صفحة الكاتب : صالح الطائي

كلام مختصر في أول غيث التغيير
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كثيرون هم الذين انساقوا وراء الشعارات التي طرحها النواب المعتصمون، بعد أن رأوا فيها بارقة أمل في القضاء على المحاصصة والطائفية السياسية؛ التي نخرت البلاد وفرقت العباد، دون أن يلتفتوا إلى أن المحاصصة والطائفية أمران قامت عليهما هيكلية السياسة العراقية المعاصرة وفق التخطيط الأمريكي، الذي ورث قاعدة (جلد الثور) البريطانية القديمة، أو ما يعرف بسياسة (موطئ قدم) في المفهوم السياسي المعاصر، وهو أن يبقي المحتل لنفسه موطئ قدم في البلاد التي يريد مغادرتها ظاهرا،  يسمح له بالتحرك السريع للتأثير على القرارات وتوجيهها إلى مصلحته، أو مع ما يتوافق مع رؤاه، وفي مثل هذه الحال لا يمكن أبدا التخلص منهما بمجرد رفع الشعارات، لأنهما أكبر من الشعارات ومن مطلقيها. بل إن الوضع المأزوم للبلاد؛ التي تقف على حافة الانهيار لا يسمح بتجاوز هذه القاعدة الغبية، وهذا يعني أن هذين الشعارين يحتاجان إلى ثورة حقيقية عقائدية تقتلعهما من الجذور، وتعيد بناء المنظومة القانونية والدستورية والسياسية بشكل جديد، وهذا ما لا يمكن تحقيقه على يد الوجوه السياسية المستهلكة؛ التي فشلت في إدارة البلاد على مدى ثلاثة عشر عاما مفصلية.

وسرعان ما بانت ملامح الصورة القديمة، وجاءت التأكيدات على ما نعتقد ونوقن به من خلال ما حدث بعد الاعتصام مباشرة، وفي الجلسة الأولى للمجلس التي نظمها المعتصمون، فبعد أن نجح المعتصمون في جلستهم تلك بالتصويت على إقالة رئيس البرلمان الدكتور سليم الجبوري؛ وهو من المكون السني، وقد رشح لمنصبه وفق ما عرف في حينه باسم (حصة الاستحقاق النيابي)، تم اختيار (رئيس السن) للبرلمان بدعوة من النائب المعتصم حاكم الزاملي وفق قاعدة السن المعروفة، وقد حرص المعتصمون على أن يكون رئيس السن من المكون السني تحديدا في ترسيخ ثابت لسياسة المحاصصة.

ثم لما تم التصويت على إقالة نائبي رئيس البرلمان، بدأت القوائم الشيعية الكبرى بالتقاتل فيما بينها للاستحواذ على منصب النائب الأول، الذي كان وفق قاعدة المحاصصة القديمة من استحقاق (المكون الشيعي) تحديدا.

وبالتالي يتضح بما لا يقبل الشك أن التغيير في العراق يكاد يكون في غاية الصعوبة لأن النظام الانتخابي القائم لا يعطي للنائب المفرد من القوة ما يمكن معه ومن خلاله أن يفرض رأيا أو يتخذ موقفا مخالفا لرأي أغلبية قائمته.

وأنا هنا لا أريد الاستعجال بالحكم على هذا الحراك بالفشل، فالأيام حبلى بالمفاجئات، وما يمكن أن يحدث في الأيام القليلة القادمة لا يعلمه إلا الله تعالى، وأمريكا، ودول الجوار ذات المصلحة بما يحدث، وكبار رجال السياسة العراقيين، ولا ننسى دور الإقليم المتمرد؛ الذي يشترك مع رؤساء الكتل النيابية والأحزاب في سياسة (لو ألعب، لو أخرب الملعب)، وكأن الملعب لم يخرب إلى الآن بفعل لعبهم وضحكهم على الذقون. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/15



كتابة تعليق لموضوع : كلام مختصر في أول غيث التغيير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net