صفحة الكاتب : علاء كرم الله

هل ستعيد أمريكا ترتيب الطاولة في العراق؟
علاء كرم الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 هنالك مقولة يعرف بها الأمريكان وهي(انهم أول من يقلبون الطاولة وآخرمن يعيد ترتيبها)!، نعم فهم فعلا قلبوا طاولة العراق رأسا على عقب , منذ أحتلالهم له عام 2003 ولحد الآن, فقد وضعوا العراق وشعبه على سكة الموت والدمار والفوضى والأقتتال الداخلي والفساد
بعد أن جعلوه حقلا لتجاربهم السياسية, فتارة يضعوا ملف العراق وأدارته بيد وزارة الخارجية الأمريكية وتارة بيد وزارة الدفاع (البنتاغون) وأخرى بيد (الكونغرس)، ومن الخطأ الكبير أن نصدق  ما نسمعه أحيانا من تصريحات على لسان مسؤولين أمريكان، بأنهم أرتكبوا آلاف الأخطاء بالعراق وهذه ما ذكرته مرة وزيرة الخارجية السابقة (كواندا ليسا رايس)!!
بل بالعكس كانت كل سياستهم مدروسة ومحسوبة وكل الفوضى التي أحدثوها في العراق دخلت ضمن مصطلح ما يعرف بالفوضى الخلاقة وبما يخدم مصالحهم القومية العليا.
قبل كل ذلك علينا أن نعرف ونعي حقيقة بأن العراق الحديث هو أصلا صناعة بريطانية!!,وكان ذلك بعد أنتهاء الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918وتأسيس دولة العراق التي كان الملك فيصل الأول ملكا عليها عام 1921  ثم مع تطور الأحداث العالمية وبروز الأمريكان كقوة جديدة تتحكم بالسياسات العالمية بعد الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945 وبداية أفول الهيمنة البريطانية على العالم أصبح العراق من حصة أمريكا وتحت هيمنتها مع الحفاظ على المصالح البريطانية.
فالعراق هو من حصة بريطانيا وأمريكا والغرب ولا يمكن التخلي عنه والسماح له  بأن يخرج بعيدا عن حضيرة الغرب، أستثناءا من فترة حكم الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم (1958 – 1963 ) حيث أستطاعت ثورة 14 تموز من أخراج العراق من هيمنة بريطانيا والغرب ، تلك الثورة العظيمة التي أثارة خوف أمريكا وبريطانيا والغرب عموما
ولكن سرعان ما عاد العراق لحضيرة الغرب بأنقلاب 8 شباط عام 1963البعثي التنفيذ والأمريكي البريطاني التخطيط!! حيث تم التدبير والتخطيط له بأحكام في دوائر المخابرات الأمريكية (CIA  ) بالتعاون مع المخابرات البريطانية
ولازالت خبايا هذه الفترة الرهيبة!! (1958 -1963) تخرج البعض من أسرارها الى العالم بين الحين والآخر وعلى القدر الذي يسمح به!! على شكل كتب ووثائق وأطاريح علمية (رسائل ماجستير ودكتوراه) كما تنشره الآن مشكورة صحيفة المشرق الغراء( رسالة ماجستير قدمها (وليم زيمان) الى كلية الجامعة البولوتكتيكية في كاليفورنيا قسم التاريخ بعنوان/ التدخل السري للولايات المتحدة في العراق خلال الفترة (1958 – 1963 )
ولم يستطع البعثيين بشقيهم اليميني واليساري من نكران حقيقة الدعم الأمريكي والبريطاني والغربي لانقلابهم عام 1963 فهي حقيقة ساطعة دامغة لا يمكن القفز عليها!  وعلي صالح السعدي أحد قيادات البعث البارزة في أنقلاب 1963 أعترف بذلك بالقول (لقد جئنا بقطار امريكي)
ومن الجدير أن نذكر هنا ما قاله الرئيس الأمريكي الراحل (جون كنيدي) عقب أنقلاب عام 1963 ( لو لم ينجح أنقلاب 1963 لكنا قد حرقنا بغداد)، راجع كتاب (مقايضة بغداد برلين للكاتب نجم محمود).
أذا فأمريكا لم ولن تتخلى عن العراق حتى لو أضطرت أن تحرق العالم بحرب عالمية ثالثة من أجل أن تحتفظ به لما يمتلكه من خيرات كبيرة أهمها النفط حيث يمثل العراق ثاني أكبر أحتياطي في العالم!، وما بناء الأمريكان لأكبر سفارة في العالم في العراق وبطاقم من الموظفين يزيد على 3000 موظف! يجيدون اللغة العربية،وحتى قسم منهم يجيدون اللهجة البغدادية الدارجة!!، خير دليل على تمسك الأمريكان بالعراق وعدم التخلي عنه حتى قيام الساعة!!!.
أما مسألة أن أمريكا قدمت العراق على طبق من ذهب لأيران فتبين أنها محسوبة ومدروسة أن لم يكن متفق على الكثير من خطواتها!، هذا أذا لم يكن متفق على كل تفاصيلها وحسب مصالحهم القومية العليا!.
فأمريكا لم تغزو العراق ألا بعد أن وضعت واتفقت على كل الترتيبات والخدمات الأمنية والمخابراتية واللوجستية مع دول الجوار العراقي (دول الخليج وأيران وتركيا!!)
نعود الى صلب الموضوع فبعد أن وصل العراق الى حافة الضياع والموت والتشرذم وبعد أن نهبت كل ثرواته من قبل أحزاب السلطة الحاكمة من الشيعة والسنة والأكراد، بعلم ومراقبة أمريكية!!( هنا لا بد من الأشارة ان كل دولار وسنت سرق من العراق وكل الصفقات التي عقدت كلها بعلم امريكا! فهي تعرف أين ذهبت تلك الأموال وأين وضعت ومن وراء كل تلك الصفقات!!.)
وما أعلانها عن فضيحة الشهرستاني وزير التعليم والبحث العلمي ووزير الكهرباء عبد الله لعيبي التي أعتبرت أكبر فضيحة رشا بالعالم!! ألا رسالة تحذير قوية وشديدة الى كل سراق العراق من قادة أحزاب وزعامات سياسية، بأنها تعرف كل خباياهم!!.
 وبعد كل الذي جرى بالعراق، تجد الولايات المتحدة بأنه آن الآوان لأعادة بناء العراق من جديد وفق رؤيتها ووفق ما يتناسب مع مصالحها، فهي تراقب المشهد العراقي بعين فاحصة دقيقة أكثر من العراقيين أنفسهم!.
فموضوع المظاهرات الرافضة لأداء الحكومة والمطالبة بمحاسبة الفاسدين والمجيء بحكومة (تكنوقراط) بعيدة عن المحاصصة السياسية، والتي أنطلقت قبل أكثر من سبعة شهور، لم تثر أهتمام الحكومة ولا قلق الأحزاب السياسية فكانوا ينظرون أليها بعين الأستخفاف، لغياب القائد الرمز لتلك المظاهرات!؟
وكان لا بد من وجود قائد يكون رمزا للمتظاهرين وتجير له كل تلك التظاهرات!، قائد ورمز وشخص من نفس الأحزاب السياسية الحاكمة، له اتباعه ومريديه ويمتلك السطوة والقسوة والعنف بنفس الوقت ليخيف الحكومة والأحزاب!!،
 وكان السيد مقتدى الصدر هو ذلك الرمز الذي يستطيع أن يحرك الملايين من اتباعه بأشارة وألتفاته منه، هذه الملايين التي تشيع الخوف والرعب بين الناس وكان له ذلك وأخليت الساحة له تماما!، وكيف لا وهو بن الشهيد الثاني (محمد صادق الصدر رحمه الله)والأهم في ذلك هو ليدق أسفين الخلاف في الحكومة وليشق التحالف الشيعي تحديدا!!.
وكان السيد مقتدى هو المؤهل للعب هذا الدور المحوري الخطير!!، حيث أستطاع أن يجبر الحكومة للأستماع لمطالب الجماهير بالتغيير،ويدفعها الى طرح أسماء التشكيلة الوزارية الجديدة(16) وزير.!
المهم في كل هذه الحركة الذكية والمدروسة بأمعان شديد هو الأسماء التي قدمها رئيس الحكومة الى البرلمان للموافقة عليها لتشكيل (حكومة التكنوقراط) أو لنسميها حكومة الأصلاح أو الأنقاذ، فهي أسماء لها هيبتها العلمية والتخصصية.
الملفت للأنتباه في التشكيلة الوزارية الجديدة هو وزارة الخارجية التي تمثل صورة الدولة وسياستها وكل توجهاتها، فقد أنيطت للشخصية السياسية المعروفة سليل العائلة الملكية بالعراق  (الشريف علي بن الحسين)!!!، وهذا هو مقود القيادة وبوصلتها الصحيحة بتاريخه الملكي البريطاني؟!
وهذا بالتأكيد سيحظى باحترام السعودية وكل دول الخليج والأردن وتركيا وباقي الدول العربية!! ويجنب العراق شر ومكر هذه الدول! وهذا هو المهم وكذلك سيعيد للعراق شيئا من هيبته ومكانته لا بين الدول العربية حسب  بل الى العالم أجمع، بعد ان عانى ما عانى من تهميش وحتى من عدم أحترام !! من قبل كل دول العالم لأنه أرتمى بأحضان أيران فقط!.
أخيرا نقول: أن موضوع التشكيل الوزاري التكنوقراطي المطروح للتصويت عليه من قبل البرلمان لا شك بأنه سيلاقي أعتراضا من قبل أحزاب السلطة الحاكمة وقادة الأحزاب لأنه سيشكل خطرا كبيرا على مصالحهم الفئوية والحزبية والشخصية
ولكن على هذه الأحزاب السياسية الفاشلة وخاصة أحزاب الأسلام السياسي وقادتها السراق ان تعي تماما بأنها مرفوضة من قبل الشعب العراقي كله من شماله الى جنوبه، ان كانت شيعية أو سنية أو كردية،
 وعليها أن تعرف أيضا بأنها وعلى خلفية كل الجرائم التي أقترفتها بحق الشعب والوطن  مطلوبة ليس من الشعب العراقي حسب بل من العالم أجمع على خلفية كل سرقاتها ونهبها للمال العام وجرائمها بحق الأنسانية،وأنها تمثل نقطة العيب والخزي السوداء في تاريخ العراق الحديث وحتى القديم!، وعليهم ان يعوا تماما بأنهم ما كانوا ألا بيادق على رقعة الشطرنج العراقية، وآن الاوان ليكونوا خارج الرقعة واللعبة، فلم تعد لهم أية أهمية، والتغيير آت لا ريب شاءوا أم أبوا ذلك وأعترضوا عليه!.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء كرم الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/03



كتابة تعليق لموضوع : هل ستعيد أمريكا ترتيب الطاولة في العراق؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net