صفحة الكاتب : رعد موسى الدخيلي

الأحزاب السياسية و الطائفية و القومية جين وراثي ، وصل إلينا من أخينا (قابيل) !!!
رعد موسى الدخيلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 عندما أنزل الله تعالى أبانا آدم (ع) على هذا الكوكب ، أنزل فيه النفس البشرية التي ألهمها فجورها وتقواها ، فأنجبت من أمنا حوّاء(ع) أخوينا (قابيلَ) و (هابيلَ) .
شاءت الأقدار الوراثية أن يحمل أخونا (قابيلُ) جينَ الفجور ، وأن يحملَ أخونا (هابيلُ) جين التقوى التي ماتت بموته ، وبقي الفجور وحده يحكم الأرض ، حتى أنزلَ اللهُ الرُّسُلَ و الأنبياءَ ليعلموا الناس التقوى .
وتبقى النفس البشرية تحنُّ إلى أبيها البشري الأوّل ، فهي تتعلق بكلِّ أبٍ روحيٍّ يذكِّرُها بصفات الوراثة الآدمية التي بقيت في نفس (آدم) من نعيم الجنّة .
لقد حمل الرُّسُلُ والأنبياءُ والأوصياءُ لنا رسالة السماء الإلهية كي تعيد لأنفسنا (القابيلية) ما تبدد من صفات وراثية تحللت في رمسها (الهابيلي) المقدّس .
ومنذ أن بعث اللهُ أوَّلَ رقمٍ من أرقام الأنبياء(ع) حتى اليوم ، والبشرية بظنِّها أنها تتلقى دروسَ الوعي التقيِّ ، لأجل تهذيب الفجور البشري الذي أورث للأجيال هذا التزاحم من الآراء و الأفكار والعقائد التي ملأت العقول والفصول ، وناءَ بحملها التاريخ ، دون أن تحقق أدنى نسبة من نسب الفضيلة المنزّلة علينا من السَّماء .
فانتشرت الفلسفات الوجودية والميتافيزيقية ؛ كلٌّ تدّعي وصلاً بالتقوى .. التي تفسرها كلُّ فلسفة بتفسيراتها العقلية والنقلية ، ما جعل الإنسانَ متحيّراً إزاء هذا الكم الهائل من النظريات التي دوّخت الدنيا وشككت العقول ، حتى أدى هذا الإرباك الفلسفي إلى تعددية المعالجات و الأساليب والوسائل التي تسعى كلُّها لأجل تحقيق طموح فلسفتها في النظرة الشاملة للكون والحياة .
فكانت العقائد الدنيوية التي بقيت تدور في فلك الوجودية ، وكانت العقائد التي بقيت تدور في فلك المثالية .. وأنتجت كلُّ عقيدةٍ برنامجاً لعملها السياسي في تنظيم الجماهير المؤيدة .. غيبياً كان أم تجريبياً ، لأجل تولي مهام السلطة هنا أو هناك ، وهذا ما تسبب في البحث عن الأرض الخصبة للتطبيق و القاعدة الجماهيرية الأوسع لتحقيق الذات الصحيحة أو الذات المريضة ، وهي تفرض فلسفتها على فلسفات البشر الآخرين وتهمشها ، لدرجة الإستحواذ والتوسع وفرض الكيانات الموالية على حساب كيانات الآخر المختلف ، بشتى الوسائل التي تقتضيها الحال ، بديماغوجية القهر أو بقناعات الترغيب.
فذهبت الكنيسة بإسم الفلسفة الدينية إلى القمع والقصل ومصادرة الآراء التي تفتقت بها عقول العلماء ما تسببت في كراهية الدين لدى الغرب ، والذي وصلت آثاره الجانبية إلى شرق العالم الباحث عن المدنية الجديدة ، وما وظّفته القومياتُ بإسمهِ في الشرقِ لأجل تحقيق النفوذ المتمدد من الأناضول أو بلاد فارس ، وما ذهبت إليه الفلسفة الوجودية في نشر الأفكار والأحزاب الماركسية والإشتراكية التي غزت العقل الغربي والعربي .. المؤمنين والملحدين ، وماسعت إليه الحركات التبشيرية في تحطيم المجتمع المسلم بإسم المصالح والتوسعات الإستعمارية لكي لا يولدَ عربٌ جددٌ يسقطون حضاراتهم كما أسقطوها أوّل مرّة ، وما سعت إليه الصهيونية العالمية في تحطيم المسيحية والإسلام معاً لأجل فرض سيطرتها على العالم بالوسائل الإقتصادية من خلال السيطرة على مصادر الذهب والتحكم بقيمته بين الشعوب ، فربطت إقتصادها النقدي والمالي بمعيار هذا العنصر الأصفر النفيس ، مما جعلت العملة الصعبة تستند عليه إستناداً وثيقاً دون منافس في كلِّ البنوك والمصارف والتداولات التجارية.  
حتى إذا ما ظهر المعدن الأسود في الشرق بغزارته المعروفة ، سارعت إلى ربطه بالقيمة النقدية المستندة على المعدن الأصفر ، مع مالا فائدة نافعة للذهب سوى أنه معدنٌ نادرٌ لا تعتريه التعرية الطبيعية على مر السنين ، في الوقت الذي تجاهلت الأهمية الإقتصادية للمعدن الأسود في تدوير مكائن الإنتاج وتحريك الثورة الصناعية التي سيطروا هم عليها بمادة البترول العربي و الإسلامي في هذا الشرق المعتمد على صناعاتهم وتقنياتهم عبر قرون .
ولم يكتفِ الغربُ عن غزونا واستعمارنا ، بل تمادى في ذلك لدرجة توظيف (لورنسات) عربية وإسلامية تتحكم في مصائر شعوبنا بإرادتهم .. مرة بإسم القومية ، ومرّة بإسم الدين .
حتى إذا ما أستهلك الأسيادُ مشروعاً إستجدوا مشروعاً آخر .
لقد شجَّعَ الغربُ على نشر الثقافة القومية العربية في منطقتنا ، التي جاءت متزامنة ً مع إحتلال فلسطين ، كي يوجدوا محورَ نضالٍ عربيٍّ نسعى إلى تحريره بإسم الروح القومية العربية ، و ما هي إلاّ حقبٍ من السنين حتى افتعلوا لنا أزمة الطائفية التي كانوا قد هيّأوا لها منذ قرون .. من خلال نشر الفكر الوهابي المتطرِّف .. بأدواته العربية في منطقتنا بشرق العالم ، مستفيدة ً من أممية الإسلام ، فاتخذوا من أفغانستان قاعدة مسلحة لهذا البرنامج الدموي التخريبي الخطير .
ومن هنا أُسقِطتِ القوميةُ العربيةُ كوسيلةٍ من وسائل ميكافيلية الغرب ، لتبدلها بالطائفية المقيتة التي أطلقت شرارتها الأولى في عراق ما بعد التغيير عام 2003 حتى يومنا هذا .
وهكذا ظلّتِ الشعوبُ دائخة ً متحيّرة ً بما ألَمََّ بها من تناقضات و تصارعات أدت إلى التناحر والتضاد الذي أوصلها إلى أنْ تتوارث جينَ أخيها (قابيل) لا جينَ أخيها (هابيل) بعمليةِ تلقيحٍ اصطناعيٍّ غربيِّ المختبرات عربيِّ الأدوات ... والله من وراء القصد ؛؛؛  
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رعد موسى الدخيلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/17



كتابة تعليق لموضوع : الأحزاب السياسية و الطائفية و القومية جين وراثي ، وصل إلينا من أخينا (قابيل) !!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net