صفحة الكاتب : زيد شحاثة

دوما بعد فوات الأوان
زيد شحاثة

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أكره المؤتمرات, والاحتفالات السياسية, لأنها يندر  أن يطرح فيها شيء مفيد, وتقتصر على كلمات مجاملات, للجهة التي أقامت المؤتمر, أو صاحب الذكرى.

بعد سقوط النظام البعثي بأيام معدودة, وبعد يوم من عودة الشهيد الراحل, السيد محمد باقر الحكيم إلى العراق, تهيأت لي فرصة غريبة للقائه, وفي مجلس خاص, ولم يكن لي فضل فيها, إذ حدث أن أحد الأقارب, وهو من الناشطين بمجال حقوق الإنسان, وكان مطاردا, وتزامنت عودته مع عودة شهيد المحراب, فكان أن ذهب للسلام عليه, وتهنئته بسقوط النظام البعثي.

كنت أتصور نفسي, ولأني احمل شهادة جامعية, وعلى مستوى جيد في القراءة والاطلاع بالشأن العام, اني مثقف.. لكن ما سمعته من السيد الشهيد, تغمده الباري برحمته حينها, جعلني أعيد النظر, ولخطورة ما قيل, وأهمية المواضيع التي نوقشت, أحسست نفسي صغيرا جدا مقارنة , بموضوع الحديث والمتحدثين.

من سمع الكلمات التي قالها, المشاركون في مناسبة يوم الشهيد, وهي ذكرى شهادة السيد الحكيم, في العام الماضي, وما تطرقوا إليه, عن ما كان يحمله الشهيد, من أفكار ورؤيا مستقبلية واضحة المعالم, ومشاريع بناء وطن.. يفاجأ جدا, فهل من المعقول أننا خسرنا رجلا, بهذا الحجم العملاق؟!

لو أستبعدنا, نسبة المجاملة في الكلام, ومبالغة السياسيين, فنجعل ما قيل نصف الحقيقة, فان ما تبقى كلام خطير جدا, ويعني أننا شعب نائم.. لا نميز بين قائد حقيقي يحمل مشروع الوطن, وقائد طارئ, ركب الموجة, وعرف كيف يستغفلنا, ويهيج مشاعرنا, طلبا لصوتنا فقط؟!

الوضع الذي نمر به اليوم, وتخبط غالبية قادتنا, وعدم إمتلاكهم لأي رؤيا مستقبلية واضحة, جعلنا نفتقد, وبكل حسرة, تلك القامة العالية, التي ولدت في رحم المرجعية, وامتلكت أفكارا متنورة ومشاريع مدنية, لا يمتلكها حتى دعاة المدنية في يومنا هذا.

حجم المجتمعين وما يمثلون من ثقل, وما تطرقوا له من أفكار للشهيد الحكيم, تتعلق برؤياه لبناء دولة العراق العصرية العادلة, وكيفية بناء المؤسسات, والتوزيع العادل للثروات.. أفكار لطالما ظننتها تصنع في الغرب فقط, جعلتني أفهم.. حجم الرجل, وعظم وفداحة الخسارة بفقدانه.

لكن دوما و كما تعلمنا نحن العرب, لا نعرف قيمة عظمائنا, إلا بعد رحيلهم.. وبعد أن نكون قد حاربناهم أحياء, وقاومنا أفكارهم العظيمة, بعد مماتهم جهلا.. لنعود ونكرمهم, لكن بعد فوات الأوان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيد شحاثة
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/27



كتابة تعليق لموضوع : دوما بعد فوات الأوان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net