والحسن والحسين».( )
و عن الإمام الباقر×قال: « إن رسول الله|حيث أسري به إلى السماء، لم يمر بخلق من خلق الله إلا رأى منه ما يحب من البشر واللطف والسرور به، حتى مر بخلق من خلق الله فلم يلتفت إليه ولم يقل له شيئاً، فوجده قاطباً عابساً فقال: يا جبرئيل، ما مررت بخلق من خلق الله إلا رأيت البشر واللطف والسرور منه إلا هذا فمن هذا؟ قال: هذا مالك خازن النار، وهكذا خلقه ربه! قال: فإني أحب أن تطلب إليه أن يريني النار. فقال له جبرئيل: إن هذا محمداً رسول الله، وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار. قال: فأخرج له عنقاً منها فرآها، فما افترَّ ضاحكاً حتى قبضه الله عز وجل ».( )
أقول: هذا الحديث الصحيح يدل على تعدد المعراج، وأنه المعراج الذي رأى فيه طرفاً من جهنم كان في أواخر حياته الشريفة في المدينة، لأنه لم يضحك بعد ذلك حتى توفي. وقد كان معراجه الأول في مكة أوائل بعثته|، وقد ورد أنه ضحك في حياته في المدينة في مناسبات عديدة.
وعن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن محمد بن علي الرضا عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ^ (قال دخلتُ انا وفاطمة على رسول الله|فوجدتُّه يبكى بكاءا ًشديداً فقلتُ فداك أبي وأمي يا رسول الله ما الذي أبكاك فقال يا علي ليلة عُرجَ بي إلى السماء رأيتُ نساءاً من أمتي في عذاب ٍشديدٍ فأنكرتُ شأْنهُنَّ فبكيت ُلما رأيتُ من شِدَّة ِ عذابهن وذكر لها صوراً مُرعبة ومُخيفة فقالت فاطمة ÷ حبيبي وقرة عيني أخبرني ما كان عَملهُّنَّ وسيَرتهُّنَّ حتى وضع الله عليهن هذا العذاب؟فذكرَ لها' أصنافاً من النساءوماكان عملهُنَّ في الدنيا حتىّ استحقنَّ هذا العذاب منهنَّ التّي كانت لا تُغطي شعرها من الرجال والتيّ كانت تؤذي زوجها والتّي كانت تمتنع من فراش زوجها والتيّ كانت تخرج من بيتها بغير إذنِ زوجها و التّي كانت تُزين بدنها للناس والتي كانت تستهين بالصلاة والتي كانت نمّامة كذّابة ومنهُنَّ التي كانت تُؤذي زوجها ثمَُّ قال':ويلٌ لامرأةٍ أغضبت زوجها وطوبى لامرأة رضيَ عنها زوجها).( )
 
 
 
 
 
 
أخبر الله تعالى نبيه|أنه سيمتحنه في ثلاث
عن الإمام الصادق×قال: « لما أسري بالنبي| إلى السماء قيل له إن الله تبارك وتعالى يختبرك في ثلاث لينظر كيف صبرك، قال: أسلِّمُ لأمرك يا رب ولا قوة لي على الصبر إلا بك، فما هن، قيل له: أولاهن الجوع والأثرة على نفسك وعلى أهلك لأهل الحاجة، قال: قبلت يا رب ورضيت وسلمت ومنك التوفيق والصبر.
وأما الثانية، فالتكذيب والخوف الشديد، وبذلك مهجتك في محاربة أهل الكفر بمالك ونفسك، والصبر على ما يصيبك منهم ومن أهل النفاق من الأذى والألم في الحرب والجراح، قال: قبلت يا رب ورضيت وسلمت ومنك التوفيق والصبر.
وأما الثالثة، فما يلقي أهل بيتك من بعدك من القتل، أما أخوك علي فيلقى من أمتك الشتم والتعنيف والتوبيخ والحرمان والجحد والظلم، وآخر ذلك القتل، فقال: يا رب قبلت ورضيت ومنك التوفيق والصبر. وأما ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصباً الذي تجعله لها وتضرب وهي حامل، ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن، ثم يمسها هوان وذل ثم لا تجد مانعاً، وتطرح ما في بطنها من الضرب، وتموت من ذلك الضرب! قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، قبلت يا رب وسلمت ومنك التوفيق للصبر. ويكون لها من أخيك ابنان، يقتل أحدهما غدراً ويسلب ويطعن تفعل به ذلك أمتك، قلت: يا رب قبلت وسلمت، إنا لله وإنا إليه راجعون ومنك التوفيق للصبر. وأما ابنها الآخر فتدعوه أمتك للجهاد ثم يقتلونه صبراً ويقتلون ولده ومن معه من أهل بيته ثم يسلبون حرمه، فيستعين بي وقد مضى القضاء مني فيه بالشهادة له ولمن معه، ويكون قتله حجة على من بين قطريها، فيبكيه أهل السماوات وأهل الأرضين جزعاً عليه، وتبكيه ملائكة لم يدركوا نصرته، ثم أخرج من صلبه ذكراً به أنصرك، وإن شبحه عندي تحت العرش يملأ الأرض بالعدل ويطبقها بالقسط، يسير معه الرعب، يقتل حتى يُشك فيه. قلت: إنا لله. فقيل: إرفع رأسك، فنظرت إلى رجل أحسن الناس صورة وأطيبهم ريحاً، والنور يسطع من بين عينيه ومن فوقه ومن تحته، فدعوته فأقبل إلي وعليه ثياب النور وسيماء كل خير حتى قبَّل بين عينيَّ، ونظرت إلى الملائكة قد حفوا به لا يحصيهم إلا الله عز وجل. فقلت: يا رب لمن يغضب هذا ولمن أعددت هؤلاء وقد وعدتني النصر فيهم فأنا أنتظره منك، وهؤلاء أهلي وأهل بيتي وقد أخبرتني مما يلقون من بعدي، ولئن شئت لأعطيتني النصر فيهم على من بغى عليهم، وقد سلمت وقبلت ورضيت، ومنك التوفيق والرضا، والعون على الصبر. فقيل لي: أما أخوك فجزاؤه عندي جنة المأوى نزلاً بصبره، أفلج حجته على الخلائق يوم البعث، وأوليه حوضك.
يسقي منه أولياءكم ويمنع منه أعداءكم، واجعل عليه جهنم برداً وسلاماً، يدخلها ويخرج من كان في قلبه مثقال ذرة من المودة، وأجعل منزلتكم في درجة واحدة في الجنة. وأما ابنك المخذول المقتول، وابنك المغدور المقتول صبراً، فإنهما مما أزين بهما عرشي، ولهما من الكرامة سوى ذلك مما لا يخطر على قلب بشر، لما أصابهما من البلاء، فعليَّ فتوكل، ولكل من أتى قبره في الخلق من الكرامة، لأن زواره زوارك وزوارك زواري وعليَّ كرامة زواري، وأنا أعطيه ما سأل، وأجزيه جزاء يغبطه من نظر إلى عظمتي إياه، وما أعددت له من كرامتي.
وأما ابنتك فإني أوقفها عند عرشي فيقال لها: إن الله قد حكمك في خلقه فمن ظلمك وظلم ولدك فاحكمي فيه بما أحببت، فإني أجيز حكومتك فيهم... ».( )
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
حديث النبي|مع ملك الموت×
عن الإمام الصادق×قال: « قال رسول الله|: لما أسري بي إلى السماء رأيت ملكاً من الملائكة بيده لوح من نور، لا يلتفت يميناً ولا شمالاً، مقبلاً عليه كهيئة الحزين، فقلت من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا ملك الموت مشغول في قبض الأرواح. فقلت: أدنيني منه يا جبرئيل لأكلمه، فأدناني منه فقلت له: يا ملك الموت، أكل من مات أو هو ميت فيما بعد أنت تقبض روحه؟ قال: نعم. قلت: وتحضرهم بنفسك؟ قال: نعم، وما الدنيا كلها عندي فيما سخرها الله لي ومكنني منها إلا كالدرهم في كف الرجل يقلبه كيف يشاء، وما من دار في الدنيا إلا وأدخلها في كل يوم خمس مرات، وأقول إذا بكى أهل البيت على ميتهم: لا تبكوا عليه، فإن لي إليكم عودة وعودة حتى لا يبقى منكم أحد! فقال رسول الله |: كفى بالموت طامة يا جبرئيل! فقال جبرئيل: إنما بعد الموت أطم وأعظم من الموت ».( )
و عن الإمام الصادق×قال: « دخل رسول الله|على رجل من أصحابه وهو يجود بنفسه فقال: يا ملك الموت إرفق بصاحبي فإنه مؤمن، فقال: أبشر يا محمد فإني بكل مؤمن رفيق، واعلم يا محمد أني أقبض روح ابن آدم فيجزع أهله فأقوم في ناحية من دارهم فأقول: ما هذا الجزع! فوالله ما تعجلناه قبل أجله وما كان لنا في قبضه من ذنب! فإن تحتسبوا وتصبروا تؤجروا، وإن تجزعوا تأثموا وتوزروا، واعلموا أن لنا فيكم عودة ثم عودة، فالحذر الحذر إنه ليس في شرقها ولا في غربها أهل بيت مدر ولا وبر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم خمس مرات، ولأنا أعلم بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم، ولو أردت قبض روح بعوضة ما قدرت عليها حتى يأمرني ربي بها! فقال رسول الله|: إنما يتصفحهم في مواقيت الصلاة فإن كان ممن يواظب عليها عند مواقيتها لقنه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونحى عنه ملك الموت إبليس ». وفي نوادر المعجزات / 66، عن أمير المؤمنين×: «قال رسول الله|: يا علي لمَّا عرج بي إلى السماء سلم علي ملك الموت ثم قال لي: يا محمد ما فعل ابن عمك علي؟ قلت: وكيف سألتني عنه يا عزرائيل؟ قال: إن الله تعالى أمرني أن أقبض أرواح الخلائق كلهم إلا أنت وابن عمك، فالله تعالى يقبض أرواحكما بيده ». ( )
وعن الإمام الصادق×قال: « هذه الآية مشافهة الله تعالى لنبيه ليلة أسريَ به إلى السماء، قال النبي|: انتهيت إلى محل سدرة المنتهى وإذا بورقة منها تظل أمة من الأمم، فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى، كما حكى الله عز وجل، فناداني ربي تبارك وتعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ فقلت أنا مجيباً عني وعن أمتي: وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. فقال الله: لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ. فقلت: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَانَا. وقال الله: لا أؤاخذك، فقلت: رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. (البقرة: 285 - 286). 
فقال الله تعالى: قد أعطيتك ذلك لك ولأمتك. فقال الصادق×: ما وفد إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول الله|حيث سأل لأمته هذه الخصال ».( )
و عن الإمام الصادق×أيضاًقال: « قال رسول الله|: لقد أسرى بي فأوحى الله إلي من وراء الحجاب ما أوحى، وشافهني من دونه بما شافهني، فكان فيما شافهني أن قال: يا محمد، من أذل لي ولياً فقد أرصد لي بالمحاربة، ومن حاربني حاربته. قال: فقلت: يا رب ومن وليك هذا؟ فقد علمت أنه من حاربك حاربته، فقال: ذلك من أخذت ميثاقه لك ولوصيك ولورثتكما بالولاية».( )
 
مكانة المؤمن عند الله تعالى
 
عن الإمام الباقر×قال: « لما أسري بالنبي|قال: يا رب ما حال المؤمن عندك؟ قال: يا محمد من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة وأنا أسرع شئ إلى نصرة أوليائي وما ترددت عن شئ أنا فاعله كترددي عن وفاة المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك. وما يتقرب إلي عبد من عبادي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه، وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ولسانه الذي ينطق به، ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته ».( )
أحاديث من المعراج في مقام النبي|وعترته^
من العناصر البارزة في أحاديث المعراج في مصادرنا والى حدٍّ ما في مصادر أتباع السلطة، المكانة الخاصة لعترة النبي|عند الله تعالى.
ويكفينا من مصادرهم الحديث الذي نص على أن اسم النبي|عند الله تعالى مقرونٌ باسم علي والأئمة من عترته^، تفسيراً لقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. ( )
قال القاضي عياض: « وروى ابن قانع القاضي عن أبي الحمراء قال: قال رسول الله|: لما أسري بي إلى السماء إذا على العرش مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي »! ( )
وروته مصادرنا، ، عن أبي هريرة، وأبي الحمراء، قال: « قال رسول الله|: لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته. ورأيت اثني عشر إسماً مكتوباً بالنور فيهم علي بن أبي طالب وسبطيَّ وبعدهما تسعة أسماء: علياً علياً ثلاث مرات، ومحمد ومحمد مرتين، وجعفر وموسى والحسن. والحجة يتلألأ من بينهم، فقلت: يا رب أسامي من هؤلاء؟ فناداني ربي جل جلاله: هم الأوصياء من ذريتك، بهم أثيب وأعاقب».( )
و في أحداث حرب الجمل: « نزل أبو أيوب في بعض دور الهاشمين فجمعنا إليه ثلاثين نفساً من شيوخ أهل البصرة، فدخلنا إليه وسلمنا عليه وقلنا: إنك قاتلت مع رسول الله|ببدر وأحد المشركين، والآن جئت تقاتل المسلمين. فقال: والله لقد سمعت رسول الله|يقول لعلي: إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين قلنا: آلله إنك سمعت من رسول الله في علي؟ قال: سمعته يقول: علي مع الحق والحق معه، وهو الإمام والخليفة بعدي، يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وابناه الحسن والحسين سبطاي من هذه الأمة، إمامان إن قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما، والأئمة بعد الحسين تسعة من صلبه، ومنهم القائم الذي يقوم في آخر الزمان كما قمت في أوله ويفتح حصون الضلالة. قلنا: فهذه التسعة من هم؟ قال: هم الأئمة بعد الحسين خلف بعد خلف. قلنا: فكم عهد إليك رسول الله|أن يكون بعده من الأئمة؟ قال: اثنا عشر. قلنا: فهل سماهم لك؟ قال: نعم إنه قال|: لما عُرج بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش فإذا هو مكتوب بالنور: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته بعلي. ورأيت أحد عشر إسماً مكتوباً بالنور على ساق العرش بعد علي، منهم الحسن والحسين وعلياً علياً علياً ومحمداً ومحمداً، وجعفراً وموسى والحسن، والحجة. قلت: إلهي من هؤلاء الذين أكرمتهم وقرنت أسماءهم باسمك؟
فنوديت: يا محمد هم الأوصياء بعدك والأئمة، فطوبى لمحبيهم والويل لمبغضيهم! قلنا: فما لبني هاشم؟ قال: سمعته يقول لهم: أنتم المستضعفون من بعدي. قلنا: فمن القاسطين والناكثين والمارقين؟ قال: الناكثين الذين قاتلناهم، وسوف نقاتل القاسطين والمارقين، فإني والله لا أعرفهم غير أني سمعت رسول الله|يقول: في الطرقات بالنهروانات »!( )
وروى نحوه / 136، عن حذيفة بن اليمان وفي آخره: « يا محمد إنهم هم الأوصياء والأئمة بعدك، خلقتهم من طينتك، فطوبى لمن أحبهم والويل لمن أبغضهم، فبهم أنزل الغيث وبهم أثيب وأعاقب. قال حذيفة: ثم رفع رسول الله|يده إلى السماء ودعا بدعوات فسمعته فيما يقول: اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي، وفي زرعي وزرع زرعي ».
وطبيعي أن لا يقبل علماء السلطة أمثال هذه الأحاديث، لأنها تحكم على السقيفة بأنها مؤامرة ضد النبي|وعترته!
 
من أحاديث مصادرنا في مقام النبي وآله|
تختلف أحاديث أهل البيت ^, في وصف النبي ' عن غيرهم خَلقاًوخُلقاًومنطقاً ، وبعبارة أخرى سيرة وسلوكاً وأما مانجده من أوصاف في روايات المسلمين كالبخاري وغيره لإنها بعيدة كل البعد عن الواقع بل تشم منها رائحة الحقد والضغينة لأنها روايات يمكن لنا وصفها بروايات حكومات ولعل بعضها موضوعة دون علم وموافقة البخاري إذا كنا أن ننصفه، ولسنا في مقام المقارنة ،وإنما للإشارة فقط.
قال أمير المؤمنين×: قال رسول الله|: إن الله خلق الإسلام فجعل له عرصةً وجعل له نوراً وجعل له حصناً وجعل له ناصراً، فأما عرصته فالقرآن، وأما نوره فالحكمة، وأما حصنه فالمعروف، وأما أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا، فأحبوا أهل بيتي وشيعتهم وأنصارهم، فإنه لما أسري بي إلى السماء الدنيا فنسبني جبرئيل×لأهل السماء استودع الله حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب الملائكة، فهو عندهم وديعة إلى يوم القيامة، ثم هبط بي إلى أهل الأرض، فنسبني إلى أهل الأرض فاستودع الله عز وجل حبي وحب أهل بيتي وشيعتهم في قلوب مؤمني أمتي، فمؤمنوا أمتي يحفظون وديعتي في أهل بيتي إلى يوم القيامة. ألا فلو أن الرجل من أمتي عبد الله عز وجل عمره أيام الدنيا ثم لقي الله عز وجل مبغضا لأهل بيتي وشيعتي، ما فرج الله صدره إلا عن النفاق».( )
وعن الإمام الرضا× عن آبائه^: « قال رسول الله|: ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه مني! قال علي×: فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقال|: يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك، وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا! يا علي، الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.
يا علي، لولا نحن ما خلق الله آدم×ولا حواء، ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض! فكيف لا نكون أفضل من الملائكة، وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه، لأن أول ما خلق الله عز وجل أرواحنا فأنطقها بتوحيده وتمجيده، ثم خلق الملائكة، فلما شاهدوا أرواحنا نوراً واحداً استعظمت أمرنا، فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا! فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله وأنا عبيد ولسنا بآلهه يجب أن نعبد معه أو دونه! فقالوا: لا إله إلا الله. فلما شاهدوا كبر محلنا كبَّرنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به! فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة، فقلنا: لا حول ولا قوه إلا بالله، لتعلم الملائكة أنه لا حول لنا ولا قوة إلا بالله. فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة، قلنا: الحمد لله، لتعلم الملائكة ما يستحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة: الحمد لله. فبنا اهتدوا إلى معرفه توحيد الله عز وجل وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده.ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لنا وإكراماً، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية، ولآدم إكراماً وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة، وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون. 
وإنه لما عُرج بي السماء أذَّنَ جبرئيل مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى، ثم قال لي: تقدم يا محمد، فقلت لجبرئيل: أتقدم عليك؟ قال: نعم، لأن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه وملائكته أجمعين وفضلك خاصّة.
قال: فتقدمت فصليت بهم ولا فخر، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل: تقدم يا محمد، وتخلفَ عني، فقلت له: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟! فقال: يا محمد انتهاء حدي الذي وضعني الله عز وجل فيه إلى هذا المكان، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعديَّ حدود ربي جل جلاله، فزخَّ بي النور زخة حتى انتهيت إلى ما شاء الله عز وجل من علو مكانه، فنوديت فقلت: لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت. فنوديت: يا محمد أنت عبدي وأنا ربك، فإياي فأعبد وعليَّ فتوكل فإنك نوري في عبادي، ورسولي إلى خلقي، وحجتي على بريتي. لك ولمن تبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري، ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم أوجبت ثوابي.
فقلت: يا رب ومن أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي. فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نوراً في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصيٍّ من أوصيائي، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدى أمتي، فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي بعدي؟ فنوديت: يا محمد هؤلاء أوصيائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك.
وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأملكنه مشارق الأرض ومغاربها، ولأسخرن له الرياح، ولأذللن له السحاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب، ولأنصرنه بجندي، ولأمدنه بملائكتي، حتى يعلن دعوتي، ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة ». ( )
وعن أمير المؤمنين×: « قال رسول الله|: لما أسري بي إلى السماء أوحى إلى ربي جل جلاله فقال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطَّلاعةً فاخترتك منها فجعلتك نبياً، وشققت لك من اسمي إسماً، فأنا المحمود وأنت محمد. ثم اطلعت الثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك، وشققت له إسماً من أسمائي، فأنا العلي الأعلى وهو علي. وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة، فمن قبلها كان عندي المقربين.
يا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي، ثم أتاني جاحداً لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي!
يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا ربي، فقال عز وجل: إرفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي، والحجة بن الحسن قائم في وسطهم كأنه كوكب دري! قلت: رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم الذي يحل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنةُ الناس بهما يومئذ أشد من فتنه العجل والسامري ».( ) 
و عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعلي بن موسى الرضا×: يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟
فقال×: يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمد|على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته ومتابعته متابعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عز وجل: من يطع الرسول فقد أطاع الله. وقال: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم. وقال النبي|: من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله. إن درجة النبي| في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى.
قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟ فقال×: يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم، هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفته، وقال الله عز وجل: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك. وقال عز وجل: كلُّ شيئٍ هالكٌ إلاّ وجْهَه. فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه « عليهم السلام » في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة. وقد قال النبي|: من أبغض أهل بيتي وعترتي لم يرني ولم أره يوم القيامة. وقال×: إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني. يا أبا الصلت إن الله تبارك و تعالى لا يوصف بمكان، ولا تدركه الأبصار والأوهام.
فقال قلت له: يا ابن رسول الله فأخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال: نعم وإن رسول الله| قد دخل الجنة، ورأى النار لما عرج به إلى السماء، قال فقلت له: إن قوماً يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين؟
فقال×: ما أولئك منا ولا نحن منهم. من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي| وكذبنا، ولا من ولايتنا على شئ، ويخلد في نار جهنم، قال الله عز وجل: هذه جهنم التي يكذب بها، المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن.
وقال النبي|: لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته، فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما أهبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ÷، ففاطمة حوراءٌ إنسية، وكلمَّا اشتقتُ إلى رائحة الجنَّة شممتُ رائحة ابنتي فاطمة».( )
وروى الصدوق هذه الرواية :ناداني ربي جل جلاله: يا محمد، أنت عبدي وأنا ربك، فلي :خضع، وإياي فاعبد، وعليَّ فتوكل، وبي فثق، فإني قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبياً، وبأخيك علي خليفة... وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي، وله أُظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإيّاه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليي حقاً، ومهدي عبادي صدقاً ».( )
وعن الإمام الحسين×قال: «قال رسول الله|: لما عرج بي إلى السماء، وصرت إلى سدرة المنتهى، أوحى الله إلي: يا محمد، قد بلوت خلقي، فمن وجدت أطوعهم؟ قلت: يا رب علياً. قال: صدقت يا محمد. ثم قال: هل اخترت لأمتك خليفة من بعدك، يعلمهم ما جهلوا من كتابي ويؤدي عني؟ قلت: اللهم اختر لي فإن اختيارك خير من اختياري. قال: قد اخترت لك علياً فاتخذه لنفسك خليفة ووصياً، فإني قد نحلته علمي وحلمي، وهو أمير المؤمنين حقاً، لم ينلها أحد قبله وليست لأحد بعده ».
منها قوله|: « لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرئيل×، فقلت: حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام
تفارقني؟ فقال:
يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي.ثم زُجَّ بي في النور ما شاء الله، فأوحى الله إلي: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً ثم اطلعت ثانيةً فاخترت منها عليا فجعلته وصيك ووارث علمك والإمام بعدك، وأخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار. يا محمد أتحب أن تراهم؟ قلت: نعم يا رب. فنوديت: يا محمد إرفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري.
فقلت: يا رب من هؤلاء ومن هذا؟ قال: يا محمد هم الأئمة بعدك المطهرون من صلبك، وهو الحجة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويشفي صدور قوم مؤمنين. قلنا: بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجباً. فقال×: وأعجب من هذا أن قوماً يسمعون مني هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله، ويؤذوني فيهم، لا أنالهم الله شفاعتي ».( )
ومنها / 74، و 244، قوله|: « لما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته. ورأيت اثني عشر إسماً مكتوباً بالنور، فيهم علي بن أبي طالب وسبطي، وبعدهما تسعة أسماء علياً علياً ثلاث مرات، ومحمد محمد مرتين، وجعفر وموسى والحسن، والحجة يتلألأ من بينهم، فقلت: يا رب أسامي من هؤلاء؟ فناداني ربي جل جلاله: هم الأوصياء من ذريتك، بهم أثيب وأعاقب ».
ومنها / 105، عن أبي أمامة وفيه: « فنوديت: يا محمد هم الأئمة بعدك والأخيار من ذريتك. وفي / 110، عن واثلة، وفيه: « أتحب أن تراهم يا محمد؟ قلت: نعم يا رب. قال: إرفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار الأئمة بعدي اثنا عشر نوراً، قلت: يا رب أنوار من هي؟ قال: أنوار الأئمة بعدك أمناء معصومون ».
وممّا رآه' في حق الحسين× ومنزلته في معراجه أنه قال'رأيتُ مكتوباً على ساق العرش :إنَّ الحسين مصباح الهُدى وسفينةُ النَّجاة)).( )
 
أغراض وأهداف رحلة \"الإسراء والمعراج \"
 
ونحن إذ نتحدث عن هذه الرحلة المباركة فإننا لم نجد فيما توصل إليه الإنسان في زماننا الحالي اكتشافا ًأو اختراعا ًيُستدَلْ بهِ على تقريب فهم هذا الحدث الجلل لغير المسلمين، اللّهم إلا تحوُّل المادة إلى طاقة وبالعكس، ولكننا نُكرِّرْ القولَ بأنه إذا كان كلٌ من الإسراء والمعراج معجزة، فهي ليست للتحدي، ولكنها وقعت وحدثت لأعظم مخلوق في الكون بل سيد مافي هذا الكون، ويمكن أن نوجز بعض أهداف وأغراض هذه الرحلة:
أولاً: توالت على النبي ' قُبيل حادثة الإسراء والمعراج المتاعب من قريش ، وتصدِّيهم لدعوته وإنزال الأذى والضرر به وبمن إتَّبعوه من أهل مكة بالجزيرة العربية. ومن هنا كان إنعام الله تعالى على عبده ورسوله محمد 'بهذه المعجزة العظيمة تطييباً لخاطره وتسريةً له عن أحزانه وآلامه... ثم ليشهد فيها من عجائب المخلوقات وغرائب المشاهد ما تدُق ُّخفاياها عن القلوب والأفهام...
ثانياً: لما كان الإسراء – وكذلك المعراج – خرقاً لأمور طبيعية ألفَها الناس، فقد كانوا يذهبون من مكة إلى الشام في شهر ويعودون في شهر، لكنه ' ذهب وعاد وعُرج به إلى السماوات العلى، وكل هذا وذاك في أقل من ثلثي ليلة واحدة... فكان هذا شيئا ًمُذهل، أي أنه كان امتحاناً واختبارا ًللناس جميعا، وخاصّة الذين آمنوا بالرسالة الجديدة، فصدَّق أقوياءُ الإيمان وكذَّب ضِعاف الإيمان وارتدَّ بعضهم عن إسلامهم. وهكذا تكون صفوف المسلمين نظيفة، ويكون المسلمون الذين يعدهم الله تعالى للهجرة أشخاصا ًأتقياء أنقياء أقوياء، لهم عزائم متينة وإرادة صلبة، لأن الهجرة تحتاج أن تتوفر لديهم هذه الصفات... 
ثالثا: كان ضمن ما ورد على لسان رسول الله'أنه حينما وصل إلى بيت المقدس التفَّ حوله جميع الأنبياء والرسل، واصطفّوا وقدّموه للإمامة، وصلىّ بهم... وإن هذا ليُعدُّ احتفالاً بميراث النبوة الذي انتقل إلى خاتم الأنبياء والرُسل، وهو محمد بن عبد الله'، وانتقل بذلك من ذرية إسحاق إلى ذرية إسماعيل أبي العرب. ويعد هذا أيضا دليلاً واضحاً على عالمية الرسالة الإسلامية، وأن الإسلام هو الدين الشامل المحتوي لكل الشرائع والعقائد السماوية السابقة، ولذا فهو خاتم الرسالات التي أنزلها الله إلى البشر لهدايتهم. وإضافة إلى هذا وذاك، فإن اجتماع الرسول بكل الأنبياء والرسل وصلاته بهم دليل ٌعلى أن كافّة الشرائع السماوية جاءت من أجل تحقيق هدفٍ واحد، هو عبادة الله وحده لا شريك له، إلها ًواحداً أحداًتبارك وتعالى..
رابعاً: لقد كان العروج من بيت المقدس ولم يكن من مكة، ذا دلالات، إحداها الأمر بنشر الإسلام وتوسعة إطاره، وذلك لأنه الدين الخاتم الشامل الجامع الذي ارتضاه الله سبحانه للناس كافة على اختلاف أجناسهم وألوانهم وشعوبهم ولغاتهم... وفيه أيضا ًأمرٌ ضمني بنبذ الخلاف فيما بين المسلمين، بل الأمرُ بتوحدهم واجتماع مصالحهم.
خامساً: يُعتبر فرض الصَّلاة،بهيئتها المعروفة وعددها وأوقاتها اليومية المعروفة على المسلمين في رحلة المعراج دليلاً على أن الصلاة صلة بين العبد وربه، وهى معراجه الذي يعرج ُعليه إلى الله سبحانه وتعالى بروحه، وأنها الوقت الذي يناجي العبد فيه ربه. فالصلاة إذن عماد الدين، ومن تركها وأهملها فكأنه هدم دينه وأضاعه... وهذه الصلاة بهيئتها الحركية أفضل الحركات لمصالح الجسد الصحية، إضافة إلى معطياتها النفسية والروحية. 
وختاماً: فإننا لا نستطيع إحصاءَ ما للإسراء ِوالمعراج ِمن فضائل وفوائد،، ولابد من التأكيد مرة أخرى على أن معجزة \" الإسراء والمعراج \" معجزة لم يتحدَّ الله عزوجل بها البشر، لأن البشر لن يفكروا مطلقا ًفي الإتيان بمثلها، أو بما يشابهها، مهما بلغت قواهم وارتقت عقولهم وتطّورت مخترعاتهم... وإنما هي معجزة لاختبار قوة العقيدة وتمحيص قلوب المؤمنين، فمن كان إيمانه قوياً صدَّق ومن كان غير ذلك كذَّب أو استكثر حدوث ما حدث... 
يقول الشيخ المكارم الشيرازي (دامت بركاته) في الأمثل:
من المعروف والمشهور بين علماء الإسلام أنَّ رسول الله ' عندما كان في مكّة! أسرى به الله تبارك وتعالى بقدرته من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومن هناك صعد به إلى السماء \"المعراج\" ليرى آثار العظمة الرّبانية وآيات الله الكبرى في فضاء السماوات، ثمّ في نفس الليلة إلى مكّة المكرمة.
ولكن العجيب ما يحاوله البعض من توجيه معراج الرسول ' بالمعراج الروحي والذي هو حالة شبيهة بالنوم أو \"المكاشفة الروحيّة\" ولكن هذا التوجيه –كما أشرنا- لا ينسجم إطلاقاً مع ظواهر الآيات، بل هو مخالف لها، إذ يدل الظاهر على أنَّ القضيّة تمت بشكلٍ جسمي حسي.
وهذا الأمر يدلّ على أنّ واحداً من أهداف هذا السفر السماوي الإستفادة من النتائج العرفانيّة والتربوية لهذه المشاهدات، والتعبير القرآني الغزير {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} النجم/18 يمكن أن يكون إشارة إجمالية لجميع الأمور.
إنّ هدف المعراج لم يكن تجوالاً للرّسول ' في السماوات للقاء الله كما يعتقد السذج، وكما نقل بعض العلماء الغربيين ـ ومع الأسف ـ لجهلهم أو لمحاولتهم تحريف الإسلام أمام الآخرين، ومنهم (غيور غيف) الذي يقول في كتاب (محمد رسول ينبغي معرفته من جديد، ص120)، (بلغ محمد في سفر معراجه إلى مكان كان يسمع فيه صوت قلم الله، ويفهم أنّ الله منهمك في تدوين حساب البشر! ومع أنّه كان يسمع صوت قلم الله إلاّ أنّه لم يكن يراه! لأنّ أحداً لا يستطيع رؤية الله وإن كان رسولاً).
وهذا يُظهر أن القلم كان من النوع الخشبي! الذي يهتز ويولد أصواتاً عند حركته على الورق!! وأمثال هذه الخرافات والأوهام.
كلا. فالهدف كان مشاهدة الرّسول | لأسرار العظمة الإلهية في أرجاء عالم الوجود، لا سيما العالم العلوي الذي يشكل مجموعة من براهين عظمته، وتتغذى بها روحه الكريمة وتحصل على نظرة وإدارك جديد لهداية البشرية وقيادتها.
ويتّضح هذا الهدف بشكل صريح في الآية الأولى من سورة الإسراء، والآية (18) من سورة النجم.
وهناك رواية أيضاً منقولة عن الإمام الصادق× في جوابه على سبب المعراج. أنّه قال× \"إن الله لا يوصف بمكان، ولا يجري عليه زمان، ولكنّه عزَّ وجلّ أراد أن يشرف به ملائكته وسكان سماواته، ويكرمهم بمشاهدته، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه\".
وكما ذكرنا آنفاً فإنّ الجنّة والنار اللتين رآهما النّبي'في معراجه والأشخاص الذين كانوا منعّمين أو معذّبين فيهما لم تكونا جنّة القيامة ونارها، بل هما جنّة البرزخ وناره، لأنّه طبقاً لآيات القرآن فإنّ الجنّة والنار تكونان بعد يوم القيامة والفراغ من الحساب معدّتين للمتّقين والمسيئين.
وأخيراً وصل النّبي إلى السماء السابعة ورأى حجُباً من النور هناك حيث \"سدرة المنتهى\" و\"جنّة المأوى\" وبلغ النّبي هناك وفي العالم النوراني أوج الشهود الباطني والقرب إلى الله قاب قوسين أو أدنى... وخاطبه الله هناك وأوحي إليه تعاليم مهمّة وأحاديث كثيرة نراها اليوم في الرّوايات الإسلامية تحت عنوان الأحاديث القدسيّة، وسنعرض قسماً منها بإذن الله في الفصل المقبل.( )
الطريف هنا هو أنّ الرّوايات الكثيرة تصرّح بأنّ النّبي' رأى أخاه وابن عمّه علياً في مراحل مختلفة من معراجه بصورة مفاجئة، وما نجده من التعابير في هذه الرّوايات كاشف عن مدى مقام علي وفضله بعد النّبي' وعلى الرغم من كثرة الرّوايات في شأن المعراج فهناك تعابير مغلقة ذات أسرار ليس من الهيّن كشف محتواها وهي كما يصطلح عليها من الرّوايات المتشابهة... أي الرّوايات التي ينبغي إحالة تفسيرها على أهل بيت العصمة!
وقد ذكرت كتب أهل السنّة روايات المعراج بشكل موسّع بحيث نقل ثلاثون راوية من رواتهم حديث المعراج.
 
إمكانية المعراج علمياً
 
وهنا ينقدح السؤال التالي وهو: كيف تمّ كلّ هذا السفر الطويل وهذه المشاهدات العجيبة والمتنوّعة والأحداث الطويلة في ليلة واحدة، بل في جزء منها؟!
ولكن يتّضح الجواب على السؤال بملاحظة أنّ سفر المعراج لم يكن سفراً بسيطاً كالمعتاد حتّى يقاس بالمعايير المعتادة! فلا السفر كان طبيعياً ولا وسيلته وركوبه ولا مشاهده ولا أحاديثه ولا المعايير الواردة فيها كمعاييرنا المحدودة والصغيرة على كرتنا الأرضيّة فكلّ شيء كان في المعراج خارقاً للعادة! وكان وفق مقاييس خارجة عن زماننا ومكاننا.
فبناءً على هذا لا مجال للعجب أن تقع كلّ هذه الأمور بمقياس ليلة أو أقل من ليلة من مقاييس ـ الكرة الأرضيّة ـ الزمانية.
ويذكرصاحب تفسير الأمثل أيضاً، بعض الشبهات العلمية التي تقف دون إمكانية المعراج علمياً، ويجيبُ عليها سماحته ويُناقشها إرتأيتُ ذكرُها هنا لتتم بها فائدة هذا البحث المتوخّاة وكما يقول القرآن الكريم (وفوق كل ذي علم عليم) وهذه الشبهات يمكن تلخيصها كما يلي: 
أوّلاً: إنّ أوّل ما يواجه الذي يريد أن يجتاز المحيط الفضائي للأرض إلى عمق الفضاء هو وجوب الإنفلات من قوة الجاذبية الأرضية، ويحتاج الإنسان للتخلّص من الجاذبية إلى وسائل استثنائية تكون معدّّل سرعتها على الأقل (40) ألف كيلومتر في الساعة.
ثانياً: المانع الآخر يتمثل في خلو الفضاء الخارجي من الهواء، الذي هو القوام في حياة الإنسان.
ثالثاً: المانع الثالث يتمثل بالحرارة الشديدة الحارقة (للشمس) والبرودة القاتلة، وذلك بحسب موقع الإنسان في الفضاء من الشمس.
رابعاً: هناك خطر الإشعاعات الفضائية القاتلة كالأشعة الكونية والأشعة ما وراء البنفسجية وأشعة إِكس، إذ من المعروف أنّ الجسم يحتاج إلى كميات ضئيلة من هذه الإشعاعات، وهي بهذا الحجم لا تشكّل ضرراً على جسم الإنسان ووجود طبقة الغلاف الجوي يمنع من تسربها بكثرة إلى الأرض، ولكن خارج محيط الغلاف الجوّي تكثُر هذه الإشعاعات إلى درجة تكون قاتلة.
خامساً: هناك مُشكلة فقدان الوزن التي يتعرض لها الإنسان في الفضاء الخارجي، فمن الممكن للإنسان أن يتعوَّد تدريجياً على الحياة في أجواء انعدام الوزن، إلاّ أنَّ انتقاله مرّة واحدة إلى الفضاء الخارجي –كما في المعراج- هو أمرٌ صعب للغاية، بل غير ممكن.
سادساً: المشكلة الأخيرة هي مشكلة الزمان، حيث تؤكد علوم اليوم على أنَّه ليست هناك وسيلة تسير أسرع من سرعة الضوء، والذي يريد أن يجول في سماوات الفضاء الخارجي يحتاج إلى سرعة تكون أسرع من سرعة الضوء!
في مواجهة هذه الشبهات وتتلخَّص في نقطتيين :
أولاً: في عصرنا الحاضر، وبعد أن أصبحت الرحلات الفضائية بالإستفادة من معطيات العلوم أمراً عادياً، فإنَّ خمساً من المشاكل الست الآنفة تنتفي، وتبقى –فقط- مشكلة الزمن. وهذه المشكلة تثار فقط عند الحديث عن المناطق الفضائية البعيدة جداً.
ثانياً: إنَّ المعراج لم يكن حدثاً عادياً، بل أمرٌ إعجازي خارق للعادة ثمّ بالقدرة الإلهية. وكذلك الحال في كافة معجزات الأنبياء^ وهذا يعني عدم استحالة المعجزة عقلاً، أمّا الأمور الأخرى فتتم بالإستناد إلى القدرات الإلهية.
وإذا كان الإنسان قد استطاع باستثمار لمعطيات العلوم الحديثة أن يوفَّر حلولاً للمشكلات الآنفة الذكر، مثل مشكلة الجاذبية والأشعة وانعدام الوزن وما إلى ذلك، حتى أصبح بمستطاعه السفر إلى الفضاء الخارجي.. فألا يمكن لله ـ عز وجل خالق الكون، صاحب القدرات المطلقة- أن يوفَّر وسيلة تتجاوز المشكلات المذكورة؟!
إنّنا على يقين من أنًّ الله تبارك وتعالى وضع في متناول رسوله ' مركباً مناسباً صانهُ فيه عن كل المخاطر والأضرار في معراجه نحو السماوات، ولكن ما اسم هذا المركب هل هو \"البراق\" أو \"رفرف\"؟ وعلى أي شكلٍ وهيئة كان؟ كل هذه الأمور غامضة بالنسبة لنا، ولكنّها لا تتعارض مع يقيننا بما تمَّ، وإذا أردنا أن نتجاوز كل هذه الأمور فإنَّ مشكلة السرعة التي بقيت –لوحدها- تحتاج إلى حل، فإنَّ آخر معطيات العلم المعاصر بدأت تتجاوز هذه المشكلة بعد أو وجدت لها حلولاً مناسبة بالرغم ممّا يؤكّده \"إنشتاين\" في نظريته من أن سرعة الضوء هي أقصى سرعة معروفة اليوم.
إنّ علماء اليوم يؤكدون أن الأمواج الجاذبة لا تحتاج إلى الزمن، وهي تنتقل في آنٍ واحد من طرفٍ من العالم إلى الطرف الآخر منه وهناك احتمال مطروح بالنسبة للحركة المرتبطة بتوسّع الكون (من المعروف أنَّ الكون في حالة اتساع وأنّ النجوم والمنظومات السماوية تبتعد عن بعضها البعض بحركة سريعة) إذ يلاحظ أنَّ الأفلاك والنجوم والمنظومات الفضائية تبتعد عن بعضها البعض وعن مركز الكون إلى أطرافه، بسرعة تتجاوز سرعة الضوء!
إذن، بكلام مُختصر نقول: إنَّ المشكلات الآنفة ليس فيها ما يحول عقلاً دون وقوع المعراج، ودون التصديق به، والمعراج بذلك لا يعتبر من الحالات العقلية، بل بالإمكان تذليل المشكلات المثارة حوله بتوظيف الوسائل والقدرات المناسبة.
وبذلك فالمعراج لا يعتبر أمراً غير ممكن لا من وجهة الأدلة العقلية، ولا من وجهة معطيات وموازين العلوم المعاصرة. وهو بالإضافة إلى ذلك أمرٌ إعجازي خارق للعادة. لذلك، إذا قام الدليل النقلي السليم عليه فينبغي قبوله والإيمان به. انتهى كلام الشيخ دام ظله.( )
فنقول إنَّ السرعة والقدرة اللتان لا يستطيع الإنسان - مهما أوتى من علوم وتكنولوجيا – أن يحددهما، وذلك في الشق الثاني من المعجزة وهو \" الرحلة العلوية \"، أي: الصعود من حيث انتهت الرحلة الأرضية إلى الأعلى في رحلة سماوية اخترق رسول الله' بها طبقات الجو كلها وعبر أرجاء الكون إلى سماء لا ولن يستطيع الإنسان أن يصل إلى تحديد أي شيىء فيها، ولن يعرف عنها أي شيء سوى ما أخبره به القرآن الكريم... فالماديون (قديماً وحديثاً) يقيسون كل شيء بالطول والعرض والعمق، بما لديهم من مقاييس معروفة، ويزنون كل شيء بأثقال ٍمتفقٌ عليها فيما بينهم، فإذا صادفوا غير ذلك في حياتهم، حجما أو وزنا، أنكروه ورفضوه. وهكذا أنكر الماديـون \" معجزة الإسراء والمعراج \" جملةً وتفصيلا، لأنها لا تخضع لقوانينهم وموازينهم... إنتهى.
قبل الختام
وقبل أن نغادر الرحلة نود ُّالقول بأن الذين يستبعدون حدوث الإسراء (ناهيك عن المعراج) عليهم أن يبحثوا في الأحداث السابقة لتاريخ هذه المعجزة، ليقرأوا من مصادر موثوقة (وأقواها بالطبع هو كتاب الله المجيد \" القرآن الكريم \") عددا من الأحداث أو الحوادث كانتقال عرش بلقيس من مملكة سبأ باليمن (جنوب الجزيرة العربية) إلى حيث كان يقيم رسول الله سليمان × في الشام (شرق البحر المتوسط). فتفقَّدَ قدرات من حضر مجلسه (جناً وإنساً) وإمكاناتهم في إتمام هذه المهمة، فقال له عفريتٌ من الجن: أنا آتيك به من اليمن إلى الشام قبل أن تقوم من مقامك. وقال آخر آتاه الله العلم والقدرة من لدنه: أنا آتيك به قبل أن يرتدَّ إليك طرفُك!! وبالفعل، جاء هذا الذي آتاه الله تعالى العلم والقدرة بعرش بلقيس في زمن لم يتعد طرفة عين، ولا يعرف أحد ٌحتى الآن كيف تم تنفيذ هذه المعجزة الخارقة. ومن نافلة القول: إن سليمان بن داود 'كان هو وأبوه نبيّين أنعم الله تعالى عليهما بالنعم الكثيرة، وكان سليمان× يأتي الخوارق كثيرا، ويحمد ُالله تعالى في كل مرة أن سخَّر له الكون وأخضع له الظواهر الطبيعية وخرق النواميس الكونية... 
إن الكون الذي يستطيع الإنسان أن يبصر بعض أطرافه كون فسيح ضخم، بالرغم من أنه بكل ما يحتوي لا يمثل سوى السماء الأولى فقط، فلا نعلم ولا يعلم أحد مهما أوتى من العلم – إلا أن يكونه نبي أو رسول يتلقى الوحي – عن غير هذه السماء شيء، سواء كانت السماء الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو... إلخ. 
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن فكرة الإله الذي يحتل مكانا محددا من الكون فكرة لا تتفق مع العقل الصحيح أو المنطق القويم، بل ربما نعتبر – نحن أهل الكوكب الأرضي – أناسا في سماء أخرى بالنسبة لمخلوقات غيرنا تعيش في كوكب أو مكان لا نعلمه نحن في مجـرتنا أو في مجرة أخرى من مجرات الكون الفسيح...!! إذن فالخالق العظيم، أي: الله الواحد المالك المدبر، له قوة مطلقة ولا يستطيع أحد أن يحدد له سبحانه مكانا أو زمانا، بل هو سبحانه موجود قبل أن يكون هنالك زمان أو مكان... 
جانب من إيحاءات الله وكلماته لرسوله في ليلة المعراج
إنّ النبي ' سأل الله سبحانه: يا ربّ أيّ الأعمال أفضل؟!
فقال تعالى: \"ليس شيء عندي أفضل من التوكّل عليّ والرضا بما قسمت، يا محمّد! وجبت محبّتي للمتحابّين فيّ ووجبت محبّتي للمتعاطفين فيّ ووجبت محبّتي للمتواصلين فيّ، ووجبت محبّتي للمتوكّلين عليّ وليس لمحبّتي علم ولا غاية ولا نهاية\".
وهكذا تبدأ الأحاديث من المحبّة، المحبّة الشاملة والواسعة، وأساساً فإنّ عالم الوجود يدور حول هذا المحور!
وجاء في جانب آخر: \"يا أحمد فاحذر أن تكون مثل الصبي إذا نظر إلى الأخضر والأصفر أحبّه وإذا أعطي شيء من الحلو والحامض اغترّ به، فقال: يا ربّ دُلّني على عمل أتقرّب به إليك قال: اجعل ليلك نهاراً ونهارك ليلاً قال: ربّ كيف ذلك؟ قال: اجعل نومك صلاة وطعامك الجوع.
كما جاء في مكان آخر منه: يا أحمد محبّتي محبّة الفقراء فادن الفقراء وقرّب مجلسهم منك أُدنِكَ وبعّد الأغنياء وبعّد مجلسهم منك فإنّ الفقراء أحبّائي.
 
الإسراء والمعراج في الأدب العربي
 
الشعر والأدب له دوره في تخليد هذه الرحلة وقد كتب الكثير من أهل الشعر والأدب عن هذه الرحلة المباركة إخترنا منها أبياتاً لبعض منهم:
يتساءلون وأنت أطهر هيكل
بالروح أم بالهيكل الإسراءُ
بهما سموت مطهرا وكلاهما
نور وروحانية وبهاء
فضل عليك لذى الجلال ومنةٌ
والله يفعل ما يرى ويشاء
تغشى الغيوب من العوالم كلما
طويت سماء قلدتك سماء
فى كل منطقه حواشى نورها
نون وانت النقطه الزهراء
انت الجمال بها وانت المجتلى
والكف والمراه والحسناء
الله هيا من حظيره قدسه
نزلاً لذاتك لم يُجزه علاء
العرش تحتك سده وقوائم
ومناكب الروح الأمين وطاء
والرسل دون العرش لم يؤذن لهم
حاشا لغيرك موعد ولقاء( )
 
وقال الشاعر محسن عبد ربه:
فقلت إمام الأنبياء محمد
وإسراؤه نجم تألق فى الذرى
ومعراجه شىء يفوق خيالنا
ويغزو قلوب المنكرين مظفراً
فقالوا بحق الله أسعد قلوبنا
وزدنا من الأنوار، قلت مفسراً
لقد أتحف المبعوث خير مطية
ولم يك فى الدرب الطويل منظرا
ويدخل البيت المقدس آمنا
يصلى بكل الأنبياء مؤمرا
فأعظم بمن يسمو إلى عرش ربه
يناجى مليك الكون والحزن أدبرا
فقالوا بماذا قد أتانا بشيرنا
فقلت أتى بالخمس فرضا مطهراً( )
 
وقال الشاعر الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى :
رحلةٌ جندها الملائك والله
اصطفاها والعرش والكرسي
اجتباها ربُّ السماء وجبريل
هو الحادى والبراق المطي
والنبيون خُشَّع ٌوالسماء
إزَّينت والصحراء نور بهي
سدرة المنتهى مداها، وكل
الكون بالحمد والثناء دوي
ومن المسجد الحرام سرى لل
مسجد الأقصى النور طه النبي
ولصوب السماء طار وجبر
يل على ركبه الأمين القوي
قاب قوسين غاية والمُنى
في قلبه والسماء نشر وطي( )
 
وختاماً:
(اللَّهُمَّ إنّا نَسْألُك ونتَوَجَّه ُ إِليْكَ بنبيِّكَ نبيِّ الرَّحمة حبيبكَ ونجيبكَ مُحمَّد صلواتُك عليهِ وعلى آله الطيّبين المنتجبين الَّذي كان كما انتجَبْتَه سيَّد من خلَقْتَه وصَفْوةَ منْ اصطفيتَه وأفضلَ من اجتبيتَه وأكْرَمَ من اعتمدتَه قدَّمتَه على أنْبيائِكْ وبعثتَهُ إلى الثقلين من عبادِكْ وأوطئْتَهُ مشارِقَكَ ومَغارِبَك وسخَّرتَ لهُ البُراق وعرَجْتَ بِهِ إلى سمائِك وأوْدَعْتَه عِلْمَ ما كان وما يكون إلى انْقِضاءِ خلْقِك ثُمَّ نصرتَهُ بالرُّعْب وحفَفْتَهُ بجبرائيل وميكائيل والمسوِّمين من ملائكتك) أن تحشُرَنا في رَكب مُحمدٍ وآلِ مُحمَّد يوم القيامة وأن تُرَينا وَجْهَ نبيِّنا وأن ترزقنا زيارة محمد وآل محمد في الدِّنيا وشفاعتهُم في الآخرة يا سيِّدنا ومولانا يا أبا القاسم يا رسولَ الله يا إمام الرَحْمَة يا وجيهاً عنْدَ الله اشْفَع لنا عنْد الله عزَّ وجل... وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربِّ العالمين.
 
المصادر
 
تفسير الأمثل : لسماحة المرجع الديني المكارم الشيرازي دام ظله.
السيرة النبوية عند أهل البيت ^:
لسماحة العلامة المحقق الشيخ الكوراني دامت بركاته.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين عبيد القريشي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/27



كتابة تعليق لموضوع : الإسراء والمِعْراج رحلةٌ حيَّرت العقول نظرة قرآنية حول عروج سيد الخلق'إلى آفاق الكون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : نورالدين ، في 2017/07/26 .

للآسف لماذا يتعمد الشيخ الكذب على ابن تيمية!!؟؟ ألا يعلم بأن الكذب ذمه الله عزوجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم!! وهذا تصرف شخص ضعيف الحجة والبرهان ولو كنت صادقا لذكرت أين ذكر ابن تيمية ما افتريته عليه حتى يعلم القراء صدقك من كذب!! ألا لعنة الله على الكاذبين




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net