رسائل زيارة الوكيل العام للسيد السيستاني إلى لبنان
هاشم مرادخان

  زيارة تاريخية هي التي يقوم بها الوكيل العام لسماحة المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني “دام ظله”، حجة الاسلام والمسلمين السيد جواد الشهرستاني الى لبنان، فقد كشفت عن جانب من المكانة المرموقة التي تتمتع بها المرجعية العليا في النجف الاشرف، لدى المسلمين شيعة وسنة ومسيحيين ودروز وباقي مكونات الشعب اللبناني.

ان الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها السيد الشهرستاني والوفد المرافق له، في هذه الزيارة، اينما حلوا وارتحلوا، تؤكد ان صوت العقل والاعتدال والتسامح الذي تجسده مرجعية السيد السيستاني، هو الصوت الذي يتناغم مع الفطرة الانسانية ومع الحاجة الماسة التي يستشعرها الانسان العربي، بغض النظر عن انتمائه الديني والمذهبي والقومي.
الترحيب الحار لوفد المرجعية العليا، من قبل النخب الدينية والسياسية والاجتماعية خلال الزيارة المرجعية، كان بمثابة تقديم الشكر لمرجعية السيد السيستاني التي تعتبر الصوت الاسلامي الاعلى الداعي للوحدة ونبذ الطائفية والتعصب بين مختلف الطوائف الاسلامية.
رغم ان الزيارة مازالت متواصلة، ورغم انها حافلة باللقاءات المباركة بين علماء الامة ونخبها، الا ان بعض المحطات استوقفتني اكثر من غيرها في هذه الزيارة ، ومنها زيارة الوفد لدار الفتوى في بيروت ولقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، بحضور مدراء المرافق في دار الفتوى وعدد من علماء الدين من الشيعة والسنة ، حيث خاطب المفتي دريان الوفد قائلا :نحن مسرورون بأن نلتقي سنة وشيعة على نهج محمد “ص”، ولفت الى ان اعداء الاسلام يحاولون احداث فتنة مذهبية بين السنة والشيعة، مؤكدا انه لن تكون هناك فتنة ابدا لأن كتابنا واحد وديننا واحد.
ومن هذه المحطات الكلمة التي القاها نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة آية الله عبد الأمير قبلان في حفل العشاء الذي اقيم على شرف السيد الشهرستاني في قاعة الوحدة الوطنية في مقر المجلس ، والتي القاها المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان ، حيث اشار فيها الى حكمة وحنكة ودراية وزهد وتقوى السيد السيستاني ، وقال مخاطبا سماحته: كما تعلمون فان المنطقة تشهد فتنة جبارة والسياسة فيها حولتها الى فتنة دين ومذاهب، والدم كاد يحجب عظمة الكلمة، واللاعبون بالدم الحرام فراعنة، وحين يقع السيف يصبح الناس حزبين وسط تحريض على القتل والابادة لمشاريع تخدم اعداء هذه الامة وتبدد بقية وحدتها، وليس اكبر من الدم الى الكلمة، وهو مآل مرجعيتنا التي بها نعتصم، لان الامور تبدو احيانا اسوأ من ظروف المسلمين الاوائل، وليس الامر حكرا على سوريا او العراق او اليمن فما يجري في ليبيا او مصر اساسه واحد وعلته ظاهرة. لذا فان كثيرا من الفتن يمكن منعها عبر اعادة بناء الكلمة ووصل ما قطع، وترجمة فعل المرجعية دليلا للالفة والصون، واعادة تظهير الكفر والايمان منعا لمن يكفّر على الفرع والمظنة، لان الالفة دين الله واظهار الحجة شرعه ،ومن يحفظ بغداد يحفظ دمشق، ومن يخاطب الازهر قادر على مخاطبة مكة، فمزيدا من وصل الاخر، لان الدين يجتمع بالالفة، والدماء تصان بالمحبة، والمؤمن يحفظ بتتبع شؤونه، والنجف كقم، وصل النبوة ووراثة الامامة، وهما الاقدر على وصل الازهر ومكة وباقي مجمعات اهل الاسلام، لانه عار على المسلمين ان يهجروا ارض الاسلام نحو الغرب ليجدوا ملاذا من فتنة اهل الاسلام.
وخلص الى القول “بارك الله بكم في بلدكم بلد المقاومة والطاعة للمرجعية، والثبات على هدى الشرع وحفظ الوطن، لان حب الوطن من الدين، نرجو من الله ان يخمد بكم الفتن وان يوطد الفة المسلمين وان يعيد السلام الى ربوع العراق واليمن وسوريا وليبيا ومصر وغيرها من بلاد الاسلام وان يمد بعمر السيد المفدّى، وان يسدده لرعاية امتنا وان يثبتنا على الطاعة والانقياد لان اعظم ما نفاخر به يوم القيامة طاعتنا للمرجعية الرشيدة ونزولنا على عقل امرتها وثباتنا رغم الفتن وبذلنا للارواح في سبيل سلطانها وتلك اعظم الحجج التي نلقى بها الله.
 وحضر الحفل الخوري عبدو ابو كسم ممثلا الكاردينال بشارة الراعي ، والمفتي سليم سوسان ممثلا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشيخ عقل الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، والشيخ احمد عاصي ممثلا رئيس المجلس العلوي الشيخ اسد عاصي، والمطران كيغام خاتشريان ممثلا البطريرك ارام الاول كشيكشيان،و ممثل رئيس الطائفة الاشورية المتروبوليت مارميليس زيا الاسقف يطرون كليانا، والمعاون البطريركي للارمن الكاثوليك المطران جورج اسادوريان ممثلاً البطريرك كريكور بيدروس العشرين ، والمطران شمعون ممثلا البطريرك يوحنا العاشر اليازجي، وممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي العميد فؤاد الهادي.
كما التقى السيد الشهرستاني والوفد المرافق له بالوكيل الشرعي العام لقائد الثورة الاسلامية سماحة السيد علي الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك ، الذي ألقى كلمة رحب فيها بالسيد الشهرستاني، جاء فيها: “وصلت البركة في أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة، فكيف بأول جمعة من شهر رجب، ويسعدنا أن نستقبل ممثل المرجع السيد السيستاني الذي يأتي بألطافه إلى لبنان، ليشارك اللبنانيين في ما هم فيه وعلى أمل إن شاء الله أن تتوحد الكلمة بين المسلمين جميعا .. نحن على أثر سماحته الذي يدعو دائما في بياناته، إلى الوحدة الإسلامية والوطنية، ونحن نلتزم بهذه التوجيهات لأن الأمة ستنتصر بوحدتها.
من اللقاءات المهمة لوفد المرجعية كان اللقاء الذي جمعه بالامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله ، حيث تم استعراض مجمل الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة وآخر التطورات الحاصلة على الصعيد الديني . كذلك الزيارة التي قام بها السيد الشهرستاني لمعلم مليتا السياحي في جنوب لبنان حيث كان في استقباله النائب محمد رعد ممثلا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ونائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق الذي شرح له اهداف المعلم وتفاصيله وبطولات المقاومين ضد العدو الاسرائيلي في تلك المنطقة . كذلك جولته في بلدة قانا حيث قرأ الفاتحة لشهدائها والتي تصادف الذكرى العشرون على ارتكاب مجزرتها من قبل العدو الصهيوني، حيث كان في استقبالهم نواب وفعاليات المنطقة ووضع اكليلا من الورد على اضرحة الشهداء ، كما زار السيد الشهرستاني مؤسسات الامام الصدر في مدينة صور حيث كان في استقبالهم رئيسة المؤسسات السيدة رباب الصدر شقيقة الإمام المغيب السيد موسى الصدر بحضور الهيئة الادارية العليا للمؤسسة.
من المحطات المهمة لزيارة السيد الشهرستاني الى لبنان هي محطة زيارة البيت التراثي التابع للنادي الحسيني ولقائه بامام مدينة النبطية حسين صادق ، الذي القى كلمة اكد فيها ان البيت الحسيني يرى نفسه ملتحما مع مؤسسسات المرجعية المنتشرة في اكثر من دولة اسلامية وعالمية التي تعمل بجد وفاعلية لترميم صورة الاسلام السمحة التي عبثت بها ايادي الشر بخبث ووظفتها بسوء لتقسيم بلادنا وتفتيت شعوبنا وهدم حضارتنا وطمس امجادنا، وان عواصمنا الدينية في النجف الاشرف والازهر الشريف وقم المقدسة مدعوة لانشاء مؤسسات خدماتية ومراكز ثقافية مشتركة في شتى البلدان تترجم ارادة التلاقي وتبقى من ناحية ثانية على تماس وتفاعل مع الناس وذوي الحاجة لنرفع عنهم العوز والحرمان الذي هو واحد من اسباب التطرف.
في المقابل القى السيد الشهرستاني كلمة قيمة وفي غاية الاهمية  ألقاها بالنيابة عنه الشيخ ابراهيم النصيراوي ، حيث جاء فيها “نلتقي اليوم في النبطية ، حاضرة جبل عامل ، اجتمعنا تحت خيمة المرجعية العليا التي يمثلها ويجسدها الامام السيد السيستاني الرجل الذي حفظ لهذ الموقع عزه ومكانته التي هي امتداد لخط الائمة والانبياء(ع) ، الامام السيستاني الذي يدعو للجميع بالتوفيق والتسديد ويتابع الامور رغم كثرة مسؤولياته واعماله الكثيرة المتعددة فهو يرعى الحوزات العملية في العالم الاسلامي بل وحتى في غير العالم الاسلامي ،وعلى سبيل المثال في مدينة قم المقدسة اكثر من 80 الف طالب عالم وفي مدينة مشهد اكثر من 14 الف طالب عالم وفي النجف الاشرف اكثر من 12 الف طالب علم اضافة الى مدن اخرى كثيرة وفي لبنان وفي غيره، فالامام السيستاني يرعى هذه المؤسسات اضافة الى المؤسسات والمراكز الدينية المنتشرة في كل ارجاء العالمين العربي والاسلامي وفي استراليا واميركا واوروبا، والامام السيستاني الذي يفكر بالايتام ويرعاهم رعاية ابوية كريمة وهناك مئات الالاف من الايتام يقدم لهم الدعم والرعاية ، اضافة الى كل هذه المسؤوليات الجسام فهو على دراية كاملة بكل ما يجري ومطلع على الاحداث لحظة بلحظة واول بأول وهو كان يعالج كل الامور بحكمة وابوة واهتمام ، لم يمل الى طائفة لانه محسوب عليها بل كان همه ان يعيش الناس بأمان وسلام واطمئنان ومحبة ، المسلم الى جانب الى غير المسلم ، الشيعي الى جانب اخيه السني بل عودنا ان لا نقول ان السنة عم اخواننا بل هم انفسنا ، انه جسد هذه القيم التي جاء بها انبياء والائمة والاديان السماوية ، على ارض الواقع وكل من زاره ودخل عليه يرى فيه النبل ويجد فيه الحكمة والابوة والتواضع والذي هو مدرسة لنا جميعا وعلينا ان نقرأه قراءة دقيقة ، كما علمنا على صفات كثيرة منها الاخلاص لله في كل عمل نريد عمله ، واوصانا بالاخلاص وطبقه في كل جزئياته.
كل المراقبين لتفاصيل زيارة السيد الشهرستاني الى لبنان والذي رافقه فيها مدير مكتب السيد السيستاني في بيروت حامد الخفاف وعلماء دين ، متفقين على انها زيارة حملت العديد من الرسائل الى السنة والشيعة والمسيحيين والدروز والعلويين وجميع مكونات الشعب اللبناني ، الا انها تتطابق في فحواها ، فهي تدعو الى السلام والوئام والخير والصلاح بين ابناء الامة ، مهما اختلفت انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية ، فهي زيارة تفوح منها عطر المعاني السامية لرؤية السيد السيستاني الى الاسلام والانسان والحياة ، فهذه الرؤية لا ترى من عدو للمسلمين والعرب الا الصهاينة الغاصبين لاقدس مقدسات العرب والمسلمين ، كما لا ترى هذه الرؤية من وسيلة يمكن ان تكون طوق نجاة للعرب والمسلمين ،  الا الوحدة والتسامح ونبذ الطائفية والتطرف.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هاشم مرادخان

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/18



كتابة تعليق لموضوع : رسائل زيارة الوكيل العام للسيد السيستاني إلى لبنان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net