صفحة الكاتب : نزار حيدر

فَشَلْان..أَحْلْاهُمْا مُرٌّ
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   فالدّولة، أَيّة دولة، تعتمد على سلطتَين أساسيّتَين، هما التشريعيّة والتنفيذيّة، امّا الثّالثة، القضائيّة، فهي تحصيل حاصل.
   أولاً؛ لنبدأ من السّلطة التنفيذيّة، الحكومة، التي يجري الآن الحديث عن إصلاحها.
   ١/ كلّنا نعرف فان إصلاحها لا يتحقق بتغيير الكابينة فقط، فمهما كان الفريق الحكومي الجديد يتميّز بالمواصفات الدّولية المعمول بها في العالم الناجح الا انّهُ لا يستطيع تحقيق إصلاح ما أفسده السياسيّون على مدى الفترة الزّمنية الطويلة المنصرمة.
   واذا اخذنا بنظرِ الاعتبار ان الكابينة الجديدة ستعمل بنفس الأجواء الفاسدة والمسمومة التي لا زالت تخلقها الأحزاب الحاكمة وتسيطر وتعتاش عليها، فسنعرف مدى صعوبة مهمّة الكابينة الجديدة في قيادة البلد نحو الأفضل.
   كلّ هذا في حال مرّر مجلس النواب كابينة (الظّرف المختوم) التي قدّمها لهُ رئيس مجلس الوزراء في الأسبوع الماضي، امّا اذا اصرّت الأحزاب والكُتل على فرض مرشّحيها في الكابينة الجديدة وعدم تنازلها عمّا تسمّيه باستحقاقاتها الانتخابية، وظلت تهدّد بقلب الطّاولة على رئيس الحكومة اذا لم يخضع لشروطِها ويقبل بمرشّحيها، كما يجري الحديث الان خلفَ الكواليس، فإنّنا سنعود الى المربّع الاول تتحكّم الأحزاب والكُتل ورؤساءها بالفساد والفشل وبمصير البلاد والعباد الى الوقتِ المعلوم!.
   ٢/ امّا اذا نجحَ رئيس الحكومة في اختيار وتشكيل الكابينة التي سيقول عنها، وبالفم المليان، انّهُا فريقهُ الذي اختاره بنفسهِ وبالتّشاور مع الكتل النيابيّة من دون فرضٍ او اكراهٍ او تهديدٍ، عندها سنخطو الخطوة الاولى باتّجاه الاصلاح حتى اذا كانت خطوة صغيرة فالحكمة تقول [أَنْ تسيرَ في الاتّجاه الصّحيح ببطءْ كالسُّلحفاة خَيْرٌ لَكَ من ان تركُض كالغزالِ في الاتّجاه الخطأ] فلقد ظلّت الأحزاب المشاركة في العمليّة السّياسية طوال الفترة الماضية تركض في الاتّجاه الخطأ وشعار كبيرهُم (بعد ما نِنطيها) بعد ان وظّف كلّ المقدّسات، ولا يزال، في صراعاتهِ مع الجميع، وفي صراعهِ على السّلطة تحديداً، فأنشغل بها حتى تمدّدت فُقاعة الارهابيّين لتحتلّ نصف العراق الذي يُعاني الان من افلاسٍ خطيرٍ بسبب الفساد المالي والاداري الكبير الذي ظلّ يتستَّر عليه لتحقيق مصالحهِ الشّخصيّة والأُسريَّة والحزبيّة الضّيّقة!.
   ثانياً؛ امّا بالنسبة لاصلاحِ السّلطة التشريعيّة، مجلس النوّاب، والذي يُعتبر في النظم البرلمانيّة كحالة العراق الآن، القلب في جسد العمليّة السّياسية برمّتها، فلهُ يعود التّشريع والرّقابة وتسمية كلّ المسؤولين في الدّولة بدءً برئيس الجمهورية وانتهاءً بكل ّالدّرجات الخاصّة والهيئات المستقلّة وكذلك درجات السّلطة القضائيّة مروراً بالحكومة ورئيسها والوزراء والوكلاء والمفتّشين وغير ذلك.
   لذلك فانّ الاصلاح الحقيقي والجوهري لكلّ العمليّة السّياسية وأسس بناء الدّولة، بما فيها الإصلاحات الدّستورية، يعتمد على إصلاح مجلس النوّاب حصراً، ولا يُمكن تحقيق ذلك الا بتغيير قانون الانتخابات حصراً، فالقانون الحالي يكرّر إنتاج السياسييّن الموجودين وكلّ الوجوه المحروقة والكالحة التي لم تجلب الخيرَ للعراق على حدّ وصف الخطاب المرجعي لها، في كلّ عمليّة انتخابية جديدة، ويحلم من ينتظر إصلاح البرلمان من خلال صندوق الاقتراع اذا ظلَّ قانون الانتخابات كما هو عليه الان بلا تغيير، فهو مفصَّلٌ عليهم فقط يستنسخهم في كلّ مرّة.
   وكما اسلفتُ قبلَ قليل، فحتّى الإصلاحات الدستوريّة تتحقّق في البرلمان، اذا تحقّقت عمليّة إصلاح مجلس النوّاب، ليلغي دور زعيم الكتلة النيابيّة كراعٍ يهشّ على غنمهِ في حضيرةٍ او مرعى.
   لنطلق إذن من الآن حملةً وطنيةً واسعةً وشاملةً وشديدةً للضّغط على مجلس النوّاب لتغيير قانون الانتخابات بما يحقّق؛
   الف؛ مبدأ [صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ] الامر الذي يُنهي سطوة زعماء الكتل الكبيرة على الدّولة والمشهد السّياسي برمّته.
   كما انّهُ يفسح المجال للكفاءات الوطنيّة المستقلّة، التي حاصرتها الاحزاب الفاسدة طوال الفترة المنصرمة، لحجز مقاعدها تحت قبّة البرلمان بصوت الناخب وثقته فقط وبرصيدها الشّخصي، وهناك يشكّلون كتلاً برلمانيّة جديدة، قد يتناصفون المقاعد مع الاحزاب بما يمكّنهم من تحقيق نوعٍ من التّوازن الذي ينشّط ويفعّل الدّور الرّقابي للبرلمان.
   باء؛ كما انّ هذا المبدأ سيُساعد على تحقيق مبدأ التّجديد والتّحديث في نظريّة تعاقب الأجيال، وهي النّظرية التي يعمل على تحقيقها اليوم كثيرٌ من النّاس، بعد ان ثبُت للجميع ان جيل السياسيّين الحالي فَشَلَ في تجاوز عُقدُ الماضي كما فشل في تجاوز عقليّة المعارضة الى عقلية بناء الدّولة، فضلاً عن انّهُ فشل في تجاوز صراعاتهِ ومشاكلهِ التّاريخية التي عاشها في بلاد المهجر أَيّام الجهاد والنّضال ضدّ الديكتاتوريّة.
   انّ مبدأ [صوتٌ واحِدٌ لمواطنٍ واحدٍ] يُتيح الفرصة ويفتح الأبواب على مصراعَيها لنهوض جيلٍ جديدٍ من السياسيّين يتمتّعون بعقليّةٍ عصريةٍ قادرةٍ على استيعاب المتغيّرات الدّولية وهضم عُقد الماضي بما يُساهم في بناء رؤيةٍ جديدةٍ تُساعد على بناء العراق دولةً حديثةً وعصريّةً ومُقتدرةً وناجحة.
   جيلٌ متحرّرٌ من سطوة الاحزاب الفاشلة والزّعامات الفاسدة.
   جيم؛ تقسيم العراق لعددٍ من الدّوائر الانتخابيّة يساوي عدد مقاعد مجلس النوّاب، كما نصّ على ذلك الدّستور، طبعاً باستثناء مقاعد الأقليّات كما نصّ عليها القانون.
   هذا ما يخصّ قانون الانتخابات.
   كما ينبغي ان تشمل هذه الحملة الوطنيّة المطالَبة بتغيير قانون الأحزاب بما يحقّق اعتماد معيار المواطنة فقط لا غير في الانتماء الحزبي الى جانب تحريم وتجريم المساعدات الماليّة التي لازالت تتلقّاها كلّ الاحزاب السّياسية الحاليّة من خلفِ الحدود!.
   الى جانب ذلك، ينبغي ان تشمل الحملة المطالبة بإعادة تشكيل المفوضيّة العليا المستقلّة للانتخابات بما يحقّق استقلاليّتها عن تأثير الاحزاب والكُتل والزّعماء والسياسييّن بأَيّ شكلٍ من الأشكال.
   بالاضافة الى تشريع قانون الإحصاء السّكّاني العام.
   انّنا اليوم أمام فشلَين، لا ينبغي ان نتوقّع الاصلاح الشّامل بلمسةٍ سحريَّةٍ، كما انّهُ ليس في صفوف العراقيّين من يحمل عصا موسى لنوحي لهُ {أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}.
   ولا نغفل عن حقيقةِ انّ فساد السياسييّن هو جزءٌ من فساد المجتمع، فليس احدٌ أفضلُ من أحدٍ للاسف الشّديد!.
   انّ ايّة إصلاحات في السّلطة التنفيذيّة تبقى إصلاحات ترقيعيّة لا تمسّ الجوهر، على الرّغم من انّها ترقيعات مطلوبة ولازمة وضروريّة على الأقل للوقوف بوجه الانهيار الشّامل، امّا الاصلاح الحقيقي والجوهري فلا يتحقّق الا من خلال إصلاح السّلطة التشريعيّة، مجلس النوّاب فقط وفقط، او ننتظر الطّوفان في الوقتِ المعلوم!.
   ١٠ نيسان ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
E-mail: nhaidar@hotmail. com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/10



كتابة تعليق لموضوع : فَشَلْان..أَحْلْاهُمْا مُرٌّ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو الحسن ، في 2016/04/11 .

الفاضل الكريم واليراع البارع نزار حيدر المحترم
كما تعلم ويعلم الجميع ان هذه الطغمه السياسيه التي جثمت على صدورنا يعملون بطريقه حرامي الهوش يعرف حرامي الغنم وحتى الشريف الي فيهم هو متستر على فسادهم
في فتره حكم محتال العصر وصاحب ما ننطيها قضى فترته بخلق الازمات الطائفيه على طريقه 7x7 ومعسكر يزيد ومعسكر الحسين والفقاعات وصكار السنه وزينب العصر وبعد ما ننطيها وغيرها من الازمات حتى انتهت 8 سنوات من النهب والسلب وضياع 4 محافظات وانتهى التقييم النهائي لمحتال العصر بقصه ماخلوه يشتغل
وكما تامر نوريعلى الجعفري واياد علاوي تامروا عليه واسقوه نفس الكاس الذي سقاه لاسلافه فاجتمعت مصالح كل الاحزاب الشيعيه على رئيس وزراء ضعيف كحيدر العبادي الذي وصفه عراب الدعوه عزه الشابندر بانه اغبى سياسيي الدعوه وبلمح البصر تمت المسرحيه وسمي العبادي رئيس للوزراء وتوزيع الكعكه بين القيادات على الوزراء
قبل اب الماضي اشتعلت المظاهرات وطالبت المرجعيه بالضرب بيد من حديد على رؤؤس الفاسدين وقام مجلس الدواب بمسرحيه هزليه بتخويل العبادي كافه الصلاحيات فلماذا لم يطب وقتها بحكومه تكنو ظراط
فجئه وبدون سابق انذار وقبل سفره لالمانيا صرح العبادي بانه يطالب بتغيير هذه الحكومه وتبديلها بحكومه تكنوظراط
ركب مقتدى الموجه ونزل هو وجماهيره راكبا الموجه واصبح بطل الاصلاح القومي وبمسرحيه الظرف المختوم انتهى الفصل الاول من المسرحيه
بدء الفصل الثاني من المسرحيه هو تراجع العبادي وتفويض الامر للكتل السياسيه
ان الاختلاف بين العبادي والمالكي فهذا ازماته مدنيه من قصه السد والفيضانات والكليه وانخفاض اسعار النفط وذاك ازماته طائفيه الفلوجه وطارق الهاشمي والفقاعات و7x7
المحصله النهائيه من هذه المسرحيه هو استغلال فتره شهرين ولم يتم ترشيح اي من كابينه العبادي لانه من قدم الظرف تنازل عنهم حيث قال لهم هذه الاسماء ليست نهائيه وبامكانكم التعديل
المهم سيستغرق الفصل الثاني في قضيه التكنوظراط شهرين او ثلاثه اشهر والمحصله بدون اي نتيجه ستبقى الكتل السياسيه هي من ترشح الوزراء وهي من تحلب الوزارت وتبقى نفس السرقات
بعد انتهاء التكنوظراط سيئتي لنا الفصل الثالث من المسرحيه حول الهيئات المستقله
بعد انتهاء الفصل الثالث سيئتي لنا الفصل الرابع بمسرحيه الدرجات الخاصه وياخذ 3 اشهر
بعدها سيئتينا الفصل الخامس امكانيه انهيار سد الموصل
ثم تئتي لنا خاتمه المسرحيه بالانتهاء عمر الحكومه والبدء بالانتخابات الجديده وتشتغل الهدايا والمسدسات وتوزيع الاراضي وتعود لنا نفس تلك الوجوه الكالحه
اما هذا الشعب الجبان الذي لايخرج للمظاهرات ولايعود الى بيته الا بالاوامر فاغسل يدك منه
واما ان تقوم هذه الكتل العاهره بتغيير قانون الانتخابات فاغسل يدك من هذه الكتل
فقط الامل بالله ان تئتي قوه من خارج العراق كما ازاحت صدام تزيح هؤلاء السفله السراق
والى الله ترجع الامور




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net