صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

المالكي بين ( قوة الحكم ) و ( حكم القوة )
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نحن نعيش بين مفهومين لبناء الدولة ، فأما ان نبني الدولة على قوة الحكم المستند الى ارادة الشعب والدستور والقانون ، واما ان نبني الدولة على حكم القوة ، الذي يصادر الحريات ، والكرامة الانسانية ،وحكم القوة لا يبنى الا في  ظل نظام دكتاتوري دموي ، وهذا ما عشناه لاربعة عقود في عهد الحكم البعثي الدكتاتوري البغيض في العراق الذي صادر ارادة الشعب وجعلها مرهونة ل (حكم القوة) طيلة فترة سطوته على الحكم ولسنين طويله عاش الشعب العراقي فيها مخنوق الانفاس ، بلا حريات ، ولا كرامه ، فاقدا لابسط مقومات الحياة الحره الكريمه ، والويل لمن يوجه كلمة نقد للسلطه البعثيه اولرأسها المنتفخ والمصاب بداء العظمه ، فالاعدام ، وقطع اللسان، والسجن المؤبد مصيره على اقل تقدير ،ف (حكم القوه) ، والبطش ،والقتل الجماعي، افقد العراق كل امكانات التطور والازدهار، ومواكبةالركب الحضاري للانسانيه حيث حول (حكم القوه) العراق الى سجن كبير ، لا تعلم شعوب العالم ماذا يجري داخل اسوار هذا السجن من قتل جماعي لآلاف الابرياء من الشيعة والكرد في قبور جماعيه او بالاسلحة الكيمياويه مثل ما جرى في حلبجه ،او تهجير لمئات العوائل مثل ما جرى في كركوك والاهوار وتدمير للبيئه حيث حولت الاهوار الى ارض جرداء ، فب (حكم القوه) قتل النظام البعثي بقيادة صدام المقبور الانسان والحيوان والشجر وكلما ازداد صدام في جرائمه كلما ازداد اعلامه تطبيلا ومديحا زائفا ، فخدع الكثير من الناس في الاقطار العربيه بالهالة الزائفة التي خلقها لنفسه ، اما حكومات هذه الشعوب منها من يعلم بجرائم صدام فيغض الطرف وكأن شيئا لم يحدث ومعهم جامعتهم العربيه ولغاية في نفس يعقوب ومن الحكومات العربيه وللاسف الشديد من يطبل مع صدام في خلق البطولات له وتصويره كبطل قومي ، لمصالح سياسيه او اقتصاديه خاصه او كون هذه الحكومات تستخدم صدام كمخلب لها في تحقيق بعض مآربها ، وبعد سقوط النظام البعثي الصدامي في 9ـ4ـ 2010  خلًف هذا النظام الشمولي ثقافة لا انسانيه تقوم على مبدأ القوه عند شريحه واسعه من المستفيدين من هذه الثقافه المنحرفه فذهبت طائفة من هذه الزمر التي نشأت على هذا التثقيف الى اسلوب الارهاب كنتيجه لشعورها بضياع امتيازاتها وحقدها على الشرائح الكبيره والواسعه من الشعب العراقي والتي كانت ضحية النظام البعثي ،اذ وفرت هذه الزمر البعثية  الملاذ الآمن للمجموعات التكفيريه الضالة القادمه من خارج الحدود لتمارس دورها متحالفة مع هذه الزمر في القتل والتخريب ومحاولة تعويق العمليه السياسيه المتقدمه الى امام والتي تكللت بآخر عمليه انتخابيه ناجحه قام بها الشعب العراقي في  7 _ 3_ 2010 بشكل مكثف وواسع من شماله الى جنوبه وبمختلف اطيافه وهناك من العناصر المتخندقه والمتمترسه مع ما يسمى ب ( المقاومه ) وجدت نفسها مضطرة ومحرجه امام الجماهير التي تعيش في وسطها ان  تدخل في العمليه السياسيه عن طريق الانتخابات التي اختارها الشعب العراقي كخيار لتحقيق الحريه والديمقراطيه والاستقلال ، فدخلت في مضمار العمليه السياسيه السلميه وهي تأمل ان تقلب الموازين لصالح القوى المعاديه للوضع السياسي الجديد في العراق ، لكن بعد اعلان النتائج الاوليه للعمليه الانتخابيه من قبل المفوضيه المستقله للانتخابات ، صعقت هذه المجموعات المفلسه لانها وجدت نفسها خارج الاستحقاق الانتخابي او انها لم تحصل على النتائج التي تمكنها من التحكم في القرار السياسي رغم التزوير الكبير الذي حصل لصالح هذه المجموعات وبضوء اخضر من الامريكان ، وهذه نتيجه لا تفهمها هذه المجموعات لانها لا تفهم غير ( منطق القوة ) كونها نمت وترعرت في اجوائها ، فمنطق القوة عندهم هو الشرعيه ، ولا شرعية غيره وسيدهم الذي يحكم وفق شرعية ( حكم القوه ) هو حر التصرف بشعبه يذهب به يمينا او شمالا او يدفن حيا في مقابر جماعيه او يبيد مدنا بكامل سكانها بالكيمياوي كما حصل في حلبجه التي نعيش ذكراها الاليمه في( 16 آذار) من كل عام ، فلا احد يستطيع ان يحاسبه او يلومه فهو حر التصرف وفق مبدأ ( حكم القوه ) الذي شيع نعشه الشعب العراقي في مسيراته المليونيه الانتخابيه في ( 7 آذار) ،فكان اعلان قيام التحالف الوطني ضربة اذهلت اعداء العملية السياسية ، فكانت مفاجئة كبرى لانصار مبدأ ( حكم القوة ) مما دفعهم الى هذا الضجيج والتشويش والاشاعات اثناء العمليه الانتخابيه وبعدها ولا زالوا الى يومنا هذا يقومون بهذا الدور غير الشريف، وعلينا ان لا نستهين بدعوات هؤلاء كونهم مدعومين من قوى اقليميه ودولية وكان الشعب يخشى من هؤلاء اثناء العملية الانتخابية ان يلعبوا لعبتهم لتزييف ارادته ، علما ان بعض هذه المجوعات تعمل بالتوافق مع المصالح الاقليمية المتوافقة مع المصالح الامريكية   ، لكن على هؤلاء ان يفهموا ان ليس بأمكانهم اعادة عجلة التقدم الى الخلف ، اذ لا يمكن للشعب الذي ذاق طعم الحريه ان يعود الى عهود الظلام والاستبداد ليدخل من جديد في السجن الكبير الذي تدعو اليه هذه الفئات الخائبه ومشكلة هؤلاء انهم لا يحسنون شيئا سوى لغة التهديد والوعيد وسفك الدماء والعنف فهو سلاحهم الوحيد كونهم مشبعين بثقافتهم اللا أنسانيه هذه فاخذوا يخلقون جوا من التشويش بغية التأثير في نتائج الانتخابات ، خاصة في نتائج انتخابات قائمة دولة القانون ، لانهم عرفوا مقدار الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها رئيس القائمة ( المالكي )الذي رفع شعار ( قوة الحكم ) لا ( حكم القوة) ، وبعد ان كادوا كيدهم وبذلوا جهدهم وخيل لهم انهم انتصروا على مظلومي الشعب العراقي ،الا انهم صعقوا بقرار المحكمة الاتحادية المفسر للمادة 76 من الدستور الذي جاء لصالح الكتلة الاكبر في البرلمان ،  فهؤلاء لا يستطيعون استيعاب تجربة العراق الجديد الذي يسعى لتأسيس مبادئ الحريه والديمقراطيه واحترام ارادة  الشعب  ، وصعقوا ايضا لما شاهدوا التأييد الواسع للمالكي ولقائمته دولة القانون الذي طرح برنامجه لتأسيس دولة ( قوة الحكم ) المستند الى قوة الشعب والقانون ، واخذ يؤسس لهذا المبدأ ، رغم الصعوبات والمعوقات التي وقفت عائقا لتحقيق هذا الهدف ،وقد وقف المتضررون من قوة الحكم بوجه المالكي تحت عناوين ومبررات كثيرة ، لغرض ابعاده عن جماهيره ، لكن صبر وصمود المالكي ورجال العراق الاوفياء لشعبهم معه ،والتأييد الشعبي الواسع له ولقائمته ، هو الذي افشل كل دعوات ابعاد المالكي ،ومنذ ترأس المالكي للحكومة ولغاية هذا اليوم والمالكي يعاني من معوقات كثيرة ، منها انه يعاني من بعض افراد الحكومة الذين يقومون بدور مزدوج ، حيث يؤدون دور الحاكم ودور المعارض وهذا ما لا يجوز وغير موجود في أي دولة ديمقراطية في العالم ، ومن المعاناة  مايزرع من معوقات لترشيح الوزراء الامنيين ،اضافة الى الترهل الكبير في الحكومة بسبب فرض نظام المحاصصة وتطلع جميع الفائزين في الانتخابات للمشاركة في الحكومة وليتهم يشاركون ويعتبرون انفسهم جزءا منها ويتركوا دور المعارضة لكنهم معارضون ومشاركون في نفس الوقت وهذا تناقض كبير وعدم صفاء للنوايا ،ومن المعوقات ايضا ما توجد داخل التحالف الوطني ولو من اطراف قليلة الا انها ثلمة في جدار التحالف الوطني ، رغم علم هذه الاقلية ان اعداء العملية السياسية في العراق ، هدفهم الكبير هو تغيير المعادلة السياسية الجديدة لصالح الاطراف المدعومة من دول الاقليم الطائفية ،وازاء كل هذا التداخل في المشاكل والمعوقات ، يبقى املنا كبير في شعبنا الواعي بما يحيط به من مخاطر ومؤامرات بأنه سيفشل هذه المحاولات وتنتصر ارادته بعونه تعالى ، فألف تحية الى شعبنا الذي دفن والى الابد ( حكم القوة ) من خلال صناديق الاقتراع التي جاءت نتائجها صفعة قوية لاعداء العراق وليسعد شعبنا بدولة القانون دولة الحريه والديمقراطيه واحترام حقوق الانسان . دولة (قوة الحكم ) لا (حكم القوة ).
 
  علي جابر الفتلاوي
A_fatlawy@ yahoo.com 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/16



كتابة تعليق لموضوع : المالكي بين ( قوة الحكم ) و ( حكم القوة )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net