صفحة الكاتب : سعود الساعدي

هل تغيرت سياسة اميركا ...العراق نموذجا
سعود الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تأتي زيارة القنصل الأميركي في البصرة الى بعض جرحى الحشد الشعبي في سياق التحول التكتيكي في الاستراتيجية الأميركية التي دشنتها واشنطن بتوقيع الاتفاق النووي مع ايران ويتلخص هذا التحول في إعادة ترتيب الأولويات الأميركية واعتبار منطقة الشرق الأوسط في المرتبة الثانية بعد منطقة اوراسيا من حيث الأهمية الاستراتيجية حيث الصعود الصيني الاقتصادي الواجب تطويقه عسكريا ودمجه اقتصاديا ما يوجب على اميركا لعب دور الوسيط والمراقب العام لصراعات الشرق الأوسط ورمي الكرة في ملعب ايران وحلفائها من جهة والسعودية وحلفائها من جهة اخرى بما يسهل القيادة الأميركية لوكلائها من الخلف ويوفر التكاليف البشرية والمادية لسنوات الصراع بين خصوم واشنطن وحلفائها التقليديين في المنطقة الى ان تحين ساعة التسويات التاريخية لملفات المنطقة وهذا لا يعني تخل أميركي عن المنطقة بقدر ما يعني اختيار افضل السبل لادارة صراعاتها بما يحافظ على نفوذها ويحجم من نفوذ خصومها خصوصا في المناطق الحيوية.

 

بما ان الساحة العراقية ساحة صراع ارادات وساحة نفوذ أميركي تسعى واشنطن جاهدة الى المحافظة عليه وتوسيعه بكل السبل الممكنة سياسيا وامنيا واقتصاديا يأتي التحول الأميركي في مقاربة قضية الحشد الشعبي في العراق لتحقيق عدة أغراض أهمها:

 

1- الايحاء لبعض القوى الحشدية العراقية ذات الرغبات والتوجهات السياسية بإمكانية قبولها في الحياة السياسية واحتوائها على أمل تمييز هذه القوى بين اميركا من جهة وفصيلها داعش من جهة اخرى في عملية فك ارتباط إعلامي بين الطرفين المتخندقين "واشنطن وداعش" في جبهة واحدة لاختراق الحشد وتفتيته.

 

2- محاولة خلط الأوراق في ساحة الحشد الشعبي وعزل فصائله الأساسية والإساءة الى سمعته وشعاراته المبدئية التي حملت الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية المساهمة المباشرة في صناعة ودعم وحماية تنظيم داعش في العراق والمنطقة.

 

3- تسويق الدور الأميركي المزعوم في محاربة تنظيم داعش والقفز على الحقائق الدامغة التي طالما اكدت استهدافه المباشر لفصائل الحشد الشعبي ودعمه غير المباشر والمباشر أحيانا جماعات تنظيم داعش الاجرامي.

 

4- الإيحاء للرأي العام المناصر للحشد عاطفيا والذي يفتقد للوعي اللازم في أغلبه بأن اميركا تقف مع العراقيين ضد داعش والتكفيريين عموما وتريد الخير لهم لاقناعهم بأن تغيرا ما طرأ على السياسة الأميركية مع تزامن هذه الزيارة مع التصريحات النارية للرئيس أوباما حول السعودية وهجومه الإعلامي غير المسبوق عليها وهذا ما انطلى على البعض.

 

5- استفزاز السعودية وحلفاءها الإعراب الذين يشنون حربا شعواء على الحشد الشعبي وحزب الله لتصعيد السجال المذهبي الحاصل في المنطقة في محاولة لخلط الأوراق انتقلت منه اميركا من لعب دور الخصم للشيعة في المنطقة الى لعب دور الوسيط بين الشيعة وحلفائهم من جهة والوهابية التكفيرية تحت يافطة السنة من جهة اخرى لتدير من خلال هذا الموقع أزمات المنطقة ومسارات حروبها للسنوات القادمة وصولا إلى حالة من التساكن والتسوية التي تحفظ النفوذ الاميركي في المنطقة.

 

المنطقة تعيش حالة مخاض لولادة واقع إقليمي جديد يساهم بصورة جوهرية في صياغة نظام عالمي جديد ما يستدعي طبخ وانضاج ساحات وملفات المنطقة على نار دافئة ليست حارة ولا باردة تتداخل فيها الخطوط وتتداخل المسارات وتتقلب فيها المواقف الى ان تنجلي الغبرة عن المشهد الجديد وقواه المؤثرة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سعود الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/27



كتابة تعليق لموضوع : هل تغيرت سياسة اميركا ...العراق نموذجا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net